18-يونيو-2023
الصحبي عتيق

طالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عنه (صورة أرشيفية/ فتحي بلعيد/ أ.ف.ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، السبت 17 جوان/يونيو 2023، السلطات التونسية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن القيادي السابق بحركة النهضة الصحبي عتيق المودع بالسجن، وبتوفير الرعاية اللازمة له في ظلّ التدهور الخطير الذي طرأ على صحته خلال إضرابه المستمر عن الطعام.

وذكّر المرصد، في بيان له، بأن "قوات الأمن التونسية منعت في 6 ماي/ أيار الماضي الصحبي عتيق من السفر للمشاركة في إحدى الندوات في الخارج، واحتجزته من ذلك الوقت على خلفية ادعاءات تتعلق بتبييض الأموال دون تقديم أدلة قانونية تثبت تلك الادعاءات"، مضيفًا: "في 12 ماي/أيار صدرت بطاقة إيداع بالسجن في حقه ليعلن منذ ذلك الحين دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجًا على احتجازه غير المبرر".

المرصد الأورومتوسطي: احتجاز الصحبي عتيق على خلفية تهم تبدو ملفّقة يندرج ضمن الممارسات السلطوية التعسفية التي طالت عشرات السياسيين والصحافيين والنشطاء التونسيين

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ احتجاز "عتيق" جاء على الأرجح "على خلفية انتمائه السياسي وليس بسبب القضية المتعلقة بغسيل الأموال، إذ لم يظهر بعد الاطلاع على تفاصيل القضية ما يشير إلى تورّطه في الواقعة، أو ارتكابه أي مخالفة تبرر توقيفه واحتجازه على هذا النحو".

وتتعلق القضية بحادثة سطو عام 2016 على منزل بعيد عن مكان سكن الصحبي عتيق، حيث سرق قاصران مبلغًا ماليًا من المنزل، واستعاد صاحب المنزل حينها الأموال المسروقة وتم تسوية القضية، ولم يكن لعتيق أي صلة بالقضية على الإطلاق، ولم يرد اسمه في أي من ملفاتها. وفي أفريل/ نيسان الماضي- أي بعد سبع سنوات على الواقعة- أُلقي القبض على أحد السارقين على خلفية تهمة أخرى، وادّعى أنّ عتيق يمتلك الأموال التي سُرقت في 2016، وعليه جرى توقيفه واحتجازه، وفق المرصد.

 

 

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ السلطات فشلت في تقديم دلائل على تورط عتيق في القضية، إذ إنّ شهادات المعنيين في الحادثة، بمن في ذلك رجال الأمن الذين تعاملوا حينها مع القضية، أكّدت أنّ عتيق لا تربطه أي علاقة بالحادثة.

ونقل المرصد عن زينب المرايحي، زوجة الصحبي عتيق، أنّ "الحالة الصحية لزوجها دخلت مرحلة الخطر الشديد، إذ نُقل عدة مرات من سجن المرناقية إلى مستشفى بالعاصمة تونس، وأُدخل قبل أيام إلى قسم الإنعاش بعد انخفاض حاد في نبضات قلبه، حيث وصلت إلى أقل من 30 نبضة في الدقيقة (المعدل الطبيعي بين 60-100)، ما شكّل تهديدًا مباشرًا لحياته".

المرصد الأورومتوسطي: السلطات فشلت في تقديم دلائل على تورط الصحبي عتيق إذ إنّ شهادات المعنيين في الحادثة، بمن في ذلك رجال الأمن الذين تعاملوا حينها مع القضية، أكّدت أنّه لا تربطه أي علاقة بالحادثة

وقالت المرايحي: "جسد زوجي انهار تمامًا ولم يعد قادرًا على المشي أو حتى الحديث، إذ انخفضت معدلات السكر وضغط الدم على نحو كبير، كما يعاني باستمرار من ألم شديد في كليته اليمنى. تبقى المشكلة الأخطر اضطراب عمل القلب والتراجع المستمر في النبض. نخشى فقدانه في أي لحظة".

واعتبر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أنّ احتجاز الصحبي عتيق على خلفية تهم تبدو ملفّقة يندرج ضمن الممارسات السلطوية التعسفية التي طالت عشرات السياسيين والصحفيين والنشطاء التونسيين منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد الإجراءات الاستثنائية في جويلية/يوليو 2021، والتي عطّل بموجبها مؤسسات الحكم، ومنح نفسه سلطات واسعة تتعارض بشكل كامل مع مبادئ الديمقراطية والحكم الرشيد.

 

 

وبيّن أنّ استمرار احتجاز الصحبي عتيق على الرغم من تدهور وضعه الصحي وعدم وجود أدلة تدينه يعكس استخفافًا واضحًا بحياته، وينبّه إلى مستوى غير مسبوق من تجاهل السلطات لالتزاماتها القانونية المحلية والدولية فيما يتعلق بالاحتجاز التعسفي وحرية الرأي والتعبير.

المرصد الأورومتوسطي يدعو إلى "الإفراج عن جميع المحتجزين على خلفيات مرتبطة بالحريّات والانتماءات السياسية والحزبية ووقف جميع أشكال استهداف وملاحقة الخصوم والمعارضين"

وخلال الأشهر الأربعة الماضية، وثّق المرصد الأورومتوسطي تصاعدًا في استهداف السلطات لخصومها بأساليب متعددة، شملت احتجاز سياسيين معارضين وقضاة ورجال أعمال وصحفيين على خلفية تهم فضفاضة وغامضة كالإرهاب وتبييض الأموال والتآمر على الدولة، إلى جانب معاقبة أحد الصحفيين بالسجن خمس سنوات على نحو جائر.

وحمّل المرصد الأورومتوسطي السلطات التونسية المسؤولية الكاملة عن صحة وحياة الصحبي عتيق، مشدّدًا على أنّ انتفاء الأسباب القانونية لاحتجازه يجعل منه احتجازًا تعسفيًا وغير قانوني، ولا يمكن تبريره في جميع الظروف.

ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات التونسية إلى الإفراج عن جميع المحتجزين على خلفيات مرتبطة بالحريّات والانتماءات السياسية والحزبية، ووقف جميع أشكال استهداف وملاحقة الخصوم والمعارضين، واحترام حقوق الأفراد بالمشاركة السياسية والتعبير عن الرأي، والتقيّد بالتوجيهات الدستورية في هذا الإطار.

 

 

وكانت السلطات في تونس قد انطلقت في 11 فيفري/ شباط الماضي في موجة اعتقالات استهدفت بدرجة أولى معارضين للرئيس قيس سعيّد. ومن الموقوفين، سياسيون وصحفيون ونشطاء وقضاة ورجال أعمال، وتوجه لهم تهم مختلفة من أبرزها "التآمر ضد أمن الدولة".

وقد أثارت موجة الاعتقالات والمداهمات تنديدًا واسعًا وانتقادات داخليًا وخارجيًا، لإخلالات في الإجراءات ولما أكده محامون من غياب للأدلة، فيما تلتزم النيابة العمومية والسلطات القضائية الصمت حيال هذه القضايا.