الترا تونس - فريق التحرير
عقدت هيئة الدفاع عن الموقوفين فيما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة"، ما قالت إنها ندوة وطنية تضامنية إعلامية استثنائية، الأربعاء 22 مارس/ آذار 2023، بحضور عائلات المعتقلين التي أكدت في مختلف تدخلاتها أنّ شهر رمضان هذه السنة سيكون على غير العادة، لإيقاف ذويهم "بلا وجه حق".
المحامية دليلة مصدّق: الأبحاث في قضية "التآمر" لم تتقدم خطوة واحدة، فقد خرج 90% من القضاة في إجازات مرضية حتى لا يتورطوا ربما في هذه الملفات المفبركة
وقد صرّحت المحامية دليلة مصدّق (شقيقة السياسي جوهر بن مبارك)، بخصوص آخر تطورات الملف، أنّ "الأبحاث لم تتقدم بخطوة واحدة، ولم يتم التحقيق مع هؤلاء الموقوفين مجددًا ولم يقع إيقاف أي شخص جديد في إطار هذه القضية "، مشيرة إلى أنّ قاضي التحقيق في إجازة مرضية "مثله مثل باقي قضاة التحقيق في قطب الإرهاب، إذ خرج 90% منهم في إجازات مرضية حتى لا يتورطوا ربما في هذه الملفات المفبركة" على حد تعبيرها.
ولفتت مصدّق إلى أنها هيئة الدفاع تقدمت بمطلب إفراج عن هؤلاء الموقوفين، فلم يردّ عليه قاضي التحقيق في المدة القانونية (4 أيام)، مما يعتبر رفضًا ضمنيًا، وبالتالي، توجهت إلى دائرة الاتهام بمطلب استئناف، وستنظر الخميس 23 من الشهر الجاري، دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس في مطلبين، أولهما استئناف رفض مطلب الإفراج، وثانيهما مطلب للكشف عن هويات المخبر والشاهد في هذه القضية".
المحامية دليلة مصدّق: دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس ستنظر الخميس في رفض مطلب الإفراج، ومطلب الكشف عن هويات المخبرين في هذه القضية
وصرّحت المحامية بأنه لا أمل لهيئة الدفاع في أن تتم الموافقة على مطلب الإفراج، "لأننا شهدنا منذ بداية هذه القضية أنّ القضاء يعمل تحت تهديدات قوية جدًا من طرف السلطة التنفيذية، لكن لنا أمل ضعيف في أن تستيقظ ضمائر القضاة ليعاينوا بلاهة هذا الملف، وعدم التورط في سجن هؤلاء السياسيين في ملف مفبرك وفارغ من أي دليل"، مضيفة أنّ جميع الموقوفين يوجهون رسالة إلى القضاء، ودعوهم لإقامة العدل وإنصافهم.
وأكدت مصدّق في تصريح صحفي عقب الندوة، تدهور وضعية 4 مساجين هم غازي الشواشي وجوهر بن مبارك وخيّام التركي وعصام الشابي، داخل السجن، لكن أصبحت وضعيتهم بعد ذلك عادية مثلهم مثل بقية المساجين، وفقها.
المحامي سمير ديلو: لا نسمع من جلّ القضاة سوى عبارة (لديّ عائلة)، وقد أومأ أحدهم إيجابًا بأنّ بطاقات الإيداع في هذه القضية جاهزة سلفًا
وأعلنت المحامية أنّ هيئة الدفاع قامت بالتشكّي بخصوص كاميرات المراقبة الموضوعة داخل زنازين هؤلاء الموقوفين، مضيفة: "علمنا أنّ السجن تحصل على موافقة من الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصيّة لتركيب هذه الكاميرات منذ سنة 2017، وبالتالي هي موافقة سابقة تخص موقوفين إرهابيين خطيرين، ولا توجد موافقة على هؤلاء المساجين بشكل خاص وبتاريخ جديد، وقد راسلنا الهيئة لمساءلتها عن ذلك كي تتدخل لتوضيح هذه المسألة" وفق وصفها.
من جهته، قال المحامي سمير ديلو، تعليقًا على هذه القضية: "نوشك ألا نجد قضاء أصلًا.. لأنّ جلّ القضاة لا نسمع منهم سوى عبارى (لديّ عائلة)، وهي العبارة التي تعني الخوف، والتهرّب من المسؤولية"، مؤكدًا أنّه في تواصله مع قضاة في هذا الملف، أومأ أحدهم إيجابًا بأنّ بطاقات الإيداع جاهزة سلفًا، مستنكرًا ما وصفها بـ"الطريق السريعة للقضايا التي تخصّ المعارضين السياسيين" في إشارة إلى سرعة إجراءات التقاضي.
منية بن إبراهيم: كل النواب الذين شاركوا وصوتوا على قانون الإرهاب في البرلمان الأسبق، لم يدر بخلدهم ولو للحظة، أن يحال بمقتضاه معارضون سياسيون على التحقيق
وتحدثت منية بن إبراهيم، وهي النائبة السابقة وزوجة السياسي الموقوف عبد الحميد الجلاصي، في هذا السياق، فندّدت بما وصفتها "دولة التعليمات"، مستنكرة أن يقبع زوجها الذي ناضل لسنوات عديدة وأفنى شبابه في مقاومة نظام بن علي، في سجن الانقلاب بمقتضى قانون الإرهاب، وفق تعبيرها، مندّدة أن تستقبل شهر رمضان بمفردها، بلا زوجها أو ابنتها التي تدرس بالخارج، وفقها.
وتحدثّت بن إبراهيم عن أنّ كل النواب الذين شاركوا وصوتوا على قانون الإرهاب في البرلمان الأسبق، لم يدر بخلدهم ولو للحظة وهم يناقشونه ويصادقون عليه، أن يحال بمقتضاه معارضون سياسيون على التحقيق، وقالت: "كان كل ما يدور ببالنا وقتها ونحن نناقش هذا القانون هو محاربة الإرهاب والتصدّي للإرهابيين خاصة بعد ما شهدته تونس من عمليات إرهابية في السنوات الأولى بعد الثورة".
واعتبرت بن إبراهيم أنّ زوجها لم يحضر اجتماعات المعارضين السياسيين، فكلّ وقته مكرّس للبحث والكتابة، وفقها، معتبرة أنّ جريمته الوحيدة هي قلمه، وقالت: "هذا انقلاب رثّ وغبي وعاجز وفاشل، وسيلته الوحيدة لاستعادة شعبيته، بعد فشله في كل المستويات، أن يزج بهؤلاء السياسيين ويجعل منهم حطب محرقة جديدة" وفق تعبيرها.
زوجة عبد الحميد الجلاصي: هذا انقلاب عاجز وفاشل، وسيلته الوحيدة لاستعادة شعبيته، بعد فشله في كل المستويات، أن يزج بهؤلاء السياسيين ويجعل منهم حطب محرقة جديدة
وأبدت بن إبراهيم تخوّفها من "خطاب العنف والكراهية والتحريض الذي يبث على الصفحات الرسمية لرئاسة الجمهورية، ودعوات قصّ الرؤوس التي تمرّر في الفيديوهات"، وطالب المحامين بأن يرفعوا دعوى قضائية ضد خطاب الحقد والتفرقة بين التونسيين، وفق قولها.
وتحدث رشيد خشانة من جانبه، وهو رئيس لجنة دعم ومساندة عصام الشابي، عن استغرابه من تصريح رئيس الهيئة الوطنية لمناهضة التعذيب فتحي الجراي، الذي أكد أن الهيئة لم تعاين خلال زيارتها لهؤلاء الموقوفين أي ظروف سجنية كارثية لهم، واعتبرها أوضاعًا عادية، قائلًا: "من المفروض أن تكون هذه الهيئة أول المدافعين على أن تكون ظروف السجن لائقة"، منتقدًا أيضًا بروز دعاة الدفاع عن النظام الذين ملؤوا وسائل الإعلام ليقدموا خطابًا مملى عليهم" وفق قوله.
وكان عبد العزيز الصيد، قد أكد الثلاثاء 14 مارس/ آذار 2023، أنّ "هناك أكثر من تعليمات مسلّطة على القضاة، فهناك تهديدات"، مشيرًا إلى تصريح الرئيس التونسي قيس سعيّد "ومن يتجرّأ على تبرئتهم فهو شريك لهم"، وتصريحه السابق أيضًا "هؤلاء مدانون قبل أن تنطق الملفات بالإدانة".
وتابع الصيد في تصريحه لإذاعة "شمس أف أم" (محلية)، أنّه ينوب 8 معتقلين، وصفهم بـ"القادة السياسيين المعتقلين في قضية التآمر، وهم كلّ من خيّام التركي، لزهر العكرمي، غازي الشواشي، رضا بلحاج، عصام الشابي، جوهر بن مبارك، شيماء عيسى، وعبد الحميد الجلاصي".
وشدّد الصيد على أنّ هذه القضية سياسية، وأنّ الموقوفين هم معتقلون سياسيون، وأنّ هذا الملف لا يحتوي على أدلة وقرائن لضلوع هؤلاء في جريمة إرهابية، وقال: "لو كانت هناك حجة موجودة لصرحوا بها للإعلام" وفق وصفه.
وأضاف المحامي بقوله إنّ هيئة الدفاع بحثت عن الصبغة الإرهابية في هذا الملف فلم تجدها، "ولا مبرر لوصف هذا الملف بالإرهابي إلا مسوّغ وحيد، وهو إيقافهم تحفظيًا لمدة 15 يومًا، مع إخفاء أسماء شهود مؤقتًا"، مؤكدًا أنّ التهمة في واد والاستنطاق في واد آخر تمامًا، مستنكرًا عدم تمكّنهم من القيام بواجبهم كمحامين في هذا الملف باعتبار أنّ هوية الشهود غامضة رغم أنّ القانون يلزم قاضي التحقيق بكشف هوية الشهود ، وفقه.
وكانت السلطات في تونس قد انطلقت في 11 فيفري/ شباط الماضي في موجة اعتقالات استهدفت بدرجة أولى معارضين للرئيس قيس سعيّد. ومن المعتقلين، سياسيون وصحفيون ونشطاء وقضاة ورجال أعمال، ويتهمهم الرئيس التونسي بـ"التآمر ضد أمن الدولة والوقوف وراء ارتفاع الأسعار واحتكار السلع"، وفقه.
في المقابل، أثارت موجة الاعتقالات والمداهمات تنديدًا واسعًا وانتقادات داخليًا وخارجيًا، لإخلالات في الإجراءات ولما أكده محامون من غياب للأدلة.