الترا تونس - فريق التحرير
قررت المحكمة الإدارية في تونس رسميًا، الأربعاء 10 أوت/أغسطس 2022، إيقاف تنفيذ عدد من قرارات إعفاء قضاة (فيما يخص بين 47 و50 قاضيًا)، بعد صدور قرار عزلهم بأمر رئاسي عدد 516 لسنة 2022 مؤرخ في 1 جوان/يونيو 2022.
الناطق الرسمي باسم المحكمة الإدارية: "كانت ملفات الأحكام في عمومها من جهة قبول إيقاف تنفيذ قرارات الإعفاء التي لم يتوفر فيها الموجب الواقعي والقانوني"
وكان الناطق الرسمي باسم المحكمة الإدارية عماد الغابري قد قال في تصريح إعلامي صباح الأربعاء "قاضي توقيف التنفيذ استند في أحكامه إلى نتائج إجراءات التحقيق التي أذن بها من خلال مطالبة الجهات الإدارية المعنية بما يفيد تعليل وتسبيب الإعفاءات، لذلك فإن التعاطي القضائي مع هذه الملفات تم بحسب خصوصية كل ملف، وقد كانت ملفات الأحكام في عمومها من جهة قبول إيقاف تنفيذ قرارات الإعفاء التي لم يتوفر فيها الموجب الواقعي والقانوني".
وأوضح عماد الغابري أنّ "الفصل 41 في قانون المحكمة الإدارية يقول إنه بمجرد إعلام الأطراف المعنية، يعلّق فورًا تنفيذ قرار الإعفاء، بمعنى رجوع الوضعية إلى ما كانت عليه قبل صدور القرارات".
الناطق الرسمي باسم المحكمة الإدارية: "بمجرد إعلام الأطراف المعنية، يعلّق فورًا تنفيذ قرار الإعفاء، بمعنى رجوع الوضعية إلى ما كانت عليه قبل صدور القرارات"
وقد تتالت التفاعلات في المشهد التونسي إبان هذه القرارات التي وصفها القاضي الإداري وليد الهلالي بـ"الانتصار للحق والقانون"، مضيفًا "ننتظر إقالة وزيرة العدل التي غالطت رئيس الجمهورية وتلاعبت بمصير القضاة وعائلاتهم"، وفق تدوينة على صفحته في فيسبوك.
القاضي الإداري وليد الهلالي: "ننتظر إقالة وزيرة العدل التي غالطت رئيس الجمهورية وتلاعبت بمصير القضاة وعائلاتهم"
في سياق متصل، دوّن المحامي والنائب في البرلمان المنحل سمير ديلو "قرارات توقيف تنفيذ الإعفاءات بحقّ أغلب القضاة الذين شملتهم القائمة التي أعدّتها وزيرة العدل يجب أن تعقبها استتباعات فوريّة ثلاث على الأقل وهي: عودة القضاة إلى وضعياتهم السابقة للقرارات التي أوقفت المحكمة تنفيذها وفتح تحقيق في خلفيّات وملابسات "القائمة الفضيحة" التي أعدّتها وزيرة العدل وشبهات تصفية الحسابات الشخصية في ما يخص تضمين بعض الأسماء فيها".
دعا ديلو إلى "الاستقالة الفورية لوزيرة العدل واعتذارها عمّا سبّبته مغالطتها لرئيسها وللرأي العام من نتائج كارثية أضرّت بسمعة البلاد وعطّلت المرفق القضائي وعرّضت للخطر حياة القضاة"
كما دعا ديلو إلى "الاستقالة الفوريّة لوزيرة العدل واعتذارها عمّا سبّبته مغالطتها لرئيسها وللرأي العام من نتائج كارثية أضرّت بسمعة البلاد وعطّلت المرفق القضائيّ أسابيع عديدة وعرّضت للخطر حياة القضاة الذين أضربوا عن الطعام احتجاجا على المظلمة التي طالتهم..".
من جانبه، علّق القاضي عفيف الجعيدي "صباح الانتصارات، صباح تتويج النضالات، صباح الحق والعدل.. ما كان يمكن أن تنكسر موجة الشعبوية التي استهدفت القضاء وأرادت دك أساسه المتين لولا قضاء ناضل دفاعًا عن الديمقراطية طلبًا للحق".
القاضي عفيف الجعيدي: "درس عظيم يقدمه اليوم قضاة تونس لكل من يتوقون للحرية"
وتابع "درس عظيم يقدمه اليوم قضاة تونس لكل من يتوقون للحرية.. عاشت تونس الديمقراطية، عاش القضاء التونسي المناضل، عاشت قوى تونس الديمقراطية التي كانت خير سند للقضاء في معركته.. بلدنا لن يسقط وهذه أولى تباشير النهوض"، وفق توصيفه.
في ذات السياق، يقول المدير التنفيذي لمنظمة أنا يقظ مهاب القروي "قرارات الإعفاء التي أمضى عليها قيس سعيّد هي قرارات معللة من الجهات المخولة.. وهي وزارة العدل ووزارة الداخلية"، متابعًا "أغلب المصادر تؤكد أن تقارير الإعفاء جلها فارغة وغير موجبة أصلًا للإعفاء والمجلس الأعلى للقضاء لم يكن لديه علم إلا بـ 12 ملف فقط".
مهاب القروي: "أغلب المصادر تؤكد أن تقارير الإعفاء جلها فارغة وغير موجبة أصلًا للإعفاء"
ويضيف "رئيس الجمهورية هو الذي يتحمل المسؤولية الأولى في اتخاذ قرارات متسرعة ومبنية على تقارير بوليسية أو تقارير ملفقة بهدف تصفية حسابات شخصية تسببت في ضرر جسيم لسمعة قضاة شرفاء"، متابعًا "الضرر لحق أيضًا المتقاضين بعد إضراب القضاة لأكثر من شهر احتجاجًا على قرارات العزل.. ما قام به قيس سعيّد ووزيري العدل والداخلية ليلى جفال وقيس شرف الدين خطأ جسيم موجب للمساءلة".
مهاب القروي: "رئيس الجمهورية يتحمل المسؤولية الأولى في اتخاذ قرارات متسرعة ومبنية على تقارير بوليسية أو تقارير ملفقة بهدف تصفية حسابات شخصية"
وكان المحامي كمال بن مسعود، عضو هيئة الدفاع عن القضاة المشمولين بقرار الإعفاء قد صرح، لـ"الترا تونس"، الأربعاء 10 أوت/ أغسطس 2022، أنّ الهيئة بصدد انتظار أحكام إيقاف تنفيذ قرار إعفاء عدد من القضاة، "لكن ما بلغنا أنّ عدد القضاة الذين تحصّلوا على إيقاف التنفيذ بين 47 و50 قاضيًا من أصل 57، وهو انتصار لتونس ولاستقلال القضاء".
وتابع بن مسعود: "البقية لم يتحصلوا على إيقاف تنفيذ قرار إعفائهم، لكن من تحصل على إيقاف التنفيذ يعود فورًا إلى وظيفته، لأن هذا القرار الصادر عن المحكمة الإدارية لا يقبل أي وجه من أوجه الطعن، فلا يمكن لوزيرة العدل أو رئاسة الحكومة مثلًا أن تطعن فيه" على حد تعبيره.
المحامي كمال بن مسعود لـ"الترا تونس": "هو انتصار لتونس ولاستقلال القضاء"
وأوضح كمال بن مسعود لـ"الترا تونس"، أنّ "قرار إيقاف التنفيذ يفضي آليًا إلى رجوع القضاة إلى سالف عملهم بشرط احترام الإجراء وهو استخراج نسخة من القرار وإعلام كل من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة العدل والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء، لتنفيذ هذا القرار وإعادة كل القضاة المعنيين إلى سالف عملهم".
وبالنسبة لبقية القضاة قال بن مسعود: "هم خسروا فقط إيقاف التنفيذ، لكنهم لم يخسروا أصل القضية بل سيكسبونها نظرًا لأن طعونهم مؤسسة على أسباب صحيحة، والرئيس الأول للمحكمة الإدارية قال إنه لن يوقف تنفيذ قرار إيقاف التنفيذ بحقهم لوجود تبعات جزائية ضدهم، وهو موقف لا سند له قانونيًا".
وسبق أن خاض القضاة التونسيون إضرابًا عامًا في كل محاكم البلاد لحوالي شهر، احتجاجًا على قرار الرئيس التونسي قيس سعيّد عزل 57 قاضيًا وهو آخر تصعيد من الرئيس تجاههم بعد أشهر من توجيه الاتهامات نحو السلطة القضائية وحل المجلس الأعلى للقضاء في تونس وتعيين مجلس مؤقت من قبل سعيّد.