الترا تونس - فريق التحرير
أصدر المختص في الاقتصاد، عز الدين سعيدان، الأربعاء 17 ماي/أيار 2023، قراءة عقب إعلان وزارة المالية التونسية، إمضاء اتفاقية تعبئة قرض مجمّع بالعملة الصعبة لدى 12 مؤسسة بنكية محلية بمبلغ يتجاوز 400 مليون دينار، تساءل فيه عن سرّ غياب محافظ البنك المركزي التونسي لأول مرة، عن مراسم توقيع هذا القرض المشترك.
عز الدين سعيدان: سيتم استخدام هذا القرض الجديد لسداد قرض سابق بالعملة الصعبة، وسيكون في هذه الحالة، إعادة جدولة للدين المحلي بالعملة الأجنبية
وأضاف سعيدان أنّ هذا القرض المجمّع بالعملة الصعبة، والذي تمنحه البنوك التونسية، هو سابع قرض مجمّع بالفعل بالعملة الصعبة، وقد كان الأول منذ حوالي خمس سنوات، مشيرًا إلى أنّ هذا القرض، يعدّ من العمليات التي يمكن أن تضرّ بسيولة البنوك من العملة الصعبة، بالإضافة إلى مشكل مديونية الدولة المفرطة لدى البنوك التونسية، وفقه.
وتوقع عز الدين سعيدان، أن يتم استخدام هذا القرض الجديد لسداد قرض سابق بالعملة الصعبة، وسيكون في هذه الحالة، إعادة جدولة للدين المحلي بالعملة الأجنبية، وفق تأكيده، لافتًا إلى أنّ آجال استحقاق القروض الأخرى بالعملة الصعبة (وبالدينار أيضًا) التي تمنحها البنوك التونسية للدولة قد تم تأجيلها في المرات السابقة، وبالتالي تمت إعادة جدولتها.
عز الدين سعيدان: من الواضح أنه تم اللجوء إلى حلول متطرفة للتعامل مع الأزمة الحادة للمالية العامة
وانتقد سعيدان ألا يحدد بلاغ وزارة المالية مبلغ القرض بالعملة الصعبة، ولا هذه العملة، ولا الوجهة، ولا المدة، ولا سعر الفائدة، ولا طريقة السداد، ولا حتى أسماء البنوك التي قدمت هذا القرض.
واستنتج المختص في الاقتصاد، أنه "من الواضح أن هذه الحلول للتعامل مع الأزمة الحادة للمالية العامة هي حلول متطرفة، مع مواصلة رفض إجراء الإصلاحات الضرورية الحتمية والتي طال انتظارها" وفق تأكيده.
وكانت وزيرة المالية، سهام البوغديري نمصية، قد أمضت هذا القرض، الثلاثاء 16 ماي/ أيار 2023، مشيرة إلى أنّ هذه الاتفاقية تندرج ضمن تعبئة موارد الاقتراض لتمويل ميزانية الدّولة المبرمجة ضمن قانون المالية 2023، لافتة إلى أنّ "هذا القرض يعدّ شكلًا من أشكال التمويل الملائم من حيث الشروط والكلفة" وفقها.
يشار إلى أنّ هذا القرض يأتي في سياق يحذّر فيه مختصّون في الاقتصاد، من خطورة الالتجاء إلى الدين الداخلي (الاقتراض من البنوك التونسية)، خاصة وأنّ نسبة هذا الدين الداخلي ارتفعت بشكل كبير لتمثّل حوالي 40% من الدين العمومي الإجمالي.
وكان عز الدين سعيدان، قد أقرّ في تصريح سابق لإذاعة "موزاييك أف أم" (محلية)، بأنّ تونس ليست وفية في خلاصها لهذه الديون، وهي تطلب إعادة جدولتها إما بتعويض رقاع خزينة طويلة المدى -وهو ما ترفضه البنوك التونسية حاليًا- وإما بطلبها قرضًا لثلاثة أشهر لخلاص قرض طويل، ما يوقع تونس في فخ مالي خطير، وفق تعبيره.
يحذّر مختصّون في الاقتصاد، من خطورة الالتجاء إلى الدين الداخلي خاصة وأنّ نسبته ارتفعت بشكل كبير لتمثّل حوالي 40% من الدين العمومي الإجمالي
يذكر أن تونس، التي تعاني أزمة مالية حادة وتقول مؤسسات تصنيف ائتماني إنها تهدد بتخلف البلاد عن سداد ديونها، قد توصلت نهاية العام الماضي إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد حول قرض بقيمة 1.9 مليار دولار، لكنه بقي معلقًا.
وتعلق تونس آمالها على صندوق النقد الدولي ليمنحها قرضًا ليسعف عجزها المالي، إلا أنّ تأجيله للاجتماع الذي كان مقررًا عقده في ديسمبر/كانون الأول 2022 على مستوى مجلسه التنفيذي من أجل النظر في ملف قرض تونس، إلى أجل غير مسمى، خلق نوعًا من الريبة.
وتُطرح منذ أشهر أسئلة عديدة في تونس بخصوص الموقف الرسمي التونسي من قرض صندوق النقد الدولي خاصة وقد تأخر توقيع الاتفاق النهائي، الذي يشترط الصندوق أن يُمضي عليه الرئيس التونسي لتكون "الإصلاحات" المضمنة داخله ملزمة.