(نشر في 02-07-2024/ 11:00)
الترا تونس - فريق التحرير
جدل واسع ضجّ في عدة ولايات في تونس، خلال الأيام الأخيرة، منذ نشر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي دليل التوجيه الجامعي 2024 الذي يهم التلاميذ الناجحين في امتحان البكالوريا، على خلفية حذف جملة من الاختصاصات الجامعية في جامعات بعدد من الجهات.
جاء ذلك بعد أسابيع قليلة من تصريح للرئيس التونسي قيس سعيّد، خلال لقاء جمعه بوزيري التربية والتعليم العالي والبحث العلمي، أكد فيه ضرورة مراجعة بعض الشعب العلمية في التعليم العالي التي قال إنها "لا تفتح آفاقًا للطلبة في تونس".
جامعة التعليم العالي على الخط
وقالت الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي، الاثنين 1 جويلية/يوليو 2024، إنها تلقت عددًا هامًا من بيانات الاحتجاج صادرة عن عديد الهياكل النقابية بجامعات القيروان وقفصة وقابس وشبكة المعاهد العليا للدراسات التكنولوجيّة، على خلفيّة حذف عدد كبير من مسارات التكوين صلبها.
جامعة التعليم العالي: نرفض أيّ مراجعة مقنعة للخارطة الجامعية تحت غطاء دليل التوجيه الجامعي ونستنكر عدم استشارة أو تشريك الهياكل الأكاديمية المعنية في اتخاذ هذه القرارات الخطيرة
وذكرت، في بيان لها، أنّ هذا الحذف طال اختصاصات عديدة كاللّغات والفنون والعلوم الأساسيّة، كما ورد في دليل التوجيه الجامعي للسنة الجامعية 2024-2025.
وفي هذا الإطار، عبرت جامعة التعليم العالي عن استنكارها عدم استشارة أو تشريك الهياكل الأكاديميّة المعنية (الجامعات، المؤسسات، الأقسام) قبل اتخاذ هذه القرارات التي وصفتها بـ"الخطيرة".
وعبرت جامعة التعليم العالي عن مساندتها المطلقة لحق مؤسسات جامعات القيروان وقفصة وقابس والمعاهد العليا للدراسات التكنولوجية في الدفاع عن حظوظها وتصوّراتها في تحديد مسالك التكوین صلبها، مؤكدة رفضها "أيّ مراجعة مقنعة للخارطة الجامعية تحت غطاء دليل التوجيه الجامعي"، وفق تعبيرها.
جامعة التعليم العالي: نطالب الوزارة بتدارك خطئها عبر التراجع عن قراراتها والتفاعل الإيجابي مع مقترحات الجامعات والمؤسسات والأقسام المعنيّة، وبإطلاق حوار جديّ ومستفيض حول الخارطة الجامعیة
كما ذكّرت، في هذا الإطار، بأنّ موضوع الخارطة الجامعية هو أحد محاور الإصلاح المتفق عليه من الأطراف الثلاثة المشاركة في المخطط الاستراتيجي لإصلاح منظومة التعليم العالي والبحث العلمي (وزارة، نقابة، جامعات)، وأنّ أيّ مراجعة لها يجب أن تتّم داخل اللجنة الثلاثية المكلفة بمتابعة الإصلاح والتي وقع الاتفاق على تكريسها منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022 في اجتماع بالوزارة ضمّ الجامعة العامّة بممثلين عن الوزارة وعن رؤساء الجامعات.
وعلى هذا الأساس، طالبت الجامعة العامة للتعليم العالي، وزارة الإشراف بـ"تدارك الخطأ عبر التراجع عن قراراتها والتفاعل الإيجابي مع مقترحات الجامعات والمؤسسات والأقسام المعنيّة، وتفعيل اللجنة المكلفة بمتابعة الإصلاح المتّفق عليها، ودعوتها للانعقاد لفتح وإطلاق حوار جديّ ومستفيض حول الخارطة الجامعیة واستحقاقاتها".
جدل على مستوى الولايات
-
سيدي بوزيد
وكانت ولاية سيدي بوزيد قد شهدت، الاثنين 1 جويلية/يوليو 2024، وقفة احتجاجية نفذها عدد من أساتذة التعليم العالي وممثلين عن الاتحاد الجهوي للشغل وعن المجتمع المدني أمام مقر كلية العلوم والتقنيات بالجهة.
وجاءت هذه الوقفة احتجاجًا على قرار حذف 7 شعب علمية في مؤسسات التعليم العالي بالجهة، واستجابة لدعوات النقابة الأساسية لأساتذة التعليم العالي بسيدي بوزيد للاحتجاج على خلفية هذا القرار الذي تم الكشف عنه، مع صدور دليل التوجيه الجامعي 2024.
وأفاد الأستاذ المساعد بكلية العلوم والتقنيات وكاتب عام نقابة أساتذة التعليم العالي بسيدي بوزيد حافظ حجلاوي في تصريحات إعلامية، بأن الشعب التي تم حذفها تنقسم إلى 3 شعب بكلية العلوم والتقنيات و3 شعب بالمعهد العالي للفنون والحرف وشعبة وحيدة بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية.
كاتب عام نقابة التعليم العالي بسيدي بوزيد: قرار حذف عدد من الشعب جاء مفاجئًا وأثار استغراب إطار التعليم العالي، وخاصة وأنه تم حذف شعبة الصناعات الغذائية التي تتلاءم مع خصوصيات الجهة الفلاحية
واعتبر كاتب عام نقابة أساتذة التعليم العالي بسيدي بوزيد حافظ حجلاوي، أن هذا القرار جاء مفاجئًا وأثار استغراب إطار التعليم العالي، وخاصة وأنه تم حذف شعبة الصناعات الغذائية التي تتلاءم مع خصوصيات الجهة الفلاحية.
وأضاف أن عديد الطلبة الموجهين في سيدي بوزيد يتم إعادة توجيههم إلى ولايات أخرى دون الأخذ بعين الاعتبار لمعايير إعادة التوجيه الجامعي، مطالبًا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتفسير هذه الممارسات التي تكررت وأثرت على عدد الطلبة المرسمين فعليًا بالجهة، وفق قوله.
كاتب عام نقابة التعليم العالي بسيدي بوزيد: هناك سياسة ممنهجة لغلق الشعب ثم الأقسام وأخيرًا غلق الكلية وهناك ارتجالية كبيرة في اتخاذ مثل هذه القرارات من طرف وزارة التعليم العالي
وأوضح أن وزارة التعليم العالي عادة ما تتخذ قرارات بحذف بعض الشعب الجامعية إذا قلّ عدد الطلبة المرسمين بها عن 10 طلبة في الجهات الداخلية، وتابع بقوله: "كأنما هناك سياسة ممنهجة لغلق الشعب ثم الأقسام وأخيرًا غلق الكلية"، معتبرًا أنّ "هناك ارتجالية كبيرة في اتخاذ مثل هذه القرارات من طرف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي"، كما أشار إلى أن "توزيع الطلبة يتم بصفة غير عادلة".
وكانت النقابة الأساسية لأساتذة التعليم العالي قد أصدرت بيانًا إثر نشر دليل التوجيه الجامعي 2024، والذي تضمن حذفًا لعدد من الإجازات بكلية العلوم والتقنيات، دعت من خلاله الوزارة إلى إرجاع كل الإجازات المحذوفة وإحياء اللجان القطاعية الوطنية المخولة لتقيم كل الاختصاصات على قواعد علمية يقع تحديدها بصورة تشاركية من القسم إلى مجلس الجامعات ليتسنى لهذه اللجان الإبقاء أو تطوير أو إحداث مسارات تكوينية جديدة.
سبق أن دعت النقابة الأساسية لأساتذة التعليم العالي الوزارة إلى إرجاع كل الإجازات المحذوفة وإحياء اللجان القطاعية الوطنية المخولة لتقيم كل الاختصاصات على قواعد علمية
وعبّرت عن خشيتها مما أسمته "وجود توجه لدى البعض إلى السعي لتغيير الخارطة الجامعية وحصرها في جهات دون أخرى. مطالبة رئاسة الجامعة بالكشف عن كل الوثائق والمراسلات المتعلقة بالأرقام والمعطيات بحذف بعض الإجازات".
-
قفصة
وفي ولاية قفصة أيضًا، أعلنت نقابات التربية، في بيان مشترك صدر في 29 جوان/يونيو 2024، أنه تم حذف 12 شعبة بجامعة قفصة من دليل التوجيه الجامعي 2024.
واعتبرت نقابات التربية في قفصة أنّ هذا الإجراء "جائر وله تداعيات سلبية ماديًا واجتماعيًا ونفسيًا على الطلبة والأولياء على حد السواء فضلاً عما قد ينجر عنه من نتائج وخيمة على الحركة الاقتصادية التي عرفتها الجهة منذ إحداث الجامعة".
نقابات التربية في قفصة: حذف 12 شعبة بجامعة قفصة من دليل التوجيه الجامعي لسنة 2024 إجراء جائر وله تداعيات سلبية ماديًا واجتماعيًا ونفسيًا على الطلبة والأولياء على حد السواء
وأكدت نقابات التربية في قفصة أنّ هذا الإجراء "من شأنه أن يثقل كاهل العائلات ويُعمّق عجزهم عن تغطية نفقات الدراسة المُكلفة بطبعها كالسكن والتنقل إلى مناطق أخرى"، ما اعتبرت أنه "يكشف عن نية مبيتة لمزيد تهميش الجهة وتفقيرها فكريًا ومعرفيًا"، حسب تقديرها.
وعبرت عن رفضها "القطعي" لهذا الإجراء، واصفة إياه بـ "التعسفي وغير المدروس"، مؤكدة أنّه "يضرب في مقتل كل نفس إبداعي علمي بالجهة".
نقابات التربية في قفصة: هذا الإجراء من شأنه أن يثقل كاهل العائلات ويُعمّق عجزهم عن تغطية نفقات الدراسة المكلفة بطبعها كالسكن والتنقل إلى مناطق أخرى ويكشف عن نية مبيتة لمزيد تهميش الجهة
ودعت نقابات التربية من جانب آخر، إلى "التراجع والإلغاء الفوري لهذا الإجراء التعسفي والتخلي عن سياسة اتخاذ القرارات الارتجالية التي تلحق ضررًا بالجهة"، محمّلة كافة السلط المعنية جهويًا ومركزيًا "مسؤولية ما قد ينجز عن مثل هذه القرارات، حسب نص البيان.
قيس سعيّد يدعو إلى ضرورة مراجعة بعض الشعب العلمية
وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد أكد، بتاريخ 2 ماي/أيار 2024، لدى استقباله بقصر قرطاج، كلًا من وزيرة التربية سلوى العباسي، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي والمكلف بتسيير وزارة الشؤون الثقافية منصف بوكثير، ضرورة مراجعة بعض الشعب العلمية في التعليم العالي.
كان الرئيس قد دعا إلى ضرورة مراجعة الشعب العلمية "التي لا تفتح آفاقًا للطلبة في تونس بل لا يجد أصحاب الشهائد العليا آفاقًا إلا في الخارج أو يبقون عاطلين عن العمل"
وقال، وفق ما جاء في مقطع فيديو للرئاسة التونسية، أنه يجب مراجعة الشعب العلمية "التي لا تفتح آفاقًا للطلبة في تونس بل لا يجد أصحاب الشهائد العليا آفاقًا إلا في الخارج أو يبقون عاطلين عن العمل" وفقه.
جدير بالذكر أنّ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في تونس كانت قد نشرت، الثلاثاء 25 جوان/يونيو 2024، دليل التوجيه الجامعي 2024، الذي يهم التلاميذ الناجحين في امتحان البكالوريا. وقد تمت معاينة حذف عديد الاختصاصات الجامعية بعدد من الولايات من دليل التوجيه الجامعي لسنة 2024. وفيما يلي تفاصيله: دليل التوجيه الجامعي 2024.. تفاصيل الرزنامة ومراحل التوجيه
