أثبتت العديد من الأبحاث على المستوى العالمي نجاعة عدّة أنواع من الأعشاب في الوقاية من الأمراض أو علاج الكثير من الأمراض. كما أثبتت العديد من الأبحاث العلمية قدرة آلاف الأنواع من النباتات على تعزيز مناعة الجسم، لاسيّما وأنّ عدّة أنواع من الأدوية تُصنع من آلاف الأنواع من الأعشاب.
وتُستعمل بعض الأعشاب لدى عموم الناس كنوع من الشاي لاسيّما الإكليل والزعتر والبابونج والخزامة وغيرها من النباتات التي تعتبر ذات قيمة صحية لدى الكثيرين وتباع منذ مئات السنين في الأسواق التونسية. فيما تدخل العديد من أنواع الأعشاب الأخرى ضمن العادات الغذائية للتونسيين.
وتشترك بعض الجهات في عدّة أنواع من الأعشاب وفي طريقة تحضيرها وطبخها. فيما تنفرد بعض الجهات الأخرى بأنواع معيّنة من الأعشاب التي تُعدّ منها أطباق مختلفة من المأكولات.
"اللازول" هي نبتة برية تنبت أساسًا في الرمال، لها أوراق طويلة ورفيعة وهي من البصيليات، ذات مذاق حار قليلًا وتحظى بمكانة كبيرة في العديد من الأطباق الخاصة بأهالي الجنوب
ويختص الجنوب التونسي، لا سيما ولاية مدنين، بعدّة أكلات وأطباق تعتمد على نبتة اليازول أو "اللازول" كما تسمى في بعض المناطق من الجنوب، وتحظى بمكانة كبيرة في العديد من الأطباق الخاصة بأهالي الجنوب وحدهم.
وخلال الأيام المشمسة في فصل الشتاء والربيع، يُقبل الأهالي على البحث عن نبتة "اليازول" وجمعها، خاصة وأنّها توجد في الصحراء خلال هاذين الموسمين. وهي نبتة برية تنبت أساسًا في الرمال. لها أوراق طويلة ورفيعة، تكون ذات ثمرة صغيرة في الأرض بيضاء تشبه البصل أو الثوم، ذات مذاق حار قليلًا يشبه أيضًا مذاق البصل. فيما تباع في بعض الأسواق بالجنوب مثلما تباع الخضروات. كما يقبل على شرائها العديد من سكان المناطق الجهات المجاورة، لا سيما بعد السماع عن منافعه الصحية.
تقول فاطمة العطوي، إحدى متساكني ولاية مدنين لـ"ألترا تونس" إنّ "نبتة "اليازول" تسمى أيضًا "اللازول"، وتنبت كثيرًا في الصحراء وفي أغلب مناطق الجنوب التونسي وخصوصًا في مدنين. لكن لا تدخل في العادات الغذائية لجميع أهالي الجنوب. كما أنّها نبتة موسمية تُستهلك أساسًا في فصل الشتاء وفي بداية فصل الربيع فقط".
اقرأ/ي أيضًا: تجربتي مع سرطان الثدي..
وتُضيف فاطمة أن "لنبتة اللازول فوائد غذائية كبيرة لا سيما وأنّها تقوي مناعة الجسم، وتقي من الإنفلونزا والنزلات الموسمية على غرار البصل والثوم. ويستعملها متساكنو مدنين في إعداد "العيش باللازول" التي يأكلونها حتى في الصباح. فيما يطبخ متساكنو بعض الجهات الأخرى الكِسرة والخبز باليازول. أو يستعملونها في بعض الأطباق الأخرى كنوع من البهارات".
وتابعت القول: "يتم أيضًا تخزين كميات من "اللازول" بطرق تقليدية لاستعمالها في بقية المواسم"، موضحة أنه "يتم طحن اللازول بـ"المهراس"، ثم يقع عجنه وحفظه في أوانٍ بلورية أو من الفخار بعد خلطه بزيت الزيتون والملح واستعماله حتى في فصل الصيف".
من جهتها، تشير خضرة بن محمّد لـ"ألترا تونس" إلى أنّها تجمع خلال فصل الشتاء يوميًا تلك النبتة منذ السادسة صباحًا، لتتحصل على بعض الحزم الصغيرة. ويستغرق عملها يوميًا قرابة أربع ساعات لتتمكن من جمع كمية لا بأس بها، خاصة وأنّ تلك النبتة تكون متفرقة في الصحراء ولا تنبت في مكان واحد، كما أنّها باتت تشهد نقصًا كبيرًا بسبب الإقبال المفرط على استهلاكها خاصة خلال السنة الماضية بناء على الاعتقاد أنها غذاء يقي من الإصابة بفيروس كورونا".
فاطمة العطوي (إحدى متساكني مدنين) لـ"الترا تونس": يستعمل متساكنو مدنين هذه النبتة في إعداد "العيش باللازول"، فيما يطبخ بعض متساكني الجهات الأخرى الكِسرة والخبز باللازول، أو يستعملونها كنوع من البهارات
وتضيف خضرة، في ذات الصدد، أنّ "الحزمة الواحدة تباع حسب الحجم، وتتراوح الأسعار بين 500 مليم و2000. وأغلب بائعيها يبيعون جميع ما يجمعونه يوميًا نظرًا للإقبال الكبير عليها خاصة في فصل الشتاء. لذا توفر مورد رزق موسمي للبعض".
اللازول مضاد لأمراض السرطان
وفي سنة 2018، تحصّل معهد المناطق القاحلة بمدنين بالتعاون مع معهد باستور بالعاصمة على براءة اختراع، إثر اكتشافه لكون نبتة اللازول تعتبر مضادًا قويًا لمرض السرطان.
وقد تحصل على براءة الاختراع من المعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية استنادًا إلى المواصفات العالمية في مجال الاكتشاف العلمي في مجال الأدوية المضادة لمرض سرطان الدم، وفق ما أكده معهد المناطق القاحلة بمدنين.
في سنة 2018، تحصّل معهد المناطق القاحلة بمدنين بالتعاون مع معهد باستور بالعاصمة على براءة اختراع، إثر اكتشافه لكون نبتة اللازول تعتبر مضادًا قويًا لمرض السرطان
وقد أشارت آنذاك حنان نجاع الباحثة في المعهد، في تصريحات إعلامية، إلى أنّ "نبتة اليازول غنية بفوائد غذائية هامة، وتحتوي على مواد فعالة ضدّ الجراثيم وتُعتبر مضادًا ناجعًا في القضاء على خلايا سرطان الدم، مبيّنة أنّ البحوث كانت في إطار رسالة دكتوراه، التي تمحورت حول موضوع التعرف على الأهمية الغذائية لنبتة اللازول.
وتابعت "انطلقنا منذ فترة في البحوث للتعرف على أهمية هذه النبتة ومنافعها الغذائية، وانتهينا داخل المعهد إلى قدرة هذه النبتة على مكافحة الخلايا السرطانية في جسم المصابين بمرض سرطان الدم".
وقد أشارت الباحثة لـ"ألترا تونس" إلى أنه "بالفعل تمت مقارنة النتائج التي تحصلت عليها رفقة زملائها في المعهد باستعمال تلك النبتة مع نفس النتائج لدواء يستخدم لعلاج السرطان. وتم التأكد من قدرتها على العلاج بل وتفوقها على الدواء المستعمل".
اقرأ/ي أيضًا: ياسمين القرمازي.. عندما تكون التجربة الشخصية حافزًا للاختراع
كما أضافت أنّ الأبحاث متواصلة إلى اليوم، لافتة إلى أنه "ستقع متابعة الأبحاث والتجارب على بعض الحيوانات للتأكد أكثر من نجاعة هذه النبتة في مقاومة الخلايا السرطانية"، على حد قولها.
وتردف، في السياق ذاته، أنها "بدأت في البحث منذ سنة 2005 تقريبًا، لتكتشف أنّ تلك النبتة مفيدة لاحتوائها على الكالسيوم والحديد، والعديد من المنافع الأخرى، إضافة إلى كونها تشكل مضادًا حيويًا ضد العديد من الجراثيم. وقد واصلت البحث في خصائص وفوائد هذه النبتة أكثر من سنتين حتى توصلت إلى أنّها ناجعة جدًا في مكافحة الخلايا السرطانية.
كما أكدت ضرورة تعميق البحث للوصول إلى دواء يروج في الأسواق، مستدركة القول إن "الوضع الذي تمرّ به البلاد اليوم وانتشار وباء كورونا عطل بعض الأمور في علاقة بتطوير البحث"، مذكرة بأنّ "العديد من المصنعين في تونس قد أبدوا سابقًا الرغبة في التعاون لمواصلة البحوث لإنتاج الدواء".
حنان نجاع (باحثة) لـ'الترا تونس": نبتة اليازول غنية بفوائد غذائية هامة، وتحتوي على مواد فعالة ضدّ الجراثيم وتُعتبر مضادًا ناجعًا في القضاء على خلايا سرطان الدم
من جهته، أشار طبيب الأورام والأمراض السرطانية معز بن خلف الله لـ"ألترا تونس" إلى أنّ "العديد من الأنظمة الغذائية تدخل طبعًا في علاج العديد من الأمراض"، مضيفًا أنّ "أغلب الأدوية مستخرجة أساسًا من عدّة أنواع من الأعشاب بعد تجارب علمية دقيقة".
وتابع القول: "سمعت عن البحث التي أجراه معهد المناطق القاحلة، ويبدو أن التجارب التي قام بها ناجحة وتتطلب مزيدًا من البحث المعمّق".
ولئن اعتبر الطبيب أن "براءة الاختراع خطوة مهمة"، فإنه يرى أن "ذلك لا يعني أنّه تم التوصل إلى نتائج نهائية، بل يتطلب الأمر مزيدًا من الأبحاث مع عدّة باحثين لا سيما وأنّ الباحثة قد قامت بعمل مهمّ على مدى سنوات لاكتشاف منافع هذه النبتة. للانتقال إلى مرحلة التجارب فيما يتعلّق بقدرة النبتة على علاج الأمراض السرطانية"، حسب تقديره.
اقرأ/ي أيضًا:
إقبال كبير على "الحرمل".. ما علاقة هذه النبتة بفيروس "كورونا"؟