13-يونيو-2023
قيس سعيّد رئيسة المفوضية الأوروبية

رضا الشكندالي: الاحتياجات المالية لتونس ملحة وهي على المدى القريب ولا تنتظر

الترا تونس - فريق التحرير

 

اعتبر المختص في الشأن الاقتصادي رضا الشكندالي، الاثنين 12 جوان/يونيو 2023، أنّ الخطة المقترحة من طرف الاتحاد الأوروبي في مجملها خطة على المدى الطويل وقد تفيد الاقتصاد التونسي وتسهم في تحسين معدلات النمو الاقتصادي وخلق موارد الرزق في قادم السنوات، بينما الاحتياجات المالية لتونس ملحة وهي على المدى القريب ولا تنتظر، على حد تقديره.

وأضاف، في تدوينة له على موقع التواصل فيسبوك، أن الاتحاد الأوروبي يقترح مبلغًا ضئيلًا بقيمة 150 مليون يورو لدعم ميزانية الدولة، أي 4% فقط من احتياجات تونس لهذا العام والتي تقدر بـ3.5 مليار دولار حسب وكالة فيتش، فضلًا عن أنه مبلغ مشروط بالتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وفقه.

رضا الشكندالي: الخطة المقترحة من طرف الاتحاد الأوروبي خطة على المدى الطويل وقد تفيد الاقتصاد التونسي في قادم السنوات بينما الاحتياجات المالية لتونس ملحة وهي على المدى القريب ولا تنتظر

ولفت الشكندالي إلى أنه "حسب البيان المشترك بين تونس والاتحاد الأوروبي وقع تكليف وزير الشؤون الخارجية التونسية والمفوض الأوروبي بإعداد مذكرة تفاهم حول حزمة الشراكة الشاملة، والتي سيتم اعتمادها من قبل تونس والاتحاد الأوروبي قبل موفى جوان/يونيو 2023 أي قبل انعقاد القمة الأوروبية المقبلة التي يفترض أن تنعقد في نهاية جوان/يونيو وهو ما يعني أن ما صرحت به رئيسة المفوضية الأوروبية لا يعدو أن يكون إلا مشروع مسودة اتفاق".

وتابع في ذات الصدد: "الجانب المالي للخطة يتمثل في تقديم 900 مليون يورو لدعم الاقتصاد التونسي فضلًا عن 150 مليون يورو إضافية لدعم الميزانية بمجرد "التوصل إلى اتفاق لازم" و100 مليون يورو لمساعدة تونس في إدارة الحدود وعمليات البحث والإنقاذ وإجراءات مكافحة التهريب والعودة لمعالجة قضية الهجرة".

 

 

وبخصوص الجانب الاقتصادي للخطة، لفت الشكندالي إلى أنه يشمل التعاون في مجال التجارة والاستثمار وتوفير الفرص لقطاع الأعمال بما في ذلك المؤسسات الصغرى والمتوسطة عبر تنظيم مؤتمر للاستثمار شبيه بمؤتمر 20-20، مستدركًا أن "هذا المؤتمر كما في المؤتمرات السابقة يجعلنا نعيش حلمًا يتمثل في أرقام خيالية لنوايا الاستثمار بدون أن يتحول هذا الحلم إلى حقيقة بل إلى سراب بعد أن يكتشف هؤلاء المستثمرون حجم التعطيلات الإدارية وحجم فساد مناخ الأعمال في تونس من قانون صفقات ممل وإجراءات إدارية متعددة"، على حد تصوره.

رضا الشكندالي: الاتحاد الأوروبي يقترح مبلغًا ضئيلًا بقيمة 150 مليون يورو لدعم ميزانية الدولة أي 4% فقط من احتياجات تونس لهذا العام والتي تقدر بـ3.5 مليار دولار  فضلًا عن أنه مبلغ مشروط بالتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد 

واستطرد، في ذات الصدد، أن أهم قطاع سيستفيد من هذه الخطة هو القطاع الرقمي عبر مشروع "ميدوسا كابل" الرقمي الذي يهدف بحلول عام 2025 الربط بين 11 دولة على ضفتي المتوسط بهدف خلق فرص عمل بتمويل يبلغ 150 مليون يورو من قبل صندوق الاستثمار الأوروبي، وكذلك مشروع لتصدير الطاقة المتجددة بقيمة 300 مليون يورو.

وتابع أن جانب التكوين والتدريب والبحث العلمي من الخطة يتمثل في توسيع الفرص أمام الشباب التونسي للدراسة والعمل والتدريب في دول الاتحاد الأوروبي لمساعدتهم على تطوير المهارات التي يمكن استخدامها لتعزيز الاقتصاد التونسي، مستدركًا القول: "لا أعتقد أن هذا البرنامج سيضيف شيئًا للاقتصاد التونسي بما أنه ليس لدينا إشكال من هذه الناحية فخريجو الجامعات التونسية خاصة في ميادين الإعلامية والطب وغيرها يشتغلون في أفضل القطاعات في أوروبا ولا يحتاجون تدريبًا خاصًا لإفادة الاقتصاد التونسي لأن المنوال السائد الذي يعتمد على المزايا التفاضلية لليد العاملة الرخيصة لم يتغير إلى الآن"، على حد تقديره.   

 

 

واعتبر المختص في الشأن الاقتصادي أن "الخطة المقترحة لا تتضمن أهم نقطة تهم الجانب التونسي وهي كيفية التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي قصد الخروج من الأزمة المالية الخانقة بما فيها مناقشة تأجيل رفع الدعم بما أن الذي ينقص إبرام هذا الاتفاق ليس فقط الدعم المالي، وهو ضعيف جدًا، بل كذلك تغيير مضمون الإصلاح المتعلق بمنظومة الدعم بما أن الرئيس قيس سعيّد يرفض رفع الدعم بالطريقة التي يطرحها الصندوق".

رضا الشكندالي: الخطة المقترحة من الاتحاد الأوروبي لا تتضمن أهم نقطة تهم الجانب التونسي وهي كيفية التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي قصد الخروج من الأزمة المالية الخانقة

كما لفت إلى أن "الخطة لا توضح ما إذا كانت تونس مطالبة فعلًا بتطبيق الاتفاق الأخير للاتحاد الأوروبي حول إرجاع المهاجرين إلى بلد العبور عوضًا عن البلد الأم، لكنها تشير إلى أهمية المسألة الأمنية بالنسبة لها في الحد من الهجرة غير النظامية وقد تطلب من تونس لعب دور الشرطي في المنطقة، وهو أمر قد لا تقبل تونس أن تقوم به".

ويرى المختص الاقتصادي أنه "لا بدّ من تعديل هذه الخطة المقترحة وذلك بالمطالبة بالترفيع في المبلغ المقترح لدعم الميزانية المقدر بـ150مليون يورو إلى نفس مبلغ القسط الأول من القرض المنتظر من صندوق النقد الدولي أي 475 مليون يورو، وهو ما يشجع الدول الشقيقة من الخليج العربي على الانخراط في برنامج الاصلاحات للصندوق وبالتالي تتوفر الشروط الدنيا لإبرام الاتفاق مع الصندوق، ولمَ لا طلب ضمانات من طرف الاتحاد الأوروبي لقرض صندوق النقد الدولي كما حدث مع القرض الذي أسند إلى أوكرانيا بضمانات أوروبية وأمريكية وبمبلغ يفوق 7 مرات القرض المقترح على تونس يقدر بـ 15 مليار دولار كاملة تحصلت عليها أوكرانيا مع أن اقتصادها في حالة حرب وفيه مخاطر عالية تهدد استرداد هذا القرض وتتعدى بكثير المخاطر التي يمثلها الاقتصاد التونسي، على حد تقديره. 

رضا الشكندالي: لا بدّ من تعديل هذه الخطة المقترحة وذلك بالمطالبة بالترفيع في المبلغ المقترح لدعم الميزانية المقدر بـ150مليون يورو إلى نفس مبلغ القسط الأول من القرض المنتظر من صندوق النقد الدولي أي 475 مليون يورو

كما أشار إلى أنه "لا بد من إقناع الجانب الأوروبي وخاصة إيطاليا بأن رفع الدعم هذه السنة أو التسريع برفعه خلال سنوات قليلة سيسرع من معدلات التضخم المالي وسيؤدي إلى حالة من الاحتقان الاجتماعي تكون إيطاليا ومن ورائها أوروبا المتضررة الأولى، وأن رفع الدعم سيفشل الجانب المتعلق بالهجرة في الخطة المذكورة وقد يكون من الأفضل تأجيل رفع الدعم إلى أن تعطي الخطة المتعلقة بالجانب الاقتصادي أكلها في تونس"، حسب رأيه.

وأكد، في ذات الصدد، ضرورة إقناع الجانب الأوروبي بأن المقاربة الاقتصادية في حلحلة مشكلة الهجرة أفضل من المقاربة الأمنية، وأن هذه المقاربة تمكن من تثبيت العمالة في تونس عبر الترفيع من حجم الاستثمارات الأوروبية في تونس ولمَ لا مخطط كبير شبيه بمخطط مارشال في تونس وكذلك تحويل الديون إلى استثمارات حقيقية تسهم في خلق موارد الرزق للتونسيين وتثبيتهم في بلدانهم"، وفق تصوّره.

 

 

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قد أعلنت، الأحد 11 جوان/ يونيو 2023، أنّ الاتحاد الأوروبي مستعد لحشد ما يصل إلى 900 مليون يورو لدعم الاقتصاد التونسي بالإضافة إلى 150 مليون يورو إضافية لدعم الميزانية بمجرد "التوصل إلى اتفاق لازم"، كما أنه مستعد لتقديم 100 مليون يورو لتونس لمساعدتها في إدارة الحدود وعمليات البحث والإنقاذ وإجراءات مكافحة التهريب والعودة لمعالجة قضية الهجرة غير النظامية.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية إنّ الاتحاد الأوروبي يعمل مع تونس على حزمة شاملة مبنية على خمسة ركائز، تتعلق الأولى بالتنمية الاقتصادية، ثمّ الاستثمار والتجارة، حيث اقترحت تحيين اتفاقية التجارة الحالية الخاصة بهما. 

وتحدثت رئيسة المفوضية الأوروبية عن الاستثمار في القطاع الرقمي، و"كابل ميدوسا البحري"، الذي سيربط ضفتي البحر الأبيض المتوسط، ويمكن الاستثمار في هذا المشروع بقيمة 150 مليون يورو. كما تحدثت أورسولا فون دير لاين" عن الاستثمار في مجال الطاقة، فضلًا عن الركيزة الرابعة وهي ملف الهجرة، بالإضافة إلى الركن الخامس المتعلق بدعم التبادل الطلابي وإنشاء نافذة تونس في برنامج Erasmus + بقيمة 10 مليون يورو.

يذكر أنّ رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أدت الأحد 11 جوان/يونيو 2023، زيارة إلى تونس رفقة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته.

 يشار إلى أنه خلال الفترة الأخيرة، تعددت اللقاءات والاتصالات بين مسؤولين أجانب خاصة من إيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة لتباحث ما قالوا إنه دعم تونس للحصول على قرض صندوق النقد الدولي إضافة إلى تمويلات أخرى وقدروا أن الاقتصاد التونسي مهدد بالانهيار وهو ما تلتزم السلطات التونسية الصمت إزاءه.

وتقود إيطاليا جهودًا لافتة للتوصل إلى اتفاق سريع خشية تدفق المزيد من المهاجرين إلى شواطئها في حال شهدت الأوضاع الاقتصادية في تونس تراجعًا أكبر، كما تقول.