الترا تونس - فريق التحرير
أفاد أستاذ الاقتصاد آرام بلحاج، الثلاثاء 30 جانفي/يناير 2024، بخصوص مشروع قانون في تونس يسمح للبنك المركزي بتمويل الخزينة العامة لسد عجز الميزانية، أنّه "لا يجب التركيز على فصل وحيد يساهم في مزيد انخراط البنك المركزي في تمويل عجز الميزانية، فهذا تمش خاطئ فيه العديد من المخاطر"، وفق تصورّه.
آرام بلحاج: التمويل المباشر للميزانية تمش خاطئ فيه العديد من المخاطر
وتابع بلحاج، في تصريحه لإذاعة "موزاييك أف أم" (محلية)، أنّ مشروع القانون الوارد على البرلمان التونسي والمتعلّق بالسماح استثنائيًا للبنك المركزي بتقديم تسهيلات لخزينة الدولة بقيمة 7 مليار دينار مع إمهال 3 سنوات ويمتد على 10 سنوات بنسبة فائدة 0%، يعدّ تمشيًا غير سليم، باعتبار أنّ التمويل المباشر للميزانية مخاطره أكثر من الذهاب إلى صندوق النقد الدولي والخروج إلى الأسواق المالية العالمية، وفقه.
آرام بلحاج: نخشى أنّ استعجال النظر في مشروع القانون، سببه أنّ هذا المبلغ سيذهب ربما لتسديد قروض خارجية
وانتقد المختص في الاقتصاد، في الإطار نفسه، "استعجال النظر" في مشروع القانون، قائلًا إنّ هذا الاستعجال لا يجعله مطمئنًا، إذ يخشى أن يذهب هذا المبلغ لتسديد قروض خارجية، لأنّ تونس تملك مبلغًا كبيرًا كي تسدده في فيفري/شباط بقيمة 850 مليون يورو فضلًا عن أجزاء من قروض أخرى، وفقه.
وشدّد آرام بلحاج على أنّ الإيجابية الوحيدة في هذا الفصل هي "الاستثناء"، فالتمويل المباشر من البنك المركزي لا يجب أن يكون عادة، خاصة وأنّ المبلغ "ضخم جدًا، وسيكون لهذا القرار تبعات تضخمية وانعكاسات على الاحتياطي من العملة الصعبة وعلى سعر صرف الدينار".
آرام بلحاج: سيكون لقرار التمويل المباشر من البنك المركزي بقيمة 7 مليار دينار تبعات تضخمية وانعكاسات على الاحتياطي من العملة الصعبة وعلى سعر صرف الدينار
واعتبر أستاذ الاقتصاد أنّ اللجوء إلى هذا الأمر هو من باب "الحلول السهلة"، وأنّ هذا الخيار جاء تعويضًا للذهاب إلى صندوق النقد الدولي، مع أنّ الحل يكمن في إصلاح المالية العمومية، وقال: "لا ضمان بألا تتكرر مثل هذه القرارات"، محذرًا من ضخ النقد داخل الاقتصاد بشكل لا يقابله ثروة.
آرام بلحاج: تنقيح مشروع قانون استقلالية البنك المركزي يجب أن يخضع لشروط
وبخصوص تنقيح مشروع قانون استقلالية البنك المركزي، قال بلحاج إنه يجب أن يخضع لشروط من أهمها الاستقرار السياسي، وأن يكون هناك حد أدنى من الانضباط المالي للحكومة، لافتًا إلى إمكانية تنقيح الفصل المتعلق بضرورة انخراط البنك المركزي في السياسة الاقتصادية بأن ينصّ على الآليات التي تمكّنه من ذلك، قائلًا إنّ باب التحري والمساءلة يجب مراجعته أيضًا، وفقه.
وقال بلحاج إنه لا يوجد إشكال من حيث المبدأ، لكن يجب أن يكون ذلك في إطار إعادة النظر في دور البنك المركزي ككل، معتبرًا أنّ إعادة النظر في فصول استقلالية البنك المركزي هو أمر ضروري ويجب أن يكون حولها نقاش خاصة في علاقة بالفصل السابع المتعلق بالأهداف، إذ أنّ البنك المركزي مطالب بمزيد الانخراط في مسائل التنمية، لا فقط المحافظة على استقرار الأسعار من التضخم، وفق تقديره.
آرام بلحاج: يجب تنقيح قانون البنك المركزي بشكل يجعله مطالبًا بمزيد الانخراط في مسائل التنمية، لا فقط المحافظة على استقرار الأسعار من التضخم
وكان مجلس الوزراء في تونس، قد أقرّ الخميس 25 جانفي/يناير 2024، مشروع قانون يسمح للبنك المركزي التونسي بمنح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للدولة، في انتظار المصادقة عليه في البرلمان التونسي.
يشار إلى أنّه في سبتمبر/أيلول الماضي، دعا الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى ضرورة مراجعة القانون للسماح للبنك المركزي بتمويل الميزانية مباشرة عن طريق شراء سندات الدولة، وهي خطوة سبق أن حذر منها محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي.
وفي ظل العجز المالي المتزايد وندرة الموارد المالية وصعوبة الاقتراض الخارجي، يعتقد منتقدون إن محاولة تعديل قانون 2016 تشير إلى احتمال تدخل الدولة بشكل أكبر في السياسات النقدية، وفق ما نقلته رويترز.
وتعاني تونس من أزمة على المستوى المالي، خاصة فيما يتعلق بتوفير موارد مالية لتعبئة ميزانية الدولة، لاسيما وأنها تجد فيه صعوبات للحصول على تمويلات خارجية، في الوقت الذي يصرّ فيه الرئيس التونسي قيس سعيّد على تأكيد ضرورة تعويل تونس على ذاتها.