24-مايو-2024
Grenade Testour

أحد منتجي الرمان بتستور لـ "الترا تونس": تونس من بين الدول العشرة الأولى في إنتاج الرمان عالميًا

 

لطالما احتفى سكان تستور بفاكهة الرمان، وتغنّوا بموسم تلك الثمرة التي يطلقون عليها اسم "الذهب الأحمر"، حيث تعتبر المحصول الأساسي في معظم الضيعات في منطقة تستور التابعة لولاية باجة شمال غربي تونس.

ويقبل التونسيون منذ بداية شهر سبتمبر/أيلول بشكل كبير على ثمرة الرمان، التي تحتفي بها عدّة جهات طيلة فترة الخريف، خصوصًا مدينة تستور التي ينتظم فيها سنويًا مهرجان خاص بالرمان.

من السهل على زائري منطقة تستور أن يلحظوا عبق الأندلسيين في معمار المدينة وأزقتها وفي أطباق سكانها وحلوياتهم ولكن يبقى الرمان الذي يطلقون عليه اسم "الذهب الأحمر" الإرث الأبرز للأندلسيين 

ومن السهل على زائري تلك المنطقة أن يلحظوا عبق الأندلسيين في معمار المدينة وأزقتها، وفي الأطباق والحلويات الخاصة بالجهة على غرار "السفنج" و"المسمنات" و"البناضج" التي ورث خصوصيتها أبناء الجهة من الموركسيين.

ولكن يبقى الرمان في تلك الجهة الإرث الأبرز للأندلسيين، والذي خبره سكان تلك المنطقة الفلاحية، مما جعلها تتميز بعدة أصناف من الرمان.  

  • إنتاج الرمان في تستور

وتمتد زراعة تلك الثمرة على مساحة 1450 هكتارًا في تستور، ما جعلها تنفرد بإنتاج قرابة 12 ألف طن سنويًا من الرمان، ويعدّ موسم جني الرمان من بين المواسم الزراعية التي تُوفر عملاً موسميًا لآلاف العمال هناك.

رمان
أحد منتجي الرمان بتستور لـ "الترا تونس": تستور تتميز بإنتاج أجود أنواع الرمان (مريم الناصري/الترا تونس)

ويتزامن موسم جني تلك الثمار مع حركية سياحية كبيرة تشهدها المنطقة، ففي شهر سبتمبر/أيلول من كل عام، تتزين الطرقات الرئيسية المؤدية إلى الجهات المنتجة، بثمار الرمان التي يعرضها الباعة على مدار أربعة أشهر تقريبًا، إذ تنتج منطقة تستور نحو 12 ألف طن سنويًا من إجمالي 70 ألف طن وهي حصيلة الإنتاج التونسي.

وتُعتبر تونس من بين الدول العشرة الأولى في إنتاج الرمان عالميًا، بحسب المهندس الزراعي عصام العامري، وهو صاحب مشروع لإنتاج الرمان في تستور، منذ عام 1988.

أحد منتجي الرمان بتستور لـ "الترا تونس": تونس من بين الدول العشرة الأولى في إنتاج الرمان عالميًا، وهناك عدّة أصناف من الرمّان تتجاوز العشرين صنفًا محليًّا، وأشهرها "القابسي" و"الزهري" و"التونسي"

وقال عصام العامري أحد منتجي الرمان بتستور لـ "الترا تونس" إنّ "الجهة تتميز بدرجة أولى بإنتاج أجود أنواع الرمان، وذلك لميزة مناخها وتربتها الغنية، وتوفر المياه".

وأشار إلى أنّ "هناك عدّة أصناف من الرمّان تتجاوز العشرين صنفًا محليًّا، وأشهرها "القابسي" الذي يتوفّر بكثرة في الجنوب التونسي، و"الزهري" الذي يشتهر في مناطق الوسط والشمال الشرقي، و"الشلفي" و"الجبالي" وهما صنفان يتوفّران في مناطق الشمال الشرقي وفي تستور، و"القلعي" الذي يزرع في منطقة الساحل، و"التونسي" الذي تشتهر به منطقة تستور وجهة الجنوب الغربي".

وعلى الرغم من وفرة إنتاج هذه الثمرة في تونس بصفة عامة وفي تستور خاصة، إلا أنّه لا يوجد مصانع لتحويل الرمان سواءً إلى مربى أو عصائر. ولكن بجولة صغيرة في منطقة تستور كانت المفاجأة، إذ أن هذه الجهة تحتفي بثمرة الرمان بشكل كبير، وتعتبرها محركًا فلاحيًا واقتصاديًا وجب تنشيطه طيلة السنة دون الاقتصار فقط على موسم الجني أو فترة مهرجان الرمان الذي ينتظم خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول من كل سنة.

تستور عاصمة جلنار.jpeg
"جلنار" وهو الاسم العلمي لزهرة الرمان التي تفتحت هذه الأيام استعدادًا لإنتاج الذهب الأحمر (مريم الناصري/الترا تونس)

  • استثمار فاكهة الرمان

استقبلنا أهالي المنطقة بـ "جلنار" وهو الاسم العلمي لزهرة الرمان التي تفتحت هذه الأيام استعدادًا لإنتاج الذهب الأحمر أو التفاح الأندلسي كما يسميه البعض هناك.

وقد اختار شرف الدين الوسلاتي أحد سكان الجهة تسمية مشروعه بـ "جلنار" لإنتاج عصير الرمان والمثلجات، ففي مدخل أحد أزقة تلك المدينة الصغيرة، تجد شرف الدين يبيع العصائر للمارة، على الرغم من أننا لسنا في موسم إنتاج وجني هذه الثمرة. ولكن توارثُ طرق تخزين الرمان عن الأندلسيين جعل أبناء الجهة يؤسسون مشاريع صغرى تعتمد أساسًا على خيرات شجرة الرمان.

صاحب مشروع لإنتاج عصير الرمان والمثلجات لـ "الترا تونس": توارثنا طرق تخزين الرمان عن الأندلسيين وأسّسنا مشاريع صغرى تعتمد أساسًا على خيرات شجرة الرمان

ويمكن أن تجد عصائر الرمان متوفرة على مدار السنة وليس فقط خلال موسم الإنتاج، ودون أي إضافات أو سكر يمكنك شرب عصير الرمان حتى في فترة الصيف.

كما أفاد شرف الدين في حديثه لـ "الترا تونس" أن "تستور تمتاز بإنتاج عدّة أنواع من الرمان، وتشهد المنطقة حركية كبيرة خاصة بالتزامن مع مهرجان الرمان خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، إذ يقبل التونسيون من عدّة مناطق على هذه الجهة لشراء الرمان وبعض المنتوجات الغذائية المستخلصة منه، ولكن ينتهي موسم الرمان سريعًا فلا يتجاوز شهر نوفمبر/تشرين الثاني تقريبًا. إلا أننا خبرنا كيفية تخزين ثمرة الرمان مدّة أطول، لاستعمالها على مدار السنة على غرار نوعية "الأكو" الذي نستعمله في صنع العصير طيلة السنة وليس فقط خلال موسم الإنتاج".

نتاج الرمان في تستور_0.jpeg
صاحب مشروع لإنتاج عصير الرمان والمثلجات لـ "الترا تونس": عصائر الرمان متوفرة في تستور على مدار السنة وليس فقط خلال موسم الإنتاج (مريم الناصري/الترا تونس)

استثمار ثمرة الرمان امتدّ من إنتاج العصائر إلى صناعة المثلجات من الثمرة الغنية بالفوائد ودون إضافات أو منكهات، خاصة وأن متساكني تستور اكتسبوا خبرة تخزين ثمار الرمان والحفاظ على نكهتها فترة أطول

وفكر البعض الآخر، في استثمار ثمرة الرمان لإنتاج عصائر وبعث مشروع دائم لا يقتصر فقط على فترة الإنتاج، فقد استلهمت بشرى خلفة من جهتها فكرة إنتاج المثلجات من الرمان خلال حضورها فعاليات مهرجان الرمان. فحب التونسيين لهذه الثمرة الغنية بعدة فوائد دفعها إلى إنتاج "أيس كريم" يباع طيلة السنة وليس فقط خلال فترة الصيف، خاصة وأن متساكني تستور اكتسبوا خبرة تخزين ثمار الرمان والحفاظ على نكهتها فترة أطول لاستعمالها في كل وقت وليس فقط خلال فصل الخريف.

وقالت بشرى صاحبة مشروع إنتاج المثلجات من الرمان في تصريحها لـ"الترا تونس" إنّها "اهتدت إلى فكرة مشروعها منذ حضورها فعاليات مهرجان الرمان وملاحظتها إقبال الناس بكثرة على الجهة لاقتناء ثمار الرمان الغنية بعدّة فوائد، مما دفعها إلى بعث مشروعها الصغير لتوفير مثلجات لا توجد في بقية الأسواق، وذلك بالاعتماد على الرمان وإنتاج مثلجات من تلك الفاكهة دون إضافة أي منكهات أخرى".

رمان تستور
استثمار ثمرة الرمان في تستور لإنتاج عصائر ومثلجات ومربى دون إضافة منكهات صناعية (مريم الناصري/الترا تونس)

فيما ارتأت هاجر فرهود من جهتها استثمار الرمان لصنع المربى وتصبيره بطرق تقليدية دون مواد حافظة مضرة. وبالاعتماد على ما تنتجه الجهة من عدّة أنواع من الرمان، يباع المربى أيضًا طيلة السنة وليس فقط خلال فترة إنتاج الرمان.

بعث خارطة تسمّى بـ "رمانة تور" ليتمكن كل زائر لمنطقة تستور من التنقل بسهولة في طريق محلات العصائر ومحلات المثلجات ودور الضيافة لاكتشاف النكهات التي باتت تميز تستور عاصمة الرمان دون سواها

وحتى تكون مدينة تستور وجهة مستمرة لزوارها طيلة العام وليس فقط خلال فترة إنتاج الرمان، بعث العديد من شباب وسكان الجهة هذه المشاريع التي تستثمر ثروتهم الفلاحية تلك، لتوفير عدة منتوجات غذائية خاصة بالجهة وبنكهة تقليدية وعصرية في الوقت ذاته.

وقد تم العمل على بعث خارطة تشمل نقاط أبرز تلك المشاريع والتي سميت بـ "رمانة تور" ليتمكن كل زائر للمنطقة من التنقل بسهولة في طريق محلات العصائر ومحلات المثلجات ودور الضيافة لاكتشاف النكهات التي باتت تميز الجهة دون سواها، ولتبقى تستور عاصمة الرمان.

رمانة تور
مدينة تستور وجهة مستمرة لزوارها طيلة العام وليس فقط خلال فترة إنتاج الرمان (مريم الناصري/الترا تونس)
تلغرام