21-يوليو-2022
شارع الحبيب بورقيبة LIONEL BONAVENTURE AFP

اعتبرت أن "تصرفات السلطات التونسية تثير مخاوف جدية بشأن مستقبل حقوق الإنسان في تونس" (LIONEL BONAVENTURE/ أ.ف.ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

اعتبرت منظمة العفو الدولية، الخميس 21 جويلية/يوليو 2022، أن مشروع الدستور التونسي الجديد الذي قدمه الرئيس التونسي قيس سعيّد "من شأنه أن يُعزز صلاحياته ويُعرّض حقوق الإنسان في تونس للخطر". 

وقالت المنظمة، في تقرير لها تحت عنوان "تونس: تدهور حقوق الإنسان على مدى عام منذ هيمنة الرئيس على السلطة"، إن "مشروع الدستور قد صدر بعد عملية صياغة مُبهمة ومُسرّعة المسار في غياب تشاور جدي مع منظمات المجتمع المدني أو الأحزاب السياسية"، مشددة على أنه "إذا ما تم تبني مشروع الدستور في الاستفتاء، فإنه سيضعف استقلالية القضاء، ويمنح الرئيس الحق في إعلان حالة الطوارئ المفتوحة والحكم من دون حسيب أو رقيب، ويمكن أن يجيز للسلطات تقييد حقوق الإنسان على أسس دينية مبهمة الصياغة"، حسب تصورها.

منظمة العفو الدولية: إذا ما تم تبني مشروع الدستور في الاستفتاء، فإنه سيمنح الرئيس الحق في إعلان حالة الطوارئ المفتوحة والحكم من دون حسيب أو رقيب، وقد يجيز للسلطات تقييد حقوق الإنسان

وأكدت، في سياق متصل، أنه "يجب على السلطات التونسية أن تُعالج في أسرع وقت سجل حقوق الإنسان المقلق الذي شهد تقويضًا ملحوظًا في العام الذي انقضى على انتزاع الرئيس قيس سعيّد صلاحيات واسعة النطاق في 25 جويلية/يوليو 2021، وأن تُلغي جميع التدابير والقوانين الجديدة التي تتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان"، وفق ما ورد في التقرير.

واعتبرت المنظمة الدولية أنّ سعيّد قام بـ"تفكيك وإضعاف الضمانات الأساسية لحقوق الإنسان منذ توطيد سلطته في جويلية/يوليو الماضي، بالرغم من تعهده المتكرر بضمان احترام السلطات لحقوق الإنسان"، مشيرًا إلى أن "السلطات التونسية استهدفت منتقدين بارزين وأعداء مفترضين للرئيس رغم عدم شنها حملة قمع جماعية".

وفي هذا الصدد، قالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا هبة مرايف إن "الذكرى السنوية الأولى لاستيلاء الرئيس سعيّد على السلطة تشكّل علامة بارزة على التفكيك المتواصل والمتفاقم لضمانات حماية حقوق الإنسان"، مشيرة إلى أن "الرئيس بإصداره المراسيم من دون إشراف أو مراجعة، قد قوّض العديد من الإنجازات الرئيسية التي حققتها البلاد في مجال حقوق الإنسان في السنوات العشر التي أعقبت الثورة"، حسب تقديرها.

كما أشارت مرايف إلى أن "تصرفات السلطات التونسية تثير مخاوف جدية بشأن مستقبل حقوق الإنسان في تونس"، معتبرة أن "الرئيس سعيّد وآخرين وجهوا ضربة تلو الأخرى لحقوق الإنسان وقوّضوا استقلالية القضاء على وجه الخصوص"، معقبة أنه "في حين لم تلجأ السلطات إلى حملات القمع الجماعية، فقد استهدفت منتقدين بارزين ومعارضين سياسيين من خلال التحقيقات الجنائية والملاحقات القضائية، وصولاً إلى تنفيذ الاعتقالات في بعض الحالات، مما بعث بإشارة واضحة حول شعور الرئيس تجاه المعارضة"، حسب ما ورد في التقرير.

منظمة العفو الدولية: سعيّد وجّه ضربة تلو الأخرى لحقوق الإنسان وقام بتفكيك وإضعاف ضماناتها الأساسية منذ توطيد سلطته في جويلية 2021

وذكرت منظمة العفو الدولية أن "السلطات التونسية استهدفت شخصيات عامة مثل النواب وغيرهم من الشخصيات السياسية، والصحفيين، ورئيس سابق من خلال إجراءات جنائية بتهم تُجرّم حق التعبير المشروع، أو من خلال حظر السفر التعسفي، وصولًا إلى الاحتجاز في بعض الحالات".

وأشارت إلى أنها وثّقت، في الشهرين التاليين لاستيلاء الرئيس على السلطة "50 حالة حظر سفر تعسفي، من دون دليل على استنادها إلى أوامر محكمة أو غيرها من الإجراءات القضائية، طالت قضاة تونسيين، وعددًا من كبار مسؤولي الدولة وموظفي الخدمة المدنية، ورجال أعمال، ونوّابًا في البرلمان"، لافتة إلى أنه "بعد تزايد الانتقادات العلنية لحظر السفر، أصدر الرئيس سعيّد بيانًا في 17 سبتمبر/أيلول 2021 دعا فيه شرطة الحدود إلى حصر منع السفر إلى الخارج بالأشخاص الخاضعين للإجراءات القضائية. ومع ذلك، منذ جوان/يونيو 2022، فرضت السلطات حظرًا تعسفيًا جديدًا على السفر على ما لا يقل عن ثلاثة نوّاب في البرلمان التونسي المنحل ينتمون إلى أحزاب معارضة للرئيس سعيّد"، وفق ما ورد في التقرير.

كما أضافت المنظمة أن "الملاحقات القضائية للمدنيين أمام المحاكم العسكرية زادت بشكل كبير، إذ حوكم ما لا يقل عن 12 شخصًا منذ 25 جويلية/يوليو 2021. وبالمقارنة، وجدت منظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق الإنسان أنَّ المحاكم العسكرية حاكمت ما لا يقل عن ستة مدنيين خلال السنوات العشر الماضية".

منظمة العفو الدولية توثّق "50 حالة حظر سفر تعسفي في الشهرين التاليين لاستيلاء الرئيس على السلطة في جويلية 2021" و"محاكمة ما لا يقل عن 12 شخصًا أمام القضاء العسكري" و"التحقيق مع ما لا يقل عن 29 شخصًا في قضايا تهم حرية التعبير"

ولفتت إلى أن "المحاكم حققت مع ما لا يقل عن 29 شخصًا أو حاكمتهم بسبب ممارستهم السلميّة لحقهم في حرية التعبير، معظمهم نوّاب سابقون في البرلمان المنحلّ"، مردفة أنه "في تصعيد كبير، في 31 ديسمبر/كانون الأول 2021، قبضت السلطات بشكل تعسفي على وزير العدل السابق والقيادي بالنهضة نور الدين البحيري، المسؤول الأمني السابق فتحي البلدي، خارج منزليهما في تونس العاصمة، قبل الاعتداء الجسدي على أحدهما ونقلهما إلى أماكن احتجاز سرية. وفي وقت لاحق، نقلت السلطات رجلًا إلى الاحتجاز في المستشفى. واحتجز كلاهما لأكثر من شهرين من دون تهمة ومُنعا من الاتصال بمحامين"، وفق ما ذكرته المنظمة الدولية في تقريرها.

وختمت  مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا هبة مرايف هبة مرايف حديثها بالقول: "يجب على الرئيس سعيّد أن يعترف بأن جهوده الرامية إلى تفكيك مؤسسات حقوق الإنسان وسيادة القانون لن تؤدي إلا إلى مزيد من القمع والإفلات من العقاب في تونس"، مؤكدة أنه "يجب عليه أن يضمن في أسرع وقت أن توائم السلطات جميع التدابير والقوانين مع التزامات تونس بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان"، على حد ما ورد في تقرير المنظمة.

 

ومن المنتظر أن تعيش تونس، يوم 25 جويلية/يوليو 2022، على وقع استفتاء على مشروع الدستور التونسي الذي كان قد نشره الرئيس التونسي قيس سعيّد بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية في 30 جوان/يونيو 2022، ثم أدخل عليه تعديلات بأمر رئاسي يوم 8 جويلية/يوليو 2022.

وبالاطلاع على الأمر الرئاسي، بلغ عدد التعديلات 46 وقد تم تفصيلها في ذات الأمر والتنصيص على إعادة نشر مشروع الدستور في الرائد الرسمي بعد التغيير. وبالنظر في هذه التعديلات، يتعلق معظمها بأخطاء إملائية ولغوية، مع بعض التعديلات "المضمونية"، تجدون أبرزها فيما يلي: صدور نسخة معدّلة من مشروع الدستور في تونس.. أبرز التغييرات.

الأزمة السياسية