الترا تونس - فريق التحرير
أدانت مجموعة من المنظمات والجمعيات الحقوقية، الأربعاء 21 سبتمبر/أيلول 2022، المرسوم الجديد المتعلق بجرائم الاتصال والمعلومات في تونس، حاثة الرئيس التونسي قيس سعيّد على سحبه فورًا من أجل دعم حرية التعبير وحرية الصحافة في البلاد.
وعبرت، في بيان مشترك لها، عن عميق انشغالها إزاء ما تضمنه المرسوم من أحكام اعتبرتها متعارضة بصورة صارخة مع الفصول 37 و38 و55 من الدستور التونسي والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه من طرف الجمهورية التونسية.
منظمات وجمعيات: المرسوم المتعلق بجرائم الاتصال والمعلومات يهدد حرية التعبير والصحافة ويمثل خطرًا على الحقوق والحريات الرقمية إذ تضمّن قيودًا غير مسبوقة من شأنها ترهيب الصحفيين وعموم المواطنين من التعبير عن آرائهم
كما استنكرت المنظمات قيام رئاسة الجمهورية بنشر مرسوم "يهدد جوهر حرية التعبير والصحافة في ظرف سياسي دقيق تمر به البلاد قبيل بضعة أسابيع من انطلاق الفترة الانتخابية للانتخابات التشريعية"، محذرة من "خطورة هذا المرسوم على الحقوق والحريات الرقمية إذ تضمّن قيودًا غير مسبوقة من شأن تطبيقها أن يؤدي إلى ترهيب الصحفيين وعموم المواطنين من التعبير عن آرائهم خاصة تجاه أعوان الدولة والمسؤولين السياسيين"، وفق تقديرها.
واعتبرت المنظمات الموقعة على البيان أن الفصل 24 المتعلق بـ"الإشاعة والأخبار الزائفة" يتعارض مع المعايير الدولية المتصلة بالحق في حرية التعبير، مؤكدة أن حماية كرامة الأفراد أو الأمن الوطني لا يكون عبر تجريم عدة أفعال بصورة غامضة وغير دقيقة، الأمر الذي يؤول إلى إطلاق عنان السلطة التقديرية للأجهزة الأمنية والقضائية لملاحقة الصحفيين والمدونين والناشطين في المجتمع المدني والسياسيين وعموم المواطنين.
كما قالت المنظمات إن "المرسوم وضع نفس العقاب لطائفة واسعة من الجرائم دون الأخذ بعين الاعتبار المضار التي يمكن أن تترتب عنها بما أنه وقع تقرير نفس العقاب لجرائم نشر الأخبار الزائفة والتحريض على الاعتداء والثلب والشتم".
وذكرت أن المرسوم نصّ على عقوبة مضاعفة كلما كانت الضحية موظفًا عموميًا أو مسؤولًا حكوميًا، معتبرة أن ذلك "يعزز خطورة هذا المرسوم الذي يتعارض بصورة واضحة مع مبدأ المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون، إذ أن مضاعفة العقاب يعكس حصانة غير مشروعة للموظفين العموميين والمسؤولين السياسيين، والحال أنه ينبغي أن يبدي هؤلاء أكبر قدر من التسامح تجاه الانتقادات التي يوجهها الأفراد"، وفق ما جاء في نص البيان.
منظمات وجمعيات: المرسوم نصّ على عقوبة مضاعفة كلما كانت الضحية موظفًا عموميًا أو مسؤولًا حكوميًا وهو ما يتعارض بصورة واضحة مع مبدأ المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون
وترى الجمعيات أن الفصل 9 من المرسوم الذي يمكن الأجهزة الأمنية من طلب تمكينهم من البيانات المعلوماتية المخزنة بنظام أو حامل معلوماتي أو المتعلّقة بحركة اتصالات أو بمستعمليها يشكل تهديدًا جديًا لحق الصحفيين في سرية المصادر المنصوص عليه بالمرسوم عدد 115 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر، والذي اشترط للحصول على المعلومات التي بحوزة الصحفيين وجود إذن قضائي وبشرط أن تكون تلك المعلومات متعلقة بجرائم تشكل خطرًا جسيمًا على السلامة الجسدية للغير وأن يكون الحصول عليها ضروريًا لتفادي ارتكاب هذه الجرائم وأن تكون من فئة المعلومات التي لا يمكن الحصول عليها بأي طريقة أخرى.
كما عبرت المنظمات الموقعة على البيان عن قلقها بشأن التعريفات الغامضة لعبارات مثل "أخبار" أو "بيانات" أو "إشاعات كاذبة"، مؤكدة أن "مثل هذه المصطلحات الغامضة ستؤدي إلى انتهاكات من قبل السلطات، وإلى تكميم أفواه الصحفيين والسياسيين المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين ينتقدون المسؤولين الحكوميين".
منظمات وجمعيات: استعمال مصطلحات غامضة في المرسوم من شأنها أن تؤدي إلى انتهاكات من قبل السلطات وإلى تكميم أفواه الصحفيين والسياسيين المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين ينتقدون المسؤولين الحكوميين
كما أكدت أن هناك وسائل أخرى أقل تقييدًا لمكافحة "الأخبار المزيفة"، مثل تعزيز آليات مستقلة للتحقق من الأخبار، ودعم الدولة لوسائل الإعلام المستقلة والمتنوعة، والتعليم وتعميم التربية على وسائل الإعلام، والتي تعرف دوليًا بكونها الوسائل الأقل تدخلًا لمواجهة التضليل الإعلامي.
وعلى ضوء ذلك، أعربت الجمعيات والمنظمات الحقوقية الموقعة على البيان عن عزمها إبلاغ المقرر الخاص المعني بحرية التعبير والرأي بخطورة المرسوم عدد 54 والوضع غير المسبوق لحرية التعبير والصحافة منذ إعلان الحالة الاستثنائية في 25 جويلية/يوليو 2021.
وكان قد صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (المجلة الرسمية)، في عدده المنشور الجمعة 16 سبتمبر/أيلول 2022، مرسوم رئاسي يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، وأثار جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي لاسيما وقد اعتبره نشطاء أداة جديدة لمزيد التضييق على حرية التعبير في تونس.
وينص المرسوم، في الفصل 24 في الفصل المتعلق بالعقوبات المستوجبة بخصوص الإشاعة والأخبار الزائفة، على أنه:
"يعاقب بالسجن مدة 5 أعوام وبخطية قدرها 50 ألف دينار كل من يتعمد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج أو ترويج أو نشر أو إرسال أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبًا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان.
ويعاقب بنفس العقوبات المقررة بالفقرة الأولى كل من يتعمد استعمال أنظمة معلومات لنشر أو إشاعة أخبار أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو بيانات تتضمن معطيات شخصية أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير أو تشويه سمعته أو الإضرار به ماديًا أو معنويًا أو التحريض على الاعتداء عليه أو الحث على خطاب الكراهية. وتضاعف العقوبات المقررة إذا كان الشخص المستهدف موظفًا عموميًا أو شبهه".