28-مايو-2024
محمد علي درويش

حوار لـ"الترا تونس" مع عضو اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين والمستشار بالمتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر والأستاذ بمدارس الفنون الجميلة محمد علي درويش

 

لم تكن مسيرة الخزف والخزافين عبر التاريخ بالهينة واليسيرة، بل كانت مجازفة حياتية وفنية مترعة بالعفوية في اتجاه المسك بانفعالات البشر وهم ينسجون حياتهم اليومية ويتأملون باندهاش خيوط الضوء وهي تتسلل عند الفجر فيخلدونها في أعمالهم وأدواتهم الطينية. لقد كانت مسيرة الخزف والخزافين حكايا الطين وسيرته الصامتة بواسطة لغة شعرية مخاتلة هي لغة الخلق البديع ولغة السحر والخلود.

 لقد كانت مسيرة الخزف والخزافين مسًّا رفيقًا للعالم وإعادة تشكيل للحالة الكيانية للبشرية خارج نفسها حيث يتوحد الانفعال والفكر في أعماق بلا شرفات سرعان ما تنبجس وتتفجر وتتحول إلى غابة كثيفة من الإيقاعات العاطفية ولا تستطيع اللغة الإنسانية حينها التعبير عن عوالمها الضاجة. فالتخزيف هو حالة ثورة مستمرة على اللغة والزمن والتاريخ.

من مناخات الثورة على اللغة والزمن أينعت تجربة فنية تشكيلية مختلفة ولا تشبه إلا نفسها، وهي تجربة الخزّاف محمد علي درويش التي أخذت مياه الفلسفة إلى صحراء الطين ويبوسته وشكلت منحوتات رفعت رحلة الخزف التونسي إلى مراتب عالية

من هذه المناخات وهذه العوالم التي ذكرنا أينعت تجربة فنية تشكيلية وخزفية تونسية مختلفة ومستقلة بذاتها ولا تشبه إلا نفسها في مسيرتها، وهي تجربة الفنان الخزّاف التونسي محمد علي درويش التي أخذت مياه الفلسفة إلى صحراء الطين ويبوسته وهبائه وشكلت ما شكلت من نصوص وألواح ومنحوتات خزفية رفعت رحلة الخزف التونسي إلى مصافّات عالية.

محمد علي درويش مولود سنة 1984 وهو ابن مدينة جبنيانة وحاصل على الدكتوراه في علوم التراث والماجستير في علوم وتكنولوجيات الفنون والأستاذية في الفنون التشكيلية اختصاص خزف، وعضو باتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين  ومستشار بالمتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر وأستاذ بمدارس الفنون الجميلة ومكون بالعديد من المؤسسات الثقافية في مجالات الخزف وفنونه.

 

صورة
الفنان التشكيلي محمد علي درويش

 

نشر محمد علي درويش عدة مقالات ذات أهمية نذكر منها "تمثلات الحضور القرطاجي والبوني في الفن التشكيلي التونسي، صدى المرجعية في تثبيت الهوية.. قراء في نماذج أعمال فنية تشكيلية"، و"سيبريطيقا الجسد الآلي: إنشائية للفعل التشكيلي المعاصر في تجربة نيكولا شوفر"، و"الانزياح بصورة الجسد من التشكيل إلى تصميم معاصر: تجربة كوثر كسو الجلازي"، وغيرها من المقالات.

باحت قريحة محمد علي درويش بعدة أعمال خزفية قدمها إلى المتلقي ضمن معرضين الأوّل كان سنة 2014 وعنوانه "ترانيم خزفية" والثاني كان نهاية سنة 2023 وعنوانه "ترفّق بي". كما شارك في عدة معارض ومهرجانات تونسية ودولية تهتم بالخزف

وباحت قريحة محمد علي درويش بعدة أعمال خزفية قدمها إلى المتلقي ضمن معرضين شخصيين الأوّل كان سنة 2014 وعنوانه "ترانيم خزفية" والثاني كان نهاية سنة 2023 وعنوانه "ترفّق بي". كما شارك في عدة معارض ومهرجانات وصالونات تهتم بالخزف تونسية ودولية، نذكر منها مشاركته في الملتقى الدولي للخزف بمصر سنة 2018 والمعرض الدولي للخزف بتركيا سنة 2021.

الفنان محمد علي درويش يبدو شخصية تسكنها اندفاعات حالمة ورؤى فنية ثورية، يحمل في يمناه مطرقة عقلانية لا مرئية، هي لهدم الثابت والقبيح، وفي يسراه حالومية الشمعة التي تنير درب الفن البديع بحثًا عن الفكرة بواسطة الجمال. 

"الترا تونس" التقى الفنان التشكيلي التونسي وتنافذ عبر جلسات متتالية وكان هذا الحوار: 

 

  • هل يمكن القول إن محمد علي درويش تآمر على نفسه الأمّارة بالفن والحيرة وحملها إلى مدارات الخزف وفنونه فانشدّت إلى الأبد؟

نعم يبدو توصيفك صحيحًا، فدراستي الجامعية والأكاديمية جعلتني أبني تخصصًا داخل التخصص، إذ أنّ الفنون التشكيلية وعلوم التراث حملتني برفق إلى الخزف القديم حيث بدايات تشكيل الطين، ثم حملني التخصص داخل مسار الفنون التشكيلية إلى مدارات كنت أجهلها بالرغم من المرور أمامها وهي الخزف. فوجدتني أتجول في أمكنة مهجورة من التاريخ وأقارب الواقع بالطين والنار وأبحث عن المجهول وأغوص في بحار الحقيقة الجمالية، وهكذا انشددت إلى حريتي، إلى الأبد.

محمد علي درويش لـ"الترا تونس": الفنون التشكيلية وعلوم التراث حملتني برفق إلى الخزف القديم حيث بدايات تشكيل الطين فوجدتني أتجول في أمكنة مهجورة من التاريخ وأقارب الواقع بالطين والنار وأبحث عن المجهول وأغوص في بحار الحقيقة الجمالية

 

  • عندما غامرت ومشيت حافيًا في درب الخزف الفني بحثًا عن المفقود وجريًا وراء الفكرة الخلاقة، من أخذ بيدك أثناء تلك البدايات؟ 

المعلمون كثر، لكنّي أعترف بالفضل الغامر للفنانة والأستاذة سارة بن عطية التي أناديها "لو ماتر" ولا أزال أستشيرها إلى اليوم، وأيضًا الأستاذ سامي الفقيه الذي جلست إليه في مدرسة الفنون الجميلة عندما اخترت الخزف نهجًا وشكلًا من أشكال الإقامة على أرض الفن فهو من صوت الكثير من اعوجاج البدايات. 

 

صورة
إحدى أعمال محمد علي درويش التشكيلية 

 

  • الخزف كفن قديم رافق الإنسان طيلة الوجود ويحضر أمامنا زاخرًا بالتاريخ في جميع أبعاده ويقدّم المرويات الأولى عن الحياة. هل يمكن القول إنّ الدخول إلى عوالمه والكشف عن خباياه يتطلب جملة من الأدوات؟ وما هي؟ 

الخزف هو أب الفنون، وتتضمن مادته جملة العناصر الأربعة التي تقوم عليها  الحياة والوجود وهي الماء والتراب والهواء والنار. وبالتالي هو فن يحوز قداسة ما وخطورة تاريخية ما أثناء محاولة فهمنا له، وولوج عوالمه يتطلب دراية بعلم الأنتروبولوجيا والتاريخ القديم وارتباطه بالأساطير وتاريخ الفنون والعلوم الفيزيائية. وهي أدوات ضرورية للخزاف أو الباحث الخزاف أو الباحث بشكل عام.   

محمد علي درويش لـ"الترا تونس": الخزف هو أب الفنون، وتتضمن مادته جملة العناصر الأربعة التي يقوم عليها الوجود وهي الماء والتراب والهواء والنار، وبالتالي هو فن يحوز قداسة وخطورة تاريخية فولوج عوالمه يتطلب دراية بعلم الأنتروبولوجيا والتاريخ القديم

  • أنت من القلة التي تتحدث عن النحت الخزفي فلو تريق بعض الضوء على هذا الاختصاص؟ وهل ثمة فروقات في التسميات بين الخزاف والنحات الخزفي؟ 

هذه الفروقات لا مرئية وهي تحدث في وعي الفنان في تعامله مع كتلة الطين ومن ثمة حمل الأصابع والأدوات البسيطة على إنجاز ما يحدث في العقل وتنقله الأحاسيس فيتجلى أمام الناظرين خزفيات ومنحوتات خزفية. توجد اختلافات بسيطة بينهما في الأبعاد والأحجام لكن مفهوم النحت الخزفي تداوله قليل في تونس وأنا أحد المدافعين عنه لأنه يمنح الفنان إحساسًا شاسعًا بالحرية أمام الكتلة الطينية أثناء تشكيلها.

 

صورة
لوحة "الثور السمائي الهائج" لمحمد علي درويش

 

  • ما هو أهم عائق يعترض الخزاف في تونس؟ 

الفرن يعتبر أهم عائق أمام الخزاف التونسي بل هو أهم أزمة يمكن أن تعترضه خاصة إذا ما رام التعاطي مع أعمال خزفية تتطلب حرارة عالية، وهذه الأفران يتراوح ثمنها بين 5 و200 ألف دينار تونسي. 

 

  • كيف ترى واقع الخزف الفني في تونس اليوم؟ 

في البداية لا بدّ من الاعتراف لأجيال من الخزافين التونسيين الذين أفنوا أعمارهم في رسم هذا الدرب وتعرضوا إلى صعوبات جمة من بينها الإقصاء وحشرهم في الدونية أمام المسالك التشكيلية الأخرى حتى أنّ الكتابات والدراسات التي تناولت الفنون التشكيلية في تونس لا تتعرّض لتجارب الخزافين الفنيين بالقدر المطلوب ولا تقدم قراءات عميقة حول اللغة التي بها ينطّقون الطين ولا يقدمون التعبيرات الفنية التي أرادها رموز تلك الأجيال من خلال أعمالهم المميزة وتجاربهم العميقة. لكنّ ذلك لم يثنِهم عن المواصلة في نحت الدرب فكان تحديهم مضاعفًا أمام الفن والإبداع وأمام التاريخ. 

محمد علي درويش: لا بدّ من الاعتراف لأجيال من الخزافين التونسيين الذين أفنوا أعمارهم في رسم هذا الدرب وتعرضوا لصعوبات جمة من بينها الإقصاء حتى أنّ الدراسات التي تناولت الفنون التشكيلية في تونس لا تتعرّض لتجارب الخزافين بالقدر المطلوب

والأجيال الجديدة واصلت المهمة بثبات ونحن نفتخر اليوم عندما نقدم أنفسنا بأننا أبناء الخزف الفني وتحدياتنا متواصلة الآن وهنا. 

 

صورة
لوحة "هباء كامل التكوين"

 

  • ما دور المركز الوطني للخزف الفني في النهوض بهذا الخط الفني؟ 

المركز الوطني للخزف الفني بسيدي قاسم الجليزي هو مؤسسة ومكسب للثقافة والفنون وتحديدًا الخزف الفني في تونس، فهو ينهض منذ تأسيسه بدور كبير استفاد منه الجميع. وفي المرحلة الحالية لا بدّ من الإشادة بالملتقى الدولي الذي ينظمه والذي يجلب إلى بلادنا تجارب كبار الخزافين، لكنّنا لا نزال ننتظر ميلاد متحف الخزف التونسي الذي سيكون خلاصة لكل ما حدث طيلة العقود الأخيرة في بلادنا وخصوصًا تضحيات أجيال من الخزافين التونسيين، لكن قبل الذهاب  مباشرة إلى المتحف لا بدّ من فسحة تفكير وتدبير تسبق ذلك لأننا إزاء  التاريخ.  

محمد علي درويش: لا نزال ننتظر ميلاد متحف الخزف التونسي الذي سيكون خلاصة لكل ما حدث طيلة العقود الأخيرة في بلادنا وخصوصًا تضحيات أجيال من الخزافين التونسيي

 

  • هل يكتب محمد علي درويش الشعر؟ 

نعم أكتب الشعر ولديّ قصائد منشورة، وغالبًا ما أزاوج أعمالي الخزفية بالشعر وأعتبرهما (الطين والكلمات) قطعة واحدة لأن الشعر هو منتهى الكلمات وسقف اللغة والطين هو حنين أبدي للكتابة، لذلك تجدني أجسّد تلك العلاقة بشكل من الأشكال.

 

  • لو تقرأ لنا نتفة مما نظمت؟ 

بحثًا عن قوة الضوء في العتمة والظلمة الظالمة، تنفصل الذات عن ذاتها.. تسبح في مخيلة الذات لتثبت ذات الذات ذاتها

تتكرر ذات الرسوم

تنفصل الأشكال

تنجذب، تنفلت، تبتعد، تتهرب، تتقلب، تضطرب، تتكسّر، تتلون، وتخترق القواعد وتعلن تمردها.. محترقة تحاول انعتاقها ثانية فتبرره

ينتهي الصراع بثبات الكون والوجود

خير وشرّ، طين وتراب وماء

حياة داخل الموت

انفصام"   

 

  • أين "يُملّس" محمد علي درويش طينه؟ 

في كل مكان وزمان، تمامًا كالصوفية، فالطين كالحبر نكتب به أفكارنا متى مسكنا القلم ونصوغ به مشاعرنا صوغًا غريبًا منفلتًا، عاقلًا ومجنونًا متى استبدت بنا الرغبة، وهي أمور لها منطقها الخاص وهو منطق الفن.

وشخصيًا حولت منزلي إلى ورشة مفتوحة ومستمرة أنجز داخلها نصوصًا بالطين وأضعها على صفيح النار لأطبعها وأخلدها. 

 

صورة
لوحة "رسائل الإله أنو"

 

  • هل ثمة كتابة نقدية مضيفة وجادة حول التجارب التونسية في الخزف الفني؟ وهل البحث الجامعي يهتم بهذه الجماليات وهذا التنوع والاختلاف؟ 

قليلة هي الكتابات حول الخزف الفني التونسي وحول تجارب الفنانين ومدوناتهم الجمالية وحول منجزهم الفني سواء من قبل النقد الفني أو البحث العلمي الجامعي، وذلك بالنظر إلى حجم ما يأتيه الفنانون من أعمال وتجارب  تاريخية، هناك نوع من الإحجام نتيجة لمراكمة الإقصاء. وقد حان الوقت ليحصل الاقتراب بين الضفتين ضفة الفن الخزفي وضفة مقاربة الفن والكتابة حوله. 

محمد علي درويش: قليلة هي الكتابات حول الخزف الفني التونسي وحول تجارب الفنانين ومدوناتهم الجمالية وحول منجزهم الفني سواءً من قبل النقد الفني أو البحث العلمي الجامعي، مقارنة بحجم ما يأتيه الفنانون من أعمال وتجارب  تاريخية

 

  • معرضك الفني الأخير "ترفّق بي" الذي احتضنته دار الثقافة باردو،  لم يكن حدثًا تشكيليًا فحسب بل كان حدثًا ثقافيًا حمل زواره إلى مدارات الحلم والقيم الإبداعية وجعلهم على أديم مفخخ يتطلب الحذر والتدبر. من أين جاءت تلك الجسارة الفنية؟ وهل طرحت الأسئلة التي كنت تصبو إليها من خلال خزفياتك؟ 

"ترفق بي" هو حالة وجدانية وروحانية تواصل اعتمالها ومكابدتها لأشهر عديدة جعلتني أتوقف عن مس الطين لأزْيَد من سنتين، ثم تلتها حالة من الاعتكاف وعشت حالة تشبه "السمدهية" في الثقافة الهندية وهي نوع من أنواع التأمل. وقد أثمرت هذه الحالة معروضات "ترفّق بي"، وهي طريق وعرة شاقة تدفع نحو الحيرة والإحساس بالضنى والمكابدة والصعود المجهول بحثًا عن الحقيقة، لكنه في نفس الوقت تطبيب للروح التائهة والإنسان الذي يعتقد في القوة فيجنح نحو الحرب والظلم.

الشخصيات التي أقدمها اليوم، الآن وهنا، هي شخصيات تراجيدية تم استدعاؤها من مناخات وعوالم قديمة اشتغل حولها فن المسرح وفنون الشعر والكتابة، وأخرى مستقبلية لم ندركها وتدركنا بعد، همّها الأوحد هو مرافقة الإنسان والأخذ بيده من شفا الظلمة إلى عالم النور الفسيح. 

 

صورة
لوحة "السمادهي" 

 

  • يبدو أنك كغيرك من المبدعين والكتاب والفلاسفة تمتحون من الأسطورة دون غيرها بل وحولتموها إلى الملاذ الأوحد للتفكير والتأمل؟ 

الأسطورة هي خلاصة كل شيء، لا يخضعها زمان أو مكان، نعود إليها كلما أضنانا تعب التساؤل، ونغادرها بيد ملأى وأخرى لا شيء فيها.

وشخصيًا أشتغل على الأسطورة في أغلب أعمالي ومعرضي الأخير "ترفق بي" كان فتحًا جديدًا ومغايرًا في حقل الأسطورة انطلاقًا من العنوان المأخوذ من قصيدة للشاعر الفلسطيني محمود درويش حيث وردت عبارة "ترفّق بي" على لسان البطل "أنكيدو" في اللحظة التي قتلته فيها الآلهة انتقامًا من صديقه "جلجامش". وذهبت إلى مناطق أخرى بعيدًا عن المحاكاة للملحمة المكتوبة على ألواح خزفية. هي مزج لطيني وعقلي ومشاعري مع أشعار محمود درويش وتميم البرغوثي وملحمة جلجامش الشهيرة. هي تمثلات أخرى للواقع. ونحن في النهاية نشبه أبطال الأساطير القديمة بشكل من الأشكال في صراعاتنا من الوجود والموجود.

 

  • هل يستبطن المتلقي التونسي هذا العمق الأسطوري والفكري في أعمالك الخزفية الفنية؟

في غالب الأحيان لا يدرك ذلك، لكنّي أحرص على مرافقة زوار المعرض لأني أعتقد جازمًا في مفهوم "الوساطة الفنية" سواءً بالحوار مع المتلقي أو النص الذي يرافق العمل الفني وهو جزء من عمل الفنان لأن حسن التأويل وفهم العمل والرسائل القيميّة المراد إيصالها يسهم في نحت عقل المتلقي ونشر الوعي في المجتمع.

 

 

  • هل توجد أعمال خزفية فنية في الرصيد الوطني (مجموعة الدولة التونسية)؟

لجان الشراءات المتعاقبة خلال العقود الماضية كانت تتجنب اقتناء الخزف لأن ظروف الحفظ كانت سيئة حتى أن أغلب المقتنيات كسرت واندثرت، أما في السنوات الأخيرة فأصبح ثمة اقتناء والرصيد الوطني يملك بضع مئات من الخزفيات من جملة 14 ألف عمل وتلك القلة من الأعمال المقتناة تمثل ذاكرة ثقافية وفنية كبيرة خاصة إذا علمنا أن من بين تلك الأعمال أسماء لها تاريخها على غرار محمد اليانقي وخليفة شلتوت وعائشة الفيلالي وغيرهم.

 

  • ما مدى اهتمام مؤسسة المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر بالخزف الفني، باعتبار أنه الجهة المشتغلة على الرصيد الوطني؟ 

محمد علي درويش: المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر منشغل بكل الاختصاصات الفنية المتاحة في الرصيد الوطني بما في ذلك الخزف الفني، وقريبًا ثمة مشروع جمالي وفكري خاص بالمتحف سيعطي قيمة للخزف والخزافين

المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر منشغل بكل الاختصاصات الفنية المتاحة في الرصيد الوطني بما في ذلك الخزف الفني، وقريبًا ثمة مشروع جمالي وفكري خاص بالمتحف سيعطي قيمة للخزف والخزافين لا يزال في طور التفكير والاستعداد. وهو سلوك ثقافي طبيعي من قبل المتحف.

 

صورة
لوحة "حرب الأنوناكي"

 

  • أنت أحد مؤسسي الجمعية التونسية للفنون الوساطة، ما هو الدور الذي تلعبه في المشهد الفني والثقافي عمومًا؟ 

نحن مجموعة من الفنانين التشكيليين، لنا هواجس ورؤى مختلفة لكننا نؤمن جميعنا بالدور المغيّر للفن: تغيير الذات وتغيير العالم. لذلك اهتمت  الجمعية بواجهة التكوين واعتبرت ذلك في صميم فلسفة الانفتاح والاكتشاف على التجارب الكامنة كما ساهمت في  تكوين عدد من الحرفيين اعتقادًا بأن بذورًا جمالية جديدة قد تينع في عالم الحرف المهتمة بالخزف.

 

  • كيف ترى المستقبل، مستقبلك الفني؟

أراه متلبدًا بالفن. والفن هو ما يبقى بعد أن يفنى كل شيء.

 

صورة
مراسل "الترا تونس" في مقابلة مع الفنان التشكيلي محمد علي درويش