الترا تونس - فريق التحرير
دخل عدد من المبلغين عن الفساد، صباح الاثنين 10 جوان/يونيو 2024، في اعتصام مفتوح أمام مقر وزارة العدل التونسية، لمطالبتها بـ"التصدي لنهب المال العام" عبر التسريع في القضايا المرفوعة من قبل عديد المبلغين وعقد جلسة حوار مع عدد منهم لتدارس الأوضاع التي وصفوها بـ"الخطيرة في ظل هرسلتهم وملاحقتهم".
رئيس المبلغين عن الفساد لـ"الترا تونس": نطالب بالتسريع في القضايا المرفوعة من قبل عديد المبلغين وتدارس الأوضاع الخطيرة في ظل هرسلتنا وملاحقتنا
وقد أوضح رئيس جمعية المبلغين عن الفساد، أشرف بن عائشة في تصريحه لـ"الترا تونس"، أنّ هؤلاء المبلّغين قاموا بوقفة احتجاجية سابقة يوم الخميس 6 جوان/يونيو الجاري، لكنهم يدخلون اليوم في اعتصام، باعتبار أنّ "المبلّغ يدفع اليوم فاتورة وطنيته، وهو ضحية لوبيات الفساد" وفقه.
وأضاف بن عائشة: "قانون حماية المبلّغين عن الفساد غير مفعّل وهيئة مكافحة الفساد أنشطتها معلقة، ونحن نعاني بالتالي، من الهرسلة والقضايا الكيدية. وهدف لوبيات الفساد والدولة العميقة يتمثل في عزل المبلّغين عن وظائفهم"، معتبرًا أنّ الهيئة كانت تحمي المبلّغ نسبيًا، لكنهم أصبحوا بعد غلقها في وضعية كارثية، على حد تعبيره.
رئيس المبلغين عن الفساد لـ"الترا تونس": هدف لوبيات الفساد والدولة العميقة يتمثل في عزل المبلّغين عن وظائفهم
يتابع رئيس جمعية المبلغين عن الفساد بقوله: "أصبحنا نتعرض للهرسلة والتنكيل والتجويع، ونعتبر ما يحصل معنا اليوم عملية إبادة، فبعضنا في السجون وبعضنا في المستشفيات وبعضنا الآخر قد توفي.. نلاحظ عدم الحسم في القضايا ضد الفاسدين مقابل تسريع القضايا الكيدية ضد المبلّغين عن الفساد، كما لا توجد أي ضمانات للمبلّغ" وفق قوله.
واعتبر أشرف بن عائشة أنّ "هناك عدم تناغم بين الخطاب الرسمي للدولة الحامل لشعار مكافحة الفساد، والواقع المختلف تمامًا.. فالمبلّغ عن الفساد أصبح الضحية الأولى بعد السعي لتكميم أفواه هذه الفئة، كما نلاحظ تفاقم ظواهر نهب المال العام واشتغال اللوبيات بكل أريحية".
رئيس المبلغين عن الفساد لـ"الترا تونس": أصبحنا نتعرض للهرسلة والتنكيل والتجويع، ونعتبر ما يحصل معنا اليوم عملية إبادة، فبعضنا في السجون وبعضنا في المستشفيات وبعضنا الآخر قد توفي
-
أبرز مطالب المبلّغين عن الفساد
وعن أبرز المطالب التي يرفعها المبلّغون عن الفساد، قال بن عائشة: "نطالب بتفعيل القانون وفتح الملفات بكل جدية، إذ تُوجّه اليوم تهم تسريب الوثائق وإفشاء الأسرار المهنية إلى المبلّغين ليقع عزلهم، رغم أنه من المفروض ألا يقع عزل المبلّغ بقرار إداري كيدي من طرف مجالس تأديب كرتونية ومرقّعة" وفق وصفه.
وقال رئيس الجمعية: "لا ضمانات بعد التوجه للقضاء خاصة مع طول فترة التقاضي، ومطالبنا اليوم مشروعة، وهي تطبيق القانون عدد 10 لسنة 2017 مع القيام بإصلاحات تحمي المبلّغين، كما نطالب بالكفّ عن الهرسلة والتنكيل والقضايا الكيدية التي تلاحقنا والتي غايتها الزج بنا في السجون وإسكاتنا للأبد".
ودعا أشرف بن عائشة أيضًا إلى اتخاذ قرارات فورية تتمثل في إلغاء كافة مجالس التأديب وإرجاع المبلّغين إلى سالف وظائفهم، قائلًا إنه كان من الأفضل أن يتفاعل البرلمان معهم في مبادرة تشريعية تحمي المبلّغين.
يشار إلى أنّ ممثلي الجمعية التونسية للمبلغين عن الفساد، قد أكدوا خلال جلسة استماع عقدتها الثلاثاء 14 ماي/أيار 2024، لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد، بالبرلمان التونسي، أنّ " المبلغين عن الفساد يتعرضون لتهديدات وهرسلة متواصلة رغم الاتصال بجميع الإدارات والأطراف المعنية".
ممثلو الجمعية التونسية للمبلغين عن الفساد: المبلغون عن الفساد يتعرضون لتهديدات وضغوطات وهرسلة متواصلة خاصة في ظلّ تعليق نشاط هيئة مكافحة الفساد
وأضاف ممثلو الجمعية أنّ المبلّغين عن الفساد "يتعرّضون إلى العديد من الضغوطات رغم وجود إطار قانوني يتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين يتمثّل في القانون الأساسي عدد 10 لسنة 2017 المؤرخ في 7 مارس/آذار 2017، خاصة في ظلّ تعليق نشاط الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بصفتها الهيكل المختص بتلقي ملفات الفساد، وإسناد قرارات الحماية طبقًا لأحكام القانون الأساسي المذكور".
وقد دعا النواب في مداخلاتهم إلى "ضرورة العمل على رقمنة الخدمات الإدارية وتعزيز منظومة المراقبة للحيلولة دون تفشي هذه الظاهرة والدفع باتجاه محاسبة كل من ثبت تورطه في ملف فساد والعمل على تنقيح الإطار القانوني الحالي بما يوفر كل الضمانات اللازمة لحماية المبلغين، فضلًا عن ضرورة توضيح مآل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أو إرساء البديل".
ممثلو الجمعية التونسية للمبلغين عن الفساد: آفة الفساد تفشت وتعدّدت عوائق مكافحتها، من ذلك تعطّل البت في ملفات الانتدابات والترقيات غير القانونية والشهائد المزوّرة
وأشار ممثلو الجمعية في المقابل، إلى "تفشي آفة الفساد وتعدّد عوائق مكافحتها، من ذلك تعطّل البت في ملفات الانتدابات والترقيات غير القانونية والشهائد المزوّرة أو غير المنظّرة صلب الإدارة"، داعين إلى ضرورة التعاون بين كل الأطراف المعنية باتجاه تنقيح القانون الأساسي المذكور لتوفير مزيد من الضمانات للمبلغين عن الفساد وملاءمته مع الظرفية الراهنة.
ولفت ممثلو الجمعية التونسية للمبلغين عن الفساد، إلى أنه لم يتم التفاعل مع مطالبهم، واعتبروا أن عدم توفير الضمانات اللازمة لحماية للمبلغين أدّى إلى عزوف المواطنين عن التبليغ. وشدّدوا في هذا الإطار على ضرورة إيجاد آليات جديدة لحماية المبلغين ولمواصلة مكافحة الفساد والاستئناس بالتجارب المقارنة الناجحة، وفقهم.