14-يوليو-2022
اتحاد الشغل تونس

اتحاد الشغل: إصلاح الأخطاء التي تسربت إلى مشروع الدستور شمل تنقيحًا جوهريًا لأحكامها (nicolas fauqué Corbis/ getty)

الترا تونس - فريق التحرير

 

بعد انتقادات اتحاد الشغل لمشروع الدستور الجديد، أصدرت المنظمة بتاريخ 13 جويلية/ يوليو 2022، ملاحظاتها بشأن مراجعة هذا المشروع، لافتة إلى وجود إخلالات سياسية لم تعالج.

اتحاد الشغل: مراجعة سعيّد لمشروع الدستور تمثّل اعترافًا صريحًا بمشروعية وصواب القراءة النقدية التي قامت بها المنظمة إلى جانب كثيرين

ووفق ما أورده موقع "الشعب نيوز"، التابع للاتحاد العام التونسي للشغل، فإنّ "إصلاح الأخطاء التي تسربت إلى مشروع الدستور لم يقتصر على تدارك الأخطاء الشكلية أو المادية التي وردت في نصّه فحسب، بل شمل مراجعة لمضامين بعض الفصول وتنقيحًا جوهريًا لأحكامها".

وقال الاتحاد إن هذه المراجعة التي قام بها الرئيس التونسي قيس سعيّد، وما أدخله عبرها من تعديل على مضمون النص الدستوري المقترح على الاستفتاء، "تمثّل اعترافًا صريحًا بمشروعية وصواب القراءة النقدية التي قامت بها المنظمة الشغيلة"، إلى جانب كثيرين، مضيفًا أنه سجّل ما تضمنته بعض التنقيحات المدخلة من تحسينات جزئية على مشروع الدستور "مثلت مراجعة إيجابية من شأنها تلافي ما اعترى بعض فصوله من إخلالات ونقائص وأهمها:

  • مراجعة الفصل 55 من مشروع الدستور بإدراج عبارة التناسب بدل الملاءمة وحذف عبارة الآداب العامّة من مراجعات تقييد الحقوق والحريات الدستورية.
  • مراجعة الفصل 71 بالتنصيص على أنّه يتمّ انتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب انتخابًا عامًّا حرًّا مباشرًا.

اتحاد الشغل: من أهم تحسينات النسخة المراجعة هي التنصيص على أنّه لا يجوز تولّي رئاسة الجمهورية لأكثر من دورتين كاملتين متّصلتين أو منفصلتين 

  • مراجعة الفصل 90 بالتنصيص على أنّه لا يجوز تولّي رئاسة الجمهورية لأكثر من دورتين كاملتين متّصلتين أو منفصلتين.
  • مراجعة الفصل 124 بالتنصيص على حقّ كلّ شخص في محاكمة عادلة في أجل معقول وعلى أنّ المتقاضين متساوون أمام القضاء وعلى أنّ حقّ التّقاضي وحقّ الدّفاع مضمونان. 
  • مراجعة الفصل 125 بالتنصيص على تسمية أقدم رؤساء الدوائر بمحكمة التّعقيب، وأقدم رؤساء الدوائر التّعقيبية أو الاستشارية بالمحكمة الإدارية وأقدم أعضاء محكمة المحاسبات أعضاء بالمحكمة الدستورية.

واعتبر اتحاد الشغل أن "الاكتفاء بإصلاح بعض التعابير في التوطئة دون تعديلات جوهرية على منظومة القيم والمرجعيات هو إصرار على تغييب القيم الكونية لمنظومة حقوق الإنسان ورغبة جامحة في إعادة كتابة مسار التاريخ من منظور ذاتي".

وأشار إلى أنّ عبارة (في ظلّ نظام ديمقراطي) المضافة إلى الفصل الخامس من المشروع الذي ينصّ على أنّ الدولة تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام، وإلى الفصل 55 المتعلّق بضمانات تقييد الحقوق والحريات الدستورية، هي "عبارة محايدة وفضفاضة وليس من شأنها تبديد المخاوف من جعل العامل الديني عنصرًا من عناصر الحياة السياسية والقانونية للدولة وتوظيفه في البناء المجتمعي بما يمثل تهديدًا جديًا وخطيرًا لسيادة القانون ولمنظومة الحقوق والحريات وللمواطنة والمساواة وللطابع الوضعي للنصوص التشريعية ولا من التقليص الخطير من ضمانات حماية الحقوق والحريات الدستورية الناتج عن تغييب معايير ومقوّمات وضوابط الدولة المدنية".

وسجّلت المنظمة عدم مراجعة باب الحقوق والحريات لتكريس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية تناسبًا مع شعارات ثورة 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010 - 14 جانفي/ يناير 2011، مع "تواصل إغفال القطاع التضامني والاجتماعي كقطاع واعد الذي تتجسد فيه شروط التمكين الاقتصادي الشعبي الحقيقية وكذلك غياب التعديلات بخصوص الحقوق المكتسبة للمرأة بما يدعّم ضمانات المساواة والتناصف والتمكين".

وشدد اتحاد الشغل في هذا السياق، على أن المراجعة المدخلة على مشروع الدستور المقترح لم تعالج الإخلالات الأساسية التي تعيق بناء دولة القانون والمؤسسات وإرساء نظام سياسي مدني ديمقراطي اجتماعي قائم على الفصل بين السّلط والتوازن بينها وحماية الحقوق والحرّيات وإنفاذها، وأهمّها:

  • تواصل الإخلال بمبدأي الفصل والتوازن بين السلط بما أنهما أساس كلّ نظام وبناء ديمقراطي وليسا مجرّد إجراء شكلي كما يدّعي البعض.
  • الحفاظ على تحكّم رئيس الجمهورية في جميع السلطات وعلى مركزة جميع الصلاحيات بين يديه وجعله فوق كلّ محاسبة ومراقبة وتحصينه من كلّ مساءلة سياسية أو جزائية.

اتحاد الشغل: المراجعة المدخلة على مشروع الدستور المقترح لم تعالج الإخلالات الأساسية التي تعيق إرساء نظام سياسي مدني ديمقراطي اجتماعي قائم على الفصل بين السّلط

  • الإبقاء على حالة الاستثناء دون تسقيف زمني ودون رقابة من المحكمة الدستورية وجعلها سلطة من السلطات الواسعة لرئيس الجمهورية.
  • الإبقاء على صلاحية الالتجاء إلى الاستفتاء التشريعي والدستوري المباشرين بيد رئيس الجمهورية بما يسمح له بتجاوز السلطة التشريعية لمجلس نواب الشعب وحتّى السلطة التأسيسية.
  • الإبقاء على صلاحية تعيين رئيس الحكومة وتسمية أعضائها وإقالتها أو إقالة أحد أعضائها تلقائيًا بمحض إرادة رئيس الجمهورية مع تحصينها فعليًا ضد الرقابة التشريعية من خلال فرض أغلبية معزّزة من المجلسين لإمكان توجيه لائحة لوم والمصادقة عليها.

  • إضعاف صلاحيات الدور الرقابي لمجلس نواب الشعب على عمل السلطة التنفيذية من خلال فرض شروط شبه مستحيلة لممارسته.
  • التقليص إلى حدّ خطير من استقلالية هيئات الدولة ومؤسّساتها التي يُفترض توفّر شرط الاستقلالية فيها كالبرلمان والقضاء والجماعات لمحلّية والهيئات الدستورية وتهميش دورها أو إلغاء وجودها أصلًا.
  • إقصاء سائر الفئات والمهن القانونية الأخرى غير القضاء من عضوية المحكمة الدستورية وفي مقدمتهم أساتذة التعليم العالي المختصّين في القانون، بما يغيّب التنوع الفكري والسياسي داخلها.

اتحاد الشغل: مراجعة مشروع الدستور أبقت على حالة الاستثناء دون تسقيف زمني ودون رقابة من المحكمة الدستورية وجعلها سلطة من السلطات الواسعة للرئيس

  • التقليص من فاعلية عمل المحكمة الدستورية وإعاقة تأسيس فقه قضاء دستوري مستقر من خلال إسناد عضوية المحكمة لأقدم رؤساء الدوائر في محكمة التعقيب والمحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات والذين سيكونون في الغالبية الساحقة من الحالات في سنة عملهم الأخيرة قبل إحالتهم على التقاعد.
  • إغفال مفهوم المصلحة العامة ومبادئ الحوكمة الرشيدة وقيم الشفافية والنزاهة والحياد والجودة وغيرها.
  • إحداث مجلس يمثّل الجهات والأقاليم يمهّد لطريقة التصعيد سبيلًا للتمثيل فيه بما يؤسّس لما يسمّى بالبناء القاعدي ومقاسمته من حيث الدور والصلاحيات مع مجلس النوّاب وهو تساو يضعف مجلس النوّاب ويفقده صفته التمثيلية المترتّبة عن الانتخاب العام الحرّ والمباشر ويخلق تنازعًا بين المجلسين ويعيد إنتاج الأزمات والتعطيل.

 


الأزمة السياسية

 

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد، قد قال ليل الجمعة 8 جويلية/يوليو 2022، إن "بعض الأخطاء قد تسربت لمشروع الدستور التونسي الذي كان قد أصدره ليل 30 جوان/يونيو 2022"، قبل أن يصدر بالعدد الأخير من الرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية في تونس)، أمر رئاسي وردت به تغييرات وتعديلات على هذه الأخطاء كما وصفها سعيّد.

وبالاطلاع على الأمر الرئاسي، بلغ عدد التعديلات 46 وقد تم تفصيلها في ذات الأمر والتنصيص على إعادة نشر مشروع الدستور في الرائد الرسمي بعد التغيير. وبالنظر في هذه التعديلات، يتعلق معظمها بأخطاء إملائية ولغوية، مع بعض التعديلات "المضمونية"، تجدون أبرزها فيما يلي: صدور نسخة معدّلة من مشروع الدستور في تونس.. أبرز التغييرات.