الترا تونس - فريق التحرير
مع تواصُل مأساة جرجيس للأسبوع الثالث للتوالي، وتتالي الشهادات الأليمة حول مهاجرين كانوا قد غادروا سواحل جرجيس التابعة لولاية مدنين في إحدى رحلات الهجرة غير النظامية ولا يزال الكثير منهم من المفقودين، تواصَل "الترا تونس" مع "كريم" وهو زوج إحدى المفقودات، ووالد الرضيعة التي أبلغوه بالعثور عليها، قبل أن يقع إعلامه بأن الأمر يتعلق بـ"جثة حيوان بحري".
والد رضيعة من المفقودين بجرجيس لـ"الترا تونس": "لن أقبل العزاء إلّا بعد إيجاد زوجتي وابنتي.. لم أجدهما بعد".. والروايات متضاربة
يقول "كريم" لـ"الترا تونس": "لن أقبل العزاء إلّا بعد إيجاد زوجتي وابنتي.. لم أجدهما بعد، وقد أخبروني بأنهم عثروا على جثة زوجتي في قابس في انتظار الذهاب والتعرّف عليها لكن ماذا عن ابنتي؟".
يضيف محدّثنا بأنّ سيّدة تمارس رياضة المشي كل يوم على الشاطئ، شاهدت جثة رضيعة لفظها البحر، فما كان منها إلا أن أعلمت السلطات الرسمية بالجهة، قائلًا: "جاءت وحدات الحرس الوطني -أو الحماية المدنية- لا أعرف حقًا، لانتشال الجثة.. ولدى ذهابنا للبلدية صباح أمس، قيل لنا إنها حيوان بحري"، وفق وصفه.
والد رضيعة من المفقودين بجرجيس لـ"الترا تونس": البحّارة هم من وقفوا إلى جانبي، لكن الدولة لم تكلّف نفسها بالبحث بالجدية اللازمة
وتابع والد الرضيعة بقوله لـ"الترا تونس": "في جرجيس قد يحدث أن تخرج السلاحف إلى الشاطئ، لكن لا تأتي السلطات لتحملها، هم لا ينتشلون البشر، سينتشلون السلاحف؟ لماذا تكبدوا عناء حمل حيوان بحري؟" على حد قوله.
واستنكر "كريم" تصرّف المسؤولين في الدولة، معبّرًا عن عدم رغبته في التواصل معهم لتستّرهم عن الحقيقة وعدم البوح بها، وفق تقديره، وقال: "زوجتي وابنتي خرجا من منزلهما ويجب أن يعودا إلى هذا البيت مهما كانت حالتهما، البحّارة هم من وقفوا إلى جانبي، لكن الدولة لم تكلّف نفسها بالبحث بالجدية اللازمة، حتى أنها لم ترسل هليكوبتر"، وفق تصريحه.
يشار إلى أنّ والي مدنين سعيد بن زايد، قد أفاد الأربعاء 12 أكتوبر/تشرين الأول 2022، بأنه تم استخراج 4 جثث لأشخاص تم دفنهم في مقبرة "حديقة إفريقيا" التي تعرف باسم مقبرة "الغرباء" بجرجيس، وإيداعها بالمستشفى الجهوي بجرجيس من أجل إجراء تحاليل جينية لها ومقارنتها بنتائج التحاليل المجراة على عدد من عائلات المهاجرين المفقودين.
وأضاف، في تصريح لإذاعة "موزاييك أف أم"، أن ذلك تم إثر طلب تقدمت به عائلات 4 من المفقودين في عملية هجرة غير نظامية من أجل إجراء تحاليل جينية لها، مؤكدًا "تسخير كل إمكانيات الدولة من أجل التوصل للحقيقة"، على حد قوله.
وتتواصل مأساة جرجيس تتواصل للأسبوع الثالث للتوالي، وقد انتقلت أطوارها من عمليات تمشيط وبحث عن مهاجرين غير نظاميين مفقودين إلى عمليات بحث عن جثثهم، وسط اتهامات للسلطة بـ"اللامبالاة والتقصير".
والي مدنين: الحقيقة الجازمة لا يمكن معرفتها إلا بالتمشي القانوني ولا يعقل أن نقول إن جثة تعود لعائلة معينة لا لشيء إلا لأن العائلة تعتقد أن الملابس التي تحملها الجثة تعود لابنها
أطوار الحادثة تعود إلى تاريخ 21 سبتمبر/أيلول 2022 عندما انقطعت كلّ سبل التواصل مع مهاجرين كانوا قد غادروا سواحل جرجيس التابعة لولاية مدنين في إحدى رحلات الهجرة غير النظامية. ومنذ ذلك الحين والمتساكنون يقومون بعمليات تمشيط وبحث عن المفقودين. لكن منحى المأساة تغيّر، منذ عثور البحارة على جثة الشابة "ملاك الوريمي" وتعرّف عائلتها عليها من سوارِ بمعصمها، باعتبار أن ملامح الجثة قد تغيرت وقد مرّ عليها أكثر من أسبوعين في ربوع البحر، وفق ما أكده نشطاء من الجهة.
ومع العثور على جثة ملاك، تم التأكد من أن قارب المهاجرين المفقودين قد غرق، ومن هنا بدأت رحلة البحث عن الجثث. وفي هذا السياق، أكد نشطاء من جرجيس أن إحدى أمهات المفقودين تعرّفت على جثة ابنها في اليومين الماضيين في مقطع فيديو صوره بحّار لدى عثوره على جثته منذ يوم 26 سبتمبر/أيلول المنقضي واتصل بالسلط الأمنية المعنية ليتم فيما بعد دفنه في ما تسمى مقبرة "الغرباء" التي يقع فيها دفن مجهولي الهوية من المهاجرين غير النظاميين الذين يلفظهم البحر.