الترا تونس - فريق التحرير
نشر الساعة: 12:30 بتوقيت تونس
انتقد الاتحاد العام التونسي للشغل، مشروع قانون المالية لسنة 2025، معتبرًا أنه "لا يستجيب إلى متطلّبات المرحلة ولا يتضمّن رؤية إصلاحية للاقتصاد وللمالية العمومية"، كما تقدم بجملة من مقترحات التعديل والتوصيات.
اتحاد الشغل: مشروع قانون المالية لسنة 2025 بدا مرتجلاً ومستنسخًا عن سابقيه ولا يستجيب لمتطلّبات المرحلة كما لا يتضمّن رؤية إصلاحية ويغلب عليه المنطق المحاسباتي
وأكد اتحاد الشغل أن مشروع قانون المالية لسنة 2025 "بدا مرتجلاً ومستنسخًا من سابقيه من حيث تغليب المنطق المحاسباتي الصّرف وغياب الشفافية والتشاركية وعدم واقعية فرضيات الاقتصاد الكلي ومواصلة سياسة التقشف والضغط الجبائي وعدم الوضوح بخصوص تعبئة الموارد الخارجية"، وفق ما جاء في مذكرة لقسم الدراسات والتوثيق وردت في وكالة الأنباء التونسية الرسمية.
ولفت اتحاد الشغل إلى أن "مشروع قانون الماليّة 2025 يتنزّل في ظرف متأزّم مازال فيه الاقتصاد يعاني من ظاهرة الرّكود التضخمي وتبعاته الوخيمة على الطبقات الفقيرة والمتوسطة".
-
الاقتراض الداخلي وضغوط حادة متوقعة
وأبرزت المذكرة أن اتحاد الشغل يعتبر أن الاعتماد "الكبير" على موارد الاقتراض الداخلي من السّمات الأساسية لمشروع قانون المالية لسنة 2025، وقال الاتحاد إن ذلك "يمثّل نقطة تحوّل بارزة في سياسة التّداين والاقتراض المعتمدة".
وتابع موضحًا: "هذا التغيير الجذري في هيكلة التّداين من شأنه أن يولّد ضغوطًا حادّة على البنك المركزي في اتّجاه استعمال مخزونه من العملة الصعبة لخدمة الدّين الخارجي المقدّر بـ10 مليار دينار في سنة 2025".
اتحاد الشغل: الاعتماد المشطّ على موارد الاقتراض الداخلي من السّمات الأساسية لمشروع قانون المالية لسنة 2025 وهذا من شأنه توليد ضغوط حادّة على البنك المركزي
كما لفت من جهة أخرى إلى مساعي تنقيح القانون الأساسي لسنة 2016 المتعلّق بالبنك المركزي، والتي اعتبر أنه من شأنها أن "تزيد في تبعية البنك إلى السّلطة التنفيذية عبر منحه إمكانية التّمويل المباشر لميزانية الدولة من مداخيل التّصدير والتّحويلات من الخارج من العملة الصعبة دون مقابل بالدينار التونسي".
ورجح الاتحاد أن تبلغ هذه التّسهيلات خلال سنة 2025 "مستوى مشطًّا يقدر بـ7840 مليون دينار من السيولة المحدثة التي لا يقابلها خلق فعلي للثّروة وهو ما سينعكس حتمًا على مستويات التّضخم ومزيد تدهور قيمة الدينار"، وفق نص المذكرة.
-
انخفاض القيمة الحقيقية للدعم
ومن جانب آخر انتقدت المنظمة الشغيلة انخفاض القيمة الحقيقية للدعم، وبيّنت أنه "لم يرتفع سوى بنسبة 2.3 بالمائة مقارنة بسنة 2024 (من 11337 إلى 11592 مليون دينار) وهي نسبة دون التّطوّر السّنوي للاستهلاك الأسري للمواد المدعّمة المقدّر بـ5 بالمائة".
اتحاد الشغل: انخفاض القيمة الحقيقية لدعم المواد الأساسية وتوقع تواصل النّقص في تزويد السّوق من المواد المدعمة المشتقّة من الحبوب
وأكد اتحاد الشغل أنّ ميزانية دعم المواد الأساسية لسنة 2025 افترضت سعرًا مرجعيًا لطنّ القمح يقدّر بـ281 دولارًا مقابل 265 دولارًا في سنة 2024 بما يعني آليًا، انخفاضًا في الكميات المورّدة على اعتبار الارتفاع المتوقّع للأسعار، وفق تقديره.
واعتبرت المنظمة الشغلية أن هذا الانخفاض في الكميات الموردة "يرجّح بشكل كبير تواصل النّقص في تزويد السّوق من المواد المدعمة المشتقّة من الحبوب خلال السّنة المقبلة"، وفقها.
-
مقترحات تعديل وتوصيات
وتقدم اتحاد الشغل بعدد من مقترحات التعديل في مشروع قانون المالية لسنة 2025 والتوصيات، وطالب بضرورة تعديل الفصل 31 المتعلّق بمراجعة السّلم الضريبي على الأجراء و"بداية التّفكير في استبدال الأجر الأدنى المضمون بالأجر المعيشي لضمان الحدّ الأدنى من كرامة العمّال وعائلاتهم".
اتحاد الشغل: المطالبة بضرورة تعديل الفصل المتعلق بمراجعة السّلم الضريبي على الأجراء والفصل المتعلق بالضّريبة على الشّركات
كما دعا إلى تنقيح الفصل 32 المتعلّق بالضّريبة على الشّركات وذلك بالاعتماد على شرائح الأرباح كقاعدة لاحتساب الضّريبة وليس على رقم المعاملات.
ولفت اتحاد الشغل إلى ضرورة التّحكّم في مستويات الاقتراض الداخلي التّي "شهدت ارتفاعًا غير مسبوق خلال السّنتين الماضيتين بما يستنزف السّيولة من القطاع المالي ويساهم في تزايد الضّغوطات التّضخمية".
وطالب في هذا الصّدد بإقرار "استراتيجية أكثر عقلانية للتّداين العمومي بما يضمن أكثر توازنًا بين موارد الاقتراض الدّاخلي والخارجي وبما يحفظ مخزون العملة الصعبة لدى البنك المركزي".
اتحاد الشغل: الدعوة للتّرفيع في جرايات المتقاعدين إلى حدود الأجر الأدنى المضمون تفاديًا للحيف الاجتماعي
ولفت اتحاد الشغل إلى ضرورة إعادة النّظر في طريقة تمويل الصّناديق الاجتماعية والبحث عن موارد أخرى لرفع العجز، مبيّنًا أنه "تقدم بعديد المقترحات في هذا المجال بهدف التوصل إلى حلول تساعد على التعجيل في الخروج من هذه الوضعية وعلى اعتبار أنّ شريحة كبيرة من المتقاعدين يتقاضون جراية دون الأجر الأدنى المضمون".
وفي هذا الصدد، اقترح اتحاد الشغل "التّرفيع في جرايات المتقاعدين إلى حدود الأجر الأدنى المضمون تفاديًا للحيف الاجتماعي ولمزيد تكريس مبدأ التّماسك والتّضامن الاجتماعي".
ودعا اتحاد الشغل إلى الإسراع في "تسوية وضعيات النّواب في قطاع التّعليم والمتعاقدين وعمّال الحضائر بتوفير التّمويلات اللازمة والقضاء على كل أشكال العمل الهشّ نهائيًا مع إرساء مقاييس شفّافة وموضوعية لخدمات الإسناد والمساعدات الاجتماعية التي تقدّمها الدولة للفئات الفقيرة ولذوي الاحتياجات الخصوصية وذلك باعتماد سجلّ وطني للفقر والنّأي بهذه التّحويلات الاجتماعية عن صبغتها الموسمية وتوظيفها في غير مسارها".
اتحاد الشغل: المطالبة بالإسراع في تسوية وضعيات النّواب في قطاع التّعليم والمتعاقدين وعمّال الحضائر والقضاء على كل أشكال العمل الهشّ نهائيًا
ومن جانب آخر، بيّن اتحاد الشغل في المذكرة الصادرة عن قسم الدراسات والتوثيق أنه من المهم مراجعة التّرسانة التّشريعية التي أصبحت "مثقلة ومكبّلة للاستثمار"، وذلك "للحدّ من مساهمة القطاع الخاص في التّشغيل وبعث مواطن الشّغل في ظلّ انحسار دور القطاع العام وعدم اعتماد استراتيجية وطنية للتّشغيل شاملة تبني لسياسة تشغيل واضحة وتقطع مع آليات السّياسة النّشيطة للتّشغيل المعتمدة منذ سنوات"، وفقه.
وجدد اتحاد الشغل مطالبته بمراجعة منظومة الدّعم التي "أصبحت تثقل كاهل الميزانية والمجموعة الوطنية دون أن توفّر شروط الحدّ من تداعيات الأزمات المالية"، وفق تقديره.
ودعا إلى "الحفاظ على نسيج مجتمعي متوازن ومتماسك يتماشى مع خصوصية المجتمع التونسي وتركيبة شرائحه المعتمدة أساسًا على الطّبقة الوسطى والعدالة في الدّخل، وذلك في إطار سياسية اجتماعية عادلة وقائمة على السّلم الاجتماعية والاستقرار الداخلي في علاقة بالمحيط الدولي".
ونادى اتحاد الشغل إلى "القطع النهائي مع النّظام الجبائي الجزافي/التّقديري والتّسريع برقمنة الإدارة الجبائية ومحاربة الغشّ والتّهرب الجبائيين والفساد بكل أشكاله واعتماد الإجراءات اللازمة لضمان الانتقال من الاقتصاد غير المنظّم إلى الاقتصاد المنظّم ودعم التّشغيل ومساندة الشّركات الصّغرى والمتوسّطة والنّاشئة علاوة على الحفاظ على المقدرة الشرائية للعمّال وإصلاح منظومتي مسالك التّوزيع والإنتاج الفلاحي وحماية البيئة وتحسين جودة الحياة"، وفق المصدر ذاته.
ويشار إلى أن جلسات عامة مشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم تنعقد منذ 10 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، في قصر باردو، لمناقشة مهمات الوزارات ضمن مشروع ميزانية الدولة ومشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2025.
ومن المقرر أن تتواصل هذه الجلسات المشتركة إلى غاية يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، في انتظار الشروع في النقاش العام لفصول مشروع قانون المالية لسنة 2025.