"المقرونة" أو المعكرونة مادة غذائية هرع التونسيون للفضاءات التجارية الكبرى يقتنونها خوفًا من فقدانها مؤخرًا أو ارتفاع سعرها فباتت الرفوف خاوية وسارعت غرفة صانعي العجين الغذائي لطمأنة التونسيين بأن مخزون "المقرونة" موجود ولا خوف من فقدانها.
"المقرونة" طبق رئيسي في المطبخ التونسي ويستهلك التونسي الواحد 17 كلغ في السنة منها وتحتل تونس المرتبة الثانية عالميًا في استهلاك المقرونة
فـ"المقرونة" طبق رئيسي في المطبخ التونسي ويستهلك التونسي الواحد 17 كلغ في السنة منها بحسب ما تم الإعلان عنه يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول 2022 بمناسبة اليوم العالمي للـ"باستا". وتحتل تونس المرتبة الثانية عالميًا في استهلاك المقرونة بعد إيطاليا 23 كلغ للفرد في السنة.
وكانت شركة "سيغما كونساي" لسبر الآراء قد أكدت في دراسة أجرتها أن التونسي يطهو "المقرونة" بمعدل 3 مرات في الأسبوع.
شركة "سيغما كونساي" لسبر الآراء أكدت في دراسة أجرتها أن التونسي يطهو "المقرونة" بمعدل 3 مرات في الأسبوع
"المقرونة أسهل طبق من حيث الإعداد والأقل كلفة وهو قادر على إشباع نهم العائلة"، تقول حياة 50 عامًا لـ"الترا تونس".
وتضيف "لا يمكننا الاستغناء عنه نحن أصحاب الدخل المتوسط والمحدود فبقليل من الطماطم والثوم و"ورقة رند" وبعض البهارات ننجز الصلصة ونسلق المقرونة ونقدمها ساخنة". وهذه تسمى في تونس "المقرونة الكذابة" أي التي تطهى دون أي نوع من أنواع اللحم أو السمك.
فيما تؤكد نجاة 40 سنة لـ"الترا تونس" أنها "لما سمعت بفقدان مادة المقرونة هرعت بحثًا عنها فيمكن أن تستغنى عن السكر والحليب والقهوة لكن ليس المقرونة، طبق العائلة الذي يمكن أن تعده بأشكال مختلف، يحبه الأولاد ولا تستطيع حماتي التي فقدت أضراسها أكل غيره".
فيما يقول العم رشيد (بقال الحي)لـ"الترا تونس" "الخبز والمقرونة خط أحمر، لقد استشهد أكثر من 100 تونسي سنة 1984 من أجل الخبز والمعكرونة بعد أن تم الترفيع في سعرهما وقد أعلن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في خطاب شهير عن التراجع عن هذا القرار بعد الغضب التونسي".
العم رشيد (بقال الحي) لـ"الترا تونس": "الخبز والمقرونة خط أحمر، لقد استشهد تونسيون سنة 1984 من أجلهما بعد أن تم الترفيع في الأسعار وقد أعلن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في خطاب شهير عن التراجع عن ذلك بعد الغضب التونسي"
من جانبه، شدد رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي في تصريح لـ"الترا تونس" على أن المقرونة طبق عائلي مهم جدًا فهو اقتصادي وقادر على إشباع حاجة العائلة وهي أكلة أساسية في ميزانيتها الشهرية في ظل ارتفاع الأسعار"، مشيرًا إلى أن تكلفتها أقل من الكسكسي الذي يميز المائدة التونسية والذي يحتاج إلى عدة مكونات.
رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لـ"الترا تونس": المقرونة طبق عائلي مهم جدًا فهو اقتصادي وقادر على إشباع حاجة العائلة وهي أكلة أساسية في ميزانيتها الشهرية في ظل ارتفاع الأسعار
وعلى صعيد آخر، أوضح الرياحي أن "تونس تملك الاكتفاء الذاتي في هذه المادة غير أن ما حدث في الآونة الأخيرة من فقدانها بعد تهافت المواطنين عليها يعود لخلافات بين أصحاب الفضاءات التجارية الكبرى وشركات تصنيع المقرونة"، وفقه.
"ففي كل هذه الحروب، وحده المواطن التونسي يدفع الثمن"، يوضح رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك.
"المقرونة" التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالعائلة التونسية لدواعي اقتصادية، ارتبطت أيضًا بأحداث تاريخية وسياسية مرت على تونس، أما جذورها فإن البعض يعتقد أن دخولها لتونس مرتبط بوجود الإيطاليين في البلاد خاصة بعد أن أنشأ الإيطالي قوندولفو أول مصنع "للمقرونة" بالعاصمة.
"الشاف" وفيق بلعيد لـ"الترا تونس": التونسيون صنعوا المقرونة منذ النوميدين فقد صنعوها من عجينة خاصة ووضعوها في الحساء والنواصر و"المقرونة البنزرتية والرشتة الدياري" كلها معجنات ارتبطت بالموريسكيين
واستمرت هذه العلامة في السوق التونسية حتى عام 1990 إلى جانب مصنع "ماناردو" في الضواحي الجنوبية و"كاسترو سترازولا" . لكن "الشاف" وفيق بلعيد يؤكد لـ"الترا تونس" أن التونسيين صنعوا المقرونة منذ وجود النوميدين فقد صنعوها من عجينة خاصة ووضعوها في الحساء، كما يشير إلى أن النواصر و"المقرونة البنزرتية والرشتة الدياري" كلها معجنات ارتبطت بالموريسكيين وأنها موجودة منذ قرون في تونس.
وبيّن محدث "الترا تونس" أن المطبخ التونسي يحتاج إلى جمع معطيات ودراسات وشواهد تاريخية لتوثيقها لإبراز حقيقة وتاريخ عدد من الأطباق، مؤكدًا أن طبق المقرونة عرف مع التونسي خصوصيات في طريقة إعداده وفي مكوناته فـ"السباغيتي" المرتبطة عالميًا بإيطاليا تونسها الشعب التونسي وأعدوها على طريقتهم.
وقد أطلق التونسيون عدة تسميات على "المقرونة" في أشكالها المتنوعة، فهناك "الفل وقراجم علية والتلفون والببوش ومرود فاطمة والبلومه.. الخ".