الترا تونس - فريق التحرير
أكدت جمعية القضاة التونسيين، مساء السبت 4 مارس/آذار 2023، أنه قد تم إيقاف أحد قضاة التحقيق الأول بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب عن العمل وغلق مكتبه بعد تغيير أقفاله وإحالته على المجلس الموقت للقضاء العدلي تمهيدًا لإعفائه وذلك "على خلفية أحد الملفات القضائية التي تعهد بها في الأسابيع الأخيرة في خضم حملة الإيقافات وباشرها دون إصدار بطاقة إيداع في حق المظنون فيه، بغاية معاقبة القاضي المعني وإشاعة الخوف والرعب في أوساط غيره من القضاة وحملهم جميعًا على الانصياع الكامل إلى أوامر وتعليمات السلطة التنفيذية المباشرة فيما يعرض عليهم من قضايا".
جمعية القضاة تنبه لخطورة تصريحات وخطابات الرئيس لما تمثله من تدخل مباشر وصريح في سير الأبحاث وفي الإجراءات ومن انتهاك واضح وصارخ لمبدأ التفريق بين السلط ومعايير المحاكمة العادلة
واعتبرت الجمعية، في بيان اطلع عليه "الترا تونس"، أن ما حصل "منعرج خطير"، منبهة من "الخطورة الكبيرة التي تكتسيها تصريحات وخطابات الرئيس التونسي قيس سعيّد تجاه القضاة بخصوص القضايا المعروضة عليهم لما تمثله من تدخل مباشر وصريح في سير الأبحاث وفي الإجراءات المتبعة فيها ومن انتهاك واضح وصارخ لمبدأ التفريق بين السلط ومعايير المحاكمة العادلة واستقلال السلطة القضائية عماد دولة القانون".
ودعت سعيّد والسلطة التنفيذية بكامل مكوناتها إلى "احترام استقلال السلطة القضائية واحترام اختصاصاتها وصلاحياتها الدستورية والقانونية والكف عن التدخل في أعمال القضاة وفيما تعهدوا به من ملفات بأي وجه من الوجوه والامتناع عن كل خطابات التهديد والوعيد تجاههم لما يمثله ذلك من ضغط سياسي عليهم يتنافى كليًا وطبيعة عملهم الذي يستند بالأساس على التطبيق السليم للقانون والإجراءات وحماية الحقوق والحريات ومبادئ وضمانات المحاكمة العادلة في كنف الحياد التام لا على تعليمات السلطة التنفيذية ورغباتها"، وفق ذات البيان.
دعت جمعية القضاة سعيّد إلى "الكف عن التدخل في أعمال القضاة وفيما تعهدوا به من ملفات بأي وجه من الوجوه والامتناع عن كل خطابات التهديد والوعيد تجاههم"
وطالبت جمعية القضاة التونسيين، في ذات السياق، وزارة العدل والسلطة التنفيذية بالكف عن جميع الإجراءات الانتقامية ضد القضاة وعن استعمال جهاز التفقدية العامة بغاية هرسلتهم والتنكيل بهم على خلفية قراراتهم واجتهاداتهم القضائية المتخذة بكامل الاستقلالية، وفق تقديرها.
وجددت الدعوة، في البيان الذي حمل إمضاء رئيسها، إلى "كل القضاة وخاصة منهم قضاة السلسلة الجزائية رغم هذه الظروف غير المسبوقة إلى التمسك باستقلالهم وحيادهم في أدائهم لرسالة القضاء بكامل النزاهة والتحلي بالشجاعة والجرأة وبالتطبيق السليم للقانون على الجميع وعدم الالتفات لما قد يبلغهم من تهديدات أو ضغوطات أو تعليمات مباشرة أو غير مباشرة مهما كان مصدرها تفعيلًا لمبادئ المحاكمة العادلة وإعلاءً لقيم دولة القانون وحماية لحقوق المواطنين والمتقاضين وحرياتهم".
واستغربت ما أطلقت عليه "سياسة الصمت المطبق واللامبالاة التي ينتهجها المجلس الأعلى المؤقت للقضاء تجاه الوضع الخطير والمزري الذي آلت إليه السلطة القضائية بتجريدها من كامل مقومات استقلالها منذ إعفاء القضاة بصفة منفردة من السلطة التنفيذية خارج مبادئ وإجراءات وضمانات المساءلة العادلة والنزيهة، ورفض تطبيق الأحكام الباتة للمحكمة الإدارية والامتناع عن إعادة القضاة المشمولين بها، والتوجه نحو افتعال التتبعات الجزائية الواهية وغير الجدية تجاه العديد منهم، ورفض إصدار الحركة القضائية السنوية للقضاة العدليين في سابقة تاريخية وحرمانهم من حقهم الشرعي في النقلة والترقية والإبقاء على الشغورات في المناصب القضائية الهامة بالرغم من تداعيات ذلك على حقوق المتقاضين وحسن سير القضاء ومرفق العدالة بغاية التحكم في إدارة المحاكم وجهاز النيابة العمومية من قبل وزارة العدل، وتواصل ذلك الصمت رغم حملات استهداف القضاة وتهديدهم وتخويفهم والتشهير بهم ومحاولات توظيفهم من قبل السلطة السياسية"، كما ورد في البيان المذكور.
جمعية القضاة: نستغرب سياسة الصمت المطبق واللامبالاة التي ينتهجها المجلس الأعلى المؤقت للقضاء تجاه الوضع الخطير والمزري الذي آلت إليه السلطة القضائية
وطالبت جمعية القضاة المجلس الأعلى المؤقت للقضاء "بالخروج عن صمته الطويل والانفتاح على محيطه ولعب دوره في الحفاظ على استقلال القضاء طبق نص اليمين التي أداها أعضاؤه وحماية القضاة من كل التهديدات والتعديات التي تطالهم والتصدي لكل الإجراءات التعسفية التي تستهدفهم وتمس من استقلالهم واستقلال قراراتهم" ويدعونه إلى "إنارة الرأي العام حول الصعوبات التي تعترضه في أدائه لأعماله ومضمون ما يعقده رئيسه من لقاءات بباقي الجهات الرسمية وإلى إطلاع القضاة والرأي العام الوطني على فحوى خطواته لاستعادة الثقة العامة في القضاء وضمان حق التونسيات والتونسيين في سلطة قضائية مستقلة نزيهة ومحايدة".
كما دعت جميع المنظمات الوطنية والدولية وكل مكونات المجتمع إلى الوقوف إلى جانب القضاء المستقل وحماية القضاة المستقلين، الذين يعملون تحت وطأة سيف الإعفاء، من كل ما يتعرضون له من ضغوطات وترهيب وما يلحقهم من إجراءات تعسفية تستهدفهم بغاية إشاعة الخوف في صفوفهم والتأثير على قراراتهم وتطويعهم بقصد دفعهم إلى تطبيق التعليمات بما يؤول إلى تقويض سلطة قرارهم المستقل في التطبيق السليم للقانون وحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك أيًا كان مصدره، وفق ذات البيان.