06-فبراير-2024
البرلمان التونسي اتفاقية بودابست

وزير تكنولوجيات الاتصال: اتفاقية بودابست تعزز ثقة المستثمرين في مجال الرقمنة

الترا تونس - فريق التحرير

 

تمّ التصويت في البرلمان التونسي، الثلاثاء 6 فيفري/شباط 2024، على مشروع القانون الأساسي المتعلّق بالموافقة على انضمام الجمهورية التونسية إلى اتفاقية مجلس أوروبا المتعلقة بالجريمة الإلكترونية المعتمدة ببودابست في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2001، برمّته بموافقةـ 115 نائبًا، واحتفاظ 12، ورفض 9 نواب.

البرلمان التونسي يصادق على مشروع القانون الأساسي المتعلّق بالموافقة على انضمام تونس إلى اتفاقية مجلس أوروبا المتعلقة بالجريمة الإلكترونية المعتمدة ببودابست

وقد أثار الانضمام إلى اتفاقية بودابست، الجدل داخل البرلمان التونسي، بين النواب والوفد الوزاري الممثل لوزارة تكنولوجيات الاتصال، إذ تم التطرق إلى تداعيات الانضمام إلى هذه الاتفاقية على سلامة الأمن القومي والسيادة الوطنية والتضييق من حرية التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي في علاقة بالقضية الفلسطينية خاصة.

يذكر أن تونس قررت يوم 23 سبتمبر/ أيلول 2015، خلال المجلس الاستراتيجي للاقتصاد الرقمي الذي عقد بإشراف رئيس الحكومة آنذاك الحبيب الصيد، تقديم طلب تونس للانضمام لاتفاقية بودابست لمكافحة الجرائم الإلكترونية.

  • نواب بالبرلمان يحذرون من خطورة الانخراط في التعامل مع الكيان الصهيوني بالانضمام إلى اتفاقية بودابست

وقد تساءلت النائبة بالبرلمان منال بديدة: "هل حدّت هذه الاتفاقية من الجريمة الإلكترونية بالنسبة للدول المنضمة إليها؟"، مجيبة: "الجواب لا.. والتشريع المتعلق لا يزال متأخرًا فما بالك بأرضية الواقع؟" وفقها.

النائبة فاطمة المسدي، عبّرت من جهتها، عن أنّ "هذه الاتفاقية تعدّ خطوة رائدة في انضمام تونس لمكافحة الجرائم السيبرنية، وأنّ هذه الاتفاقية عبارة على بروتوكول تسليم المجرمين في القضايا السيبرنية"، مشددة على وجود بعض التحفظات في بعض المفاهيم الواردة فيها.

النائب محمد زياد الماهر: لا يجب أن يقودنا الانخراط في هذه الاتفاقية إلى التعامل مع الكيان الصهيوني

أما النائب محمد زياد الماهر، فقد صرّح من جانبه أنه "لا يجب أن يقودنا الانخراط في هذه الاتفاقية إلى التعامل مع الكيان الصهيوني"، وفقه. وهو ما ذهب إليه أيضًا النائب علي زغدود حين طالب بتوضيح الدول المنخرطة في هذه الاتفاقية، قائلًا: "يجب أن يكون العدو الصهيوني خارجها".

 

 

وقد أكد النائب صالح الصيادي بدوره، أنّ "التقدم التكنولوجي وتعدد الجرائم الإلكترونية تتطلب التنسيق مع دول العالم، لكن الانضمام لاتفاقية بودابست لا يجب أن يمس من السيادة الوطنية والأمن القومي" على حد تعبيره.

النائب صالح الصيادي: الانضمام لاتفاقية بودابست لا يجب أن يمس من السيادة الوطنية والأمن القومي

كما تساءل النائب أحمد بنور، من جانبه، فقال: "بماذا نفسّر غياب تعريف واضح للجريمة الإلكترونية وما مدى نجاعة الانضمام إلى هذه الاتفاقية في هذا الموضوع؟".

 

 

  • وزير تكنولوجيات الاتصال: الاتفاقية سترفع من ترقيم تونس دوليًا في المجال السيبرني العالمي

وقد أوضح وزير تكنولوجيات الاتصال، نزار بن ناجي، في تفاعله مع مداخلات النواب، أن الانضمام إلى اتفاقية بودابست لن يؤثر على مواقف الدولة التونسية وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية حيث إنه "لن يسمح بالتعامل المباشر أو غير المباشر مع الكيان الصهيوني وأن تونس تحافظ على أمنها القومي وسيادتها الوطنية في كنف احترام مبدأ التعامل بالمثل".

وزير تكنولوجيات الاتصال: الانضمام إلى اتفاقية بودابست لن يؤثر على مواقف الدولة التونسية وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية

واعتبر الوزير أن "الاتفاقية لا تقدم مفهومًا محددًا للجريمة الإلكترونية وإنما تحدد أركانها، شأنها في ذلك شأن الجرائم العادية". وأكد أن 69 دولة منخرطة في اتفاقية بودابست وهناك 29 دولة مستعدة للانضمام  لها ومن بينها تونس، مبيّنًا أن الجريمة الإلكترونية تطورت بشكل كبير لأن المؤسسة الاقتصادية منفتحة على العالم والمحيط الاقتصادي بفضل الإنترنت والذكاء الاقتصادي وهو ما طرح تحديات عديدة تتعلق بحماية المعطيات الشخصية وحماية الأمن العام، على حد تعبيره.

ولفت بن ناجي إلى أنّ "الجرائم الإلكترونية متعددة ويصعب تعقبها إذ يتم توخّي أساليب معقدة، والانضمام إلى هذه الاتفاقية يعتبر آلية جديدة يجب إضافتها للآليات المرصودة في مكافحة الجريمة المتعدية للحدود، وكذلك لاستكمال الترسانة القانونية وتحصينها ودعمها في مكافحة الجريمة الإلكترونية بهدف تحقيق النجاعة وضمان حقوق ضحايا التحيّل والاختلاس الإلكتروني وانتهاك الأعراض".

وزير تكنولوجيات الاتصال: لن يسمح بالتعامل المباشر أو غير المباشر مع الكيان الصهيوني وتونس تحافظ على أمنها القومي وسيادتها الوطنية في كنف احترام مبدأ التعامل بالمثل

وشدّد الوزير على أن هذه الاتفاقية "ذات بعد دولي وهي مفتوحة لجميع الدول إذ توفر آليات تشمل تمويلات وبرامج تكوينية ووسائل لوجستية في مجال مكافحة الجريمة الإلكترونية ودعم الأدلة الرقمية لتسهيل التحقيق في الجرائم العابرة للقارات والتي تشهد تطورًا سريعًا لا يمكن مواجهته إلا من خلال التعاون الدولي".

وأشار في السياق نفسه إلى أن هذه الاتفاقية "تعزز ثقة المستثمرين في مجال الرقمنة والرفع من ترقيم تونس دوليًا في المجال السيبرني العالمي، كما تهدف إلى تطوير آليات التحقيق الرقمي لمعاقبة مقترفي الجريمة الرقمية واسترداد حقوق الضحايا"، وفقه.

وزير تكنولوجيات الاتصال: الجرائم الإلكترونية متعددة ويصعب تعقبها، والانضمام إلى هذه الاتفاقية يعتبر آلية جديدة يجب إضافتها للآليات المرصودة في مكافحة الجريمة المتعدية للحدود

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد أكد لدى استقباله بتاريخ 11 جويلية/يوليو 2023 بقصر قرطاج، نزار بن ناجي، وزير تكنولوجيات الاتصال، أنّ "شبكات التواصل الاجتماعي بل تحولت إلى أدوات تلجأ إليها دوائر معروفة في الداخل والخارج لضرب الأمن القومي لتونس"، مشيرًا إلى اتفاقية بودابست المتعلقة بالجريمة الإلكترونية والمؤرخة في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2001 التي ورد في ديباجتها "اقتناع الدول الأطراف بالحاجة إلى إتباع سياسة جنائية مشتركة كمسألة ذات أولوية بهدف حماية المجتمع من الجريمة الالكترونية من خلال تشريع ملائم ودعم التعاون الدولي".

 

 

ما هي اتفاقية بودابست؟

أكد مجلس نواب الشعب أنّ الهدف من انضمام تونس إلى هذه الاتفاقية، هو "دعم المجهود الدولي لمكافحة الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الاتصال وتلاؤم التشريع الوطني معها، بالإضافة إلى توحيد السياسة الجزائية للدول الأعضاء في مجال الجريمة الإلكترونية وإرساء قواعد إجرائية للتعاون الدولي. مما يسهم في دفع الاستثمار خاصة في مجال الرقمنة حيث أن وجود إطار قانوني متكامل وناجع يحمي المستثمر ويضمن السلامة المعلوماتية، ويعتبر أهم أسباب جلب الاستثمار" وفقه.

وتعدّ اتفاقية بودابست في 2001، من أهم الاتفاقيات الدولية التي اهتمت بالجرائم الإلكترونية وسبل التصدي الجماعي لها، إذ قسّمت إجراءات جمع الأدلة لمرحلتين، هما مرحلة الإجراءات الممهدة لجمع الأدلة، ومرحلة إجراءات جمع الأدلة. وتضم الاتفاقية إلى حدود سبتمبر/أيلول 2023، 68 دولة من بينها الكيان الإسرائيلي.

وتنقسم الإجراءات الممهدة لجمع الأدلة إلى نوعين: النوع الأول إجراءات التحفظ السريع على مضمون البيانات المخزنة، وهذا النوع يتمثل في أمرين: الأمر الأول هو إصدار أوامر إلى مقدمي الخدمات من أفراد وشركات بالحفاظ على البيانات المخزنة بمنظومة الحاسب الآلي والإنترنت لفترة زمنية معينة. والأمر الثاني هو تمكين السلطة المختصة بالتحقيق لمعرفة مضمون البيانات التي أرسلها أو استقبلها المشترك ، سواء عن طريق مقدمي الخدمة أو من خلال ما أسفر عنه التفتيش. أما النوع الثاني من الإجراءات الممهدة لجمع الأدلة فهو إجراءات التحفظ السريع على البيانات المتعلقة بخط سير البيانات.