الترا تونس - فريق التحرير
عقدت ثلة من الجمعيات والمنظمات من المجتمع المدني التونسي، الجمعة 9 فيفري/شباط 2024، لقاءً بعنوان "منظمات المجتمع المدني من أجل الحفاظ على المرسوم 88 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات"، من تنظيم الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ضمن "الائتلاف المدني من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة"، وبالشراكة مع جمعيات وطنية ودولية أخرى.
-
بسام الطريفي: نرفض محاولات تنقيح المرسوم 88 أو تعويضه بمشروع قانون آخر
وقد أكد بسام الطريفي، خلال مداخلة ألقاها بالمناسبة، أنّ الرابطة اطلعت على مشروع القانون الذي يراد به تعويض المرسوم 88 المنظم للجمعيات في تونس، والذي قال إنه "وليد السلطة السياسية والتشريعية"، وسجّل أنّ تغيير القانون "يهدف إلى التضييق على عمل المجتمع المدني التونسي في إطار سياسة تهدف إلى عزل الأجسام الوسيطة وفي تغيير هذا القانون الذي نعدّه مكسبًا" وفق قوله.
وتناول الطريفي أيضًا الإطار السياسي والحقوقي الذي تندرج فيه هذه الندوة، فقال إنّ "محاولات السلطة السياسية والتشريعية التضييق على عمل المجتمع المدني ليس جديدًا، وقد تم في مختلف الحقبات التاريخية لتونس من وقت الحبيب بورقيبة إلى زين العابدين بن علي، وغيرهم.. وإن تغيرت الأساليب".
بسام الطريفي: المرسوم 88 لسنة 2011 هو مكسب من مكاسب الثورة التونسية، ونستنكر محاولات عزل الأجسام الوسيطة وإبعادها عن الشأن العام وتغييبها وترذيل دورها بعد 25 جويلية
وأشار بسام الطريفي إلى أنّ هذه التضييقات اتخذت عديد الأشكال، مثل "تلفيق القضايا وسجن المناضلين أو عبر التضييق التشريعي ومنع الجمعيات والمنظمات من عقد مؤتمراتها أو محاولات اختراقها من الداخل".
وشدّد الطريفي على أنّ المرسوم 88 لسنة 2011 هو حسب الخبراء والناشطين مكسب من مكاسب الثورة التونسية وفيه كل الآليات الكفيلة بمراقبة تمويلات الجمعيات ونشاطها وعملها ومدى تحقيقها لأهدافها، وهو كاف لتسيير الجمعيات، لكن على الدولة بالمقابل أن تتحمل مسؤوليتها، وفق تعبيره.
وانتقد الطريفي في السياق نفسه، ما وصفها بـ"محاولات عزل الأجسام الوسيطة وإبعادها عن الشأن العام وتغييبها وترذيل دورها بعد 25 جويلية/يوليو 2024، تمامًا كما يحدث للأحزاب السياسية.. فالسلطة تقوم بترذيل العمل السياسي عبر سجن المعارضين، فضلًا عن هرسلة الصحفيين وإرساء محاكمات وإصدار المرسوم 54 الذي هو سيف مسلّط على رقاب كل التونسيين من حقوقيين وصحفيين وسياسيين ومحامين وغيرهم..".
بسام الطريفي: مشوع القانون الذي تريد السلطة أن تعوّض به المرسوم 88، يحتوي عديد التضييقات سواء في مرحلة التأسيس أو خنق الجمعيات من حيث تسييرها وتمويلها
ولفت رئيس رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان إلى "استبداد السلطة التنفيذية بكل السلط عبر المرسوم 117 وما بعده من مراسيم وقوانين يتم إصدارها بطريقة أحادية من طرف رئيس الدولة"، وخلُص إلى أنّ "الواقع السياسي والحقوقي لا يبشّر بخير"، منتقدًا محاولات تنقيح المرسوم 88 أو تعويضه بمشروع قانون آخر اقترحه مجموعة من النواب "بما ينم عن عدم دراية بالدور الذي يلعبه المجتمع المدني"، مؤكدًا أنه "يحتوي عديد التضييقات سواء في مرحلة التأسيس أو خنق الجمعيات من حيث تسييرها وتمويلها، بالإضافة إلى التساهل في طرق حلّها"، مرجعًا الخلل في أجهزة الدولة باعتبار أنّ الموارد البشرية والمالية غير كافية، وفق تعبيره.
-
نائلة الزغلامي: نعبّر عن تمسّكنا بالمرسوم 88 لسنة 2011 ونرفض شيطنة كل الأحزاب والمنظمات
وقد قالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، نائلة الزغلامي، من جانبها، إنّه "يحق لنا أن نعبّر عن انشغالنا العميق لما وصلت له الأوضاع في تونس في مناخ يتسم بالضبابية وانعدام الرؤية الواضحة وغياب البدائل ومن التهديدات الواضحة لكل المكتسبات دون استثناء"، معبّر عن تمسّكها بالمرسوم 88 المؤرخ في 24 سبتمبر/أيلول 2011.
وأضافت الزغلامي: "التصريحات المبهمة والشعارات المتشنجة، وخاصة شيطنة كل الأحزاب والمنظمات والجمعيات المدنية، طغت على المشهد فلم نر أي منجز غير الانفراد بالسلطة بل والانفراد بكل القرارات.. هذا المناخ غير مطمئن على مستقبل الحقوق والحريات والانتقال الديمقراطي" وفقها.
نائلة الزغلامي: انشغال عميق لما وصلت له الأوضاع في تونس في مناخ يتسم بالضبابية وانعدام الرؤية الواضحة وغياب البدائل ومن التهديدات الواضحة لكل المكتسبات دون استثناء
واعتبرت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، أنّ "الأزمة العميقة ومتعددة الأوجه عمّقت التجاوزات والانحراف بالسلطة نحو التسلّط وانتهاك حقوق الإنسان، فضلًا عن هشاشة الإنجازات والعجز عن حل المشاكل المتراكمة".
وأشارت نائلة الزغلامي إلى أنّ "الأزمة السياسية في تونس مست النظام السياسي والإطار التشريعي وضربت عرض الحائط العديد من القيم والمبادئ الديمقراطية الناشئة وخاصة المتعلقة بحقوق النساء".
يشار إلى أنّ هذا اللقاء عرف مشاركة المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، الذي عبّر عن أنّ تجربة تونس "ألهمته ومكّنته من فهم أعمق لمهامه على رأس المنصب الذي يتولاه".
نائلة الزغلامي: الأزمة العميقة ومتعددة الأوجه عمّقت التجاوزات والانحراف بالسلطة نحو التسلّط وانتهاك حقوق الإنسان
وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة: "كانت تونس من بين أولى البلدان التي زرتها منذ أن توليت مهامي، وكانت تونس دومًا تمثّل الأمل لعدة دول أخرى، وتقتضي مهامي اليوم كمقرر خاص، تأدية زيارات للبلدان للاطلاع على الوضع التشريعي والتطبيقي والمنجزات التي تحققت، لأقدم توصيات يمكن أن تتبعها البلاد إما للإصلاح أو لمواصلة ما بدأته"، على حد تعبيره.
وقد حضر هذا اللقاء أيضًا خبراء المجتمع المدني في تونس لتقييم التحديات والمكاسب التي تواجه حرية الجمعيات "كجزء من التضييق على الحريات العامة والفردية"، وقد وفر هذا اللقاء، وفق المنظمين، فرصة لمكونات المجتمع المدني للنقاش حول مشاريع القوانين المقترحة لتغيير المرسوم 88 لسنة 2011، ودور المجتمع المدني في البناء التنموي والاجتماعي.
وكانت العديد من الجمعيات والمنظمات قد عبّرت في بلاغ مشترك لها، الجمعة 4 مارس/ آذار 2022، عن رفضها مشروع تنقيح المرسوم عدد 88 لسنة 2011 "لما يحمل في طيّاته من تضييق على حرية تأسيس الجمعيات وحرية العمل الجمعياتي في تونس كما أقرّها الدستور والاتفاقيات الدولية المُصادق عليها من الدولة التونسية".
يذكر أن المرسوم عدد 88 المتعلق بتنظيم الجمعيات كان قد صدر في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ 21 أكتوبر/تشرين الأول 2011، وتم تأريخه في 24 سبتمبر/أيلول 2011، ويتضمن 9 أبواب تتعلق بتنظيم عمل الجمعيات بها 49 فصلًا. و"يضمن هذا المرسوم حرية تأسيس الجمعيات والانضمام إليها والنشاط في إطارها وإلى تدعيم دور منظمات المجتمع المدني وتطويرها والحفاظ على استقلاليتها".