منذ أواخر شهر أفريل/ نيسان من السنة الحالية 2022، توافدت على تونس رحلات سياحية من دول أوروبية وآسيوية قد تساهم في انتعاشة جزئية لـ"الاقتصاد التونسي" وتدفع نحو تنشيط بعض القطاعات التجارية والترفيهية، واستقطاب اليد العاملة في الخدمات الفندقية وما يحيط بها من مرافق.
تغيّر المشهد في المسالك السياحية بشوارع سوسة والمنستير عن السنوات السابقة التي تلت الأزمة الصحية العالمية جرّاء انتشار وباء كورونا، وبدأت تستعيد المشهد السياحي الذي غاب عنها
في شوارع سوسة والمنستير، تغيّر المشهد في المسالك السياحية عن السنوات السابقة التي تلت الأزمة الصحية العالمية جرّاء انتشار وباء كورونا، وبدأت تستعيد المشهد السياحي الذي غاب عنها، سياح أوروبيون يجوبون أنهج المدينة العتيقة، وتجارة الصناعات التقليدية انتعشت بعض الشيء وتمكنت بعض الاستراحات من استقطاب الزبائن، كما استعد بعض المتدخلين في القطاع إلى تنويع الوجهات السياحية خارج النزل، وذلك بالتركيز على السياحة الصحية والزيارات الميدانية لمدن تاريخية وفضاءات مفتوحة.
وباعتبار أن سنة 2019 قد انتعشت فيها السياحة التونسية وارتفعت مؤشراتها بشكل غير مسبوق، فإن الأهداف التي تم رسمها اليوم اعتبرت أن 2019 هي سنة مرجعية، وعملت وزارة السياحة والصناعات التقليدية على بلوغ تلك المؤشرات الإيجابية وتجاوزها، وفي الآن نفسه، بقيت المخاوف قائمة من مفاجآت قد تطيح بالموسم أهمها: متحورات فيروس كورونا وإمكانية تمدد الوباء خاصة بعد الأنباء المتواترة الأخيرة عن إلغاء الخطوط الجوية البريطانية، أكثر من 120 رحلة قصيرة ومتوسطة المدى من وإلى قاعدتها الرئيسية، مطار هيثرو في العاصمة لندن، وذلك بسبب نقص الموظفين المرتبط بجائحة كورونا. كما تم إلغاء 98 رحلة دولية، بما في ذلك ثلاث رحلات ذهابا وإيابا إلى كل من أمستردام وجنيف وباريس.
ولم توضح السلطات مسألة توافد الجزائريين على تونس خلال الأشهر القادمة من عدمها، خاصة وأن البلدان الساحلية انتعشت في السابق بسبب توافدهم بصفة فردية أو عبر رحلات برية وجوية منظمة، وساهم ذلك في انتعاشة اقتصادية حقيقية انتفعت منها جميع المرافق الخدماتية والتجارية المتصلة بقطاع السياحة.
وفي سياق متصل، أفادنا توفيق القايد المندوب الجهوي للسياحة بسوسة، أنه في إطار الاستراتيجية السابقة والرؤية الجديدة "نحاول دعم المنتوج السياحي في سوسة بالاعتماد على تنويع المنتوج، وخلق هوية خاصة بالولاية والتشجيع على الاستثمارات في الجهة خاصة في السياحة المستدامة وكذلك خلق تنافسية مع بقية الجهات عبر تثمين نقاط القوة من أجل خلق تنافسية وطنية مقارنة بالدول الأجنبية المنافسة لنا" وفقه.
المندوب الجهوي للسياحة بسوسة لـ"الترا تونس": المنطقة السياحية سوسة-القنطاوي سجّلت أرقامًا إيجابية خلال الفترة من 1 إلى 10 ماي 2022، حيث تضاعف عدد الوافدين إلى الجهة حوالي 9 مرات تقريبًا
وأكد المندوب أن القطاع السياحي بولاية سوسة يشهد هذه الأيام انتعاشة وعودة للنشاط السياحي بكثافة خاصة إثر عودة النشاط في مطار نفيضة-الحمامات الدولي. وأشار المسؤول أن المنطقة السياحية سوسة-القنطاوي قد سجّلت أرقامًا إيجابية خلال الفترة من 1 إلى 10 ماي/ أيار من هذه السنة، حيث تضاعف عدد الوافدين إلى الجهة حوالي 9 مرات تقريبًا كما تضاعف عدد الليالي المقضاة 7 مرات.
وأضاف توفيق القايد أنه إذا ما قارننا هذا الرقم في عدد الوافدين بالفترة نفسها من السنة المرجعية 2019، نجد أن ولاية سوسة حققت نسبة 92%، "وأنه بهذه النسبة نطمح للوصول على مدى السنة من 70 إلى 100% نظرًا لتوفّر الطلب على الوجهة السياحية سوسة وكذلك الحجوزات لدى مؤسسات الإيواء السياحي بمختلف أنواعها بالجهة".
كما أبرز أنّ "البرمجة على مطار نفيضة-الحمامات الدولي تتطور من أسبوع إلى آخر وكلها مؤشرات إيجابية لموسم واعد، آملين أن تكون سنة العودة أو سنة الإقلاع والتي ستتدعم خلال السنة القادمة" حسب قوله.
المندوب الجهوي للسياحة بسوسة لـ"الترا تونس": في الفترة المتراوحة بين 1 جانفي و10 ماي 2022، حققنا نسبة 52% من عدد الوافدين الذين قدموا إلى سوسة خلال الفترة ذاتها من السنة المرجعية 2019
وأشار القايد إلى عودة قوية وواعدة للأسواق التقليدية لاسيما البريطانية، التي تغيّبت لعدة سنوات، وكذلك السوق البلجيكية والسويسرية والتشيكية والبولونية. وفي تفصيل لعدد الوافدين، بيّن المندوب الجهوي أنه تم في الفترة الممتدة من 1 إلى 10 ماي/ أيار 2021 استقبال 2116 حريفًا في حين تجاوز عدد الوافدين في الفترة نفسها من سنة 2022 الـ 21 ألف حريف.
وبلغ عدد الليالي المقضاة في الفترة نفسها من سنة 2021 أكثر من 7 آلاف ليلة، لتقفز في الفترة نفسها من السنة الحالية إلى أكثر من 56 ألف ليلة. وبلغ عدد الوافدين في الفترة من 1 جانفي/ يناير إلى 10 ماي/ أيار 2021 أكثر من 69 ألفًا، ليتطور هذا العدد إلى حوالي 170 ألفًا أي بزيادة تقدّر بأكثر من 143%. أما فيما يتعلق بعدد الليالي المقضاة في جهة سوسة لنفس هذه الفترة من سنة 2021، فقد بلغ حوالي 140 ألفًا في حين تجاوز 400 ألف و600 ليلة في سنة 2022 أي ما يمثّل زيادة بحوالي 187%، وهي نسبة اعتبرها المندوب الجهوي مؤشرًا إيجابيًا جيّدًا يبيّن استدامة مدة مكوث الحريف في النزل.
وأما فيما يتعلق بالفترة المتراوحة بين 1 جانفي/ يناير و10 ماي/ أيار، فقد حققنا نسبة 52% من عدد الوافدين الذين قدموا إلى جهة سوسة خلال الفترة ذاتها من السنة المرجعية 2019، وهو رقم إيجابي حسب قوله.
وبالتوازي مع الاستعدادات الحثيثة للموسم السياحي، احتضنت مدينة سوسة صباح الاثنين 16 ماي/ أيار الجاري، المناظرة الجهوية للسياحة التونسية والموجهة لجهة الساحل (سوسة، المنستير والمهدية) بإشراف من وزارة السياحة وبالتعاون مع برنامج "visit Tunisia زوروا تونس" المموّل من طرف الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "usaid" من أجل إعداد تصور لاستراتيجية وطنية جديدة للسياحة في أفق 2035.
واعتبرت هدى نفزاوي المكلفة بتحسين مناخ الأعمال في برنامج "visit Tunisia" في تصريح خصّت به "الترا تونس"، أنّ المناظرات السياحية آلية للحوار بين مختلف المكونات العمومية والخاصة. وتتزامن هذه المناظرات حسب إفادتها مع الأشغال المتعلقة بالتصور الشامل للاقتصاد التونسي والذي تقوده وزارة الاقتصاد والتخطيط.
ونوّهت المسؤولة إلى وجود عديد الاقتراحات الهامة، وتوفر الإرادة من أجل دعم هذا القطاع الاستراتيجي وتطويره خاصة أمام التحديات الهامة التي يشهدها الاقتصاد التونسي وتغيّر احتياجات السائح وانتظاراته. ولفتت هدى النفزاوي إلى أن تنفيذ هذه الإجراءات لا يعود فقط إلى وزارة السياحة بل إلى عدّة متدخلين آخرين كمسألة النقل وتحسين الخدمات الجوية وتوفير البنية التحتية والتكوين وغيرها من المسائل. وأشارت، أنه للوصول إلى الأهداف المرجوة، يجب التنسيق خاصة مع مختلف الفاعلين ورصد الاعتمادات المطلوبة وتكاتف جميع الجهود من أجل تنفيذ هذا البرنامج.
المكلفة بتحسين مناخ الأعمال في برنامج "visit Tunisia" لـ"الترا تونس": سيتوجه هذا البرنامج نحو الترويج الرقمي والتحول الرقمي للخدمات، مع تعصير السياحة الشاطئية التقليدية
وأكدت محدثتنا "وجود ديناميكية هامة ووعي من مختلف المتدخلين للرقي بالسياحة التونسية وبجودتها من أجل تحقيق أهداف البرنامج والمتمثلة في دعم التنافسية، إرساء قواعد ودعائم السياحة المستدامة، السياحة الصديقة للبيئة، السياحة التي تثمّن المكتسبات الحضرية الطبيعية للبلاد التونسية، والسياحة التي تضمن كذلك الشغل والاستثمار" وفق قولها.
وفيما يتعلق بالترويج فسيركّز البرنامج على رقمنته للتوجه نحو الترويج الرقمي والتحول الرقمي للخدمات، إلى جانب تعصير السياحة الشاطئية التقليدية وستكون هناك سلسلة قيمية مع أشكال جديدة للسياحة يمكنها استقطاب سياج جدد، وفق ما بيّنته هدى النفزاوي المكلفة بتحسين مناخ الأعمال في هذا البرنامج.
المندوب الجهوي بالمنستير فواز بن حليمة كشف لـ"الترا تونس" مدى استعداد الجهة للموسم السياحي قائلًا: "نتمنى أن تكون توقعاتنا حسب المأمول هذا الموسم ونعمل على نسبة تتراوح بين 60 و70% من أرقام 2019". كما أشار فواز بن حليمة إلى أنه تم الاستعداد للموسم السياحي من خلال "التحضيرات عبر جلسات متواترة تخص جميع القطاعات من بينها التشغيل والتكوين السريع للمنتدبين الجدد في سوق الشغل حسب الاختصاص المهني".