الترا تونس - فريق التحرير
أكد عضو اللجنة المدنية للدفاع عن استقلال القضاء عفيف الجعيدي، السبت 20 ماي/أيار 2023، أن الحق في المحاكمة العادلة بما فيها حق التقاضي أمام قاضٍ مستقل ومحايد لا يمكن ضمانه بشكل يستجيب للمعايير وقابلٍ للمعاينة الموضوعية إلا في مجتمع ديمقراطي.
عفيف الجعيدي: الحق في المحاكمة العادلة بما فيها حق التقاضي أمام قاضٍ مستقل ومحايد لا يمكن ضمانه بشكل يستجيب للمعايير وقابلٍ للمعاينة الموضوعية إلا في مجتمع ديمقراطي
وأضاف، في مداخلة له خلال ندوة دولية "دفاعًا عن استقلالية القضاء" من تنظيم اللجنة المدنية للدفاع عن استقلالية القضاء بالشراكة مع الأورومتوسطية للحقوق ومنظمة محامون بلا حدود واللجنة الدولية للحقوقيين والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب ومنظمة "هيومن رايتس ووتش"، أننا "اليوم أصبحنا نتحدث عن عدم الحاجة إلى المحاكمة العادلة بدعوى أن المرحلة مرحلة استثناء"، وفق تعبيره.
وطرح القاضي جملة من التساؤلات في علاقة بالحق في المحاكمة العادلة أمام محكمة مستقلة ومحايدة والحق في قرينة البراءة وحقوق الإنسان في المحاكمة، متسائلًا عن مدى احترام هذه النقاط في المحاكمات في تونس.
- الحق في محاكمة عادلة أمام محكمة مستقلة
وأكد عفيف الجعيدي أن كلّ من يواجه اتهامًا له حقّ أصيل في المؤاخذة أمام محكمة مستقلة ومحايدة وأن يمارس أمامها حقه في رد الاتهام والدفاع، متسائلًا: "هل لنا قدرة حقيقية على ضمان هذا الحق لمن كان متهمًا في المحاكمات التي تكون السلطة مهتمة بها أو هي من أثارتها؟" وهل يمكن لمن كان خصمًا للسلطة وأجهزتها أن يتمتع بحق في أن يحاكم أمام محكمة مسقلة؟".
عفيف الجعيدي: نتساءل اليوم هل لنا قدرة حقيقية على ضمان الحق في محاكمة عادلة لمن كان متهمًا في المحاكمات التي تكون السلطة هي من أثارتها؟" وهل يمكن لمن كان خصمًا للسلطة أن يتمتع بحق في أن يحاكم أمام محكمة مسقلة؟
واستطرد القاضي: "للإجابة عن هذا السؤال أجدني أراجع خطاب الرئيس يوم 1 جوان/يونيو 2022 ليلة أعلن مذبحة قضاة تونس فأجد فيها تعدادًا لـ30 حالة كان سبب الإعفاء فيها ما قال الرئيس إنه عدم اتخاذ إجراءات في حق متهمين كان يرى أنها واجبة".
وتابع: "خطابه أيضًا من مقر وزارة الداخلية في فيفري/شباط المنقضي في قضية قال صراحة إنه أشرف شخصيًا على أبحاثها وأكد أن من يبرئ أطرافها فهو شريك لهم، وما تبع ذلك من حديث مؤكد عن إيقاف قاضٍ عن العمل لم ينتبه لرسالة الرئيس فأفرج عن أحد المتهمين".
وأضاف في ذات الصدد: "أيضًا بتاريخ 18 ماي/أيار المنقضي، حديث الرئيس من القاعة الشرفية بالمطار عن ضرورة الإفراج عن متهمين، وبالفعل تم ذلك من قبل المحكمة التي أوقفتهم، بعد أن كانت قد رفضت مطلب هيئة الدفاع بالإفراج عنهم قبل يوم من حديث الرئيس".
- احترام الحق في قرينة البراءة
وتساءل عفيف الجعيدي، في سياق آخر، هل أن القاضي في تونس اليوم يحترم قرينة البراءة؟ أو هل أنه يمكن للقاضي اليوم أن يكرّس تلك القرينة في القضايا المهمة موضوع المتابعة؟.
عفيف الجعيدي: محمول على السلطة العامة واجب ضبط النفس فيما يتعلق بتصريحاتها حول القضايا والمتهمين وتجاوزها لهذا الواجب من خلال التدخل في القضايا وإبداء مواقف منها يؤدي إلى مسٍّ جوهريّ من حق المتهم في قرينة البراءة
وأكد الجعيدي، في ذات الصدد، أنه "محمول على السلطة العامة واجب ضبط النفس فيما يتعلق بتصريحاتها حول القضايا والمتهمين"، مستطردًا أن "تجاوز السلطة لهذا الواجب من خلال التدخل في القضايا وإبداء مواقف منها يؤدي إلى مسٍّ جوهريّ من حق المتهم في قرينة البراءة، حسب تقديره.
وخلص القاضي في هذا السياق إلى أن "الوضع السياسي قد يحجب قرينة البراءة، سواء أراد القاضي ذلك أم لم يرد"، وفق تعبيره.
- احترام حقوق الإنسان في المحاكمة
وأضاف عفيف الجعيدي أنه يفترض الاعتراف لمن يشتبه به بحقوقه كاملة في كل مراحل التقاضي، مستدركًا القول إنه لا يظن أن بإمكان القاضي في مرحلة البحث الأولي الالتزام بذلك خصوصًا إذا كان الوضع العام يفرض سطوة الأمني على القضائي، مسلطًا الضوء في هذا الصدد على ملفات القضاة المعفيين وما كشفت عنه من كونهم اليوم يحاكمون جزائيًا بتهم على علاقة بما نُسب لهم من عدم انسجام مع تعليمات الأمن.
وأكد، في هذا الإطار، أن ذلك "يؤكد أن الحق في المحاكمة العادلة لا يتحقق بمجرد استحضار صورة القاضي الحقوقي، ويدفع ذلك لطرح سؤال هل أن القاضي يتحمل مسؤولية الحق في المحاكمة العادلة متى كان جزءًا من نظام لا يوفر له شروط استقلاليته"، وفق تعبيره.