01-يونيو-2024
القضاة المعفيون

مع مرور سنتين على إعفاء قضاة في تونس أطلق قضاة وحقوقيون ومنظمات صيحات فزع عن التوجه نحو تلاشي استقلالية القضاء (صورة أرشيفية/ فتحي بلعيد/ أ.ف.ب)

 

نظمت مجموعة من الجمعيات والمنظمات بالمجتمع المدني التونسي، السبت 1 جوان/يونيو 2024، ندوة تحت عنوان "سنتان من الإعفاء: أين نحن من القضاء المستقل"، بمناسبة مرور سنتين على إعفاء 57 قاضيًا بقرار من الرئيس التونسي قيس سعيّد.

وتمت خلال هذه الندوة مناقشة حالة القضاء في تونس بعد مرور عامين على إعفاء 57 قاضيًا من مناصبهم، وتم خلالها تقديم التطورات الأخيرة في علاقة بمرفق العدالة وواقع الحقوق والحريات في تونس.

 

  • أنس الحمادي: القضاء اليوم أصبح مطوَّعًا ومجوّعًا ومركَّعًا

وقال رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي، في كلمة أدلى بها خلال الندوة، إنه قد "مضت على مجزرة إعفاء القضاة سنتان كاملتان ذاق فيها القضاة ألوانًا من العذاب النفسي والاجتماعي والمادي وفصولًا من التنكيل من خلال التتبعات الجزائية الواهية والمفتعلة في غالبيتها والتي لم تفضِ إلى حد الآن إلى أيّ حكم بات يقضي بالإدانة".

وتابع قائلًا: "هي ذكرى ظالمة ومريرة، لواقعة تولى خلالها الرئيس إعطاء صلاحيات لنفسه بإعفاء القضاة بصفة مباشرة وأحادية خارج كل ضمانات المحاسبة النزيهة والشفافة واتخاذ قرار إعفاء مجموعة من القضاة بعد أن نسبت لهم قائمة طويلة من الاتهامات الخطيرة المرتبطة بالفساد المالي والأخلاقي والجرائم الإرهابية فيما يشبه المحاكمة الشعبية".

أنس الحمادي: "يكفي استعراض الواقع التونسي منذ اتخاذ قرارات إعفاء 57 قاضيًا وما يتميز به من تضييق على حرية العمل السياسي والجمعياتي والنقابي وحرية العمل الصحفي واستهداف كل صوت حر حتى نستخلص الغاية من تلك القرارات"

وشدد رئيس جمعية القضاة التونسيين على أنّ "الإعفاءات خلفت أثرًا بالغًا في نفوس القضاة المباشرين وهم يشاهدون زملاءهم يُنكّل بهم يوميًا ويُرفض تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة لفائدتهم ويمنعون من حقهم الشرعي والقانوني في العمل بحرمانهم من الالتحاق بمهنة المحاماة". 

وطرح أنس الحمادي جملة من الأسئلة التقييمية قائلًا: "ماذا تحقق للبلاد من مكاسب جراء إعفاء القضاة؟ وهل تحقق الإصلاح القضائي الذي ينشده المواطن والمتقاضي؟ هل أصبح القضاء نقيًا من كل مظاهر الفساد؟ ماذا تغير في منظومة العدالة؟ هل أصبحت أكثر تطورًا وشفافية  وحيادًا ومصداقية؟ وهل أصبحت البنية التحتية للمحاكم عصرية ومتطورة؟ وماذا عن واقع الحقوق والحريات في تونس؟ هل هي محمية بقضاء قوي ومستقل ومحايد يطبق القانون على الجميع على قدم المساواة؟ وهل يمارس المواطنون حقوقهم وحرياتهم دون خوف من سلطة متجبرة تنكل بهم لأن القضاء المستقل يحميهم؟".

أنس الحمادي:  "نستعرض اليوم واقع القضاء في تونس وكلنا حسرة مما آل إليه نتيجة التداعيات الخطيرة لمجزرة الإعفاءات وما تلاها من إجراءات لاحقة أصبحت بموجبها وزارة العدل تحكم السيطرة على المسارات المهنية للقضاة"

واستطرد قائلًا: "يكفي استعراض الواقع التونسي منذ اتخاذ قرارات إعفاء 57 قاضيًا وما يتميز به من تضييق على حرية العمل السياسي والجمعياتي والنقابي وحرية العمل الصحفي واستهداف كل صوت حر حتى نستخلص الغاية من تلك القرارات"، معقبًا: "نعلن بكل ثقة ودون أي شك أن الدفاع عن القضاة المعفيين والشرفاء يندرج صلب معركة استقلال القضاء التي تعتبر أم المعارك من أجل الديمقراطية"، حسب تقديره.

وأضاف رئيس جمعية القضاة التونسيين: "نستعرض اليوم واقع القضاء في تونس وكلنا حسرة مما آل إليه نتيجة التداعيات الخطيرة لمجزرة الإعفاءات وما تلاها من إجراءات لاحقة أصبحت بموجبها وزارة العدل تحكم السيطرة على المسارات المهنية للقضاة العدليين من خلال وضع اليد على الحركة القضائية وإعمال آلية مذكرات العمل غير القانونية لنقلة القضاة وتجريدهم من المسؤولية والحط من رتبهم بشكل دوري ومستمر فضلًا عن إيقافهم عن العمل إثر مساءلتهم عبر التفقدية العامة عن اجتهاداتهم القضائية".

أنس الحمادي: وزارة العدل تحكم السيطرة على المسارات المهنية للقضاة من خلال وضع اليد على الحركة القضائية ومذكرات العمل غير القانونية لنقلة القضاة وتجريدهم من المسؤولية والحط من رتبهم فضلًا عن إيقافهم عن العمل

وأشار إلى أنّ وزارة العدل استغلت في ذلك "حالة الفراغ في تركيبة المجلس المؤقت للقضاء العدلي وما نتج عنه من شلل كامل في اضطلاعه بمهامه ليصبح بذلك القضاء التونسي قضاءً مطوَّعًا ومجوّعًا ومركَّعًا وسلطة تنفيذية فيه ترتع"، وفق تعبيره.

وختم أنس الحمادي كلمته بالقول: "الأمل لا يزال يحدونا لتجاوز هذه المحنة والنهوض مجددًا لبناء القضاء المستقل المحايد النزيه والعادل الذي نحلم به جميعًا بفضل مجهودات الصادقين والمناضلين متى اتحدت الجهود وصدقت النوايا"، حسب تصوره.

 

  • يوسف بوزاخر: نحن اليوم خارج إطار دولة القانون

ومن جانبه، اعتبر الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء، القاضي المعفى يوسف بوزاخر، في كلمة له خلال الندوة ذاتها، أننا "اليوم خارج إطار دولة القانون" بعد سنتين من إقدام السلطة التنفيذية على إعفاء 57 قاضيًا، واصفًا ذلك التاريخ بـ"أحلك أيام القضاء التونسي".

يوسف بوزاخر: "مرت سنتان على عملية إعفاء القضاة كانت كافية لإثبات أن الغاية من هذه الإعفاءات كانت بثّ الرعب في صفوف القضاة والقضاء الذي حاول الصمود في وجه موجة عالية من محاولة السيطرة والهيمنة والتوظيف"

وأضاف بوزاخر: "مرت سنتان على هذه العملية كانت كافية لإثبات أن الغاية من هذه الإعفاءات كانت بثّ الرعب في صفوف القضاة والقضاء الذي حاول الصمود في وجه موجة عالية من محاولة السيطرة والهيمنة والتوظيف، واستهداف الحقوق والحريات"، حسب تقديره.

وفي سياق متصل، أكد يوسف بوزاخر أنّ "استهداف المجلس الأعلى للقضاء الشرعي كان الهدف منه إحكام السيطرة على القضاء"، معقبًا أنّ "السلطة التنفيذية أحكمت طيلة السنتين المنقضيتين السيطرة على القضاة في تسمياتهم وترقياتهم ونقلهم وحتى تأديبهم في وضع لم يسبق أن عرفته تونس"، وفقه.

يوسف بوزاخر: تم خلال السنتين المنقضيتين التكريس الفعلي للقضاء الوظيفة الخاضع بالكامل للسلطة التنفيذية مع ما يستوجبه ذلك من خضوع للسلطة الرئاسية

كما يرى أنّه تم خلال السنتين المنقضيتين "التكريس الفعلي للقضاء الوظيفة الخاضع بالكامل للسلطة التنفيذية مع ما يستوجبه ذلك من خضوع للسلطة الرئاسية"، مردفًا: "السؤال الحقيقي اليوم: أين نحن من القضاء لأن ما نعيشه اليوم بعيد كل البعد عن مفهوم القضاء وسيادة القانون ودولة المؤسسات؟"، حسب ما جاء في كلمته.

 

  • العياشي الهمامي: "الحقوق والحريات في تونس تعيش وضعية زجر لم يسبق أن عرفت لها مثيلًا"

ومن جهته، قال منسق هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين العياشي الهمامي، خلال الندوة ذاتها، إنّ "الحقوق والحريات اليوم في تونس تعيش وضعية زجر لم يسبق أن عرفت لها مثيلًا، وذلك بسبب غياب القضاء المستقل"، حسب تقديره.

وبالعودة إلى عملية إعفاء القضاة، قال المحامي العياشي الهمامي: "أمر إعفاء القضاة كان له تبعات أخرى، إذ لم يتم طردهم فحسب، بل بعد شهر من ذلك قامت وزيرة العدل بنشر أكثر من 150 قضية ضدهم عن طريق النيابة العمومية أمام قطب مكافحة الإرهاب وأمام قطب الفساد المالي وأمام محاكم مختلفة.

العياشي الهمامي: "الحقوق والحريات اليوم في تونس تعيش وضعية زجر لم يسبق أن عرفت لها مثيلًا، وذلك بسبب غياب القضاء المستقل"

وعقّب قائلًا: "ناهيك عن إعفائهم وحرمانهم من حقهم في العمل والتشهير بهم، تم توجيه تهم خطيرة ومتشعبة لهم تستوجب وقتًا طويلًا حتى تُحلّ، وهي في الحقيقة تستوجب قرارًا سياسيًا حتى تحلّ طالما أنّ خلفيتها سياسية"، على حد تقديره.

وأضاف العياشي الهمامي: "على الرغم من صدور قرارات عن المحكمة الإدارية تقضي بإيقاف قرار إعفاء 49 قاضيًا من بين الـ57 لم يتم تنفيذها، يعني إذا كان هناك من هو مخالف للقانون فهو قيس سعيّد ووزيرة العدل، إذ أنّ عدم تنفيذ القرارات القضائية جريمة يعاقب عليها القانون".

العياشي الهمامي:  "للأسف اليوم في تونس كثر حديثنا عن التنديد بالخروقات التي تطال الحقوق والحريات، ومن ضمن أسباب ذلك هو غياب القضاء المستقل فقد نجحت السلطة في إخضاع وتطويع عدد من الدوائر في كل المحاكم

وتابع في ذات الصدد أنّ "عدم تنفيذ القرارات القضائية يعتبر في القانون التونسي فسادًا، وبالتالي إذا كان هناك اليوم من يُتّهم بالفساد فهو كذلك الرئيس ووزيرة العدل لأنهما يرفضان تنفيذ أحكام قضائية قانونية نهائية لا يمكن الطعن فيها".

وأضاف العياشي الهمامي: "للأسف اليوم في تونس كثر حديثنا عن التنديد بالخروقات التي تطال الحقوق والحريات، والتضامن مع الضحايا، والمطالبة باسترجاع الحقوق، ومن ضمن أسباب ذلك هو غياب القضاء المستقل".

وعقب: "السلطة نجحت في إخضاع وتطويع عدد من الدوائر في كل المحاكم، حتى إذا ما جاءت قضية لديها مصلحة فيها توجهها للقاضي الموظف، وأصبحنا كمحامين لما نتوجه للمحكمة، لا نذهب للقاء قاض مستقل نقدم أمامه مرافعاتنا، وإنما نجد قاضيًا قد اتخذ قراره قبل أن نصل حتى للمحكمة"، مستطردًا القول: "لهذا السبب نرى اليوم عددًا من السياسيين والحقوقيين والجمعياتيين والنقابيين في السجن إضافة إلى الإحالات والمنع من السفر وغير ذلك من الإجراءات دون أي وجه حق،  وذلك لأنّ القضاة اليوم ينفذون التعليمات"، وفق تصريحه.

 

 

  • منظمات محلية تنبه إلى "خطورة تدهور سيادة القانون والتضييقات على الحقوق والحريات"

وتوازيًا مع ذلك، أصدرت مجموعة من المنظمات الحقوقية، السبت 1 جوان/يونيو 2024، بيانًا مشتركًا تحت عنوان "بعد عامين من إعفاء القضاة والقاضيات التعسّفيّ، استقلالية القضاء تواجه الخطر الداهم" .

منظمات: "أكثر من أي وقت مضى، وبعد مرور عامين من الإعفاء التعسفي للقضاة، تشهد منظومة العدالة في تونس مؤشرات مفزعة تؤكد الاستهداف المتواصل لاستقلالية القضاء، خاصة مع تصاعد موجة الاعتقالات"

وقالت المنظمات، في بيان مشترك، أن "السلطة تواصل مضايقة وترهيب القضاة، مما أدى إلى تقييد مساحة حرية التعبير واستقلالية القضاء"، مضيفة أنه "أكثر من أي وقت مضى، وبعد مرور عامين من الإعفاء التعسفي للقضاة، تشهد منظومة العدالة في تونس مؤشرات مفزعة تؤكد الاستهداف المتواصل لاستقلالية القضاء، خاصة مع تصاعد موجة الاعتقالات التي طالت الصحفيين والمحامين والمعارضين السياسيين والنشطاء والمدافعين عن الحقوق الإنسانية ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي".

وأكدت أنّ "تدخّل السلطة التنفيذية المستمر وغير القانوني في القضاء قد قوض ثقة المواطنين في المؤسسات القضائية وأعاق الحق في محاكمة عادلة لجميع المواطنين"، مشددة على "خطورة تدهور سيادة القانون والتضييقات على الحقوق والحريات في تونس".

منظمات:  "تدخّل السلطة التنفيذية المستمر وغير القانوني في القضاء قد قوض ثقة المواطنين في المؤسسات القضائية وأعاق الحق في محاكمة عادلة لجميع المواطنين"

وطالبت المنظمات بـ"إعادة دمج جميع القضاة الذين تم إعفاؤهم تعسفياً بشكل فوري ودون قيد أو شرط، وذلك امتثالاً للقرارات التي أصدرها رئيس المحكمة الإدارية في تونس في  أوت/أغسطس 2022"، وإلغاء جميع الإجراءات الزجرية التي تم اتخاذها ضد السلطة القضائية وإلغاء المرسوم عدد 11 لسنة 2022 المؤرخ في 12 فيفري/شباط 2022 والمعدل بالمرسوم عدد 35 لسنة 2022 مؤرّخ في 1 جوان/يونيو 2022.

كما دعت إلى "الوقف الفوري لخطابات الكراهية وحملات التشهير ضد القضاة والمحامين والمدافعين عن الحقوق الإنسانية" و"احترام استقلالية القضاء وضمان الحق في محاكمة عادلة لجميع المواطنين وفقًا للتعهدات الدولية لتونس".

 

 

  • منظمات دولية: على السلطات في تونس وضع حد لتآكل استقلال القضاء

وأصدرت منظمة العفو الدولية، السبت 1 جوان/يونيو 2024، بيانًا بمناسبة مرور سنتين على إعفاء قضاة في تونس، أكدت فيه أنه "يتعين على السلطات التونسية وضع حد للتآكل المستمر لاستقلال القضاء في البلاد".

وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: "منذ أن حلَّ الرئيس قيس سعيّد المجلس الأعلى للقضاء، وعزل القضاة بناءً على اتهامات مبهمة قبل عامين، استمرت مضايقة القضاة والتدخل غير القانوني في عملهم في محاولة لخنق المعارضة وجعل المساءلة بعيدة المنال".

العفو الدولية: : "يجب على السلطات التونسية أن تضع حدًا عاجلًا لجميع الممارسات التي تعيق استقلال القضاء، وأن تُعدّل أو تلغي جميع القوانين التي لا تحترم المعايير الدولية المتعلقة باستقلال القضاء والمحاكمة العادلة، بما يتماشى مع التزامات تونس الدولية"

وأضافت: "يجب على السلطات التونسية أن تضع حدًا عاجلًا لجميع الممارسات التي تعيق استقلال القضاء، وأن تُعدّل أو تلغي جميع القوانين التي لا تحترم المعايير الدولية المتعلقة باستقلال القضاء والمحاكمة العادلة، بما يتماشى مع التزامات تونس الدولية". 

وجددت منظمة العفو الدولية دعوتها للسلطات التونسية إلى "إعادة جميع القضاة ووكلاء النيابة الذين عُزلوا تعسفيًا إلى مناصبهم، وتقديم تعويضات لهم"، وفق ما ورد في نص البيان.

وأكدت المنظمة الدولية أنه "بعد مرور عامين، لا يزال القضاة ووكلاء النيابة الذين عُزلوا يعانون من الأضرار التي لحقت بهم على المستويَيْن المهني والاقتصادي، إضافة إلى تلطيخ السُمعة الشخصية الناجم عن هذا القرار الذي تركهم دون أي مصدر دخل أو تغطية بالضمان الاجتماعي".

العفو الدولية: ندعو السلطات التونسية إلى إعادة جميع القضاة ووكلاء النيابة الذين عُزلوا تعسفيًا إلى مناصبهم، وتقديم تعويضات لهم

ونقلت المنظمة عن حمادي الرحماني، وهو أحد القضاة الذين عُزلوا، قوله: "حتى اليوم، بعد مرور عامين على إعفائي أنا وزملائي بهذه الطريقة غير القانونية، لم يتحصل أي منا على قرار رسمي معلل لنطلع على أسباب الإعفاءات. ولكن بات واضحًا أنّ الهدف كان استهداف مجموعة من القضاة المستقلين والقضاة الذين حاولوا التصدي للاعتداء على مبدأ الفصل بين السلطات من قبل الرئيس قيس سعيّد وعبروا عن معارضتهم لوضع السلطة التنفيذية يدها على القضاء. وأعتبر أن من واجبي كقاضٍ وكمواطن أن أحذر من أي محاولات للسيطرة على القضاء"، وفق ما جاء في نص البيان.

 

 

ومن جانبها، عبرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، الجمعة 31 ماي/أيار 2024، عن قلقها إزاء ما اعتبرتها "انتهاكات غير مقبولة" للحقوق الأساسية في تونس، على خلفية ما سجلته من ممارسات ارتُكبت في حق محامين وقضاة بالبلاد.

وعلى صعيد آخر، عبرت المفوضية عن قلقها الشديد إزاء رفض طلب رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي الحصول على إذن لحضور الاجتماع السنوي للجمعية الدولية للقضاة في إفريقيا في ماي/أيار". وقال خبراء المفوضية: "نحن نشعر بالقلق بشكل خاص من أن رفض وزارة العدل لا يتضمن أي مبرر ويقيّد الأنشطة النقابية لجمعية القضاة التونسيين من خلال حرمان رئيسها من الإجازة المطلوبة لسفره الرسمي".

كما عبر مقررو الأمم المتحدة في تونس، وفق ما جاء في البيان الصادر عن المفوضية،  عن قلقهم البالغ إزاء "التأثير السلبي للإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطة التنفيذية على استقلال القضاء والحق في محاكمة عادلة والوصول إلى العدالة لجميع الناس في تونس"، مضيفين أنّ "وزارة العدل بدأت باستخدام آلية مذكرات العمل، بشكل تعسفي وخارج أي إطار قانوني لتغيير تركيبة المحاكم ورؤسائها وقضاة النيابة العامة وقضاة التعليم والدوائر القضائية".

مفوضية حقوق الإنسان تعبر عن قلقها البالغ إزاء "التأثير السلبي للإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطة التنفيذية على استقلال القضاء والحق في محاكمة عادلة والوصول إلى العدالة لجميع الناس في تونس"

ولفت مقررو مفوضية حقوق الإنسان إلى أنّ "هذه المذكرات جاءت بعد استجواب القضاة من قبل المفتشية العامة لوزارة العدل، وهي تنتهك استقلال وحياد العمل القضائي"، معقبين: "يبدو أنّ هذه التغييرات في منتصف العام القضائي هي بمثابة أعمال انتقامية أو عقوبة"، حسب تصورهم.

وذكّروا بأنّ الرئيس قيس سعيّد قام بحل مجلس القضاء الأعلى في فيفري/شباط 2022، وإقالة 57 قاضيًا بإجراءات موجزة في يونيو/حزيران 2022، معربين عن قلقهم بشأن استقلال القضاء.

وحثّ مقررو مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان السلطات التونسية على "إنهاء جميع القيود غير المبررة على الممارسة المشروعة للحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات للقضاة والمحامين في تونس"، وفق ما جاء في نص البيان.

يذكر أنه كان قد صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية) أمر رئاسي عدد 516 لسنة 2022 مؤرخ في 1 جوان/يونيو 2022 يتعلق بعزل 57 قاضيًا في تونس. وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد أصدر أيضًا، في ذات العدد من الرائد الرسمي، مرسومًا يسمح له بـ"إصدار أمر يقضي بإعفاء كل قاض تعلّق به ما يمس من سمعة القضاء أو استقلاليته"، وفقه.

وقد قوبل هذا القرار برفض واسع واستنكار من عدد من القضاة والمحامين والمنظمات والجمعيات الحقوقية والنشطاء بالمجتمع المدني، فضلًا عن نقد من قبل المنظمات الدولية.

وعلى الرغم من قرار المحكمة الإدارية بتونس الصادر في أوت/أغسطس 2022، والذي يقضي بإعادة 49 من القضاة الذين تم إعفاؤهم، لم تُعدْ وزارة العدل أيًا منهم إلى مناصبهم حتى اليوم.


صورة