18-أكتوبر-2022
اشتباكات بين القوات الأمنية وعدد من الشباب المحتجين في حي التضامن (صورة لليلة الثانية من الاحتجاجات/ياسين القايدي/الأناضول)

اشتباكات بين القوات الأمنية وعدد من الشباب المحتجين في حي التضامن (صورة لليلة الثانية من الاحتجاجات/ياسين القايدي/الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

تجددت الاحتجاجات لليلة الرابعة على التوالي بحي التضامن، الحي الشعبي المتاخم للعاصمة تونس، وذلك خلال الليلة الفاصلة بين الاثنين والثلاثاء 17 و18 أكتوبر/تشرين الأول  2022. وتأتي هذه الاحتجاجات على خلفية وفاة شاب من أبناء الجهة وهو مالك السليمي (24 سنة)، الخميس 13 من الشهر الجاري، متأثرًا بإصابات جرّاء اعتداءات بالعنف تعرّض لها منذ شهر ونصف من قبل أمنيين، وفق ما أكده أفراد من عائلته وشهود عيان.

تجدد الاشتباكات بين محتجين في حي التضامن وقوات أمنية على خلفية وفاة شاب من أبناء الجهة "متأثرًا بإصابات جرّاء اعتداءات تعرّض لها"

ونقل شهود عيان لـ"الترا تونس" أنه قد تم غلق عدد من الأنهج من خلال حرق العجلات المطاطية من قبل المحتجين فيما استعملت قوات أمنية الغاز المسيل للدموع والطلقات الصوتية لتفريق المحتجين.

 

 

 

 

وتعود أطوار الحادثة إلى تاريخ 31 أوت/أغسطس 2022، "عندما كان الشاب مالك متواجدًا رفقة أصدقائه على متن دراجته النارية بحي التضامن، وأثناء سيرهم بالدراجة قامت سيارة شرطة بملاحقتهم من الخلف مما اضطرهم إلى الوقوف على جانب الطريق"، وفق ما نقلته جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات (حقوقية).

وتضيف الجمعية، في بيان لها، أنه "بعد وقوفهم ونزولهم من الدراجة قام أعوان الشرطة بالتوجه إلى مالك مباشرة وضربه ضربًا شديدًا دون أي سبب يدفعهم للقيام بذلك"، وفقها، مشيرة إلى أن "الضحية مالك حاول المقاومة والهروب من بين أيديهم ليقوموا بدفعه حتى سقط في قناة صغيرة لتصريف مياه الأمطار وأغمى عليه ليبقى هناك إلى حين وصول سيارة الحماية المدنية".

وتتابع: "ومنذ ذلك اليوم بقي مالك في المستشفى تحت العناية الطبية بسبب ما لحقه من كسور عديدة وارتجاج أصاب رأسه، لتزداد حالته الصحية تعكرًا يومًا بعد يوم ما تطلب عناية طبية مشددة، وبقي داخل المستشفى على تلك الحالة حتى توفي يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 2022"، وفق ما ورد في نص بيان لجمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات وكما ورد عن روايات عدد من النشطاء والحقوقيين.

وأكدت الجمعية أن "الاعتداء على الشاب مالك السليمي الذي أدى إلى وفاته، يمثل انتهاكًا للحق في الحياة والحق في الحرمة الجسدية".

 

 

وكانت ذات الجمعية قد نددت، الاثنين 17 أكتوبر/تشرين الأول 2022، بـ"قمع" القوات الأمنية للتحركات الاحتجاجية بحي التضامن التي خرجت "تنديدًا بالقمع البوليسي والمطالبة بمحاسبة الجناة وكل المتسببين في مقتل مالك السليمي الذي توفي متأثرًا بإصابات تعرض لها إثر اعتداءات بالعنف من قبل أمنيين".

حقوقيون ينددون بـ"قمع" القوات الأمنية للتحركات الاحتجاجية بحي التضامن التي خرجت "تنديدًا بالقمع البوليسي والمطالبة بمحاسبة الجناة وكل المتسببين في مقتل الشاب مالك السليمي"

وقالت الجمعية، في بيان لها، إن "القمع البوليسي" تواصل طيلة 4 أيام بحي التضامن، من خلال استعمال الأمنيين للغاز المسيل للدموع، وسط استغاثة المتساكنين من "‏الحصار الأمني" الذي يتعرضون له ورائحة الغاز التي اجتاحت المنازل، وفقها.

وأكدت في هذا الإطار أن "نهج قوات الأمن التونسي الدائم المتمثل في الاستخدام المفرط للقوة بإطلاق قنابل الغاز في التجمعات السكنية والتي بطبيعتها ‏سوف تؤدي لحالات اختناق بين متساكني هذه المنطقة، يجب أن يتوقف حفاظًا على حق هؤلاء المواطنين في ‏الحياة".‏

جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات: تسجيل اعتقالات عشوائية في حي التضامن وتوجيه تهم ‏لعدد من الشباب من قبيل ''الاعتداء المدبر ليلًا وإحداث الهرج والتشويش.."

كما أشارت إلى أنه تم تسجيل جملة من الاعتقالات التي وصفتها بـ"العشوائية" وتوجيه تهم ‏لعدد من الشباب من قبيل ''الاعتداء المدبر ليلًا وإحداث الهرج والتشويش والإضرار عمدًا بملك الدولة''.

وكشفت الجمعية أنه تم ‏"إيقاف الشاب فرات العياري وهو أحد الشهود العيان ليلة الاعتداء على الضحية مالك"، مشيرة إلى أنه "تم إيقافه فجر ‏الاثنين دون تمكينه من محاميه وحقوقه التي يضمنها له القانون"، مشددة على أن هذه السياسة "لطالما عهدناها من القوات الأمنية في التعامل مع ‏الشهود على مثل هذه الانتهاكات"، على حد ما ورد في نص البيان.

وذكرت أن فرات "مريض سكري من النوع الأول ويعتمد علاجه الرئيسي على حقن هرمون ‏الأنسولين عدة مرات يوميًا بالكميات اللازمة لضبط مستوى السكر بالدم وإجراء اختبارات دورية لمعرفة مستوى السكر بالدم"، مؤكدة أن "أي تخلف عن أخذ هذه الجرعات يعرضه سريعًا لأضرار صحية بالغة". 

جمعية "تقاطع": إيقاف الشاب فرات العياري وهو أحد شهود العيان ليلة الاعتداء على الضحية مالك السليمي دون تمكينه من محاميه ومن حقوقه القانونية

وشددت جمعية "تقاطع"، في هذا الصدد، أن "سلامة الحالة الصحية لفرات العياري هي مسؤولية ‏السُلطات التونسية التي لها سابقة في وفاة عبد السلام زيان جراء امتناع قوات الأمن عن السماح له بأخذ جرعات ‏الأنسولين"، على حد ما جاء في نص البيان.

وعبرت الجمعية، في هذا الصدد، عن كامل مساندتها لـ"ضحايا القمع البوليسي وعلى رأسهم سكان حي ‏التضامن"، مطالبة بإطلاق سراح جميع الموقوفين على خلفية انخراطهم في هذه التحركات وإسقاط جميع التهم عنهم. كما جددت  مطالبتها بفتح تحقيق جدي في مقتل الشاب مالك السليمي ومحاسبة كل المتورطين في ذلك، وفق البيان ذاته. ‏

 

 

وفي وقت متأخر من مساء الاثنين، أكد نشطاء إطلاق سراح فرات العياري، الشاهد الأساسي في قضية مالك السليمي.

نشطاء: إطلاق سراح فرات العياري، الشاهد الأساسي في قضية مالك السليمي

 

 

وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم الإدارة العامة للحرس الوطني حسام الدين الجبابلي، في تصريح للقناة الوطنية (حكومية) إن الاحتجاجات في حي التضامن هي "أحداث شغب"، وأنها تضمنت "رشق دوريات أمنية بالحجارة وخلع بعض المحلات والاعتداء على أملاك عمومية وخاصة وحرق بعض السيارات"، مؤكدًا أنه تم "إيقاف 6 أشخاص في الليلة الأولى للاحتجاجات ولاحقًا إيقاف أكثر من 15 شخصًا وتم الاحتفاظ بهم بإذن من النيابة العمومية"، وفقه.

وبشكل عام، تأتي هذه الاحتجاجات في ظل تزايد الاحتقان في عدة جهات تونسية وتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.