الترا تونس - فريق التحرير
عبّر مختصون في الاقتصاد في تونس عن خشيتهم من التداعيات التي قد يخلفها طلب الحكومة التونسية الحصول على تمويل مباشر من البنك المركزي التونسي بقيمة 7 مليارات دينار (ما يناهز 2.25 مليار دولار) لسد العجز في الميزانية لهذه السنة في ظل شح التمويلات الخارجية والصعوبات التي تواجه المالية العمومية.
أجمع مختصون على "خطورة" توجه الحكومة لتخصيص هذا القرض من أجل سدّ الثغرة في ميزانية الدولة لسنة 2024، معتبرين أنّ هذا المبلغ "كبير جدًا" كقرض مباشر وقد تكون له مخاطر اقتصادية جمة
وأجمع مختصون على "خطورة" توجه الحكومة لتخصيص هذا القرض من أجل سدّ الثغرة في ميزانية الدولة لسنة 2024، معتبرين أنّ هذا المبلغ "كبير جدًا" كقرض مباشر وقد تكون له مخاطر تضخمية وتأثير على مخزون البلاد من العملة الصعبة، وغيرها من التداعيات.
- مخاوف من الانقياد نحو السيناريو اللبناني
وعبر المختص في الاقتصاد رضا الشكندالي، الأربعاء 31 جانفي/يناير 2024، عن خشيته من أن يقع تخصيص هذا القرض لسدّ الثغرة في ميزانية الدولة المقدرة بنحو 10.3 مليارات دينار، معتبرًا أن ذلك سيكون له خطر جسيم على الاقتصاد التونسي.
كما حذّر الشكندالي، في مداخلة له على إذاعة "جوهرة" (محلية)، من أنّ فرضية تفكير الحكومة في الاقتراض من البنك المركزي التونسي لتعويض صندوق النقد الدولي، قد تقودنا إلى "السيناريو اللبناني"، وستكون "الطامة الكبرى"، وفق توصيفه.
رضا الشكندالي: إذا تم تخصيص القرض من البنك المركزي لسد الثغرة في ميزانية الدولة سيكون له خطر جسيم على الاقتصاد التونسي وقد يقودنا للسيناريو اللبناني
وتابع المختص في الاقتصاد قائلًا: "الاقتراض المباشر للدولة من البنك المركزي يجب أن يكون بشروط"، معقبًا أنّ "الاقتراض يجب أن يمول نفقات التنمية وليس نفقات الاستهلاك أو الدعم، من أجل تحريك الاستثمار وخلق النمو الاقتصادي وتوفير مواطن شغل وتحقيق وفرة على مستوى سوق الصناعة والخدمات وخفض الأسعار، وغير ذلك".
كما أكد ضرورة أن يكون المبلغ الذي تقترضه الحكومة من البنك المركزي بشكل مباشر محددًا وتوافق عليه الحكومة والبنك المركزي سويًا في إطار التعاون، حسب تقديره.
- قرض مباشر بـ7 مليارات دينار "مرتفع جدًا"
ومن جانبه، اعتبر المختص في الاقتصاد محسن حسن، الأربعاء 31 جانفي/يناير 2024 في تصريح لإذاعة "ديوان" (محلية)، أنّ المبلغ المقدر بـ7 مليارات دينار الذي من المنتظر أن تقترضه الحكومة التونسية من البنك المركزي التونسي "مرتفع جدًا".
وأضاف محسن حسن أنّ "هناك ضغوطات مالية كبيرة على المالية العمومية"، منتقدًا "اللجوء المستمر للدولة إلى التداين الداخلي خاصة في ظلّ صعوبة تعبئة موارد مالية خارجية نظرًا لعديد الأسباب".
محسن حسن ينتقد "اللجوء المستمر للدولة إلى التداين الداخلي خاصة في ظلّ صعوبة تعبئة موارد مالية خارجية" ويعتبر أن المبلغ المقدر بـ7 مليارات دينار الذي من المنتظر أن تقترضه الحكومة من البنك المركزي "مرتفع جدًا"
وتابع قائلًا: "نعلم أنّ ميزانية الدولة لسنة 2024 فيها مقترح لتعبئة موارد مالية داخلية في حدود حوالي 11 مليارات دينار وفيها كذلك مقترح آخر لتعبئة موارد مالية خارجية بـ16 مليار دينار"، معقبًا أنّ "ما هو مبرمج لتعبئته من الخارج في شكل ديون خارجية سيوجه إلى سداد القروض الخارجية السابقة والأقساط المتوجبة من الدين الخارجي لسنة 2024.
ويرى المختص في الاقتصاد أن كان من الأفضل أن تقع مراجعة قانون استقلالية البنك المركزي في فصله الـ25 ويقع السماح للبنك دائمًا بإقراض الدولة لكن في حدود مضبوطة وواضحة قانونيًا، معتبرًا أنّ إقراضها مبلغًا بقيمة 7 مليارات دينار يعد مرتفعًا جدًا، وفق تقديره.
- مخاطر تضخمية واردة
قال أستاذ الاقتصاد آرام بلحاج، الثلاثاء 30 جانفي/يناير 2024، إنّ مشروع القانون الوارد على البرلمان التونسي والمتعلّق بالسماح استثنائيًا للبنك المركزي بتقديم تسهيلات لخزينة الدولة بقيمة 7 مليار دينار، يعدّ تمشيًا غير سليم، باعتبار أنّ التمويل المباشر للميزانية مخاطره أكثر من الذهاب إلى صندوق النقد الدولي والخروج إلى الأسواق المالية العالمية، وفقه.
آرام بلحاج: نخشى أنّ استعجال النظر في مشروع القانون سببه أنّ هذا المبلغ سيذهب ربما لتسديد قروض خارجية
وانتقد المختص في الاقتصاد، في تصريح لإذاعة "موزاييك" (محلية)، "استعجال النظر" في مشروع القانون، قائلًا إنّ هذا الاستعجال لا يجعله مطمئنًا، إذ يخشى أن يذهب هذا المبلغ لتسديد قروض خارجية، لأنّ تونس تملك مبلغًا كبيرًا كي تسدده في فيفري/شباط بقيمة 850 مليون يورو فضلًا عن أجزاء من قروض أخرى، وفقه.
وشدّد آرام بلحاج على أنّ الإيجابية الوحيدة في هذا الفصل هي "الاستثناء"، فالتمويل المباشر من البنك المركزي لا يجب أن يكون عادة، خاصة وأنّ المبلغ "ضخم جدًا، وسيكون لهذا القرار تبعات تضخمية وانعكاسات على الاحتياطي من العملة الصعبة وعلى سعر صرف الدينار".
آرام بلحاج: سيكون لقرار التمويل المباشر من البنك المركزي بقيمة 7 مليار دينار تبعات تضخمية وانعكاسات على الاحتياطي من العملة الصعبة وعلى سعر صرف الدينار
واعتبر أستاذ الاقتصاد أنّ اللجوء إلى هذا الأمر هو من باب "الحلول السهلة"، وأنّ هذا الخيار جاء تعويضًا للذهاب إلى صندوق النقد الدولي، مع أنّ الحل يكمن في إصلاح المالية العمومية، وقال: "لا ضمان بألا تتكرر مثل هذه القرارات"، محذرًا من ضخ النقد داخل الاقتصاد بشكل لا يقابله ثروة.
يشار إلى أنّ وكالة رويترز كانت قد ذكرت، في برقية خاصة بها بتاريخ الثلاثاء 30 جانفي/يناير 2024، أنّ 3 نواب من البرلمان التونسي، أكدوا لها أنّ الحكومة التونسية ستطلب تمويلًا مباشرًا استثنائيًا من البنك المركزي التونسي بقيمة 7 مليار دينار (2.25 مليار دولار) لسد العجز في الميزانية لهذه السنة في ظل شح التمويلات الخارجية والصعوبات التي تواجه المالية العمومية.
نواب بالبرلمان أكدوا أنّ الحكومة التونسية ستطلب تمويلًا مباشرًا استثنائيًا من البنك المركزي التونسي بقيمة 7 مليار دينار لسد العجز في الميزانية لهذه السنة
وأشارت الوكالة إلى أنّ هذه الخطوة تبرز الصعوبات الشديدة التي تواجهها المالية العمومية في تونس التي ستدفع 4 مليار دولار من الديون الخارجية في عام 2024، بزيادة قدرها 40% مقارنة بعام 2023.
وصرّح نائب رئيس اللجنة المالية بالبرلمان عبد الجليل الهاني للمصدر نفسه، أن الحكومة التونسية قدمت مشروع قانون يطالب بتنقيح استثنائي للسماح للبنك المركزي بتقديم تسهيلات لمرة واحدة للخزينة.
كما أكد نائبان آخران هذا الأمر، وأشارا إلى أن مشروع القانون يتضمن تمويلًا مباشرًا بقيمة 7 مليار دينار على مدى 10 سنوات وبنسبة فائدة 0.
مجلس الوزراء في تونس أقر في 25 جانفي 2024 مشروع قانون يسمح للبنك المركزي التونسي بمنح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للدولة
يشار إلى أنّ مجلس الوزراء في تونس، قد أقرّ الخميس 25 جانفي/يناير 2024، مشروع قانون يسمح للبنك المركزي التونسي بمنح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للدولة، في انتظار المصادقة عليه في البرلمان التونسي.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، دعا الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى ضرورة مراجعة القانون للسماح للبنك المركزي بتمويل الميزانية مباشرة عن طريق شراء سندات الدولة، وهي خطوة سبق أن حذر منها محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي.
ونقلت وكالة رويترز عن اقتصاديين في وقت سابق، أن موافقة مجلس الوزراء على هذا مشروع القانون هي خطوة أخرى تعزز التكهنات بأن محافظ البنك المركزي مروان العباسي، الذي يرأس البنك منذ ست سنوات، سيترك منصبه الشهر المقبل على الأرجح مع نهاية فترة ولايته الأولى.
وسبق أن حذر محافظ البنك المركزي مروان العباسي سنة 2022 من أن خطط الحكومة لمطالبة المركزي بشراء سندات خزانة لها مخاطر حقيقية على الاقتصاد، بما في ذلك مزيد من الضغط على السيولة وارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة التونسية.
وقال إن التمويل المباشر للميزانية من قبل البنك المركزي سيرفع التضخم بشكل لا يمكن السيطرة عليه، محذرًا من أن ذلك قد يقود إلى "تكرار السيناريو الفنزويلي في تونس".