مقال رأي
"هل انتهى الإسلام السياسي؟" سؤال يتردّد مع كل منعرج سياسي عرفه المجال العربي بعد 2011. ومعه يُستعاد الجدل حول التسمية التي لا يقبل بها جلّ الإسلاميين باعتبارها تسمية ظهرت في دوائر بحثية مخابراتية أوروبية (فرنسية) فضلًا عن كونها تَختزل حركة الإحياء الإسلامي في بعدها السياسي.
وهو بدرجة أولى سؤال خصوم الظاهرة في سياق الصراع السياسي، وهو عندهم أقرب إلى الموقف السياسي سواءً بدافع إيديولوجي أو بخشية أن يكون لهذا التيار دور سياسي قارّ في الدولة ورسم السياسات، بعد أن أتاحت الانتخابات الحرة من احتلال الصدارة في جلّ الرهانات (فكرة التمكين).
وهو سؤال الأكاديميا التي لم تكن بدورها بعيدة عن الإيديولوجيا وضغوطها والسياسة وتجاذباتها.
في تونس تردّد سؤال "هل انتهى الإسلام السياسي" في سياق المشهد السياسي والإعلامي والأكاديمي وتأجّج بعد 25 جويلية عند أنصار الإجراءات الاستثنائية التي كان لا بدّ أن تفضي لإزاحة تيار الإسلام السياسي عن الحكم ممثلًا في حركة النهضة
وفي تونس تردّد السؤال في سياق المشهد السياسي والإعلامي والأكاديمي وتأجّج بعد 25 جويلية/يوليو 2021 عند أنصار الإجراءات الاستثنائية. إجراءات كان لا بدّ أن تفضي إلى إزاحة تيار الإسلام السياسي عن الحكم ممثلًا في حركة النهضة. وهو في تقدير أنصار الانتقال الديمقراطي انقلاب على الدستور واستهداف لأهم شروط بناء الديمقراطية.
- حدود الإسلام السياسي
رسم حدود الإسلام السياسي جزء من تعريفه. ولقد لاحظنا أنّ الخطأ في رسم حدود الظاهرة، عن قصد أو عن قصور، مقدّمةٌ حاسمة إلى الخطأ في فهم الظاهرة ودورها السياسي الاجتماعي وفهمِ مساراتها. وفي هذا السياق كان هناك اتجاه غالب يرى أنّ ظاهرة الإسلام السياسي، في تونس على سبيل المثال، تمتدّ من أنصار الشريعة إلى النهضة، في ذلك ربط من رضي بالديمقراطية والاختيار الشعبي الحر والتداول السلمي على السلطة بقوى تكفيرية عنيفة.
وهي ظواهر استقرّ تصنيفها دوليًا عند مصطلح "التطرّف العنيف"، وفي الظاهرة تتداخل العوامل الاجتماعية والصناعة المخابراتية والإرهاب المطبوع والإرهاب المصنوع. ولئن كان للتطرّف العنيف حاضنته الاجتماعية فإنّه كان مادّة جيّدة لإرهاب مصنوع تمّ توجيهه في هذا الاتجاه أو ذاك، في سياق صراع النفوذ والمحاور إقليميًا ودوليًا. وقد استُدعِيت تعبيراته العنيفة في أكثر من سياق بغاية إجهاض ثورات الربيع الديمقراطية. وكانت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه بتسليحها وتكييفها وتحويل الثورة السياسية إلى حرب أهلية مدمّرة (سوريا، اليمن، ليبيا).
في مستوى الخطاب هناك أساس مهم لتمييز الإسلام السياسي عن غيره من التعبيرات ذات المرجعية الإسلامية، فقد ارتبطت نشأته سنة 1928 بحدث سقوط آخر هوية انتظام سياسي للمسلمين في 1924 "نظام الخلافة"
وجدنا في مستوى الخطاب أساسًا مهمًا لتمييز الإسلام السياسي عن غيره من التعبيرات ذات المرجعية الإسلامية. فقد ارتبطت نشأته سنة 1928 بحدث سقوط آخر هوية انتظام سياسي للمسلمين في 1924 (نظام الخلافة) وظهور ما سيُعرف بالدول الوطنية في المجال العربي ومحيطه.
وكان خطابه سياسيًا لأنّه إجابة عن سؤال سياسي: كيف نعيد انتظام الأمة السياسي؟ وقبله كان "الخطاب النهضوي" إجابة عن سؤال: لماذا تقدّم الغرب وتخلّفنا؟ وقبلهما كان "الخطاب الشريعي" مع الوهابية والسنوسية إجابة عن سؤال: كيف نستعيد الأصل قبل تحريفه؟ وليس بإمكان هذا الخطاب (الوهابي والسنوسي رغم الفوارق) إلا أن يكون شريعيًا، لأنّه صِيغَ بمعزل عن الآخر الغائب ثقافةً ومعرفةً. فكان من الطبيعي أن تكون مادّة الخطاب محلية لا تخرج عن العربية وعلومها من فقه وأصول وكلام وبلاغة. ولا يمكن لـ"صيغته القانونية" يومها أن تخرج عن الفقه ونوازله والأصول ومعجمه.
هي خطابات ثلاثة ترتّبت هكذا زمنيًا: الخطاب الشريعي، الخطاب النهضوي، الخطاب السياسي. ولم يمنع تواليها في الزمن من تجاورها لاحقًا في الفترة الزمنية الواحدة. ويشير تجاورها إلى مستوى من أزمة الفكر العربي الإسلامي. ويسمح هذا بالإشارة إلى خطاب رابع هو خطاب التطرّف العنيف. فهو في معجمه خطاب شريعي ومن جهة "نظام خطابه" هو "خطاب معولم". وعلى هذا الأساس أعدنا النظر فيما عُرِف بالسلفية الجهادية ورأينا فيها استنادًا إلى خطابها وأدائها "إرهابًا معولمًا".
هكذا يمكّنُنا الخطاب من ضبط دقيق لحدود الإسلام السياسي وهو ما يسمح بتبين منزلة الظاهرة ووظيفتها. فيحدّ حركة النهضة نواة الإسلام السياسي من اليمين حزب التحرير (يأخذ من الخطاب الشريعي في أدائه السياسي) وعلى يسارها الإسلاميون التقدميون (يستعيد الخطاب النهضوي الإصلاحي في طرحه الفكري).
- السياق والوظيفة
في مسار تيار الإسلام السياسي في تونس، والذي ارتبط في نشأته وفي تطوره بمكونه الرئيسي حركة النهضة، يمكن ملاحظة مرحلتين كُبْرَييْن يفصل بينهما حدث الثورة. الأولى كانت مرحلة الكفاح السياسي من أجل الحريات. وكانت الثانية مرحلة المشاركة في مسار تأسيس الحرية، بعد الثورة.
وقد قامت المرحلتان على أنقاض أهمّ تجارب اليسار (الحزب الشيوعي، حركة آفاق). وإذا كان الحزب الشيوعي أقربَ إلى دور المشارك في بناء دولة الاستقلال فإنّ جماعة آفاق مثلت أول حركة نقد فكري سياسي اجتماعي لنظامها السياسي. في حين مثل الصدام اليوسفيّ البورقيبي صراعًا داخل "الحركة الدستورية" مثلما أكّد القيادي اليوسفي حمادي غرس في شهادته أمام هيئة الحقيقة والكرامة. وهو صراع اندلع قبل 56 حول مضمون الاستقلال وتواصلَ بعد حصوله.
في مسار تيار الإسلام السياسي في تونس يمكن ملاحظة مرحلتين كُبْرَييْن يفصل بينهما حدث الثورة: الأولى كانت مرحلة الكفاح السياسي من أجل الحريات، والثانية مرحلة المشاركة في مسار تأسيس الحرية بعد الثورة
لم ينفرد الإسلاميون بالنضال من أجل الحرية، فهم امتداد لتقاليد من سبقهم من اليسار بمختلف تعبيراته بعد آفاق، لكنّ غلبة المواجهة على علاقتهم بالنظام في عهديه البورقيبي والنوفمبري أتاحت التمييز بين مربعات ثلاثة: مربع الكفاح السياسي ومربّع النضال الحقوقي ومربّع النضال الديمقراطي (لم يخل من مطلبية ومن أحزاب أحزاب الديكور الديمقراطي).
وكانت ثقافة الحزب الواحد ومنع التعددية والعمل الحزبي القانوني تفرض التمايز بين هذه المربعات وتباعُدَها أحيانًا.
وكان من نظام الحكم محاولات في اختراق المربع الحقوقي وتدجين المربع الديمقراطي، وسعي إلى جرّ المربعين الحقوقي والديمقراطي إلى مجاله، ولكنه كان حازمًا في مربع الكفاح السياسي مع الواقفين فيه، رغم محاولات الإسلاميين إيجاد نقاط التقاء على قاعدة الحريات والتعددية السياسية (تقدم الاتجاه الإسلامي بمطلب تأشيرة في جوان/يونيو 1981، قول راشد الغنوشي يوم خروجه من السجن في صيف 1988: ثقتنا في الله وفي رئيس الجمهورية). وانطبعت مواجهته للإسلاميين بالعنف والقمع والتشريد والقتل. فكانت الضريبة التي دفعوها على مدى ثلاثة عقود في مواجهة الاستبداد الأرفع في تاريخ الحركة السياسية والديمقراطية.
وكان من الأصل هو أن تنتج مرحلة ما قبل الثورة أرضية مشتركة تجمع بين مربعات "الكفاح السياسي" و"النضال الحقوقي" و"النضال الديمقراطي" أرضية مشتركة وصلبة لبرنامج وطني قاعدته الديمقراطية. وكانت حركة 18 أكتوبر/تشرين الأول 2005، على أهميتها، خطوة منقوصة في الاتجاه الصحيح كان يمكن استكمالها والبناء عليها، بعد سقوط نظام الاستبداد.
بعد الثورة، صار بالإمكان رؤية مكونات المشهد السياسي بأكثر وضوح، من خلال سقف الحريات العالي ودخول أوسع الفئات إلى المجال العام والاختيار الحر. كما تسنّت متابعة تفاعلات القوى السياسية الفعلية ومعرفة الأحجام والوقوف على شروط بناء الديمقراطية، وهو العنوان العام المجمع عليه. وقد اعتبر تدشينه مع أول انتخابات ديمقراطية بمثابة الاستقلال الثاني في تاريخ تونس.
وكان لحركة النهضة الصدارة في انتخابات 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011. وبدأ يتوضّح أنّ الإسلام السياسي يمثّل قوة وازنة قد تكون من شروط بناء الديمقراطية. لكن ضعف الثقافة الديمقراطية وضغط الإيديولوجيا عند المجاميع الحزبية الصغيرة ومقاومة النظام القديم من داخل مواقعه المكينة في الدولة والإدارة أجهضت مشروع التأسيس وحوّلته إلى انتقال ديمقراطي. وسيصبح هذا الانتقال بدوره موضوع انقلاب عندها. وقد أمكن لها تحقيقه في 25 جويلية/يوليو 2021 ليُطرح مجددًا سؤال "هل انتهى الإسلام السياسي؟".
بعد سنتين على الانقلاب أصبح الربط ممكنًا بين إزاحة النهضة عن الحكم والانقلاب على الديمقراطية، ومحصلته أن الإسلام السياسي أهم شرط لبناء الديمقراطية وأنّ هذه هي وظيفته الأساسية وسبب وجوده
هو السؤال نفسه، لكنه في سياق جديد. فبعد سنتين على الانقلاب أصبح الربط ممكنًا بين إزاحة النهضة عن الحكم والانقلاب على الدستور والديمقراطية. ومحصلته أن الإسلام السياسي أهم شرط لبناء الديمقراطية. وأنّ هذه هي وظيفته الأساسية وسبب وجوده. وأنّ زواله مشروط بنجاح هذه المهمة.
وعلى هذا الأساس ناهضه خصوم الديمقراطية وقوى الثورة المضادة محليًا وإقليميًا وليس على أساس مرجعيته الإيديولوجية. فلو كان اليسار يمثل شرط بناء الديمقراطية لحاربته الثورة المضادة على أنه عدو للإسلام وشريعته. لكنها تستعين به اليوم وبالتيار المدخلي في نفس الوقت خوفًا من الديمقراطية.
- متى ينتهي الإسلام السياسي؟
هذا هو السؤال الأنسب، فقد صارت الإجابة عنه ممكنة بعد تبيّن وظيفة الإسلام السياسي باعتباره ظاهرة تاريخية لها بداية ونهاية وبينهما مهمة يجب أن تنجز: بناء الديمقراطية.
تبلورت عندنا هذه الأطروحة على مدى عشرية الانتقال، ومن مفرداتها أنّ الإسلام السياسي ينتفي مع بناء الديمقراطية واستقرار نظامها. فهو من أهمّ شروطها. ومع تأسيسها يكون قد بلغ أعلى مراحله (أسميناها العدالة والتنمية) ليحل في هوية مواطنية إطارها النظام الديمقراطي المستقر.
ولو التفتنا قليلًا إلى التجربة التركية لتبينّا صورة لهذه الأطروحة. فإذا كانت الكمالية مؤسسة الدولة الوطنية فإن الأردوغانية مؤسِّسة الدولة الديمقراطية. وأن حزب رجب طيب أردوغان اليوم خرج من هوية الإسلام السياسي ليحلّ في سياق المواطنيّة الديمقراطية. ومن ينظر في تركيبة تحالفات الانتخابات التشريعية والرئاسية يوم 14 ماي/أيار 2023 فقد تخطت الحدود الإيديولوجية. ففي التحالفين الكبيرين "تحالف الجمهور" (رجب طيب أردوغان) وتحالف الشعب (كمال كليجدار أوغلو) يشارك الإسلامي والقومي والكردي واليساري.
في تونس لم يبلغ الإسلام السياسي ممثلًا في حركة النهضة أعلى مراحله بسبب عراقيل منها ما هو داخلي (الانتقال القيادي وضبابية الرؤية) وموضوعي (قوّة الثورة المضادة)، لكنه قطَع خطوات حثيثة باتجاهها
في تونس لم يبلغ الإسلام السياسي ممثلًا في حركة النهضة أعلى مراحله بسبب عراقيل منها ما هو داخلي (الانتقال القيادي وضبابية الرؤية) وموضوعي (قوّة الثورة المضادة)، لكنه قطَع خطوات حثيثة باتجاهها. وعلى هذا عدة مؤشرات. ومنها بروز مصطلح "الإسلام الديمقراطي" تعبيرًا عن التحولات في مكونه الأساسي حركة النهضة. وهو مصطلح تونسي لم يلق من المشهد الفكري البحثي الاهتمام المطلوب تحت ضغط السجال السياسي.
إلى جانب "فكرة التخصص" فالنهضة لا تقدم عرضًا دينيًا وهي الحزب السياسي الإسلامي. هي تنجح في تقديم "عرض سياسي" بمرجعية ديمقراطية. وهي تبدو في هذا متخفّفة من الإيديولوجيا قياسًا إلى خصومها المشدودين إلى إيديولوجيات لا مكان فيها للديمقراطية والاختيار الشعبي الحر.
وقد انتهى معظمهم أمام نتائج أول انتخابات حرة في تونس بعد الثورة إلى اعتبار الديمقراطية تهديدًا وجوديًا فارتموا في أحضان المنظومة القديمة، وقطعوا الطريق في الانتخابات الرئاسية على المنصف المرزوقي مرشّح الجديد لفائدة الباجي قائد السبسي مرشح القديم، ولم يستنكفوا من الاستثمار في دم رفاقهم ضحايا الاغتيالات السياسية والعمليات الإرهابية المعادية للثورة ومسارها والمستهدِفة للنظام الديمقراطي ومحاولات تأسيسه. ثم ساندوا الانقلاب الشعبوي أملًا في منزلة لا تمكنهم منها الانتخابات وسعيًا إلى توفير شروط الانتقام من خصومهم. وهم في كل ذلك يشاركون الانقلاب الثأرَ لنظام بن علي من الثورة، وقد كانوا قبلها من بوليسه السياسي وجلاديه في قمع الأحرار وإذلالهم.
ومن المؤشرات القوية على التحولات التي يعرفها مشهدنا السياسي وضع الحركة الديمقراطية المواجهة للانقلاب والمصرّة على استعادة الديمقراطية. وإنّ ما تعرفه مكوناتها من تضييق واستهداف بالاعتقال والملاحقة لا يمكن أن يكون استنساخًا لمرحلة التسعينات. فالشروط غير الشروط. وإن الاتجاه إلى تجريف الحريات واستهداف قيادات الحركة الديمقراطية ومن بينها قيادات جبهة الخلاص الوطني وقيادات حركة النهضة ومحامين ونشطاء سياسيين يأتي للتغطية على فشل الانقلاب في مواجهة الأزمة المالية الاقتصادية ومضاعفاتها الكارثية المتفاقمة، ولمحاصرة الحركة الديمقراطية.
وبعد أكثر من ثلاثة أشهر أصبحت قيادات الحركة الديمقراطية في السجون عبئًا على سلطة الأمر الواقع وشاهدًا على أنّها خسرت معركة النخبة، فلا يقف إلى جانبها اليوم أكاديمي أو فيلسوف أو مرجعية حقوقية، حتّى وإن لم يخف سخطه على الانتقال ونخبته السياسية. لا يقف مع الانقلاب إلاّ العوام من الجامعيين والموظفين وسجناء الإيديولوجيات الرثة.
ثمّ إنّ جلّ قيادات الحركة الديمقراطية السجينة تقلّدوا أعلى المناصب في الدولة، فمنهم المستشار والوزير ورئيس الحكومة والنائب ورئيس البرلمان...الخ، وكل هذا نتيجة للمجال العام الذي فتحته الثورة أمام أوسع الفئات التي كانت مقصاةً عن المشاركة من قبل نظام الاستبداد.
يختفي الإسلام السياسي مع بناء الديمقراطية وإذا ما وجدنا من أثر له في المشهد السياسي فذلك دليل على أنّ الديمقراطية لم تتأسس بعد ولم تجد أسباب استقرارها
يختفي الإسلام السياسي مع بناء الديمقراطية. وإذا ما وجدنا من أثر له في المشهد السياسي فذلك دليل على أنّ الديمقراطية لم تتأسس بعد ولم تجد أسباب استقرارها. ولا يبقى لخصومه الإيديولوجيين من سبيل للتخلص منه إلا بدعم الديمقراطية والمشاركة الفاعلة في بنائها. لا يتطلب هذا معانقة النهضة أو تبني مرجعيتها. بل منافستها على قاعدة الاختبار الحر وبقواعد منافسة مجمع عليها، ونقد برامجها وفكرها نقدًا جذريًا بدل شيطنتها وتخوينها.
ومثله يوجه إلى حركة النهضة أمام النقيضة التي نعيشها في مشهدنا السياسي المأزوم والمتمثلة في أنّ العداء تجاهها تحول إلى عداء للديمقراطية.
ولهذه "الوضعيّة السياسية" صورها في مساندة خصوم النهضة للانقلاب والانتصار للحكم الفردي المطلق والسكوت عن ضربه مبدأ الفصل بين السلطات في استهدافه لاستقلال القضاء وحرية التعبير وتقويض كل شروط الانتخابات الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة.
في أتون الصراع السياسي المحتدم بدأ المشهد السياسي يقترب من حقيقة تبين الإسلام السياسي في بناء الديمقراطية وأن استقرارها سيكون سدرة منتهى يحطّ عندها رحاله.وقد يفضي بنا الانتباه إلى العملية السياسية وشروطها إلى نتيجة أخرى على قدر كبير من الأهمية نصوغها في قالب سؤال: لماذا لا تكون الظاهرة تعبيرًا عن حداثة العرب المسلمين السياسية ضمن شروطهم الثقافية.
- المقالات المنشورة في هذا القسم تُعبر عن رأي كاتبها فقط ولا تعبّر بالضرورة عن رأي "ألترا صوت"