الترا تونس - فريق التحرير
ما فتئ الخلاف يتصاعد داخل هيئة الانتخابات، من جديد، مع عضو آخر هذه المرّة، هو ماهر الجديدي، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الهيئة إلى حدّ وقت قريب.
تصريحات عضو الهيئة ماهر الجديدي، تصبّ في خانة "وجود تسيير غير عادي للهيئة"، وفق قوله، وكان قد اعتبر أنّ قرار إنهاء تكليفه بنيابة الرئيس "تعسفي"، وقد تطرّق مؤخرًا إلى أنّ تقسيم هيئة الانتخابات للدوائر الانتخابية غير قانوني ويضرب استقلاليتها.
تصاعد الخلاف داخل هيئة الانتخابات، يصل إلى حدّ التلويح بعزل أحد الأعضاء إثر تصريحاته الإعلامية
وفي هذا السياق، أكد الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات، محمد التليلي المنصري، الاثنين 3 جويلية/ يوليو 2023، لدى حضوره بإذاعة "شمس أف أم" (محلية)، أنّ كلام ماهر الجديدي يُلزمه هو فقط كعضو، قائلًا: "ما يُعاب على الجديدي هو أن كل النقاشات المتعلقة بمواضيع تخص عمل الهيئة يجب أن تناقش صلب المجالس لا وسائل الإعلام" وفقه.
وأضاف المنصري أنّ "هناك خرقًا واضحًا لواجب التحفّظ المحمول على العضو، ولا نقاش في ذلك" وفق تقديره، مشيرًا إلى أنّ مجلس الهيئة نبّه رسميًا العضو ماهر الجديدي وذكّره بكل قواعد العمل في القانون الأساسي.
وأعلن محمد التليلي المنصري عن أنّ مجلس الهيئة سيجتمع في قادم الأيام لاتخاذ ما يراه مناسبًا في هذا الغرض، قائلًا إنّه من الوارد عزل الجديدي من هيئة الانتخابات، "إذ بإمكان مجلس الهيئة أن يطلب من رئاسة الجمهورية، إعفاء العضو الذي يخرق واجب التحفظ"، وفقه.
الناطق باسم هيئة الانتخابات: هناك خرق واضح لواجب التحفّظ المحمول على العضو ماهر الجديدي، ومن الوارد مطالبة رئاسة الجمهورية بإعفائه
وحول تبعات ذلك على عمل الهيئة، قال المنصري إنّ الرئيس قيس سعيّد مطالب في تلك الحالة بسد الشغور، لكن في الوقت الراهن، "سندعو الجديدي ليجيب عن كل هذه النقاط"، لافتًا إلى أنّ من بين أسباب خلاف الجديدي مع أعضاء الهيئة ربما، هو تنحيته من منصب نائب رئيس الهيئة، قائلًا: "عانينا كثيرًا من مشكلة عدم قبول العمل المجلسي داخل هيئة الانتخابات، وحدثت في السابق خلافات بسبب ذلك".
وشدّد الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات، على أنّ عمل الهيئة قانوني ومطابق تمامًا لما جاء في المرسوم عدد 10 المتعلق بانتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجلس الأقاليم والجهات الذي نصّ على تكليف الهيئة بالضلوع في عملية تقسيم الدوائر الانتخابية.
الناطق باسم هيئة الانتخابات: عانينا كثيرًا من مشكلة عدم قبول العمل المجلسي داخل هيئة الانتخابات، وحدثت في السابق خلافات بسبب ذلك
يشار إلى أنّ عضو هيئة الانتخابات ماهر الجديدي، قد انتقد الخميس 22 جوان/يونيو 2023، ما جاء في هذا المرسوم، مؤكدًا في مقابلة له بالإذاعة نفسها، أنه ليس من دور هيئة الانتخابات تقسيم التراب التونسي إلى دوائر انتخابية، والجهة الوحيدة المخوّل لها القيام بذلك هي الحكومة، وفق تصوره.
ويرى عضو هيئة الانتخابات بذلك، أن الاجتماعات التي تعقدها هيئة الانتخابات بخصوص تقسيم الدوائر الانتخابية ورسم الخرائط بالتنسيق مع المعهد الوطني للإحصاء، جميعها خارجة عن القانون، لأن القانون يعطي صلاحية تقسيم الدوائر للجهة الحكومية حصريًا، حسب تأكيده.
جدير بالإشارة إلى أن مسألة التقسيم الترابي للعمادات التي سيبنى على أساسها تحديد الدوائر الانتخابية أثارت جدلًا والتباسًا لدى متساكني عدة مناطق من الجمهورية وجمعيات في المجتمع المدني. تجدون في هذا التقرير أكثر تفاصيل عن الموضوع: تقسيم ترابي جديد خاص بالانتخابات المحلية ومغاير للتقسيم الإداري.. أي تداعيات؟
ماهر الجديدي: ليس من دور هيئة الانتخابات تقسيم التراب التونسي إلى دوائر انتخابية، والجهة الوحيدة المخوّل لها القيام بذلك هي الحكومة
يشار إلى أنّ ماهر الجديدي، قد صرّح بتاريخ 5 أفريل/نيسان 2023، أن قرار إنهاء تكليفه كنائب رئيس الهيئة اتخذه مؤخرًا رئيس الهيئة فاروق بوعسكر "بصورة انفرادية وبشكل تعسّفي دون وجود أسباب لذلك".
وأضاف، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية)، أنه "لم يتم إبلاغه بهذا القرار، مؤكدًا أنه ''لا حقيقة لما يروّجه فاروق بوعسكر من أن إنهاء التكليف يأتي في إطار التداول على المسؤولية"، معتبرًا أن دليل ذلك "عدم إنهاء تكليف محمد التليلي المنصري الذي يشغل خطة الناطق باسم هيئة الانتخابات والحال أنه تمت تسميته هو والمنصري في اليوم ذاته"، على حد قوله.
وذكّر عضو هيئة الانتخابات بأنه كان قد تحدث في تصريحات سابقة عن وجود اختلافات جوهرية في وجهات النظر بينه وبقية أعضاء مجلس الهيئة بخصوص الاستحقاقات الانتخابية السابقة، مشيرًا إلى أنه سبق أن طالب بمراجعة بعض الخيارات التي اتبعتها الهيئة حول المواعيد الانتخابية الماضية.
ولمّح الجديدي إلى وجود أسباب أخرى حول إنهاء تكليفه لم يشأ الإفصاح عنها "بموجب واجب التحفّظ"، معبّرًا عن استعداده "لإعداد تقرير في الغرض، إذا طلبت منه ذلك أي جهة رسمية''.
جدير بالذكر أن رئيس الهيئة فاروق بوعكسر كان قد قرر، في 28 مارس/آذار 2023، تكليف عضو الهيئة محمد نوفل الفريخة، بخطة نائب رئيس الهيئة، خلفًا لماهر الجديدي الذي شغل هذه الخطة منذ تاريخ تعيين أعضاء هذه الهيئة بمقتضى أمر رئاسي في 9 ماي/أيار 2022.
وسبق أن حصلت خلافات عديدة صلب هيئة الانتخابات في تونس، وطفا الصراع خاصة في اجتماعات مجلسها، خاصة بين رئيسها فاروق بوعسكر والعضو السابق بالهيئة سامي بن سلامة.
وقد سبق أن أعلنت الهيئة، في 25 أوت/أغسطس 2022، أن مجلسها "قرر بإجماع أعضائه معاينة حالة الشغور الحاصلة في تركيبة مجلس الهيئة جراء تخلي أحد أعضائه".
وذكرت، في بلاغ لها، أنه تبعًا لذلك فإن "عضوية سامي بن سلامة بمجلس هيئة الانتخابات تعدّ منتهية بصفة رسمية وقانونية بداية من صدور قرار المجلس"، مشيرة إلى أن "المعني بالأمر هو محل تتبعات جزائية"، وفقها.