03-مايو-2024
 حرية الصحافة

نقيب الصحفيين: أكثر من 39 إحالة قضائية للصحفيين ووضعية حرية الصحافة صعبة جدًا في تونس

 

أكد نقيب الصحفيين التونسيين زياد دبار، الجمعة 3 ماي/أيار 2024 أن حرية الصحافة ليست مجرد شعارات، وأنه من الضروري أن تكون هذه الحرية المسؤولة مقننة بضوابط مهنية واضحة، خاصة وأن الاجتهاد الصحفي أصبح مجرّمًا في تونس، في ظل مناخ من الترهيب والتخويف والتفقير الممنهج، وفق تقديره.

نقيب الصحفيين التونسيين: الاجتهاد الصحفي أصبح مجرّمًا في تونس، في ظل مناخ من الترهيب والتخويف والتفقير الممنهج

  • أكثر من 39 إحالة قضائية للصحفيين ووضعية حرية الصحافة صعبة جدًا في تونس

وأضاف نقيب الصحفيين التونسيين خلال ندوة صحفية انعقدت في مقر النقابة، لتقديم التقرير السنوي حول الحريات الصحفية بتونس، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الموافق لـ 3 ماي من كل سنة، أن أرقام الاعتداءات والتجاوزات مفزعة ووضعية حرية الصحافة صعبة جدًا وتكاد تكون قاتمة.

وقال زياد دبار: "أكاد أجزم أن المهنة الصحفية في وضعية غير مسبوقة ولم تعش في الماضي وضعية مماثلة"، مشيرًا إلى أنه "لا توجد حرية صحافة في ظل تخويف وتفقير ممنهج في ظل المماطلة في إصدار الاتفاقية الإطارية المشتركة للصحفيين التونسيين في الرائد الرسمي، وتفعيلها على أرض الواقع".

وأعلن نقيب الصحفيين في تونس عن رصد حوالي 211 اعتداء على الصحفيين وأكثر من 39 إحالة قضائية للصحفيين خارج المرسوم عدد 115 المنظم للمهنة الصحفية في الفترة من 3 ماي/أيار 2023 إلى 3 ماي/أيار 2024، مبيّنًا أن تونس تعاني من فراغ مؤسساتي وتشريعي في قطاع الصحافة.

نقيب الصحفيين التونسيين: رصد حوالي 211 اعتداء على الصحفيين وأكثر من 39 إحالة قضائية للصحفيين خارج المرسوم عدد 115 المنظم للمهنة الصحفية في الفترة من 3 ماي 2023 إلى 3 ماي 2024

وقال إن تونس هي الدولة الوحيدة التي لا تطبق على الصحفيين قانون الصحافة وتتجه عوضًا عن ذلك إلى تطبيق 9 قوانين أخرى خطيرة جدًا على غرار قانون مكافحة الإرهاب، والمرسوم عدد 54 الذي قال إنه "أصبح سيفًا مسلطًا على كل من ينتقد موظفًا عموميًا أو وزيرًا، ومجلة الاتصالات وغيرها من القوانين.

واعتبر زياد دبار أن "السلطة السياسية تتجه نحو دفن المرسوم عدد 115 وتطبيق قوانين عامة ضدّ الصحفيين"، مشيرًا إلى ما أسماه "الفرق الشاسع والكبير بين الخطاب الرسمي وما يطبق من إجراءات ضدّ الصحفيين على أرض الواقع"، قائلا إن "المسؤولين يصرحون بأنهم يساندون حرية التعبير ولكنهم يطبقون على الصحفيين قوانين معادية لحرية التعبير".

نقيب الصحفيين التونسيين: المسؤولون يصرحون بأنهم يساندون حرية التعبير في تونس ولكنهم يطبقون على الصحفيين قوانين معادية لحرية الصحافة والتعبير

  • الوضع "سيئ وقاتم جدًا" على مستوى التشريعات

وأكد دبار أن الوضع سيئ وقاتم جدًا على مستوى التشريعات، مضيفًا أنه "رغم وجود المرسوم عدد 115 فإن الاجتهادات القضائية تصب تقريبًا نحو عسكرة قطاع الصحافة بالقوانين، وخنق الصحفيين بقوانين لا تمت للعمل الصحفي بصلة" حسب تعبيره.

وأوضح نقيب الصحفيين، أن الصحفيين التونسيين لا يطالبون بحصانة ولكنهم يطالبون بتطبيق قانون خاص بقطاع الصحافة، مشيرًا إلى تواتر الشكايات ضدّ الصحفيين على معنى المرسوم عدد 54، في سنة انتخابية، وذلك على خلفية أعمال صحفية تنتقد المسار الانتخابي أو عمل هيئة الانتخابات.

نقيب الصحفيين التونسيين: رغم وجود المرسوم عدد 115 فإن الاجتهادات القضائية تصب تقريبًا نحو عسكرة قطاع الصحافة بالقوانين، وخنق الصحفيين بقوانين لا تمت للعمل الصحفي بصلة

واستنكر زياد دبار غياب هيئة التعديل لقطاع الصحافة والإعلام في تونس، بعد إلغاء دور الهيئة المستقلة للاتصال السمعي والبصري (هايكا)، قائلاً: "إذا غابت الهايكا حضر القضاء".

وشدّد على أن نقابة الصحفيين التونسيين تواصل حشد الدعم حول مبادرة تشريعية لتعديل المرسوم عدد 54، مؤكدًا أن هذه المبادرة تشهد عدة تعطيلات، وأنه تم التوجه إلى التعاون مع هيئة المحاميين التونسيين في هذا الاتجاه لتلافي كل التعطيلات، وقال دبّار: "أصبح التقدم بمبادرة لتعديل هذا المرسوم مجرّمًا في تونس".

  • 3 حالات رئيسية تلخص حال قطاع الصحافة في تونس

وبيّن زياد دبار أن هناك 3 حالات رئيسية تلخص حال قطاع الصحافة ووضعية حرية التعبير في تونس، أولها استدعاء الصحفية خلود مبروك مؤخرًا للتحقيق لمدة 9 ساعات بسبب حوار صحفي إذاعي، وهي ليست حالة معزولة، بالنظر إلى القضايا المرفوعة ضدّ عدد من الصحفيين التونسيين على غرار محمد بوغلاب وشذى بلحاج مبارك وغسان بن خليفة وغيرهم.

نقيب الصحفيين التونسيين: يتم العمل صلب النقابة على إطلاق صندوق تضامني بين الصحفيين، وخوض عدة مشاورات لإحياء ائتلاف يضم عدة جمعيات للدفاع عن حرية التعبير في تونس

 وأضاف أن الحالة الثانية تتعلق بتنظيم ندوات في قصر الرئاسة في قرطاج دون حضور الصحافة التونسية، حتى أصبح الصحفيون التونسيون يستقون أخبار اجتماعات في قصر قرطاج من وسائل إعلام أجنبية، هذا بالإضافة إلى غلق كل المنافذ على الإعلاميين داخل البرلمان التونسي وكذلك مجلس الأقاليم والتفريق بين الإعلام الخاص والعمومي، وعودة محاولات الصنصرة في بعض وسائل الإعلام العمومي.

وختم نقيب الصحفيين كلمته بالتأكيد على تردّي الوضع الاقتصادي والاجتماعي للصحفيين وهي الحالة الثالثة التي تعبّر عن وضع قطاع الصحافة في تونس، في ظلّ ورود 70 إشعار بعدم خلاص الأجور، مضيفًا أنه يتم العمل صلب النقابة على إطلاق صندوق تضامني بين الصحفيين، وخوض عدة مشاورات لإحياء ائتلاف يضم عدة جمعيات للدفاع عن حرية التعبير في تونس.

مركز السلامة المهنية للصحفيين: ملاحقة للصحفيين التونسيين في إطار قوانين لا تتعلق بالعمل الصحفي في 39 مناسبة، منها 5 ملاحقات على معنى قانون مكافحة الإرهاب، و9 ملاحقات على معنى المرسوم عدد 54

  • صدور 5 أحكام بالسجن ضد صحفيين خلال سنة واحدة

من جهتها تحدثت خولة شبح منسقة وحدة الرصد بمركز السلامة المهنية للصحفيين التونسيين صلب نقابة الصحفيين، عن الصعوبات التي واجهها الصحفيون للقيام بعملهم طيلة السنة الماضية، معتبرة أن "السنة الماضية كانت صعبة على الصحفيين رغم تراجع عدد الاعتداءات"، وأشارت إلى تنظيم وقفات احتجاجات أمام المحاكم وخروقات فادحة في تفعيل القوانين وانحرافات إجرائية كبيرة.

وقالت إنه تمت ملاحقة للصحفيين التونسيين في إطار قوانين لا تتعلق بالعمل الصحفي في 39 مناسبة، منها 5 ملاحقات على معنى قانون مكافحة الإرهاب، و9 ملاحقات على معنى المرسوم عدد 54.

مركز السلامة المهنية للصحفيين: صدور 5 أحكام بالسجن ضد صحفيين خلال سنة واحدة وهو العدد الأقصى للأحكام بالسجن ضدّ صحفيين في ظرف 7 سنوات الأخيرة

وقالت إن نقابة الصحفيين التونسيين سجّلت صدور 5 أحكام بالسجن ضد صحفيين خلال سنة واحدة وهو العدد الأقصى للأحكام بالسجن ضدّ صحفيين في ظرف 7 سنوات الأخيرة.

  • تردّي الوضع الاجتماعي والاقتصادي للصحفيين التونسيين

كما أشارت إلى ظهور أساليب أخرى للتضييق على العمل الصحفي منها توجه الشركة العالمية "ميتا" المالكة لموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إلى حضر صفحات التواصل الاجتماعي لـ 5 مؤسسات إعلامية بسبب التغطية الصحفية للأحداث في غزة.

وبدوره أكد ياسين القايدي عضو نقابة الصحفيين التونسيين أن التقرير السنوي حول الحريات الصحفية بتونس، يكشف عن حالة اجتماعية واقتصادية متردية للصحفيين التونسيين، إذا لم يتلقى حوالي 250 صحفيًا تونسيًا أجورهم خلال السنة الماضية، إضافةً إلى تلقي النقابة لحوالي 100 إعلام بالتأخير في دفع الأجور للصحفيين.

نقابة الصحفيين التونسيين: حوالي 250 صحفيًا تونسيًا لم يتلقوا أجورهم خلال السنة الماضية، إضافةً إلى تلقي النقابة لحوالي 100 إعلام بالتأخير في دفع الأجور للصحفيين

  • توصيات نقابة الصحفيين التونسيين

وتوجهت نقابة الصحفيين في تقريرها السنوي حول الحريات الصحفية بتونس بجملة من التوصيات إلى مختلف هياكل الدولة التونسية، من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة الحكومة إلى البرلمان التونسي والجهات القضائية، تلتها نائبة رئيس نقابة الصحفيين التونسيين عائدة الهيشري.

ومن أبرز هذه التوصيات، هي دعوة رئاسة الجمهورية لتعزيز حرية الصحافة عبر مبادرات تشريعية، وفتح الباب أمام التعدد والتنوع في التغطية الإعلامية في قصر قرطاج أمام الإعلام العمومي والإعلام الخاص على حد السواء.

كما حثت نقابة الصحفيين مجلس نواب الشعب الى الحرص على الحفاظ على مكتسبات حرية الصحافة والتعبير والنشر وفتح الباب للتغطية الإعلامية، إضافة إلى دعوته إلى الحرص على تعديل المرسوم عدد 54 في اتجاه إلغاء العقوبات السجنية الواردة في المرسوم والمسلطة على الصحفيين.

نقابة الصحفيين تتوجه في تقريرها السنوي بجملة من التوصيات إلى مختلف هياكل الدولة التونسية، من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة الحكومة إلى البرلمان التونسي والجهات القضائية

وتوجهت النقابة بدعوتها إلى الجهات القضائية لإيقاف إحالة الصحفيين على معنى المرسوم 54، ومراجعة القرارات القضائية السالبة لحرية الصحفيين بسبب أدائهم لمهمتهم المهنية، كما دعت رئاسة الحكومة إلى إيقاف العمل بكل المناشير والمذكرات الداخلية التي تضع عوائق غير المشروعة أمام التداول الحر للمعلومات.

ويشار إلى أن تونس حلّت في المرتبة 118 عالميًا، من ضمن 180 دولة، حسب التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2024 الصادر الجمعة 3 ماي/أيار 2024، عن منظمة "مراسلون بلا حدود" تزامنًا مع اليوم العالمي لحرية الصحافة الموافق ليوم 3 ماي/أيار من كل سنة.

وأشارت منظمة مراسلون بلا حدود إلى أن المرسوم عدد 54 الصادر في سبتمبر/أيلول 2022 يمثّل "تهديدًا جديدًا لحرية الصحافة في تونس"، وهو الذي من المفترض أن يحارب "المعلومات الكاذبة" وفقها.