أحيت تونس الثلاثاء 14 جوان/يونيو 2022، اليوم العالمي للتبرع بالدم الذي يقام في العديد البلدان في العالم في 14 جوان/يونيو من كل عام. وقد تم الاحتفال بهذا الحدث لأول مرة سنة 2004 وذلك بهدف زيادة وعي المجتمعات بأهميّة التبرع بالدم الآمن طواعية وبدون مقابل من الأشخاص الأصحاء. كما يتيح هذا اليوم الفرصة للسلطات الصحية للعمل على توفير الموارد الكافية لزيادة جمع الدم، وإدارة مخزون الدم المتوفر ونقله إلى من يحتاجون إليه.
ونظرًا لأهميّة الموضوع فقد حدّدت تونس يوم الثامن من أفريل/نيسان من كلّ سنة يومًا وطنيًّا للتبرع بالدم ووقع اختيار "كل قطرة دم تعطيها تروي قلب ينبض بها" شعارًا لسنة 2022. ومن بين الهياكل القائمة على إنجاح هذه التظاهرات، سواء كانت وطنيّة أو عالمية، هي الجمعية التونسية للنهوض بالتبرع بالدم والتي كان لـ"الترا تونس" حوار مع رئيسها الدكتور محمد الصادق بودية.
- في البداية، لو تعرّف لنا الجمعية وأهم الأنشطة التي تقوم بها؟
تأسّست الجمعية التونسية للنهوض بالتبرع بالدم سنة 2002 من مجموعة من المتبرعين المنتظمين بالدم. وهدفها الأساسي النهوض بالتبرع سواء بالحملات في الفضاءات العامة وتبليغ المعلومة سواء في وسائل الإعلام أو بصفة مباشرة، وذلك للتشجيع على التبرع التلقائي والحر والمنتظم. وسبب تكوين الجمعية هو النقص في مادة الدم ومشتقّاته في تونس، والذي لا يغطيّ حاجيات المرضى.
- ماهي مراحل عملية التبرع؟
إن الدم مادة حياتية لا يمكن تصنيعها ولا يمكن الحصول عليها إلا بالتبرع والذي كلّما كان منتظمًا كلّما كانت ظروف العمل مريحة للأطباء.
محمد الصادق بودية (رئيس جمعية النهوض بالتبرع بالدم): عملية التبرع بالدم لا تتجاوز 20 دقيقة ويمكن للرجل أن يتبرّع 5 مرّات في السنة أما المرأة فلا تتجاوز الثلاث، على أن يكون هناك تباعد بشهرين بين مواعيد التبرع
وعملية التبرع لا تتجاوز العشرين دقيقة، إذ يخضع المتبرع لفحص طبي قبل التثبت من الشروط الكافية والتي تتمثل في أن يكون في صحة جيدة ولا يستهلك أدوية، وأن يكون عمره ما بين 18 سنة و65 سنة. ويبقى القرار الأخير لطبيب حملة التبرّع.
يمكن للرجل أن يتبرّع 5 مرّات في السنة أما المرأة فلا تتجاوز الثلاث، على أن يكون هناك تباعد بشهرين بين مواعيد التبرع.
- هل يتأثّر جسم الإنسان بعد سحب الدم؟
أؤكد أن جسم الإنسان ينتج الدم بصفة متواصلة، والدم المسحوب لا يؤثّر على صحة الإنسان. ويقع سحب 400 مل من الجسم وهو ما لا يتجاوز 10% من كمية الدم التي في الجسم والتي تراوح الخمسة لترات، والكمية المسحوبة مرتبطة بميزان الشخص وعدد الأوردة في جسمه.
- ما نوع الاختبارات التي يخضع لها الدم المسحوب قبل أن يقع تخزينه في بنوك الدم؟
إن العلاج بالتبرعات بالدم مقنن في تونس، وهي من أوائل الدول في العالم التي شرّعت لهذه المسألة ممّا يجعل إطار التبرّع منظّمًا بالقانون تسابق فيه تونس حتى عددًا من الدول الأوروبية.
ونقوم بالتحاليل لمعرفة إن كان الدم ملوّثًا أم لا. ويقع التثبّت من خلوّه من التهاب الكبد الفيروسي "ب" و"س"، وفيروس فقدان المناعة المكتسبة، ومرض الزهري.
بودية لـ"الترا تونس": تونس من أول الدول في العالم التي شرّعت للعلاج بالتبرع بالدم ممّا يجعل إطار التبرّع منظّمًا بالقانون تسابق فيه تونس حتى عددًا من الدول الأوروبية
التحاليل تمكّننا أيضًا من معرفة فصيلة الدم )"A"،"B"،"O"،"AB" (وزمرته (سلبي، إيجابي)، وتطغى على الشعب التونسي فصيلة "A+". أما الفصائل النادرة فهي "B-" و"AB-".
- هل هناك حالات يمنع فيها التبرّع بالدم؟
أكيد، ويتعلّق الأمر بمريض القلب، ضغط الدم، مريض السكري في مراحله المتقدّمة، ومن يتعاطى أدوية جريان الدم، وكل مصاب بأمراض جرثومية ودموية، وكلّ من أصيب سابقًا بمرض السرطان.
- ماهي وضعية بنوك الدم اليوم خاصة بعد الأزمة التي شهدتها في فترة جائحة كورونا؟
لقد أثّرت أزمة كورونا وفترات الحجر الصحي على مخزون الدم في تونس، لكنّ الوضعيّة تحسّنت اليوم نسبيًّا خاصة مع إقبال الشباب الجامعيين على التبرّع.
بودية لـ"الترا تونس": كميات الدم التي يوفرها بنك الدم غير كافية خاصة فيما يتعلّق بفصائل الدم النادرة وعادة ما نكون مُجبرين على اختيار المرضى حسب الأولويّات
ومن وجهة نظري كطبيب مختصّ، فإنّ كميات الدم التي يوفرها بنك الدم غير كافية خاصة فيما يتعلّق بفصائل الدم النادرة ممّا يجعل المريض في حالة انتظار إلى أن يقع تجميع كميات الدم اللازمة. وحسب تجربتي فإنّ كميّة الدم التي يقع توفيرها من التبرع تستهلك كاملة، ودائمًا ما نبقى في حاجة للمزيد.
ما يكمن أن أؤكده أن مهنيي الصحة قلقون لأنّ كميات الدم محدودة وعادة ما نكون مُجبرين على اختيار المرضى حسب الأولويّات.
- كيف تقيّم إقبال التونسي على التبرّع بالدم؟
يقدّر عدد المتبرّعين بالدم 230 ألفًا سنويًّا، يزداد عددهم من 5000 إلى 10000 شخص من سنة إلى أخرى. ولقد تغيّرت العقليّة منذ سنة 2003 إذ كانت هناك أفكار سائدة ومغلوطة من نوع "زيدني أنت أنا ما نعطيش"، "أخاف من الإبرة"، "أنتم ترسلون الدم إلى الخارج"، "أتبرّع وعندما أحتاج لا أجد دمًا"، "أنتم تتجارون بالدم"... وغيرها من الأقوال. وما أؤكّده هو أن المرّة الوحيدة التي وقع فيها إخراج دم من تونس كان لفائدة الشعب الفلسطيني.
ورغم تطوّر الإقبال خاصّة من فئة الشباب إلّا أنّ الحملات التوعويّة ما تزال منقوصة خاصّة وأنّ الجمعية لا تملك الموارد والإمكانيات الكافية للقيام بحملات دوريّة.