27-يناير-2020

مواهب تحوّل النفايات إلى أعمال فنيّة (مريم الناصري/ألترا تونس)

 

تتعدّد الأخبار المنتشرة في الوكالات العالمية عن نجاح بلد ما في تثمين النفايات وتحويلها، أو بعث أشخاص مشاريع لتثمين النفايات وإعادة تدويرها سواء لإنتاج الطاقة أو لصناعة مستلزمات قابلة للاستهلاك دون الإضرار بالبيئة أو صحة الإنسان.

يحاول بعض الشباب في تونس إيجاد حلول للتخفيف من حدّة تأثيرات النفايات على البيئة بتحويلها إلى مواد استهلاكية أو أعمال فنية راقية

ومن بين قصص تحويل النفايات إلى مواد قابلة للاستعمال أو إلى أعمال فنية مختلفة، والتي لاقت انتشارًا واسعًا، نجاح شاب فلسطيني، في قطاع غزة المحاصر، في تحويل النفايات الصلبة إلى مواد بناء تشكل هذه النفايات نسبة 70 في المائة منها وأيضًا تحويل شاب مصري النفايات إلى أدوات موسيقية.

وفي تونس أيضًا، يحاول بعض الشباب في تونس إيجاد حلول للتخفيف من حدّة تأثيرات النفايات على البيئة بتحويلها إلى مواد استهلاكية أو أعمال فنية راقية. قد لا تخلّصنا من الكميات الكبيرة من النفايات، التي تقدّر بحوالي 2.75 مليون طن سنويًا، لكنها تنشر أفكارًا عن إمكانية تحويلها وتدويرها وإعادة استهلاكها.

اقرأ/ي أيضًا: ناصر غريرة.. عن إبداع تحويل مخلّفات النخيل إلى تحف وأثاث

فنّ تحويل النفايات إلى مواد استهلاكية

فاروق العويشاوي هو شاب تونسي، أصيل ولاية القصرين، نجح في تحويل إطارات السيارات المستعملة إلى تحف وأثاث منزلي، فبات صاحب مشروع خاص لا يكلفه الكثير من المال، وهو مشروع صديق للبيئة.

يقول فاروق لـ"ألترا تونس" إنّه يجمع الإطارات المستعملة غير القابلة للاستعمال من جديد ليشكل منها بعض الأثاث البسيط على غرار الكراسي أو الطاولات ليغلّفها لاحقًا بـ"المرقوم" التقليدي. وأخبرنا أنّه باع بعض منتوجاته، التي تختلف في تفاصيلها وأشكالها وأحجامها، إلى المطاعم والمقاهي.

مقاعد بعد رسكلة العجلات المطاطية

 

وعند مشاهدة الشكل النهائي لمنتجاته، لا يخطر بالبال أنّها مصنوعة من إطارات السيارات نظرًا لشكلها الجميل ودقة صنعها وإتقانها. ويشير فاروق إلى أنّ هذه المنتجات لا تتعرض للتلف عند غسلها بالماء لأنّها متكونة بالأساس من مواد بلاستيكية وهو ما يجعل أصحاب المقاهي يفضلون استعمالها في حدائق مقاهيهم. وقد شارك محدثنا في بعض المعارض الحرف والفنون للتعريف بمنتوجه وأهميته في الحفاظ على البيئة.

يامن العبدلي، أصيل منطقة القصرين أيضًا، هو شاب آخر اختار تحويل النفايات الحديدية إلى تحف ومجسّمات حديدية فنيةّ، لكنه لم يقتصر على تحويل النفايات لأغراض فنية فقط، إذ نجح في إعادة استعمال العديد من النفايات الحديدية والخشب القديم وتحويلها إلى مقاعد وزعت على بعض الحدائق العمومية في جهته.

استعمال النفايات الحديدية في صنع منتجات جديدة (مريم الناصري/ألترا تونس)

 

يقول يامن إن كلّ ما يستعمله هو بقايا عربة قديمة أو مقعد مدرسة متهالك أو إطار دراجة ليتولى إعادة تهيئتها وتزويقها لتصبح مقاعد لاستراحة المارين أو مرتادي الحدائق العمومية.

مجسّمات ولوحات ودمى من بقايا النفايات

اختار بعض الشباب، كذلك، تحويل بعض النفايات إلى أعمال فنية مختلفة الشكل والطريقة والأسلوب، على غرار كمال الزغيدي، أصيل ولاية المنستير، وهو عامل نظافة تلقى تكوينًا في صنع مجسمات ضخمة، وكانت النفايات مصدره الأولى لتطبيق ما تعلّمه.

يقوم كمال الزغيدي بتحويل القضبان الحديدية والأقمشة وبقايا الحشايا والأكياس البلاستيكية إلى مجسّمات فنية

اقرأ/ي أيضًا: بلقاسم الحدّاد.. عن شاب ارتمى في أحضان الحديد والنار

فهو لا يتوانى عن جمع بعض القضبان الحديدية والأقمشة وبقايا الحشايا والمفارش والأكياس البلاستيكية خلال عمله ليخزنها في مخزن منحته إياه إدارة البلدية حيث يقضي ساعات بعد عمله لتركيب مجسّمات، لا يرسمها على الورق بل هي في مخيّلته، منها مجسمات لحيوانات شارك بها في عدة معارض.

استغلال الكرتون في تجسيد مجسمات فنية (مريم الناصري/ألترا تونس)

 

الجيلاني زريعة أصيل جزيرة جربة اختار أيضًا استثمار بعض النفايات لإنتاج أعمال فنية، فهو يرسم على محامل مختلفة يجمعها في القمامة، على غرار أغطية الأسطل أو بقايا سعف النخيل أو بقايا، مشاهد من "جزيرة الأحلام" بألوان مختلفة، يزوّق بهذه اللوحات في المطعم الذي يملكه.

أعمال فنية رائعة بفضل تثمين النفايات (مريم الناصري/ألترا تونس)

 

يقول الجيلاني لـ"ألترا تونس" إنه اختار الرسم على المحامل التي يجمعها من القمامة أو الشارع لإيصال رسالة عن إمكانية استثمار بعض النفايات غير المضرة في إنتاج الأعمال الفنية ونشر ثقافة إعادة تثمين النفايات عبر عرض أعماله في المطعم والاستراحة ليشاهدها الزوار سواء التونسيين أو الأجانب.

بدورها، اختارت دليلة العبيدي منذ قرابة أربعين سنة صنع الدمى باستعمال مكوّنات منها الأقمشة الأقمشة القديمة المستعملة أو بقايا بعض المصانع على غرار "الكرتون" التي عادة ما تحرق أو تُرسكل لصناعة الورق، إضافة لاستعمال مخلفات الخيوط وغيرها من المواد المستعملة لتشكيل الدمى وصنع شعرها وملابسها

أشكال إبداعية في رسكلة النفايات (مريم الناصري/ألترا تونس)

 

وجد بالنهاية العديد من العاطلين عن العمل والفنانين في النفايات مصدرًا لصناعة مواد غير مضرة بالصحة أو البيئة، فيما استعمل بعضهم النفايات لإنتاج الأعمال الفنية أو الديكور أو المجسمات. ربّما لا تقضي هذه الطرق أو الاستعمالات على الكميات الكبيرة من النفايات، لكنّها تعطي رسائل عن إمكانية إعادة تدويرها وتثمينها من جديد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

خالد بن جبارة.. صانع صناديق يستنطق المسامير والخشب

أمين الزين.. قصة تونسي عانق الموت من أجل حلمه