الترا تونس - فريق التحرير
نشر الساعة: 19:30 بتوقيت تونس
قدم المختص في الشأن الاقتصادي رضا الشكندالي، قراءة اقتصادية تتعلق بالتوجه المعلن من طرف الحكومة التونسية نحو مراجعة 167 كراس شروط وإلغاء 33 ترخيصًا، معتبرًا أن "هذا التوجه على أهميته فإنه يبقى غير كاف بمفرده لتحسين مناخ الأعمال" في تونس، كما أنه "ليس توجهًا جديدًا" وفقه.
رضا الشكندالي: التوجه المعلن من طرف الحكومة التونسية نحو مراجعة 167 كراس شروط وإلغاء 33 ترخيصًا محمود ولكنه ليس بالجديد
وقال المختص في الاقتصاد رضا الشكندالي إن هذا التوجّه محمود ولكنه ليس بالجديد، وهو يمثل الدفعة الثالثة من برنامج متكامل لتحسين مناخ الأعمال في تونس، بعد دفعتين سابقتين شملتا في مرحلة أولى حذف 25 ترخيصًا وفي مرحلة ثانية حذف 27 ترخيصًا.
وبيّن الشكندالي أنه تم في المجموع حذف 52 ترخيصًا إلى حد الآن في الدفعتين الأولى والثانية، مضيفًا أنه إذا تمت الدفعة الثالثة التي تضم حذف 33 ترخيصًا جديدًا فسيكون بذلك عدد التراخيص التي تم حذفها 85 ترخيصًا، تتعلق بأنشطة اقتصادية في قطاعات مختلفة في تونس.
وأكد الشكندالي في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك بخصوص الإجراءات الأخيرة لحذف التراخيص ومراجعة كراسات الشروط، أن "الأصل يتمثّل في حذف التراخيص والاستثناء يتمثّل في كراسات الشروط التي تتعلق بتنظيم قطاعات معيّنة لها علاقة بالصحة العمومية أو بالأمن الغذائي لتونس أو بالمسائل المتعلّقة بالبيئية أو بالمحافظة على الموارد الطبيعية".
رضا الشكندالي: كراسات الشروط الحالية صعبة ومعقدة وتعيق المستثمرين الشبان وأصحاب المبادرة الخاصة كما أنها من الأسباب الرئيسية لتنامي الاقتصاد الريعي
وأفاد بأن "مراجعة كراسات الشروط مهم للغاية، لأنه اتضح أن الشروط المضمّنة في كراسات الشروط الحالية صعبة ومعقدة وتعيق المستثمرين الشبان وأصحاب المبادرة الخاصّة وهي في أغلبها على مقاس بعض المستثمرين ذوي الإمكانات المادية الكبيرة".
وأضاف أن "كراسات الشروط الحالية كانت من الأسباب الرئيسية لتنامي حجم الاقتصاد الريعي من ناحية"، كما أن تعدّ وفقه "عاملاً مهمًا لدفع المستثمرين من ذوي الإمكانيات المحدودة إلى التوجّه نحو القطاع الموازي".
وقال إن "مراجعة 167 كراس شروط سيشمل أولاً الجزء المتعلّق بالوثائق الإدارية التي يجب توفيرها من طرف المستثمر وذلك عبر رقمنة هذه الخدمات في إطار الربط بين كلّ الوزارات، وثانيًا الجزء المتعلّق بتسهيل الشروط الفنية للنشاط على غرار المساحة وعدد وسائل النقل المستخدمة ورأس المال الأدنى".
وشدد على أن "هذا التوجه المحمود ليس ببرنامج جديد أو توجّه جديد بل هو برنامج يندرج في إطار ما سمّي سابقًا ببرنامج الإصلاحات الكبرى الأربع أو الملفات الأربع الكبرى المطروحة على طاولة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي".
رضا الشكندالي: هذا التوجه ليس جديدًا ويندرج في إطار ما سمّي سابقًا ببرنامج الإصلاحات الكبرى المطروحة على طاولة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي
وعدّد الشكندالي هذه الإصلاحات الكبرى ومستوى التقدم فيها، وهي أساسًا إصلاح الوظيفة العمومية أو التقليص من حصة الأجور من الناتج المحلي الإجمالي وإصلاح منظومة الدعم للتخفيض من كلفة الدعم في ميزانية الدولة، وإصلاح المؤسسات العمومية، وكذلك تحسين مناخ الاستثمار.
وتابع متسائلاً: "إذا كنا فعلاً نتقدّم في الملفات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي وبالتالي لا نعتبرها شروطًا تمسّ من السيادة الوطنية، فلماذا لا نتفاوض معه للحصول على قرض بنسبة فائدة ضعيفة لا تتجاوز 2% ونتوجه إلى مؤسسات أخرى كالبنك الأفريقي للتصدير والاستيراد بنسبة فائدة أعلى من 10%؟".
وشدد على أن "التوجه نحو تحسين مناخ الأعمال، هو التوجّه الصحيح لتثبيت سياسة الاعتماد على الذات التي يريد الرئيس التونسي المضي فيها، بما أنها تمكّن من جلب الاستثمار بنوعيه المحلي والأجنبي وبالتالي تحسّن في معدلات النمو الاقتصادي وهو ما يؤمّن للدولة مداخيل جبائية معتبرة ودائمة".
رضا الشكندالي: إذا كنا فعلاً نتقدّم في الملفات التي يطلبها صندوق النقد الدولي ولا نعتبرها شروطًا تمسّ من السيادة الوطنية، فلماذا لا نتفاوض معه للحصول على قرض بنسبة فائدة ضعيفة؟
واستدرك بالقول إن "تحسين مناخ الأعمال ليس معناه حذف التراخيص وإعادة النظر في كراسات الشروط فقط"، معتبرًا أن "هذا العامل مهم لكنه غير كاف إذ لا بد من تخفيض كلفة الاستثمار بالتخفيض في نسب الجباية ومعدلات الفائدة المديرية والتقليص من تمويل ميزانية الدولة عبر اللجوء إلى السيولة النقدية المتوفّرة لدى البنوك".
وشدّد على أن "التوجه الذي يميّز مشروع قانون المالية للسنة القادمة سيحرم القطاع الخاص من السيولة اللازمة لتمويل الاستثمار ولن يعود بالنفع على النمو الاقتصادي ولن يخدم سياسة الاعتماد على الذات، الشعار الأبرز في توجهات الدولة للسنة القادمة".
واعتبر الشكندالي أن "الغاية من هذا التوجّه المتمثّل في حذف التراخيص ومراجعة كراسات الشروط، هو تحقيق مبدأ حرية الاستثمار وتحرير السوق والتخلص من البيروقراطية المكبلة للاستثمار وتحسين مؤشر التنافسية".
رضا الشكندالي: تحسين مناخ الأعمال ليس معناه حذف التراخيص وإعادة النظر في كراسات الشروط فقط، هذا مهم لكنه غير كاف ولا بد من تخفيض كلفة الاستثمار والتقليص من تمويل ميزانية الدولة عبر اللجوء إلى السيولة المتوفرة لدى البنوك
وذكّر المختص في الشأن الاقتصادي، رضا الشكندالي، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، أن منتدى دافوس العالمي هو الذي دأب على نشر نتائج مؤشر التنافسية، أين احتلت تونس المرتبة 95 دوليًا والعاشرة عربيًا عام 2016 بعد أن كانت في المرتبة 32 عالميًا والمرتبة الرابعة عربيًا خلال سنة 2010 وهو ما يعني تراجعها بـ63 مرتبة كاملة في مناخ الأعمال، كما لفت إلى تقم تونس بـ8 مراتب خلال سنوات 2017 و2018، وتوقف منتدى دافوس عن إصدار تقريره السنوي منذ سنة 2019، إلا أنه واصل في إصدار تقارير أخرى.
وأضاف استنادًا إلى تقرير منتدى دافوس بشأن المخاطر، أن "المخاطر التي مثلت تهديدًا للاقتصاد التونسي منذ سنة 2022 تمثلت أساسًا في الدين العمومي كخطر حقيقي ثم هشاشة الدولة وتوسّع حجم التجارة غير المشروعة والتضخم المالي والركود أو الانكماش الاقتصادي والنقص في إمدادات المياه والتزوّد بالمواد الأساسية وأخيرًا البطالة".
ويشار إلى أن وزير التخطيط والاقتصاد، سمير عبد الحفيظ، أكد أنّ الوزارة أحالت حزمة ثالثة من التراخيص المزمع إلغاء العمل بها تضم 33 ترخيصًا، إلى رئاسة الحكومة"، قائلًا إنّ الوزارة شرعت في مراجعة 50 كراس شروط، وفق ما صرّح به الثلاثاء 29 أكتوبر/تشرين الأول 2024، بالبرلمان التونسي، وتحدث الوزير عن أنّ التراخيص المزمع حذفها ستنضاف إلى حزمتي تراخيص حذفت سابقًا.
وذكر أن الحزمة الأولى من التراخيص حذفت سنة 2018 وتضم 27 ترخيصًا وحزمة ثانية حذفت سنة 2022، مشددًا على أن الهدف من إلغاء العمل بالتراخيص يتمثل في تحرير المبادرة الخاصة وتسهيل النفاذ إلى الأسواق وتعويض بعض هذه التراخيص بكراسات الشروط.