نشر الساعة: 12:30 بتوقيت تونس
اعتبر المختص في الشأن الاقتصادي رضا الشكندالي في تصريح لـ"الترا تونس"، يوم الأربعاء 16 أكتوبر/تشرين الأول 2024، أن ما طرأ من تحوير على جدول الضريبة على الدخل في مشروع قانون المالية 2025، "يعدّ خطيرًا على الاقتصاد التونسي وفي حال تمريره في البرلمان فإنه لن يكون إجراءً يخدم العدالة الاجتماعية".
رضا الشكندالي لـ"الترا تونس": ما طرأ من تحوير على جدول الضريبة على الدخل في مشروع قانون المالية لسنة 2025 خطير على الاقتصاد التونسي ولا يخدم العدالة الاجتماعية
وقال رضا الشكندالي في تصريح لـ"الترا تونس"، إن "مثل هذا الإجراء وفي حال تفعيله فإنه سيتسبب في توزيع المزيد من الفقر على التونسيين وسيدفع الكفاءات التونسية إلى الهجرة، لتحسين قدرتهم الشرائية، كما أنه يبعث على اليأس وفقدان الأمل في تحسين الأوضاع الاجتماعية في تونس".
وشدد على أن "أكبر متضرر من هذا الإجراء ستكون الشريحة التي تحصّل مدخولاً سنويًا أكثر من 40 ألف دينار في السنة، أي تقريبًا الفئة التي يكون مدخولها الشهري الصافي بين 2000 و2700 دينار، وهي تمثل الشريحة المتوسطة في تونس، ويمكن أن تخلّف الضريبة التي أقرها مشروع القانون تخفيضًا بأكثر من 100 دينار من دخلها الشهري".
ولفت إلى أن "الفضل يعود إلى الطبقة الوسطى في الدول الإفريقية التي تحقق نسب نمو عالية، أما في تونس فقد تم تفقير الطبقة الوسطى بفعل الترفيع في نسب الفائدة إلى مستويات عالية، وحرمت من تحسين أوضاعها".
رضا الشكندالي لـ"الترا تونس": الطبقة المتوسطة هي المتضرر الأول والأكبر من التحوير المقترح على جدول الضريبة على الدخل وفي حال تفعيله فإنه سيتسبب في توزيع المزيد من الفقر
واعتبر أن "الطبقة الوسطى هي المحرك الأساسي للاستهلاك، وهو تقريبًا المحرك الوحيد الذي مزال يشتغل لخلق النمو، باعتبار وأن الاستثمار معطل والتصدير معطّل"، مضيفًا: "في حال إقرار إجراءات تعطّل حتى محرك الاستهلاك فإن هذا سيتسبب في مزيد من الركود الاقتصادي، ما سيفشل سياسة التعويل على الذات التي يريد الرئيس التونسي تطبيقها".
وبيّن أن "الركود الاقتصادي ينتج نسب نمو ضعيفة وموارد جبائية ضعيفة، وبالتالي ستحتاج الدولة إلى الاقتراض وهو ما يصب ضدّ سياسة التعويل على الذات".
واعتبر الشكندالي في تدوينة نشرها على صفحته بموقع فيسبوك في الإطار ذاته، أن أكبر منتفع من هذا الإجراء هي الشريحة ما بين 5000 دينار و10000 دينار في السنة أي على أقصى تقدير 833 دينارًا (خام) وتقريبًا 650 دينارًا (صافي)، مبينًا أن "الزيادة حسب تقديراته ستكون ما بين نحو 40 و60 دينارًا في الشهر بما أن التخفيض في الأداء المقترح هو من 26 في المائة إلى 15 في المائة".
رضا الشكندالي لـ"الترا تونس": الطبقة الوسطى هي المحرك الأساسي للاستهلاك، وهو تقريبًا المحرك الوحيد الذي مزال يشتغل لخلق النمو، وفي حال إقرار إجراءات تعطّل الاستهلاك فإن هذا سيتسبب في مزيد من الركود الاقتصادي
ولفت إلى أن "هذه الفئة من الشعب التونسي والتي تمحور حولها هذا الإجراء قصد تكريس مبدأ العدالة الاجتماعية ليست بالطبقة المتوسطة بل طبقة مفقرة وتستحق مثل هذا الإجراء".
وينص الفصل 31 من مشروع قانون المالية لسنة 2025 في تونس على تنقيح جدول الضريبة على الدخل، بما يتضمن نسبة ضريبة دنيا بـ %15 ونسبة ضريبة قصوى بـ %40 مع المحافظة على الشريحة الأولى المعفاة من الضريبة المحددة بـ 5000 دينار (كدخل سنوي).
وحسب ما ورد في وثيقة شرح الأسباب فقد تم اقتراح فرض نسبة ضريبة تعادل 36 بالمائة بالنسبة للفئة التي تحصل دخلاً سنويًا يتراوح بين أكثر من 40 ألف دينار و50 ألف دينار، فيما اقترح مشروع القانون الترفيع في نسبة الضريبة على الدخل للفئات التي لها دخل سنوي يفوق 50 ألف دينار، من 35 بالمائة إلى 40 بالمائة.
ويذكر أنه ورد في وثيقة شرح الأسباب أن هذا الجدول المقترح "يخفف العبء الجبائي على الفئات الضعيفة والمتوسطة ويحسن من مستوى دخلهم الشهري وبالتالي قدرتهم الشرائية إذ سينتفع أصحاب الدخل الشهري الذي لا يتجاوز 3100 دينار بزيادة في دخلهم الشهري يمكن أن تصل إلى 50 دينار شهريًا متأتية من التخفيض في الضريبة المستوجبة عليهم".
ولفتت إلى أن التعديلات المقترحة ضمن مشروع قانون المالية 2024، تهدف إلى "التقليص من الفوارق بين مختلف الطبقات الاجتماعية ودعم القدرة الشرائية للفئات متوسطة ومحدودة الدخل وضمان التوزيع العادل للعبء الضريبي بما يتماشى مع توجهات الدستور الذي ينص على أن "أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب على كل شخص على أساس العدل والإنصاف".
وورد في الوثيقة نفسها أن مقترح مراجعة جدول الضريبة على الدخل يهدف إلى "إرساء نظام أكثر عدالة يكرس مبدأ الضريبة التصاعدية حسب مستوى الدخل ويراعي المقدرة الشرائية لاسيما بالنسبة إلى الفئات محدودة الدخل ويساهم في إرساء العدالة الاجتماعية وذلك من خلال إعادة توزيع شرائح الدخل وتعديل نسب الضريبة المطبقة عليها مع الإبقاء على إعفاء الشريحة الأولى المحددة بـ5.000 دينار سنويًا".
ويشار إلى أن مجلس الوزراء المنعقد يوم الخميس 10 أكتوبر/تشرين الأول 2024 بإشراف رئيس الحكومة التونسية كمال المدوري صادق على مشروع قانون المالية لسنة 2025، ومن المنتظر أن يناقش المشروع الذي يضمّ 62 فصلاً خلال الفترة المقبلة صلب لجان مجلس نواب الشعب ولجان مجلس الجهات والأقاليم المختصة في الغرض.