الترا تونس - فريق التحرير
جريمة بشعة أفاقت عليها تونس، الأحد 7 أفريل/نيسان 2024، في حي الجبل الأحمر (أحد الأحياء الشعبية غربي تونس العاصمة)، راحت ضحيتها زوجة ووالدتها وخالها بعد الاعتداء عليهم بواسطة مطرقة على يد زوج الابنة.
جريمة القتل البشعة التي خلفت مقتل زوجة ووالدتها وخالها أثارت صدمة عارمة في صفوف التونسيين واستياءً واسعًا من قبل منظمات المجتمع المدني التي ما انفكت تنبه إلى تواتر جرائم تقتيل النساء في تونس بشكل كبير
وقد جدت الحادثة يوم الجمعة 5 أفريل/نيسان 2024 بعد يوم من صدور حكم طلاق الزوجة، ولم يقع التفطن للجريمة إلا بعد مرور ما لا يقل عن 24 ساعة، مخلفة صدمة عارمة ولوعة في صفوف التونسيين واستياءً واسعًا من قبل منظمات المجتمع المدني التي ما انفكت تنبه إلى تواتر جرائم تقتيل النساء في تونس بشكل كبير وتدعو إلى إيجاد حلول عملية وفعالة تضع حدًا لها وتردع مرتكبيها.
-
جبهة المساواة وحقوق النساء: المسؤولية الأولى تقع على عاتق أجهزة الدولة
وأفادت جبهة المساواة وحقوق النساء (تضم منظمات وجمعيات ومجموعة من النشطاء الحقوقيين)، الاثنين 8 أفريل/نيسان 2024، بأنّ الزوجة الضحية كانت قد تقدّمت بشكاية لدى فرقة من الوحدات المختصة قصد توفير الحماية لها إثر تهديدها بالقتل من الجاني، مستدركة في المقابل أنّ "السلطات الأمنية اكتفت بتحرير محضر التزام بعدم التعرّض لها دون إيلاء الأهمية اللازمة لعملية التهديد ولمطلب حمايتها، وكأن التهديد بالقتل ليس جريمة يعاقب عليها القانون"، وفقها.
جبهة المساواة وحقوق النساء: المسؤولية الأولى عن هذه الفاجعة تقع على عاتق كل أجهزة الدولة، كما نحملها المسؤولية في ارتفاع منسوب جرائم تقتيل النساء وانتشار العنف المسلط عليهن
وأضافت الجبهة، في بيان لها، أنّ هذه الجريمة البشعة "تنضاف إلى قائمة طويلة من جرائم قتل النساء، كما أنها تؤشر على التعامل غير الجدي مع مطالب حماية النساء ضحايا العنف وعلى الاستخفاف بالتهديد بالقتل في الفضاء الخاص، ممّا يحيل على نوع من التواطؤ والانسحاب في مجال الحماية والتعهد بالنساء ضحايا العنف من قبل الدولة".
وأدانت جبهة المساواة بشدة جرائم تقتيل النساء، محملة السلطات مسؤوليتها في اتخاذ إجراءات فورية لحماية النساء وضمان نفاذ الضحايا للعدالة ومحاسبة المجرمين.
كما اعتبرت أن "المسؤولية الأولى عن هذه الفاجعة تقع على عاتق كل أجهزة الدولة"، محملة إياها "المسؤولية في ارتفاع منسوب جرائم تقتيل النساء وانتشار العنف المسلط عليهن".
جبهة المساواة وحقوق النساء: طول إجراءات التقاضي وتكريس الإفلات من العقاب، وضعف السياسات العمومية من أجل القضاء على العنف المسلط على النساء يجعل من جرائم تقتيل النساء جريمة دولة بامتياز
واعتبرت أنّ جرائم تقتيل النساء ناجمة عن خلل في آليات الحماية وفي تطبيق القانون عدد 58-2017، معتبرة أنّ "طول إجراءات التقاضي وتكريس الإفلات من العقاب، وضعف السياسات العمومية من أجل القضاء على العنف المسلط على النساء وعدم التوجه للوقاية من هذه الظاهرة من خلال إدماج مختلف الوزارات في برنامج وطني ينشر ثقافة المساواة واحترام الحرمة الجسدية والمعنوية وكرامة النساء والنفاذ للحقوق من أجل مواطنة كاملة، إضافة إلى غياب الإرادة السياسية الضرورية لتوفير البنى التحتية والموارد البشرية والمالية المنصوص عليها في القانون عدد 58-2017 يجعل من جرائم تقتيل النساء جريمة دولة بامتياز".
وحمّلت مجموعة الجمعيات والنشطاء الموقعة على نص البيان المسؤولية لكل من وزارة العدل والداخلية والمرأة والمالية والبرلمان في تأمين حيوات النساء، مطالبة بـ:
- تطبيق شامل لما نص عليه القانون عدد 58-2017 ورصد الموارد البشرية والمالية الضرورية
- وضع حد من إمكانيات الإفلات من العقاب ومحاسبة الجناة على جرائمهم البشعة، طبقًا لما نص عليه القانون عدد 58-2017
- التعامل بجدية مع مطالب الحماية والتهديد بالقتل والشكاوى المقدمة من النساء ضحايا العنف والتفعيل الفوري والحيني لإجراءات الحماية والإحاطة والتعهد
-
أصوات نساء: إلى متى الاستخفاف بمطالب الحماية من العنف؟
ومن جانبها، قالت جمعية "أصوات نساء"، الأحد 7 أفريل/نيسان 2024، أنّ "الجريمة البشعة الأخيرة، قد كانت منتظرة ومعلنة، حيث حذرت صابرين (الزوجة) السلطات من التهديدات التي تلقتها من زوجها السابق، وأوضحت لها أنّها مهدّدة بالقتل، لكنه تمّ الاستخفاف بمطلب حمايتها والاكتفاء، فقط، بتحرير التزام بعدم التعرّض إليها"، وفقها.
أصوات نساء: هذه الجريمة البشعة هي نتيجة اللّامبالاة المستمرة للدولة بخطورة العنف الممارس ضد النساء في الفضاء الخاص رغم الحصيلة المفزعة لسنة 2023 حيث بلغ عدد جرائم قتل النساء 25 أي ما يقارب معدل امرأتين كل شهر
وأضافت الجمعية، في بيان لها، "هذه الجريمة تكشف، مرة أخرى، عن الثغرات في تنفيذ القانون الأساسي عدد 58-2017 الذي يفرض حماية النساء ضحايا العنف والتعهد بهن، كما تبين ضعف الهياكل المختصة والسلطات في تقدير المخاطر والاستخفاف بمظاهر العنف الزوجي واتخاذ التدابير اللازمة لحمايتهن".
كما اعتبرت أنها "نتيجة للّامبالاة المستمرة للدولة بخطورة العنف الممارس ضد النساء في الفضاء الخاص رغم الحصيلة المفزعة لسنة 2023 حيث بلغ عدد جرائم قتل النساء 25 أي ما يقارب معدل امرأتين كل شهر"، حسب تقديراتها.
وطالبت الجمعية، في هذا الصدد، بـ"فتح تحقيق من قبل وزارتي الداخلية والعدل بخصوص الشكوى التي تقدمت بها صابرين قبل بضعة أيام من قتلها وإضافتها إلى ملف القضية ومحاكمة الجاني طبقًا للمواد القانونية المنصوص عليها في القانون عدد 58-2017".
أصوات نساء: نطالب بالتعامل الجدّي مع مطالب الحماية التي تتقدم بها النساء وبوضع استراتيجية وطنية متعددة القطاعات لمكافحة العنف الزوجي والوقاية من جرائم قتل النساء
كما دعتها إلى "التعامل الجدّي مع مطالب الحماية التي تتقدم بها النساء كما ينص عليه الفصل 26 من القانون 58، وتأهيل وتكوين الفرق المختصة والقضاة بصفة مستمرة وتوفير الإمكانيات الضرورية لعملهم".
ونادت بنشر التقرير حول جرائم قتل النساء الذي أعدته وزارة شؤون الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، وتفعيل عمل المجلس العلمي للمرصد الوطني لمناهضة العنف ضد النساء، ليجعل من ضمن أولوياته النظر في مكافحة جرائم قتل النساء بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني النسوية والعاملة في مجال حقوق الإنسان، وبلورة المؤشرات الإحصائية وتقديم الاقتراحات والتوصيات الكفيلة بالقضاء على جرائم قتل النساء، ووضع استراتيجية وطنية متعددة القطاعات لمكافحة العنف الزوجي والوقاية من جرائم قتل النساء"، وفق ما جاء في نص البيان.
وكان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قد قال إنّ ظاهرة العنف اكتسبت في الربع الأخير من سنة 2023 زخمًا أكبر لتعكس حجم التوتر والغضب وعدم الرضا العام الطاغي على الحياة اليومية للتونسيين، مشيرًا إلى أنّ العنف يتزايد مع تزايد "الإفلات من العقاب في الأحداث والأعمال الإجرامية المرتكبة فضلًا عن انتشار خطابات العنف والكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيع مع جزء منها".
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية: 71.84% من القائمين بأحداث العنف هم من الرجال في حين مثلت نسبة النساء 11.65%، وكانت نسبة العنف المختلط بين النساء والرجال في حدود الـ 16.5%
وأفاد منتدى الحقوق، في تقرير له، بأنّ "جرائم القتل تمثل النسبة الأعلى من أحداث اعنف المسجلة خلال الثلاثية الأخيرة لسنة 2023، حيث مثلت %30.95 من جملة الأحداث المرصودة".
كما أشار إلى أنّ 71.84% من القائمين بأحداث العنف هم من الرجال في حين مثلت نسبة النساء 11.65%، وكانت نسبة العنف المختلط بين النساء والرجال في حدود الـ 16.5%، معتبرًا أنّ "هذه النسب تعكس الطابع الذكوري للعنف، غير المتغير من شهر إلى اخر، والذي يمثل علامة واضحة على طبيعة المجتمع الأبوي الذي نعيش فيه وقوة التأثيرات الجنسانية على السلوك العنيف"، حسب تقديره.