الترا تونس - فريق التحرير
أدان حزب العمال، السبت 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ما اعتبره "تدخل الرئيس التونسي قيس سعيّد لوقف إصدار قانون يجرّم التطبيع"، معتبرًا أنّ ذلك بمثابة "طعنة لفلسطين في هذه اللحظة التي يتعرض فيها شعبها في غزة لحرب إبادة".
وقال حزب العمال، في بيان له، "في خطوة لم تفاجئ كلّ من يعرف طبيعة الشعبوية اليمينيّة الحاكمة في بلادنا والتناقض الصارخ الذي يفصل خطابها عن ممارستها، تدخّل قيس سعيّد يوم الخميس 2 نوفمبر/تشرين الثاني الموافق للذكرى 106 لوعد بلفور الاستعماري، لإيقاف تصويت مجلس النواب على مشروع قانون لتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني".
حزب العمال: قيس سعيّد انتقل تحت محكّ الواقع من رافعٍ شعار "التطبيع خيانة عظمى" زمن الحملات الانتخابية إلى من يعتبر الدعوة إلى تجريم التطبيع "إضرارًا بمصالح تونس واعتداء على أمن الدولة الخارجي"
وذكّر الحزب، في هذا الصدد، بأنّ سنّ قانون لتجريم التطبيع هو مطلب مرفوع منذ مدة طويلة، لكنه اتخذ بعدًا خاصًا هذه الأيام ليحتل صدارة مطالب الجماهير المحتجة في تونس على حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة.
وتابع أنّ الرئيس تدخل وفرض ما يريد على مجلس النواب الذي وصفه بـ"مجلس الدمى فاقد الصلاحيات"، معتبرًا أن ذلك "أقام الدليل مرة أخرى على أن قيس سعيّد هو من جهة الحاكم بأمره الذي يسير المؤسسات حسب أهوائه وهو من جهة ثانية لا تتجاوز مناصرته للقضية الفلسطينية حدّ الشعارات الفضفاضة".
حزب العمال: ما حصل يكشف الطابع الديماغوجي لخطاب السلطة حول مناصرة القضية الفلسطينية من جهة وانصياعها الفعلي لإرادة القوى الاستعمارية ولوبيات العمالة المحلية الرافضة لكل إجراء عملي ضدّ الكيان من جهة ثانية
وقال الحزب إنّ "موقف سعيّد الذي نقله رئيس البرلمان بأنّ إصدار قانون لتجريم التطبيع سوف يضرّ بالمصالح الخارجية لتون ويدخل في خانة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي، قد أسقط ورقة التوت التي ظل سعيّد يتخفّى بها ويعتمدها لمغالطة الشعب التونسي سواء للظهور بمظهر المدافع الكبير عن القضية الفلسطينية، أو للظهور بمظهر المتمسّك المتشدّد بالسيادة الوطنية"، وفق ما ورد في نص البيان.
وأضاف أنّ الرئيس التونسي "انتقل تحت محكّ الواقع من رافعٍ شعار "التطبيع خيانة عظمى" زمن الحملات الانتخابية إلى من يعتبر الدعوة إلى تجريم التطبيع "إضرارًا بمصالح تونس واعتداء على أمن الدولة الخارجي"، معتبرًا أنّ "ذلك يكشف الطابع الديماغوجي لخطاب السلطة حول مناصرة القضية الفلسطينية من جهة وانصياعها العملي الفعلي لإرادة القوى الاستعمارية ولوبيات العمالة المحلية الرافضة لكل إجراء عملي ضدّ الكيان الغاصب، النازي من جهة ثانية".
ويرى أنّ ذلك "ما يؤكّد الارتباط العضوي السياسي والاقتصادي والمالي والدبلوماسي والأمني لمنظومة الحكم الشعبوية الحالية، مثلها مثل المنظومات السابقة، بمراكز القرار الإمبريالي"، معتبرًا أن ذلك يمثل "إهانة للشعب التونسي الذي ما انفك يطالب بتجريم التطبيع باعتباره شكلًا من أشكال الاعتراف بالعدو الذي يغتصب أرض فلسطين ومساعدته على قبر القضية الفلسطينية".
حزب العمال: ما حصل يمثل إهانة للشعب التونسي الذي ما انفك يطالب بتجريم التطبيع باعتباره شكلًا من أشكال الاعتراف بالعدو الذي يغتصب أرض فلسطين ومساعدته على قبر القضية الفلسطينية
ويتصوّر الحزب أنّ منظومة الحكم في تونس "ترفض تجريم التطبيع انصياعًا لضغوط القوى الاستعمارية الغربية وبعض أنظمة العمالة والخيانة العربية المطبّعة في الوقت الذي تصاعدت فيه كل مظاهر التطبيع الرسمي وغير الرسمي في تونس"، داعيًا الشعب التونسي وقواه الوطنية الحقيقية إلى "التصدي لكل أشكال المغالطة التي تقودها الشعبوية للتغطية على عمالتها وخضوعها لتعليمات المراكز الإمبريالية الغربية التي تقود الحرب على الشعب الفلسطيني".
كما دعا القوى الوطنية في تونس إلى "تشكيل أوسع قطب شعبي في هذا الظرف لإسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته والوقف الفوري للمجازر والمذابح بل حرب الإبادة الجارية في غزة وفتح المعابر لإيصال المساعدات للأهالي المحاصرين برًّا وبحرًا وجوًا"، معتبرًا أنّ "ذلك لن يتم دون ضغط حقيقي يجب تحمّل مسؤوليته في تونس عبر فرض قانون لتجريم التطبيع وطرد سفراء الدول الداعمة للعدوان وفي مقدمتهم سفير الولايات المتحدة الأمريكية، والضغط على الأنظمة الرجعية العربية لوقف تصدير النفط والغاز للكيان الغاصب والدول الاستعمارية الداعمة له وفتح المعابر عبر مصر والأردن خاصة"، وفق ما جاء في نص البيان.
يذكر أنّ الرئيس التونسي قيس سعيّد كان قد قال، في خطاب أدلى به الجمعة 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، "إنّنا نعيش اليوم حرب تحرير لا حرب تجريم، ومن يتعامل مع العدو الصهيوني لا يمكن أن يكون إلّا خائنًا وخيانته هذه هي خيانة عظمى"، على حد تعبيره.
وأضاف: "أؤكّد أنّ ما يسمى بالتطبيع هو مصطلح لا وجود له عندي على الإطلاق لأنه يعكس فكرًا مهزومًا والفكر المهزوم لا يمكن أن يكون هو الفكر المقاوم والفدائي في ساحات الوغى والقتال"، وفق ما جاء على لسانه.
وجاء خطاب الرئيس كردّ على الجدل الحاصل بخصوص مشروع قانون تجريم التطبيع الذي تم تعليق الجلسة العامة المخصصة للنظر فيه بالبرلمان التونسي، خاصة بعد تمرير رئيس المجلس موقف رئيس الدولة منه بأنه "يضر بالمصالح الخارجية لتونس". وعلى الرغم من أنّ رئيس البرلمان كان قد أكد أنّ الجلسة ستستأنف أعمالها الجمعة إلا أنّ ذلك لم يحصل، وسط انقسام في صفوف النواب بين مؤيد ورافض.
وكان رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة قد أكد خلال هذه الجلسة، أنّ الرئيس التونسي قيس سعيّد صرّح له بأنّ "مقترح تجريم التطبيع سيضرّ بالمصالح الخارجية لتونس وأنّ الأمر يتعلق بخانة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي، وأنّ المسألة اتخذت طابعًا انتخابيًا لا أكثر ولا أقل" وفقه.