تتالت ردود الفعل من الأحزاب التونسية إزاء الجلسة الأولى من البرلمان، التي انعقدت كامل يوم الاثنين 13 مارس/آذار 2023، وأجمعت هذه الأحزاب على عدم اعترافها بالبرلمان الجديد، وقد دعا البعض منها إلى مقاطعته.
في هذا السياق، يقول حزب العمال (معارضة)، في بيان حمل عنوان "يسقط برلمان الانقلاب"، إن هذا البرلمان "أفرزه مسار تكريس النظام الشعبوي المحتكم لدستور الحكم الفردي المطلق الذي شرع قيس سعيّد في تكريسه منذ انقلابه على الشق الآخر من المنظومة الرجعية الحاكمة"، وفق توصيفه.
حزب العمال: "هو برلمان دمى نزع عنه الحاكم بأمره صفة السلطة وحوّله إلى وظيفة بلا صلاحيات فعلية ليكون أداة تنفيذ لما يقرره"
ويضيف "هو برلمان فاقد للشرعية والمشروعية لم يشارك في انتخابه 90% من الناخبات والناخبين مما يجعل منه برلمانًا صوريًا لا تمثيلية له. وبالإضافة إلى ذلك فهو برلمان دمى نزع عنه الحاكم بأمره صفة السلطة وحوّله إلى وظيفة بلا صلاحيات فعلية ليكون أداة تنفيذ لما يقرره".
ويتابع في وصف البرلمان "وكأنّ هذا الإخضاع المهين لم يكن كافيًا، فقد عمد قيس سعيّد إلى ضبط توجهات نظامه الداخلي من خلال تصريحه بكون تشكيل الكتل البرلمانية أصبح من الماضي حتى يبقى مجرد أفراد معزول بعضها عن بعض".
حزب العمال: عمد قيس سعيّد إلى ضبط توجهات نظام البرلمان الداخلي من خلال تصريحه بكون تشكيل الكتل البرلمانية أصبح من الماضي حتى يبقى مجرد أفراد معزول بعضها عن بعض
وشدد الحزب اليساري على اعتبار البرلمان "أداة من أدوات الاستبداد ويذكّر شعبنا ببرلمان بورقيبة وبن علي.. وطعنة لطموحات شعبنا في السيادة وهو الذي ناضل منذ زمن بعيد من أجل برلمان تونسي وشكلت أحداث 9 أفريل 1938 حلقة متقدمة في سلسلة النضال من أجل تحرر بلادنا وشعبنا"، وفق ذات البيان.
وختم بدعوة الشعب التونسي وقواه التقدمية السياسية والاجتماعية والمدنية إلى "مقاطعة هذا البرلمان والعمل على إسقاطه كجزء من حركة النضال ضد منظومة الانقلاب".
من جانب آخر، يقول حزب التيار الديمقراطي (معارضة)، في بيان صباح الثلاثاء 14 مارس/آذار 2023، "تابع الشعب التونسي البارحة انعقاد الجلسة الافتتاحية لتنصيب الجهاز التشريعي لقيس سعيّد، هذه الغرفة الفاقدة للشرعية وللمشروعية، المنبثق عن دستور وعن قانون انتخابي قدّهما رئيس سلطة الانقلاب على مقاسه وعن انتخابات قاطعها تسعة أعشار التونسيات والتونسيين".
التيار الديمقراطي: "مصير هذا المجلس الوظيفي سيكون مماثلًا لمصير باقي الأجهزة التي يستعملها قيس سعيّد كشماعة للتغطية على فشله والتنصل من المسؤولية"
ويجدد الحزب تأكيده "بعدم اعترافه بهذا المجلس الوظيفي وبكل مخرجاته"، مشددًا، في ذات البيان الذي حمل عنوان "انطلاق المسرحية التشريعية"، على أن "مصيره سيكون مماثلًا لمصير باقي الأجهزة التي يستعملها قيس سعيّد كشماعة للتغطية على فشله والتنصل من المسؤولية، والذي شرع في بسط نفوذه عليه بتعيين كاتبه العام تعيينًا مسقطًا، وبالتعتيم على هذه المسرحية التشريعية بمنع وسائل الإعلام الخاصة من تغطية أشغاله والتلويح بطرد كل عضو لا يستكين لرغبات الحاكم بأمره"، وفقه.
وكانت حركة النهضة (معارضة) قد أصدرت بيانًا أيضًا حمل توقيع "الكتلة البرلمانية للحركة"، أكدت من خلاله عدم اعترافها بهذه "الغرفة النيابية مسلوبة الصلاحيات، المنبثقة عن مسار انقلابي غاصب وغير شرعي احتكر السلطات ودجّن العملية السياسيّة، مجلس نيابي فاقد للمشروعية انبثق عن انتخابات قاطعها ما يزيد عن 90% من التونسيين".
حركة النهضة: نؤكد عدم اعترافنا بهذه "الغرفة النيابية مسلوبة الصلاحيات، المنبثقة عن مسار انقلابي غاصب وغير شرعي احتكر السلطات ودجّن العملية السياسيّة"
وشددت على تمسكها بدستور 2014، معتبرة أنه "المصدر الوحيد للشرعية" ومجددة رفضها للقرارات الأحادية الجانب التي تنتهجُها سلطة الأمر الواقع، وفق ذات البيان.
وشكرت كلّ الأصوات الحرة الرافضة "لهذه الإجراءات الغاصبة"، داعية كلّ الحساسيات السياسية والمواطنيّة إلى مزيد من النضال السلمي المدنيّ في سبيل عودة الشرعية عبر الدعوة لانتخابات رئاسية و تشريعية سابقة لأوانها تجسد الإرادة الحرة للشعب التونسي وتستأنف الحياة الدستورية والمسار الديمقراطي، وفق ذات البيان.
في سياق متصل، جددت جبهة الخلاص الوطني (ائتلاف أحزاب وشخصيات معارضة لسياسات الرئيس في تونس)، ليل الأحد 12 مارس/آذار 2023، تأكديها عدم اعترافها بـ"المجلس النيابي المسخ المنبثق من دستور انقلاب غير شرعي، وانتخابات قاطعتها الأغلبية الساحقة"، وفق بيان للجبهة المعارضة، اطلع عليه "الترا تونس".
جبهة الخلاص الوطني: لن نعترف بـ"مجلس نيابي مسخ منبثق من دستور انقلاب غير شرعي، وانتخابات قاطعتها الأغلبية الساحقة"
وشددت أيضًا على تمسكها بدستور 2014، "المصادق عليه من قبل ملايين من أصوات التونسيين والتونسيات، عبر نوابهم في المجلس الوطني التأسيسي، فما جاء بالصندوق لا يعوض إلا بالصندوق"، وفق ما ورد في ذات البيان، مجددة رفضها "للقرارات الأحادية نتيجة النزوات والشهوات". وحيّت جبهة الخلاص الوطني "الأصوات الحرة التي رفضت هذه الإجراءات".
وكانت قد انطلقت، صباح الاثنين 13 مارس/آذار 2023 في تونس، أولى جلسات البرلمان الجديد المنبثق عن انتخابات شهدت نسبة مشاركة متدنية جدًا وبعد حل الرئيس قيس سعيّد البرلمان السابق قبل انتهاء عهدته، وكان أبرز ما ميّز هذه الجلسة منع الصحفيين من التغطية المباشرة، سواء الممثلين لوسائل إعلام محلية أو الأجنبية ما عدا مؤسستين حكوميتين (القناة الوطنية ووكالة تونس إفريقيا للأنباء) وهي سابقة منذ ثورة 2011.
يُذكر أن الرئيس التونسي قيس سعيّد قد أعلن، يوم الخميس الماضي، أن البرلمان الجديد، والذي انتُخب في دورتين بديسمبر/ كانون الأول وجانفي/ كانون الثاني الماضي، في اقتراع كانت نسبة الإقبال عليه متدنية للغاية، في حدود 11 في المائة، سيجتمع للمرة الأولى يوم الاثنين 13 مارس/آذار 2023.
وكان سعيّد قد علق عمل البرلمان المنتخب السابق في 25 جويلية/ يوليو 2021، في خطوة أولى قبل حله، ليحكم ويشرع بمراسيم في خطوة وصفتها أحزاب المعارضة ومنظمات وجمعيات بالانقلاب، بينما نفى سعيّد ذلك واعتبر خطوته "ضرورية لإنقاذ تونس من أزمة مستمرة منذ سنوات"، وفقه.
ولن تكون للبرلمان الجديد، الذي يعمل بموجب دستور وضعه سعيّد العام الماضي وتم إقراره في استفتاء بلغت نسبة المشاركة فيه حوالي 30 في المائة، سلطة تذكر مقارنة بالبرلمان السابق الذي حله.
وكانت قد قاطعت معظم الأحزاب الانتخابات التشريعية، مع العلم أن دستور سعيّد نص أيضًا على إنشاء مجلس آخر/ غرفة برلمانية ثانية وهي المجلس الوطني للجهات والأقاليم.