الترا تونس - فريق التحرير
اعتبرت جبهة الخلاص الوطني، الخميس 24 أوت/أغسطس 2023، أنّ البلاغ المشترك الصادر عن وزارات العدل والداخلية وتكنولوجيات الاتصال حول "تعقب وتتبع مقترفي الجرائم السيبرانية على منصات التواصل الاجتماعي"، يرتقي إلى مستوى إعلان الحرب على حرية الكلمة والتعبير، وفق تقديرها.
وأضافت، في بيان لها، أنّ هذا القرار هو "محاولة يائسة من السّلطة لإخراس أصوات المدونين الناقدين لأدائها والمعبرين عن تنامي التذمر الشعبي في وجه الأزمة المالية والاجتماعية المحتدمة"، مضيفة أنه يأتي "بعد أن فشل المرسوم عدد 54 في تحقيق هذا الهدف على الرغم من شدة العقوبات التي أنزلها لردع حرية التعبير والتي بلغت عشر سنوات سجنًا وخطايا مالية بمائة ألف دينار".
جبهة الخلاص الوطني: ما جاء في بلاغ الوزارات الثلاثة محاولة يائسة من السّلطة لإخراس أصوات المدونين الناقدين لأدائها والمعبرين عن تنامي التذمر الشعبي في وجه الأزمة المالية والاجتماعية المحتدمة
وتطرقت الجبهة إلى ما تطرق إليه الرئيس التونسي قيس سعيّد خلال الاجتماع الذي جمعه بالوزراء الثلاث قبيل إصدار البلاغ المذكور، معلقة: "تعرض قيس سعيّد خلال نفس الاجتماع إلى انقطاع المواد الأساسية من الأسواق (الخبز والزيت والسكر والعلف، وحتى المشروبات الغازية) وحمل مسؤوليّة ذلك للمحتكرين المضاربين على قوت الشعب في إنكار مستمر لأسبابها الحقيقية العائدة إلى حالة المالية العمومية التي أقعدت الدولة عن إمكانية سداد كلفة الواردات من هذه المواد الاساسية وتهدد بمزيد التعفن لتطال قدرتها على سداد ديونها الخارجية".
وأشارت إلى أنه "تعرض في نفس اللقاء إلى القضايا الجزائية الجارية أمام القضاء، في تلميح إلى ما بات يعرف بقضايا "التآمر على أمن الدولة"، حاثًا القضاة في خرق سافر لمبدأ الفصل بين السلطات على الإسراع بالفصل فيها، مؤكدًا أن الإجراءات إنما وجدت لضمان المحاكمة العادلة لا للإفلات من إنفاذ القانون. كما عاد إلى حث وزرائه إلى تطهير الإدارة من الموظفين، بناء على انتماءاتهم الفكرية والسياسية بدعوى أنهم يسهمون في مؤامرة تعطيل دواليب الدولة ومنعها من القيام بوظائفها".
جبهة الخلاص الوطني تنبه إلى أنّ "سياسة العصا الغليظة التي حولت البلاد إلى دكتاتورية فجّة إنما تمثل محاولة للهروب إلى الأمام في طريق تعرض البلاد إلى خطر حقيقيّ لانهيار وشيك"
وفي هذا الصدد، شددت جبهة الخلاص على أنّ "خطاب قيس سعيّد خلال هذا الاجتماع يدل على أنّ السلطة تعيش وسط كابوس وهمي ترى فيه التآمر المزعوم في كل مكان وتبحث عن أكباش فداء تقدمهم إلى الرأي العام للتستر على عجزها التام في إدارة شؤون البلاد أو تقديم أدني منجز حققته منذ انقلابها على الشرعية الدستورية في 25 جويلية/يوليو 2021"، حسب تعبيرها.
ونبهت الجبهة إلى أن "سياسة العصا الغليظة التي حولت البلاد إلى دكتاتورية فجّة إنما تمثل محاولة للهروب إلى الأمام في طريق تعرض البلاد إلى خطر حقيقيّ لانهيار وشيك"، مناشدة كل القوى الحية في البلاد للنهوض وجمع الكلمة للدفاع عن الحريات العامة والفردية وإنقاذ تونس من خطر التفكك والانهيار وفتح طريق للإصلاح يؤمن لها الاستقرار والنهوض الاقتصادي والاجتماعي"، وفق ما جاء في نص البيان.
وكانت وزارات العدل والداخلية وتكنولوجيات الاتصال في تونس قد أصدرت، في ساعة متأخرة من ليل الأربعاء 23 أوت/أغسطس 2023، بلاغًا مشتركًا أعلنت فيه عن إثارة تتبعات جزائية للكشف عن هوية أصحاب ومستغلي صفحات على منصات التواصل الاجتماعي قالت إنها "تضر بالأمن العام ومصالح الدولة التونسية وتسعى لتشويه رموزها".
وزارات العدل والداخلية وتكنولوجيا الاتصال: إثارة التتبعات الجزائية للكشف عن هوية أصحاب ومستغلي الصفحات تنشر أخبارًا وبيانات وإشاعات بهدف "الإضرار بالأمن العام والمساس بمصالح الدولة والسعي لتشويه رموزها"
وجاء في نص البلاغ أنّه "في إطار مكافحة مختلف الجرائم المتصلة بمواقع التواصل الاجتماعي وبغاية ردع مرتكبيها، تمت إثارة التتبعات الجزائية للكشف عن هوية أصحاب ومستغلي الصفحات والحسابات والمجموعات الإلكترونية التي تعمد إلى استغلال هذه المنصات لإنتاج وترويج أو نشر و إرسال أو إعداد أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير وتشويه السمعة أو الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام والسلم الاجتماعي والمساس بمصالح الدولة التونسية والسعي لتشويه رموزها".
ونبّهت الوزارات الثلاثة إلى أنّ "كل من يساهم أو يشارك في نشر محتوى موقع أو صفحة محل تتبع عدلي أو جزائي بأي طريقة كانت بداخل أو خارج التراب التونسي، فإنه يُعرض نفسه إلى التتبعات ذاتها"، وفق ما ورد في نص البلاغ.
وزارات العدل والداخلية وتكنولوجيا الاتصال:كل من يساهم أو يشارك في نشر محتوى موقع أو صفحة محل تتبع عدلي أو جزائي بأي طريقة كانت بداخل أو خارج التراب التونسي فإنه يُعرض نفسه إلى التتبعات ذاتها
وذكرت، في هذا الصدد، أنّه "سيتم نشر قائمات الصفحات والمجموعات الإلكترونية محل التتبع بصفة دورية على المواقع الرسمية"، وفق البلاغ ذاته
وسرعان ما أثار البلاغ المشترك للوزارات الثلاثة الجدل في تونس، واعتبره نشطاء إجراءً جديدًا لمزيد التضييق على حرية التعبير و"التصفية السياسية" لمن هم يعارضون مسار الرئيس لا غير، وفق تقديرهم.
كما ندد صحفيون بالقرار واعتبروا أنّ الغاية منه مزيد تكميم الأفواه والتضييق على حرية التعبير، مشيرين إلى أنه في ظاهره وُضع لمكافحة الإشاعات لكنه بالأساس جُعل لمزيد تصفية الآراء على خطى المرسوم عدد 54، حسب تقديرهم.