03-يوليو-2024
حوادث العاملات الفلاحيات في تونس

لا تزال حوادث المرور التي تفتك بالعاملات في القطاع الفلاحي في تونس مستمرة وما فتئت أرقام ضحاياها ترتفع

الترا تونس - فريق التحرير

 

لا تزال حوادث المرور التي تفتك بالعاملات في القطاع الفلاحي في تونس مستمرة، وما فتئت أرقام ضحاياها ترتفع، رغم صيحات الفزع المتواصلة من منظمات المجتمع المدني التي تدعو إلى ضرورة إيجاد آليات تضع حدًا لحوادث الموت التي تحصد أرواح العاملات بشكل مستمر، على الرغم من وضع قانون واضح منذ سنة 2019 ينظّم عملية نقل العملة والعاملات في الفلاحة.

لا تزال حوادث المرور التي تفتك بالعاملات في القطاع الفلاحي في تونس مستمرة وما فتئت أرقام ضحاياها ترتفع، رغم صيحات الفزع المتواصلة من منظمات المجتمع المدني التي تدعو إلى ضرورة إيجاد آليات تضع حدًا لحوادث الموت

 

  • مقتل 3 عاملات وإصابة أكثر من 70 أخريات منذ بداية العام

وأفادت جمعية "أصوات نساء"، الأربعاء 3 جويلية/يوليو 2024، بأنّه "منذ بداية سنة 2024، وقعت 5 حوادث نقل للعاملات في القطاع الفلاحي، مما أسفر عن مقتل 3 عاملات وإصابة أكثر من 70 أخريات  في ظل صمت الدولة".

جمعية "أصوات نساء": منذ بداية سنة 2024 مقتل 3 عاملات وإصابة أكثر من 70 أخريات في حوادث النقل الفلاحي في ظل صمت الدولة وفشلها في إيجاد حلول جذرية

واعتبرت الجمعية، في بيان لها، أنّ الدولة "فشلت في إيجاد حلول جذرية لتنظيم نقل العاملات في القطاع الفلاحي ووضع قوانين فعالة لحمايتهن"، حسب تقديرها.

وفي ذات الصدد، سلطت "أصوات نساء" الضوء على حادث مأسوي جديد للعاملات في قطاع الفلاحي في القيروان-بوحجلة حصل الثلاثاء 2 جويلية/يوليو 2024.

وقالت الجمعية إنّ الحادث تمثل في انقلاب شاحنة تقل عاملات فلاحيات على مستوى الطريق الرابطة بين معتمدتي بوحجلة والقيروان الجنوبية، أسفر عن تعرض ثماني عاملات إلى إصابات متفاوتة الخطورة.

 

 

  •  غياب الدولة في ملف العمالة الفلاحية

ومن جانبه، سلط المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الأربعاء 3 جويلية/يوليو 2024، الضوء على الحادث المريع الذي جد بتاريخ  26 جوان/يونيو المنقضي والمتمثل في انقلاب شاحنة نقل فلاحي بمنطقة دار الجمعية من عمادة العويثة التابعة لمعتمدية السبيخة الذي أسفر عن وفاة طفلة في الـ15 من العمر كانت تركب في الصندوق الخلفي للشاحنة رفقة عدد من نساء المنطقة كنّ في طريقهن إلى العمل بأحد حقول الطماطم، وخلّف إصابة 14 عاملة بجروح متفاوتة الخطورة إحداهن فقدت بصرها على إثر تعرضها لكسور على مستوى الجمجمة.

منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: بان بالكاشف غياب الدولة في ملف العمالة الفلاحية والقضايا المتعلقة وتقصيرها في مراقبة وسائل النقل الفلاحي والتصدي لممارسات الوسطاء

وأكد المنتدى أنّ "الحادث مثّل صدمة كبيرة هزت الرأي العام وكشفت عن الانتهاكات الصارخة لحقوق العمالة الفلاحية ولحقوق الطفل باعتبار أن الضحية المتوفاة قاصر رغم منع تشغيل القصر في كل التشريعات الدولية والوطنية لحقوق الإنسان"، مستدركًا أنه "ليس الأول من نوعه سواءً من ناحية ظروف النقل العشوائي وغير اللائق الذي ينجر عنه في كل فاجعة سقوط جرحى ووفيات أو من ناحية تواجد القاصرات في العمل الفلاحي ومشاركتهن بقية العاملات ظروف ومآسي التنقل والعمل"، حسب تعبيره.

ورأت المنظمة الحقوقية أنّ "الحادث كشف الستار عن جملة من الانتهاكات المسكوت عنها وبيّن بالكاشف غياب الدولة في ملف العمالة الفلاحية والقضايا المتعلقة بها التي تتقاطع فيما بينها، كما أثبت تقصير السلطات المعنية في مراقبة وسائل النقل الفلاحي والتصدي لممارسات الوسطاء وفي حماية حقوق العملة والعاملات في القطاع الفلاحي، كغياب رؤية الإصلاح عند الجهات التي منحها القانون عدد 51 لسنة 2019 المتعلق بإحداث صنف نقل العملة الفلاحيين الصلاحيات التامة وترك لها سلطة القرار والتنفيذ والرقابة والتخطيط".

وحذّر كل الوزارات المعنية والأطراف المتدخلة في ملف العمالة الفلاحية من تواصل سياسة الترقيع والتجاهل ومن تملص السلطات الجهوية من المسؤوليات الموكولة لها بموجب القانون المنظم لنقل العملة والعاملات في القطاع الفلاحي.

 

  • صيحة فزع إزاء ظاهرة تشغيل القصّر

وما فتئ المنتدى يحذر من "تواصل نزيف الحوادث ويطالب في عديد المناسبات بمراجعة المنظومة القانونية الحالية وإيجاد حل جذري لتمكين العاملات في القطاع الفلاحي من نقل آمن ولائق"، محذّرًا أيضًا من "تشغيل القاصرات في العمل الفلاحي ومن تفاقم الظاهرة".

وفي هذا الصدد، ذكّر المنتدى وزارة الأسرة وكل الوزارات المعنية أن "الضحية القاصر التي توفيت في فاجعة السبيخة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة إذ أصبح المشهد متكررًا بشكل مفزع"، لافتًا إلى أنّ "حادث المرور الذي جد يوم 2 جويلية/يوليو والمتمثّل في انقلاب شاحنة كانت تقل عملة وعاملات في الفلاحة، خلّف 8 جرحى من ضمنهم 4 قاصرات، وفقه.

منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يحذر من تواصل نزيف الحوادث في النقل الفلاحي ومن تفاقم ظاهرة تشغيل القصّر في القطاع الفلاحي

كما أشار إلى أنّ "حوالي 215 ألف طفل في تونس يعملون في قطاعات مختلفة وذلك حسب آخر دراسة أنجزتها وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع منظمة العمل الدولية والمعهد الوطني للإحصاء"، لافتًا إلى أنّ "50% منهم يشتغلون في القطاع الفلاحي وتتفاقم النسبة في أيام العطل المدرسية". 

كما يتعرض 3% من الأطفال البالغة أعمارهم بين 14 و15 سنة لكل أشكال الاستغلال الاقتصادي وذلك حسب أرقام المعهد الوطني للإحصاء واليونيسيف.

ولفت المنتدى إلى أنّ وزارة الأسرة تتلقى بشكل دوري عددًا هامًا من الإشعارات المتعلقة بالاستغلال الاقتصادي للأطفال الذي يعدّ جريمة اتجار بالأشخاص تمنعه كل القوانين والصكوك المتعلقة بحقوق الطفل وطنيًا ودوليًا، مؤكدًا أنّ الظاهرة لا تزال في تصاعد مستمر.

 

  • ضرورة مراجعة التشريعات

كما أكدت المنظمة الحقوقية "ضرورة مراجعة التشريعات الجاري بها العمل على غرار قانون النقل الذي ثبت عمليًّا عدم قابليته للتطبيق، في ظل تضاعف عدد الحوادث وتصاعد أعداد الوفيات والجرحى".

وذكّر المنتدى بأنه تم  "منذ سنة 2015 ووفقًا للمعطيات المتاحة للرصد، تسجيل حصول  79 حادث مرور يتعلق بشاحنات النقل الفلاحي، أسفر عن وفاة 62 ضحية وخلف 915 جريحة، بنسبة 54.4% من مجموع الحوادث التي جدّت منذ بداية سنة 2020، أي بعد صدور القانون عدد 51 لسنة 2019 توفيت على إثرها 22 عاملة الأمر الذي يعزز تأكيد عدم نجاعته وعدم ملاءمته لخصوصية الفئة ولخصوصية القطاع، حسب تقديره.

منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: يجب مراجعة التشريعات الجاري بها العمل على غرار قانون النقل الذي ثبت عمليًّا عدم قابليته للتطبيق، في ظل تضاعف عدد الحوادث وتصاعد أعداد الوفيات والجرحى

وعلى هذا الأساس، طالب منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بـ"التكفل بوضعيات العاملات اللاتي أصبن في الحادث وتأمين العلاج الكامل والمجاني لهن ومتابعة حالاتهن الصحية والاجتماعية والاقتصادية وإدماجهن في إحدى آليات الحماية الاجتماعية والصحية وفي برامج الدولة الموجهة للنساء وللعائلات محدودة الدخل"، ومحاسبة كل من ثبت تورطه في الجريمة وتسليط عقاب رادع عليه.

كما طالب بـ"تنقيح القانون عدد 51 لسنة 2019 المتعلق بإحداث صنف نقل العملة الفلاحيين بما يتلاءم مع خصوصية القطاع الفلاحي والفئات العاملة فيه"، و"وضع خطة وطنية عاجلة تتلاءم مع خصوصيات كل جهة لتحسين البنية التحتية للطرقات وللمسالك الفلاحية في الجهات الداخلية خاصة المثلث الغربي للبلاد (القيروان، سيدي بوزيد والقصرين) الذي يشهد أكبر نسبة من حوادث الشاحنات المقلة للعاملات في القطاع الفلاحي وحركية كبرى بين ولاياته باعتبار الطابع الفلاحي الغالب عليه والكثافة العددية لليد العاملة فيه".

منتدى الحقوق الاقتصادية: لا بدّ من تفعيل آليات الرقابة والتفقد في الأراضي الفلاحية لرصد المخالفات المتعلقة بظاهرة تشغيل الأطفال وبعث شركات خاصة بنقل العملة والعاملات في القطاع الفلاحي تكون تحت إشراف الدولة

كما شدد على ضرورة تفعيل آليات الرقابة والتفقد في الأراضي الفلاحية لرصد ورفع المخالفات المتعلقة بظاهرة تشغيل الأطفال وكذلك تشديد الرقابة على الطرقات والمسالك الفلاحية للحد من ظاهرة النقل العشوائي وغير اللائق ومحاسبة الناقلين والوسطاء.

ونادى المنتدى بـ"بعث شركات خاصة بنقل العملة والعاملات في القطاع الفلاحي تكون تحت إشراف وتسيير الدولة وتوفر وسائل نقل مؤهلة وقادرة على الولوج إلى المستغلات الفلاحية والسير في الطرقات والمسالك الوعرة لتأمين وصول العاملات والعملة الى الأراضي".

كما دعا إلى "فتح حوار وطني من أجل وضع خطة إصلاح شاملة وجذرية للقطاع الفلاحي تأخذ بعين الاعتبار وضعية الفلاح واليد العاملة في ظل السياق الاجتماعي والاقتصادي والمناخي الوطني والعالمي"، حسب رأيه.

 

 

وكانت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ في تونس قد أعلنت، الأربعاء 26 جوان/ يونيو 2024، تكليف مندوب حماية الطفولة بإثارة دعوى قضائية لدى النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائيّة بالقيروان بخصوص شبهة الاتّجار بالأشخاص واستغلال قاصر اقتصاديًّا، وذلك على خلفية حادث انقلاب شاحنة تقلّ عاملات فلاحية، ما أسفر عن وفتاة فتاة تبلغ من العمر 16 سنة كانت على متن الشاحنة.

وأوضحت الوزارة في بلاغ لها الأربعاء 26 جوان/يونيو 2024، أنه تبعًا لفتح بحث في الغرض من طرف السلطات القضائية على إثر الحادثة الأليمة التي جدّت بمنطقة دار الجمعية من معتمدية السبيخة من ولاية القيروان، تم تكليف مندوب حماية الطفولة المختصّ ترابيًّا بإثارة الدعوى القضائية على معنى القانون عدد 58 لسنة 2017 المتعلّق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة وأحكام مجلة حماية الطفل والقانون عدد 51 لسنة 2019 المتعلّق بإحداث صنف "نقل العملة الفلاحيين".


صورة