15-يونيو-2017

من حلقة الفوز بمليارين في دليلك ملك (يوتيوب)

لا حديث في تونس هذه الأيام إلا عن فوز امرأة سبعينية بمبلغ قيمته 2 مليون دينار (815 ألف دولار)، وهو أكبر مبلغ للفوز في أشهر برامج الألعاب التلفزية التونسية "دليلك ملك"، وهو النسخة التونسية من البرنامج العالمي الشهير "صفقة أو لا صفقة".

أثارت حلقة من برنامج الحظ دليلك ملك في تونس جدلًا واسعًا وقد تزامنت مع فوز سبعينية بأعلى مبلغ مالي في تاريخ القنوات التونسية

وإضافة للحديث عن فتح الحظ أبوابه لامرأة سبعينية لم تكن تقدر على الوقوف على رجليها بسبب عجزها، أثار هذا الحدث صخبًا واسعًا حيث قامت القناة بالترويج طيلة أسبوع كامل للحلقة قبل بثها وذلك بهدف حث المشاهدين لبعث إرساليات ليفوز أحدهم بنفس قيمة المبلغ، وهو ما أثار جدلاً حول شرعية تأخير القناة بث الحلقة عن موعدها المحدّد للحصول على أكثر عدد من الإرساليات وربح مادي ضخم، ليعلن عضو بهيئة الاتصال السمعي البصري (الهايكا)، هيئة تعديلية للقطاع السمعي والبصري في تونس، إمكانية فتح تحقيق للغرض.

اقرأ/ي أيضًا: ألعاب الحظ في تونس.. باقية وتتمدد في صفوف الفقراء

حيث عادة ما يقع بث حلقات البرنامج وفق ترتيب خروج المشاركين في كل حلقة، حيث يشارك في البرنامج 24 متسابقًا وذلك بعدد المحافظات التونسية. غير أنه لم يقع بث حلقة الفوز بأكبر مبالغ البرنامج في موعدها العادي، وقامت القناة ببث ومضات ترويجية قبل أسبوع من بثها لتشجيع المشاهدين على بعث إرساليات قصيرة بهدف اقتسام نصف قيمة المبلغ، وهو ما تم اعتباره تحكمًا غير شرعي في توقيت البث بما يتعارض مع المعايير المعلومة بخصوص البرنامج.

ويتزايد الجدل حول استغلال القناة للمشاهدين مع ارتفاع القيمة المادية للإرسالية القصيرة التي تبلغ قرابة 2 دينار (0.8 دولار) وهو يعتبر مبلغًا مرتفعًا بشكل كبير مقارنة بقيمة الإرسالية القصيرة العادية المعمول بها بين جميع شركات الاتصالات في تونس والتي تبلغ في حدود 0.06 دينار (0.02 دولار). وقد بلغ الجدل، في هذا الجانب، صداه داخل أروقة مجلس النواب، حيث قدم النائب عماد الدايمي، من الكتلة الديمقراطية المعارضة، سؤالاً شفاهياً لوزير التجارة بخصوص ما اعتبره ممارسة ألعاب الحظ واليانصيب بشكل غير قانوني عبر وسائل الإعلام. حيث اعتبر النائب أن بعض الألعاب الترويجية، التي تبثها القنوات هي "غطاء لأعمال تحيل وإثراء غير شرعي"، وكشف أن المشاركة في الإرساليات القصيرة يجب أن تكون مجانية ويتحمل كلفتها منظم الألعاب.

في نفس السياق، يشكك جزء كبير من التونسيين في نزاهة برنامج الألعاب خاصة وأن الفائز عبر الإرساليات القصيرة هو رئيس فرقة موسيقية شعبية شهيرة في تونس، وقد سبق وشارك كمتسابق في البرنامج ذاته منذ سنوات قليلة.

يعتبر البعض برامج الحظ التلفزيونية تخريبًا ممنهجًا للمجتمع وتكريسًا للتواكل والعيش على أمل الربح السهل إلى حدّ الإدمان

من جانب آخر، يكشف الصخب الكبير الذي صاحب حلقة الفوز بالمبلغ الضخم إضافة لمشاركة أعداد كبيرة من التونسيين في موجة الإرساليات القصيرة للفوز بنفس قيمة هذا المبلغ، عن مدى الرواج الذي تشهده برامج الألعاب واليانصيب والسعي للفوز "السهل". ويعتبر البعض أن هذه البرامج تهدف خفية للتخريب الممنهج للمجتمع وتكريس التواكل والعيش على أمل الربح إلى حدّ الإدمان. ولعلّه قد زادت الأزمة الاقتصادية والصعوبات المعيشية في السنوات الأخيرة في مزيد سعي الناس للفوز بمبالغ ضخمة بأسهل الطرق، حيث تمثل هذه البرامج فخاخًا للحالمين والذين يمنون النفس أن يبتسم الحظ لهم في يوم ما.

اقرأ/ي أيضًا: البيار".. تسلية شباب تونس لمواجهة بطالتهم"

غير أن ما يزيد في الجدل هو أن سامي الفهري، صاحب قناة الحوار التونسي التي تبث البرنامج ومقدّم برنامج الألعاب "دليلك ملك"، هو أحد المورّطين في ملفات فساد مالي وإداري نظرًا لارتباطه بأحد أصهار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي واستغلاله لهذه العلاقة بهدف الحصول على مكاسب غير شرعية لحساب شركته الخاصة على حساب القناة الحكومية قبل الثورة. وقد سبق وأودع سامي الفهري السجن لأكثر من سنة بين 2012 و2013 على خلفية القضايا المتعلّقة والتي لم يقع بعد البت فيها.

إذ يتابع جزء من التونسيين الجدل الحاصل بكثير من الحسرة، حيث أن سامي الفهري الذي يعطي مليونا دينار في برنامجه لا يزال لم يسوّ وضعيته مع الدولة. فقبل يوم واحد من بث حلقة الفوز "السهل" بأكبر المبالغ في برنامجه، مثل سامي الفهري أمام القضاء في جلسة جديدة لمتابعة قضيته، حيث تطالبه الدولة التونسية عبر قناتها الحكومية بدفع مبالغ تعويضية جراء استغلاله لموارد القناة عبر المحسوبية قبل الثورة.

اقرأ/ي أيضًا:

"أمور جدية" في تونس.. هشاشة الإعلام الهجين

البرامج الغنائية في العالم العربي.. حرب أخرى