ربما قلة ذات اليد هي التي دفعتهم إلى تجربة الزراعة على أسطح المنازل، أو ربما بسبب عدم الرغبة في المجازفة وشراء أرض فلاحية أو الحصول على قرض بنكي لبعث مشروع فلاحي والخوض في تجربة زراعة أي أرض.
ظهرت الزراعة على الأسطح في عدّة دول لا سيّما منها التي يعاني سكانها تقلص عدد المساحات الزراعية، لكن ما الذي قد يدفع بالبعض في تونس إلى تجربة الزراعة على الأسطح والحال أنّه توجد مساحات تقارب 10 ملايين هكتار مخصصة للفلاحة؟
ظهرت الزراعة على الأسطح منذ سنوات في عدّة دول لا سيّما منها التي يعاني سكانها تقلص عدد المساحات الزراعية بسبب الزحف العمراني. لكن ما الذي قد يدفع بالبعض في تونس إلى تجربة الزراعة على الأسطح، والحال أنّه توجد مساحات تقارب 10 ملايين هكتار مخصصة للفلاحة؟
-
فاكهة التنين على أسطح المنازل
عبد الجبار النار، أصيل منطقة رأس الجبل في محافظة بنزرت شمال تونس، وهي منطقة زراعية تتميز بمناخ معتدل وتشتهر بالزراعات بمختلف أنواعها، بدأ تجربة زراعة فاكهة التنين على سطح منزله منذ أكثر من أربع سنوات.
يقول عبد الجبار، في حديثه مع "الترا تونس"، إنّه اشترى في البداية بعض المشاتل وجرب زراعتها بعد الاطلاع على طريقة إنباتها عبر الإنترنت، وخبر كيفية العناية بها وتلقيحها حتى تنتج. كما تواصل مع بعض من اكتسبوا خبرة في زراعتها في عدّة دول.
عبد الجبار (موظف) لـ"الترا تونس": رغم عملي في مجال الكهرباء فإنّي مغرم بالأعمال الفلاحية لذلك اخترت زراعة فاكهة التنين في أصص على سطح المنزل بعد الاطلاع على طريقة إنباتها عبر الإنترنت والتواصل مع أشخاص ذوي خبرة
وأضاف أنّه زرع كل المشاتل التي اشتراها في أصص ودِلاء بلاستيكية فوق سطح منزله. وبعد انتظار قرابة 3 سنوات، تمكن من إنتاج كمية صغيرة من تلك الفاكهة التي بات يروجها خصوصًا لبعض النزل.
ويشير عبر الجبار، وهو في الأصل موظف في شركة الكهرباء، إلى أنّه مغرم بالزراعة والأعمال الفلاحية، وقد اختار زراعة نوع من الفاكهة غير المتوفرة في السوق التونسية، مؤكدًا أن شتلات فاكهة التنين تباع في تونس، لكن مع نباتات الزينة، ولا تنتج نظرًا لأنّها تباع دون تلقيح.
وكونها تعتبر نوعًا من أنواع الصبار، فإنّ المناخ في تونس مناسب لإنتاج تلك الفاكهة في عدّة ولايات بشرط تلقّي تكوين لمعرفة خصوصيتها وكيفية العناية بها، لأنها تختلف عن بقية أنواع الصبار، فهي تحتاج إلى كميات قليلة من المياه، وبعد زراعتها في التربة تنبت على أعمدة خشبية حتى ينمو الغصن ولا ينكسر.
إضافة إلى فاكهة التنين يحاول عبد الجبار أيضًا تجربة زراعة بعض الفواكه الأخرى التي لا تنتج في تونس بل يقع استيرادها من عدة دول على غرار المانغو والجوافة والكيوي، على أن يجرب الأمر في سطح منزله ثم قد ينقل تقنيات الإنتاج إلى الأرض
يحاول عبد الجبار أيضًا تجربة زراعة بعض الفواكه الأخرى التي لا تنتج في تونس بل يقع استيرادها من عدة دول على غرار المانغو والجوافة والكيوي. على أن يجرب الأمر، كما يقول، في سطح بيته أيضًا ثم قد ينقل تقنيات الإنتاج إلى الأرض.
وبحسب وزارة الفلاحة التونسية، فإنّ مساحة الأراضي الفلاحية في تونس تقارب 10 ملايين هكتار بين أراضٍ خاصة وأخرى اشتراكية وأراضٍ حكومية. مع ذلك لا يجد العديد من المستثمرين الصغار في القطاع الفلاحي فرصة لشراء أرض بعد ارتفاع أسعارها وصعوبة الحصول على قرض بنكي.
محمد بن ضو (فلاح) لـ"الترا تونس": نجحت بعد 10 سنوات من التجارب في إنتاج فاكهة التنين التي بدأت زراعتها فوق سطح المنزل، واستطعت بيعها في الأسواق التونسية على أمل تكثيف الإنتاج كما روجت شتلات منها للفلاحين
محمد بن ضو، فلاح بجهة مرناق، جرّب من جهته زراعة فاكهة التنين على سطح المنزل، معتمدًا نفس تقنيات سابقه. كل ما عليه هو زراعتها في أصص كبيرة وتثبيتها بعمود خشبي، على أن يقع تغطية المشاتل ببعض الشباك لحمايتها من العصافير ولتخفيف حدة أشعة الشمس.
يقول إنّه نجح بعد قرابة 10 سنوات من التجارب في إنتاج فاكهة التنين بكميات جيدة، واستطاع بيعها في بعض الأسواق التونسية على أمل تكثيف الإنتاج. كما استطاع بيع عدة شتلات إلى الفلاحين ممن رغبوا في إنتاج تلك الفاكهة التي تتأقلم مع المناخ في تونس.
بعد تجربة زراعة فاكهة التنين على الأسطح وإنتاج كميات لا بأس بها من الفواكه على الأسطح، انتقل كل من عبد الجبار ومحمد بن ضو إلى زراعتها في الأرض لتكثيف الإنتاج بعد النجاح في توفير آلاف الشتلات منها. لكن دون التفريط فيما ينتجونه على الأسطح.
عد تجربة زراعة فاكهة التنين على الأسطح وإنتاج كميات لا بأس بها من الفواكه على الأسطح، انتقل كل من عبد الجبار ومحمد بن ضو إلى زراعتها في الأرض لتكثيف الإنتاج بعد النجاح في توفير آلاف الشتلات منها
ويتوقع كل منهما أن تصبح فاكهة التنين من بين الفواكه التي تروج في السوق الداخلية بكميات كبيرة كعدة أنواع من الفواكه التي تغرس في تونس منذ سنوات. وذلك بعد إقبال العشرات من الفلاحين على تعلم كيفية زراعتها وإنتاجها في عدّة جهات.
فقد استطاع وسام فرحات، من جهته، رفقة بعض الفلاحين الصغار في ولاية المنستير من إنتاج فاكهة التنين بعد ثلاث سنوات من البحث في كيفية زراعتها والعناية بها، ومعرفة تفاصيل إنجاحها حتى تصبح من بين الفواكه التي تتوفر في السوق التونسية بكثرة، خصوصًا بعد نجاحهم في الاستفادة من تجارب بعض الخبراء الأجانب في مجال الفلاحة، وتحديدًا في مجال زراعة هذا النوع من الفواكه.
-
الزراعة المائية
العديد من المشاريع الأخرى التي تعتمد أساسًا على الزراعة المائية، اعتمد بعض مطلقيها على خوض التجربة على أسطح المنازل، فالأمر لا يتطلب سوى أنابيب كبيرة، وماءً دون الحاجة إلى تربة أو مساحات كبيرة.
فاطمة (صاحبة شهادة عليا): لم أتمكن من العثور على عمل بعد التخرج ففكرت في بعث مشروع فلاحي وبما أنني لا أملك أرضًا زراعية اهتديت إلى فكرة تجربة الزراعة المائية فوق سطح المنزل على مساحة لا تتجاوز 150 متر مربع
فاطمة (37 سنة) أنشأت مشروعها الخاص منذ أشهر قليلة وهو عبارة عن غرس بعض الخضروات فوق سطح المنزل باستعمال تقنية الزراعة المائية فقط.
لم تجد هذه الشابة مثل الكثيرين من خريجي التعليم العالي أي وظيفة بعد تخرجها من الجامعة بشهادة أستاذة بيولوجيا. ففكرت منذ سنتين في بعث مشروع فلاحي والحال أنّها لا تملك أرضًا زراعية، حتى اهتدت لفكرة تجربة الزراعة فوق سطح المنزل على مساحة 150 متر مربع.
استطاعت تأمين بعض المال لشراء معدات بلاستيكية وهي عبارة عن أنابيب تحدث فيها ثقوبًا لتملأها بالماء. وتقوم بزراعة شتلات في أصص صغيرة في التربة من ثمة تنقلها إلى الأنابيب البلاستيكية العمودية لتنمو فقط في الماء.
تقول الشابة "اطلعت على الفكرة في عدة مواقع، ونجاح التجربة أعطاني حافزًا لخوض غمارها ، فلعلني بعد نجاحي في إنتاج الخضر باعتماد تقنية الماء، أسعى للحصول على قرض فلاحي لبعث مشروع والبحث عن قطعة أرض تكون أكبر من مساحة سطح المنزل.
البعض يستغل أسطح المنازل لزراعة نباتات الزينة في أصص صغيرة، لكن انتشار فكرة استغلال الأسطح لزراعة بعض الخضر وحتى الفواكه بات محل تجربة لدى البعض ممن يرى أنّها قد تصبح فكرة ناجحة خاصة في المدن
استطاعت فاطمة أن تغرس في تلك المساحة الصغيرة حوالي 600 شتلة بمعدل إنتاج 5 كغ لكل نوع من تلك الخضر على غرار الطماطم والفلفل والخضر الورقية خصوصًا الخس.
تقول إنّها لا تزال في بداية تجربتها التي انطلقت منذ أشهر قليلة، ولا تزال تطلع على تجارب البعض سواء في الخارج أو في تونس وتستعين ببعض ممن سبقها في تقنية الزراعة المائية.
البعض يستغل أسطح المنازل لزراعة نباتات الزينة في أصص صغيرة، لكن انتشار فكرة استغلال الأسطح لزراعة بعض الخضر وحتى الفواكه بات محل تجربة لدى البعض ممن يرى أنّها قد تصبح فكرة ناجحة خاصة في المدن.