(نشر في 04-10-2024/ 15:00)
الترا تونس - فريق التحرير
اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الخميس 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024، أن السلطات التونسية قوّضت نزاهة الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2024، عبر تعديل قانون الانتخابات قبل إجرائها بأيام، واستبعاد مرشحين معارضين، وسجن آخرين، واتخاذ إجراءات تعسفية بحق المنافسين السياسيين ووسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدني.
وأضافت، في بيان لها، أنّ "البرلمان التونسي أقرّ قانونًا جديدًا يجرّد المحكمة الإدارية من صلاحياتها في الشؤون الانتخابية، ما يمنعها من تأدية دورها في التصدي للانتهاكات"، مشيرة إلى أنّ القانون جاء بعد "موجة اعتقالات كبيرة، إذ يُحتَجز 170 شخصًا اليوم في تونس لأسباب سياسية أو لممارسة حقوقهم الأساسية، أكثر من 110 منهم مرتبطون بحركة النهضة"، معقّبة أنه "في الوقت نفسه رفضت هيئة الانتخابات التونسية تعسفًا منح الاعتمادات لمراقبي الانتخابات وشنت هجوما على وسائل الإعلام".
هيومن رايتس ووتش: السلطات التونسية قوّضت نزاهة الانتخابات الرئاسية عبر تعديل القانون الانتخابي قبل إجرائها بأيام واستبعاد مرشحين وسجن آخرين واتخاذ إجراءات تعسفية بحق وسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدني
وقال نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش، بسام خواجا: "تضع السلطات التونسية العراقيل بشكل ممنهج أمام إجراء انتخابات عادلة، وأمام قدرة المرشحين المنافسين على القيام بحملة انتخابية حرة. وبعد الاعتقالات الجماعية واستهداف المنافسين المحتملين، ها هي تعدّل قانون الانتخابات قبل إجرائها بأيام، قاطعةً الطريق أمام الإشراف والطعن الفعليَّين".
وأضافت المنظمة الدولية أنه "مع اقتراب الانتخابات، كثّفت السلطات حملتها المستمرة على المنتقدين عبر اعتقالات بالجملة بحق المنافسين السياسيين"، مشيرة إلى أنّ "عناصر الأمن اعتقلت أكثر من 100 منتسب أو مناصر لحركة النهضة، ومعظم الاعتقالات حصلت بين 12 و13 سبتمبر/أيلول، وفق ما نقلته هيومن رايتس ووتش عن أحد أعضاء هيئة الدفاع عن الموقوفين.
وأشارت إلى أنه أُطلق سراح 17 منهم تقريبًا في 5 سبتمبر/أيلول، بينما بقي 96 محتجزين بموجب قانون مكافحة الإرهاب، الذي يسمح بالحجز بدون توجيه تهمة لمدة 15 يومًا، ودون الوصول إلى محام لمدة 48 ساعة. وأضاف المحامي أنهم يخضعون للتحقيق بموجب المرسوم 54 في شأن الجرائم الإلكترونية، وبتهمة إهانة الرئيس، وفق ما جاء في نص البيان.
هيومن رايتس ووتش: السلطات التونسية وضعت العراقيل بشكل ممنهج أمام إجراء انتخابات عادلة وأمام قدرة المرشحين المنافسين على القيام بحملة انتخابية حرة وعدلت القانون الانتخابي قاطعةً الطريق أمام الإشراف والطعن الفعليَّين
كما لفتت هيومن رايتس ووتش إلى أنّ السلطات لاحقت وسجنت 9 من المرشحين الرئاسيين الحاليين أو ممن قدموا ملفات ترشحهم وتم رفضها منذ إعلان بدء الفترة الانتخابية في 14 جويلية/يوليو، وتحتجز 7 أعضاء من حملاتهم على الأقل.
وأشارت إلى أنّ "العياشي زمال، أحد الأشخاص الثلاث الذين نالوا الموافقة على ترشحهم، تم إيقافه في 2 سبتمبر/أيلول. وأمر قاض تونسي بإطلاق سراحه مؤقتًا في 5 سبتمبر/أيلول، لكنه اعتُقل مجددًا في اليوم نفسه، وأُدين لاحقًا بجرائم، وحُكم فترات سجن متعددة".
وأضافت أنه "في 18 سبتمبر/أيلول، حكمت محكمة في جندوبة على زمال بالسَّجن 20 شهرًا، وفي 25 سبتمبر/أيلول حكمت عليه بالسَّجن ستة أشهر إضافية. وفي 30 سبتمبر/أيلول، حكمت محكمة في تونس العاصمة على زمال بالسَّجن لفترات يصل مجموعها إلى 12 سنة، والمنع من الاقتراع، كل ذلك على خلفية تهمة تزوير تواقيع تزكيات".
هيومن رايتس ووتش: السلطات كثّفت حملتها على منظمات المجتمع المدني قبل الانتخابات ورفضت تعسفًا منح اعتمادات لاثنتين من أبرز منظمات مراقبة الانتخابات في تونس وزادت استهداف وسائل الإعلام
ونقلت هيومن رايتس ووتش عن اثنين من محامي زمال أنه "يواجه مزيدًا من الملاحقات القضائية في نحو 30 قضية تتعلق بإصدار شهادة أو بيان يتضمن وقائع غير دقيقة، عن سابق علم، بموجب الفصل 199 من مجلة الإجراءات الجزائية، تتعلق بتقديم عطايا نقدية أو عينية قصد التأثير على الناخبين، بموجب الفصل 161 من قانون الانتخابات؛ وتهم أخرى بموجب قانون 2004 المتعلق بالمعطيات الشخصية. حُكم أيضًا على أحد أعضاء حملته بالسَّجن 12 عامًا، بعد أن اعتُقل في 27 سبتمبر/أيلول".
كما رأت أنّ "السلطات كثّفت حملتها على منظمات المجتمع المدني قبل الانتخابات، ورفضت تعسفًا منح اعتمادات لاثنتين من أبرز منظمات مراقبة الانتخابات في تونس، "أنا يقظ" و"مراقبون". وفي الوقت نفسه، اعتبرت المنظمة الدولية أنّ "هيئة الانتخابات زادت استهداف وسائل الإعلام، الذي قُيِّد عملها بشدة في تونس".
هيومن رايتس ووتش: ينبغي للسلطات التونسية أن تفرج فورًا عن جميع المحتجزين تعسفًا، وتسمح لمنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام بالعمل بحرية
كما أشارت إلى أنها "لعبت أيضًا دورًا متناميًا في الملاحقات المسيّسة ضد المنافسين والمنتقدين. فمنذ 2022، قدمت الهيئة عشرات الشكاوى ضد أفراد وحسابات على منصات التواصل الاجتماعي، وصل بعضها إلى إدانات، كما حصل مع رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، وعضوَيْ الهيئة السابقَين سامي بن سلامة وزكي رحموني".
وذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بأنّ تونس دولة طرف في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، وبالتالي هي ملزمة بضمان إتاحة الفرصة لكل مواطن، دون تمييز على أساس الرأي السياسي، للمشاركة والاقتراع في انتخابات حرة فعلًا. وجدت "اللجنة المعنية بحقوق الإنسان" التابعة للأمم المتحدة، التي تفسر العهد، أن حرية التعبير وحرية التجمع وحرية تكوين الجمعيات شروط أساسية لممارسة حق الانتخاب بصورة فعالة، لذا يجب حمايتها تمامًا، حسب ما جاء في نص البيان.
وأكد نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش، بسام خواجا أنه "ينبغي للسلطات التونسية أن تفرج فورًا عن جميع المحتجزين تعسفًا، وتسمح لمنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام بالعمل بحرية"، وفق ذات البيان.
سلطات #تونس تقوّض نزاهة الانتخابات الرئاسية بإصدار قانون جديد قبل أيام فقط من انطلاقها
تفاصيل⬅️ https://t.co/OjUnUQCQjN pic.twitter.com/tOllcl8GKt— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) October 3, 2024
يشار إلى أن الاقتراع للانتخابات الرئاسية في تونس، انطلق بالخارج يوم الجمعة 4 أكتوبر/تشرين الأول على أن يتواصل يومي 5 و6 من الشهر نفسه بالخارج، ومن المقرر أن يتم التصويت في الانتخابات الرئاسية بالداخل يوم الأحد 6 أكتوبر/تشرين الأول 2024، والتي يتنافس فيها كل من زهير المغزاوي وقيس سعيّد والعياشي زمال، علمًا وأنّ هذا الأخير مودع بالسجن في عدة قضايا أغلبها تتعلق بشبهات "تدليس تزكيات".