30-سبتمبر-2021

جوهر بن مبارك: "سببان لتأخر سعيّد وارتباكه في تعيين مكلّف بالحكومة"

الترا تونس - فريق التحرير

 

أفاد أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك في تدوينة نشرها الخميس 30 سبتمبر/ أيلول 2021، أنّ رئيس الجمهورية قيس سعيّد قد "تأخر وارتبك في تعيين مكلّف بالحكومة لسببين: أولهما تمهيد الطريق للتوغل في الانقلاب ووضع إطار ترتيبي لعمل حكومة تتحرَك فقط في دائرة إرادته وسيطرته المؤسساتية بما يعنيه ذلك من تعطيل فعلي ونصّي للدستور" وفق قوله.

جوهر بن مبارك: تأخر سعيّد وارتبك في تعيين مكلّف بالحكومة لتمهيد الطريق للتوغل في الانقلاب ووضع إطار ترتيبي لعمل حكومة تتحرَك فقط في دائرة إرادته وسيطرته المؤسساتية 

وتابع بن مبارك في تدوينته التي حملت عنوان "عصف ذهني منفرد قاد سعيّد إلى بودن"، أنّ رئيس الجمهورية كان "متردّدًا كثيرًا ومرتبكًا وخائفًا من تلك الخطوة لما تعنيه من تجذير للموقف المعارض له داخليًا ودوليًا، ورغم ذلك استطاع أن يتعسّف على خوفه وقطع الوادي تحت ملاحقة حالة 18 سبتمبر/ أيلول التي أربكته ودفعته إلى ارتكاب المحظور بعد أن خصّها بخطاب بوزيد المتشنّج" وفقه. 

واعتبر بن مبارك أنّه حصل بالضبط ما كان يربك رئيس الجمهورية، "إذ تجذّر الموقف الداخلي الذي عبّرت عنه حالة 26 سبتمبر/ أيلول الشعبية وتأسست جبهات داخلية للتصدّي لخياراته، وتجذّر في نفس الوقت الموقف الدولي ضدّ مغامرته مما دفعه إلى مسابقة الزمن والإسراع بإعطاء شيء ما للداخل والخارج بتسمية مكلّفة أو 'سكرتيرة خاصّة به' بهدف تخفيف الضغط الخانق عليه" وفق التدوينة.

جوهر بن مبارك: سعيّد كان متردّدًا بين خيارين في علاقة بملامح "المكلّف" فإما تكليف شخصيّة قوّية بخلفية اقتصادية مالية أو الاستكانة إلى شخص من الدائرة المقرّبة والضيّقة يضمن ولاءه وقبوله للعب دور ثانوي في وضع وتنفيذ السياسات العامة للدولة

وبخصوص السبب الثاني في تأخّر سعيّد تكليفه لبودن، قال بن مبارك إنّه "كان متردّدًا بين خيارين في علاقة بملامح 'المكلّف'، فالخيار الأوّل هو الاستجابة للضغوط الداخلية والخارجية لتكليف شخصيّة قوّية بخلفية اقتصادية مالية قد تكون لها القدرة على ضبط الموازنة وإيقاف نزيف المالية العمومية. أمّا الخيار الثاني فكان الاستكانة إلى شخص من الدائرة المقرّبة والضيّقة يضمن ولاءه وقبوله للعب دور ثانوي في وضع وتنفيذ السياسات العامة للدولة" حسب وصفه.

وأشار جوهر بن مبارك إلى أنّ سعيّد في البداية "ذهب في الاتجاه الأوّل واقترح رسميًا على مروان العبّاسي المنصب واتّفقا. حتّى إن مروان العباسي بدأ بالاستعداد وبترتيب خروجه من البنك المركزي وأعلم بذلك مجلس إدارة البنك. ولكن سعيّد تراجع عن الأمر وترك الوقت يمرّ دون أن يحسم أمره. والسبب في ذلك حسب التقدير السياسي أنّ هاجسه واضطرابه يعود في الحقيقة إلى ما هو أخطر في ذهنه: فبعد أن أفرغ الدولة وموسّساتها وحمل مفاتيحها وصعد فوق الشجرة لم يترك لا لأجهزة الدولة الصلبة ولا للمجتمع السياسي والمدني الوطني ولا للمجتمع الدولي مخاطبًا وطرفًا رسميًا يمكنه التعاطي معه ويكون قادرًا على تلقف الوضع وإدارة الدولة لو قرّرت كلّ هذه الجبهات وضع حدّ لمغامرة 'الرئيس' الانقلابية" وفق تقديره. 

جوهر بن مبارك: تعيين سعيّد لتوفيق شرف الدين أو نادية عكاشة على رأس الحكومة كان سيبدو استفزازًا سافرًا للمجتمع التونسي والدولي قد يقود إلى انهيار خطّته

وأضاف أستاذ القانون الدستوري أنّ "وضع الفراغ كان صمّام أمان لتواصل وضع اليد والاستيلاء على السلطة. ولذلك كان تعيين شخصية قويّة لا تخضع بالضرورة للسيطرة وقادرة على التعاطي مع كلّ المتدخلين أمرًا مثيرًا للرعب في قلبه. عندها عاد إلى مربّع الولاء الأعمى وحصر خياراته في بعض الشخوص المقرّبة منه وخرجت أنباء تتحدث عن توفيق شرف الدين ونادية عكاشة ولكن الأمر كان سيبدو استفزازًا سافرًا للمجتمع التونسي والدولي قد يقود إلى انهيار خطّته في مزيد التمكن من الدولة فعدل عنه وذهب في طريق الولاء العائلي والصداقات العائلية وترك جانبًا الولاء السياسي وآثر في النهاية تكليف شخصّية بيروقراطية بدون سمك سياسي يؤهّلها للعب أدوار أساسية في المستقبل بعد أن أصدر أمرًا ترتيبيًا يقزّم فيه المنصب ليحول دون إمكانية ابتعاد المرأة والحكومة عن دائرة سطوته المباشرة" حسب نصّ ما كتبه.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بن مبارك: الأوامر الرئاسية التي يصدرها سعيّد غير دستورية ويجوز الطعن فيها

نجلاء بودن.. استحقاقات ضخمة وصلاحيات محدودة