الترا تونس - فريق التحرير
تتزايد مخاوف التونسيين مع تفاقم الوضع المائي بالبلاد، خاصة وقد بلغ مخزون السدود التونسية أدنى مستوياته مع تواصل انحباس الأمطار. ومع دقّ وزارة الفلاحة التونسية ناقوس الخطر بالتنبيه صراحةً إلى أنه "في حال لم يتم التقليص من كميات المياه الموجهة للري فإن ولايات تونس العاصمة ونابل وسوسة وصفاقس لن تجد ماء للشرب في شهر أوت/أغسطس 2023، ارتفع منسوب القلق لدى التونسيين، وكثرت التساؤلات عن مدى استعداد الدولة لما يهددهم.
وعبّر نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي عن خشيتهم من المرحلة القادمة، وأكد المختص في الاقتصاد، أيمن الوسلاتي، في تدوينة له على فيسبوك، أن "هناك سيناريو حقيقي بأن لن يكون هناك ماء في تونس خلال الصائفة المقبلة لـ24 ساعة/24 ساعة"، حسب تصوره.
مختص في الاقتصاد: هناك سيناريو حقيقي بأن لن يكون هناك ماء في تونس خلال الصائفة المقبلة لـ24 ساعة/24 ساعة
وأضاف: "لا بدّ من أمطار مهمة حتى يقع سيلان الماء في وادي مجردة أي في الكاف، جندوبة، باجة، سليانة وسوق أهراس في الجزائر، حتى يكون للمدن الكبرى ماء صالح للشراب في الصيف 24/24"، مستطردًا القول: "أما بالنسبة للفلاحين الذين يزرعون خضرًا وغلالًا ويتزودون من منظومة مياه الشمال سيكون الصيف صعبًا عليهم"، مؤكدًا أنه "حتى لو هطلت الأمطار في فيفري/شباط ومارس/آذار فلن يكون ذلك كافيًا"، وفق توقعاته.
وأكد الوسلاتي في هذا الصدد: "لا بدّ من 400 مليون متر مكعب من المياه لدى الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، ولا يوجد حاليًا إلا 240 مليون متر مكعب على أقصى تقدير، أي أن هناك سيناريو حقيقي بدون ماء هذا الصيف 24/24"، منتقدًا عدم وجود توعية أو إجراءات فعلية في هذا الشأن.
ولعلّ ما زاد الطين بلّة، بالنسبة للفلاحين بدرجة أولى، ناهيك عن أزمة الري، ظهور أوبئة تهدد زراعاتهم بسبب تغيّر المناخ وتواصل انحباس الأمطار.
وقد أعلن المعهد الوطني للزراعات الكبرى، في هذا الصدد، أنه قد تبيّن وجود حشرة ليلية مستجدة على الحبوب وهي كوليوفورا (coleophora) في حقول باجة، وذلك خلال زيارات ميدانية مشتركة له مع الإدارة الفرعية للحماية والمراقبة بالشمال بباجة وخلية الإرشاد الفلاحي بواد مليز.
معهد الزراعات الكبرى: تبيّن وجود حشرة ليلية مستجدة على الحبوب وهي كوليوفورا ونظرًا للتغيرات المناخية التي تشهدها تونس وانحباس الأمطار فإن الإصابات بهذه الحشرة تتفاقم في بعض الحقول
وأكد، في بلاغ نشرته بتاريخ 5 جانفي/يناير 2023، أنه "نظرًا للتغيرات المناخية التي تشهدها تونس وانحباس الأمطار وارتفاع درجات الحرارة نهارًا وانخفاضها ليلًا مع عدم تطبيق التداول الزراعي من قبل الفلاحين فإن الإصابات بهذه الحشرة تتفاقم في بعض الحقول"، حسب تقديراته.
وأوصى معهد الزراعات الكبرى، في هذا الصدد بما يلي:
- بالنسبة للحقول ذات نمو حسن وذات إصابات خفيفة: ضرورة القيام بعملية الري إن أمكن، مع التدخل بمبيدات حشرية مرخص بها على حشرة المن على زراعة الحبوب.
- بالنسبة للحقول ذات نمو ضعيف مع إصابات شديدة: نصح بعدم المداواة وإن أمكن إعادة بذر زراعة أخرى كالحمص الشتوي مثلًا.
كما أكد أنه "للحد من انتشار هذه الحشرة وجب تطبيق تداول زراعي محكم والابتعاد عن الزراعة الأحادية"، حسب نص البلاغ.
وللإشارة فإن وزارة الفلاحة ارتأت التوجه نحو ترشيد كميات المياه الموجهة للري والتقليص منها قدر الإمكان من أجل الحفاظ على الثروة المائية، وقد وجهت عديد المندوبيات الجهوية للتنمية الفلاحية دعوات إلى الفلاحين بعدم برمجة زراعات سقوية جديدة خلال بقية الموسم الفلاحي، على غرار مندوبيات باجة وجندوبة وسليانة.
على صعيد آخر ذي صلة، سلط أحد النشطاء الضوء على مدى ارتباط الجفاف بالحرائق: "لو تواصل الجفاف في تونس لن تكون لنا مشكلة مياه فقط بل سترتفع نسبة الحرائق"، مضيفًا: "الرجاء الاستعداد جيدًا ووضع الخطط والاستراتيجيات من الآن لتجنب المزيد من حرائق الغابات".
اعتبر نشطاء أنه ""لو تواصل الجفاف في تونس لن تكون هناك مشكلة مياه فقط بل سترتفع نسبة الحرائق" مؤكدين ضرورة الاستعداد جيدًا ووضع الخطط والاستراتيجيات من الآن لتجنب المزيد من حرائق الغابات
ومن المهم ههنا الإشارة إلى العدد الكبير من الحرائق التي شهدتها تونس في عدد هام من جبالها خلال الصائفة المنقضية، تعود نسبة كبيرة منها إلى ارتفاع درجات الحرارة.
جدير بالذكر أن المرصد الوطني للفلاحة كان قد أعلن، في آخر بيانات نشرها، أن نسبة امتلاء السدود المسجلة في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2022، بلغت حوالي 29 % ليسجل بذلك المخزون الجملي للسدود 677.72 مليون متر مكعب مقابل 952.30 مليون متر مكعب خلال نفس الفترة من السنة المنقضية.