25-مايو-2024
حيوانات نادرة تعيش في تونس

(مصدر الصورة: freepik) تزخر الحياة البرية في تونس بتنوع بيئي وحيوي لافت للإعجاب

الحياة البرية في تونس والمحميات الطبيعية فيها

تزخر الحياة البرية في تونس بتنوع بيئي وحيوي لافت للإعجاب، مما يجعلها وجهةً لعشاق الطبيعة الساحرة والاستكشاف والمغامرات. فتونس الواقعة في الشمال الأفريقي تمتاز بطبيعة متنوعة ممتدة من سواحل البحر الأبيض المتوسط إلى صحاري الجنوب الشاسعة وما بينها من جبال ووديان وغابات. وما يعكسه هذا التنوع في المناطق الجغرافية من غنى الحياة البرية التي تضم مجموعة متنوعة من الحيوانات والنباتات النادرة، وهي وفقًا للموسوعة النرويجية تقارب 80 نوعًا من الثدييات منها ابن آوى وأنواع الثعالب، والأيل الأطلسي وأنواع الغزلان المختلفة مثل الغزال الأبيض المهدد بالانقراض. وأكثر من 390 نوعًا من الطيور سجل 190 منها على أنها معششة ، وقرابة 70 نوعًا من الزواحف، و8 أنواع فقط من البرمائيات.

هذا التنوع البيئي وحمايته والحفاظ عليه تجسده تونس في المحميات الطبيعية التي لها دوراً حيوياً في حماية الأنواع المهددة بالانقراض والمحافظة على التوازن البيئي. ولعل من أهم هذه المحميات محمية إشكل الوطنية، وهي إحدى أهم المحميات في تونس، فهي تُعد موقعاً ذا أهمية عالمية بجمعها للبيئات الجغرافية المختلفة من بحيرات وجبال وغابات، مما يوفر موطناً مثالياً لمختلف الحيوانات البرية والطيور المهاجرة. ومحمية الحديقة الوطنية بالشعانبي، التي عدت محمية للمحيط الجوي من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، فهي تضم أعلى قمة جبلية (جبل الشعانبي) في تونس وتعد ملاذاً للعديد من الطيور وأنواع الحيوانات لنادرة.

إضافة إلى محمية بوهدمة ومحمية زغوان، اللتان تعدان كذلك موائلًا طبيعية للحيوانات والنباتات المحلية وتلعبان دوراً هاماً في الحفاظ على التنوع البيولوجي في المنطقة. وتعد جميع هذه المحميات والحدائق الطبيعية جزءاً من جهود تونس المستمرة للحفاظ على بيئتها الطبيعية وتعزيز السياحة البيئية المستدامة، مما يتيح فرصة استكشاف الجمال الطبيعي والتعرف على التراث البيئي الغني.

يعد موطن الأرو المغاربي المناطق الصخرية والجبلية التي يتفاوت ارتفاعها بين 200 م إلى 4000 م فوق سطح البحر في الشمال الإفريقي.

5 من أندر الحيوانات في محميات تونس

قد يصعب حصر التنوع البيئي والحيوانات البرية والطيور التي تعيش في محميات تونس في ذكر 5 منها فقط إلا أن تسليط الضوء على بعضًا من هذه الحيوانات وجماليتها وأهم ما يميزها سيكون شيقًا وممتعًا:
 

  1. الأرو المغاربي.. رمز القوة والصلابة

يعد الأرو المغاربي (Atlas Barbary Sheep) من الحيوانات المميزة بكثافة شعره الذي يغطي رقبته وصدره، ويعد موطنه الأصلي المناطق الصخرية والجبلية التي يتفاوت ارتفاعها بين 200 إلى 4000 م فوق سطح البحر في الشمال الإفريقي لذا فهو يوجد في تونس في جبل شعانبي ومحمية الحديقة الوطنية فيه.

ويعرف الأرو المغاربي بالضأن البربري وبعدة تسميات أخرى منها الوعل البري أو الكبش الملتحي أو الأروي أو أروية المغرب أو الأوداد أو الودان. وهو من أحد أنواع الأيل البري الذي ينتمي إلى فصيلة الظباء الماعزية، والتي تعد نادرة الوجود في مواطنها الأصلية، ومألوفة في المناطق التي أدخلت إليها مثل أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى الرغم من تأقلم الأرو المغربي مع المناخ الجاف واحتماله للظروف الصعبة واعتماده على المياه الأيضية في جسمه، إلا أنه مهدد بالانقراض في تونس نتيجةً لفقدان الموائل المحمية وللصيد الجائر ، إذ كانت الشعوب المرتحلة في السابق تعتمد عليه كمورد رئيسي للحم والشعر والقرون والجلد. وتجرى حاليًا تربية هذا النوع من الأيائل في الولايات المتحدة الأمريكية وإجراء تزاوج منتخب بهدف إنتاج أعداد ضخمة منها لأغراض الصيد التجاري.

  1. العقاب الذهبي.. حارس السماء التونسية

العقاب الذهبية أو النسر الذهبي (Golden Eagle) أو كما يسمى كذلك اللماعة وهو نسر كبير ومهيب بريش بني ذهبي ينتمي إلى فصيلة العقابيات البازية، أكثر ما يميزه قدرته على الطيران عاليًا، وسرعة انقضاضه على فريسته.وتشتهر العقاب الذهبية بأنها من الجوارح الرشيقة والسريعة جدًا وذات المخالب القوية، أما عن قائمة فرائسها فهي تطول لتشمل الأرانب والسناجب وحتى الثدييات متوسطة الحجم مثل الثعالب. وقد اشتهر أن القبائل البدوية كانت تجلها وتربيها إذ كانت تعمد لاستخدامها في صيد الذئاب. ولعل أهم الحقائح حول العقاب الذهبية أنها من الجوارح أحادية الزوج، بمعنى أنها تكتفي بشريك واحد طيلة حياتها، أو لفترات زمنية طويلة على الأقل، ويعيش الزوج منها في مساحات محددة إذ تسيطر على مساحة تصل ل 155 مترًا مربعًا وتبني عشها على إحدى المرتفعات الشاسعة في تلك المساحة مثل قمة جبل أو أشجار مرتفعة أو أجراف صخرية عالية.

وهي بالإضافة لكل ذلك من الطيور النادرة والجميلة يغطيها الريش البني القاتم الذي يميل ليصبح فاتحًا وذهبيًا عند الرأس والرقبة. أما عن موطنها الأصلي فهي تعيش في الغابات والبراري بعيدًا عن المناطق الحضرية وتنتشر في أمريكا الشمالية وأوراسيا وبعض أنحاء الشمال الإفريقي ومنها تونس فهي تتخذ من محمية إشكل في تونس ملاذًا لها حيث تناسبها المناطق الجبلية والغابات.

العقاب الذهبي
كثر ما يميز العقاب الذهبي قدرته على الطيران عاليًا، وسرعة انقضاضه على فريسته. (المصدر: Freepik)

للأسف يعد العقاب الذهبي من الجوارح النادرة والمهددة بالانقراض وفقًا للقائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض نتيجة تدمير الموائل وتلوث البيئة. وهي من الطيور التي تحظى بحماية قانونية في كل من أوروبا وروسيا.

تتميز طيور نعام الشمال الإفريقي الأحمر بريشها الكثيف فالذكور منها تكتسي بالريش الأبيض والأسود بينما الإناث يغطيها الريش الرمادي.

  1. نعام الشمال الإفريقي.. جوهرة الصحراء في محميات تونس 

نعام شمال أفريقيا (North African ostrich) أو النعام ذو الرقبة الحمراء أو حتى النعام البربري باختلاف التسميات، أحد أنواع النعام الذي يعد موطنه شمال وغرب إفريقيا، وهو من أكبر أنواع النعام، وبالتالي يعد أكبر أنواع الطيور في العالم.

يبلغ ارتفاع نعامة الشمال الإفريقي 2.74 م و قد يصل وزنها إلى 154 كيلو غرامًا، وتتميز هذه الطيور بريشها الكثيف فالذكور منها تكتسي بالريش الأبيض والأسود بينما الإناث فيغطيها الريش الرمادي. وتتفرد برقبتها الطويلة وردية اللون التي تتيح لها رؤية محيطها بشكل جيد. 

في تونس، يمكن العثور على نعام الشمال الإفريقي في محميات مثل محمية دوز، حيث يتم حماية هذه الطيور من الصيد والتدمير البيئي. فما قبل القرن التاسع عشر كان النعام الأحمر منتشرًا في المنطقة الجنوبية من تونس، إلّا أنه اختفى من المنطقة ومن تونس بعد عام 1887، وأعيد توطينه فيها عام 2014 م أي بعد قرابة 127 عامًا. ليتخذ من الحديقة الوطنية دغومس ملاذًا آمنًا له وبعد ذلك أعيد توطينه كذلك في الحديقة الوطنية بسيدي الطوي. وهذا ما يجعل الأمل قائمًا في عودة نعام شمال إفريقيا لبلدان أخرى لتشمل أفريقيا كلها من غربها لشرقها.

 

نعام شمال إفريقيا
أعيد توطين النعام الاحمر في تونس عام 2014م (المصدر: Freepik)

  1. مهاة أبو حراب.. البقاء والتحدي في محميات تونس

تعد مهاة أبو حراب (Scimitar oryx)، والمعروفة أيضًا بالمهاة الصحراوية، أو المهاة المقوسة القرون أو المهاة حمراء العنق؛ واحدة من أندر الحيوانات التي تعيش في محميات تونس اليوم. وأهم ما يميز هذه الظباء الجميلة هو فروها الأبيض الناصع الملطخ بعلامات سوداء على الجبهة وعلى الأنف والأطراف، وفروًا خمري في منطقة الرقة والصدر، وقرونها الطويلة والمتوازية التي قد يصل طولها إلى أكثر من متر. ويبلغ ارتفاع مهاة أبو حراب حتى الكتفين لما يقارب المتر وأكثر بقليل، وتزن حوالي 200 كيلوغرامًا. وله قرون نحيلة تتقوس للخلف كالحراب ومن هنا جاءت التسمية بأبو حراب.

مها أبو حراب من أندر الحيوانات في تونس
قرون مها أبو حراب نحيلة تتقوس للخلف كالحراب ومن هنا جاءت التسمية. (المصدر : Pexels)

كانت مهاة أبو حراب تنتشر بشكل واسع في الصحاري الإفريقية، ولكنها الآن مهددة بالانقراض بسبب الصيد الجائر وتدمير موائلها الطبيعية في تونس، إذ تُبذل العديد من الجهود في سبيل حماية مهاة أبو حراب ضمن محميات مثل محمية سيدي تواتي، حيث تُوفر لها بيئة آمنة تساعدها على التكاثر بعيدًا عن تهديدات الصيد وتدمير الموائل. وتُعد هذه المحميات جزءًا من مبادرات إقليمية ودولية تهدف إلى إعادة توطين وحماية الأنواع المهددة بالانقراض، وتلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على التنوع البيولوجي الصحراوي.
 

  1. البج (القط المرقط).. الحارس الخفي للطبيعة التونسية

يعد البج (Serval) أو كما يعرف أيضًا بالقط الأنمر أو المرقط، أو القط البري الإفريقي، من أندر الحيوانات التي يمكن العثور عليها في المحميات الطبيعية بتونس. وهو أحد أنواع السنوريات التي تعيش في الشمال الإفريقي. ويتميز هذا القط بفرائه المرقط الجميل وأسلوب حياته الليلي الذي يجعل من الصعب رؤيته في البرية. ويعيش القط المرقط في الغابات الكثيفة والمناطق الشجرية، حيث يعتمد على مهاراته الفائقة في الصيد والتخفي للبقاء على قيد الحياة.

يعد القط الأنمر من الحيوانات متوسطة الحجم وهو نحيل له 4 قوائم طويلة وذيله قصير نسبيًا وله أذنان طويلتان وبيضاويتا الشكل ومتقاربتان من بعضهما. ويبلغ طوله 85 سم، وله ذيل يصل طوله قرابة 40 سم، وارتفاعه للكتفين حوالي 53 سم، ووزنه 20 كيلوغرامًا، ويمكن للبج (القط الأنمر) أن يعمر ما بين 12 إلى 20 عامًا. 

البج من الحيوانات النادرة في تونس
يمكن للبج (القط الأنمر) أن يعمر ما بين 12 إلى 20 عامًا. (المصدر: Freepik)

تُعد محمية إشكل الوطنية واحدة من الأماكن التي توفر ملاذًا آمنًا لهذا القط النادر. والجهود المبذولة لحمايته تتضمن مراقبة موائله الطبيعية ومنع الأنشطة البشرية التي قد تهدد بقاءه، مثل الصيد الجائر وتدمير الغابات. فهذه المحمية تعد جزءًا من استراتيجية واسعة للحفاظ على التنوع البيولوجي في تونس.
 

مستقبل الحياة البرية في تونس

مستقبل الحياة البرية في تونس يحمل في طياته العديد من التحديات فكما أكدت وزارة البيئة التونسية - الخميس 23 ماي/أيار 2024، أنّ الحياة البرية في تونس لن تكون بمعزل عن ما تتعرض له العديد من أصناف الطيور والنباتات المهددة بالانقراض في العالم من تهديدات نتيجة للتغيرات المناخية والتلوث وانتشار الأوبئة واستنزاف الموارد، وعليه فلا بد من تكاتف الجهود لمواجهة هذه التحديات، والحد من التدهور المتسارع في فقدان التنوع البيولوجي والسعي للحفاظ عليه بجميع السبل الممكنة من خلال الحد من المسببات لهذا التدهور وحماية الحيوانات المهددة بالانقراض وتوفير بيئات مستدامة لها في تونس، وإعادة توطين الحيوانات المهاجرة منها.