الترا تونس - فريق التحرير
وجّهت عدة منظمات حقوقية دولية الثلاثاء 7 ماي/أيار 2024، دعواتها إلى السلطات التونسية، لوقف ملاحقة المعارضين السياسيين في تونس فورًا، وإطلاق سراح السياسيين الموقوفين منذ أكثر من 14 شهرًا على ذمة ما يعرف بالقضية الأولى في "التآمر على أمن الدولة"، "دون سبب وجيه"، ووضع حد للملاحقات القضائية ذات الطابع السياسي.
منظمات حقوقية دولية: نطالب برفع "الاتهامات الباطلة" الموجهة ضد المتهمين فيما يعرف بالقضية الأولى في "التآمر على أمن الدولة"، والتخلي عن جميع الملاحقات الجنائية التعسفية ذات الدوافع السياسية ضد المعارضين
وطالبت المنظمات الحقوقية الدولية برفع ما أسمتها "الاتهامات الباطلة" الموجهة ضد المتهمين فيما يعرف بالقضية الأولى في "التآمر على أمن الدولة"، و"التخلي عن جميع الملاحقات الجنائية التعسفية ذات الدوافع السياسية ضد المعارضين السياسيين المشتبه بهم والأشخاص الموقوفين ومحلّ ملاحقة قضائية لمجرد ممارستهم لحقوقهم الإنسانية".
وأشارت المنظمات الحقوقية الدولية في بيان مشترك، إلى أن النشطاء السياسيين خيام التركي، وعبد الحميد الجلاصي، وعصام الشابي، وجوهر بن مبارك، وغازي الشواشي، ورضا بلحاج مازالوا "محتجزين تعسفيًا" منذ شهر فيفري/شباط 2023 على خلفية ما يسمى بالقضية الأولى في "التآمر على أمن الدولة".
وأضاف البيان الذي حمل توقيع كلاً من لجنة الحقوقيين الدولية ومنظمة العفو الدولية بتونس ومنظمة محامون بلا حدود، والمنظمة الأورو متوسطية للحقوق والاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، أن دائرة الاتهام بالمحكمة الابتدائية بتونس أحالت 40 شخصًا، بينهم السياسيين الموقوفين الستة على الدائرة الجزائية بالمحكمة الابتدائية بتونس لمحاكمتهم ورفضت طلب الإفراج عنهم.
منظمات حقوقية دولية: السلطات القضائية رفضت ما لا يقل عن 8 مطالب للإفراج المؤقت عن السياسيين الموقوفين على ذمة قضية "التآمر" منذ شهر فيفري 2023 رغم عدم وجود أي دليل ملموس على تورطهم في ارتكاب أي مخالفات
وأفادت المنظمات الحقوقية الدولية بأن السلطات القضائية في تونس رفضت ما لا يقل عن 8 مطالب للإفراج المؤقت عن السياسيين الموقوفين على ذمة ما يعرف بالقضية الأولى في "التآمر على أمن الدولة" منذ شهر فيفري/شباط 2023، "رغم عدم وجود أي دليل ملموس على تورطهم في ارتكاب أي مخالفات" حسب نص البيان.
وأورد البيان أن الفرقة الأمنية المختصة في مكافحة الإرهاب في تونس تولت إيقاف السياسيين المعارضين ووجهت إليهم "تهم ملفقة"، وذلك بموجب القانون الجنائي التونسي والقانون عدد 26 المتعلق بمكافحة الإرهاب، وشملت هذه التهم "التآمر على أمن الدولة" ومحاولة "تغيير هيئة الدولة"، والتي يعاقب عليها بالإعدام بموجب المادة عدد 72 من قانون العقوبات.
وذكّرت المنظمات الدولية بإيقاف الناشطين السياسيين المعارضين لزهر العكرمي وشيماء عيسى، خلال شهر فيفري/شباط 2023 على خلفية القضية نفسها، ثم إطلاق سراحهما بكفالة بتاريخ 13 جويلية/يوليو 2023، بعد فترة إيقاف دامت ستة أشهر، ومُنع العكرمي وعيسى من السفر والظهور في الأماكن العامة بعد إطلاق سراحهما.
منظمات حقوقية دولية: ملف قضية "التآمر" تضمن رسائل على الهواتف الشخصية للسياسيين الموقوفين، حول إمكانية حشد المعارضة السلمية ضدّ نظام الرئيس الحالي قيس سعيّد والتصدي للانقلاب
وتابع البيان أن "السلطات التونسية استجوبت السياسيين الموقوفين بشأن اجتماعات نظموها فيما بينهم ومع شخصيات سياسية أخرى معارضة، وكذلك بشأن اتصالات واجتماعات أجروها مع دبلوماسيين أجانب، وذلك بناء على شهادات مجهولة المصدر، بلغت السلطات الأمنية، ثم امتنعت السلطات عن إجراء المزيد من الاستجوابات ولم تقدم أي دليل يدعم التهم الجنائية الخطيرة الموجهة إليهم".
وتضمن ملف القضية رسائل على الهواتف الشخصية للسياسيين الموقوفين، تشير إلى محادثات مع دبلوماسيين ومواطنين أجانب، بالإضافة إلى رسائل بينهم حول إمكانية حشد المعارضة السلمية ضدّ نظام الرئيس الحالي قيس سعيّد والتصدي لما يصفونه بـ "الانقلاب".
وشدّدت المنظمات الحقوقية أن كل هذه الأفعال المنسوبة للسياسيين الموقوفين "مضمونة بالكامل بموجب الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتنظم السلمي".
منظمات حقوقية دولية: كل الأفعال المنسوبة للسياسيين الموقوفين في قضية "التآمر" مضمونة بالكامل بموجب الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتنظم السلمي
وأكدت أن السلطات التونسية "تنتهك" القانون الدولي لحقوق الإنسان، وبما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسات الذي يتعين على تونس الالتزام به، من خلال "إيقاف شخصيات معارضة وإساءة استخدام نظام العدالة الجنائية لخنق حرية التعبير وقمع المعارضة السياسية"، حسب نص البيان.
وتابع البيان أن "الإيقاف المطول قبل المحاكمة يتعارض دائمًا مع القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان"، مشيرًا إلى أن "الاحتجاز الوقائي هو إجراء ينبغي أن يقتصر بشكل صارم على الحالات الاستثنائية وألا يستخدم ضد المعارضة السياسية السلمية، ناهيك عن الأشخاص الذين لا يوجد ضدهم أدنى دليل على ارتكاب أفعال تستحق الشجب، والذين لا ينبغي بالتالي وضعهم رهن الإيقاف على الإطلاق، ويشكل حبسهم الاحتياطي المطول انتهاكًا للقانون التونسي".
وبيّنت المنظمات الحقوقية الدولية أن قاضي التحقيق تولّى منذ فيفري/شباط 2023، توسيع قائمة المشتبه بهم المقرر التحقيق معهم، وانتهى التحقيق في أفريل/نيسان 2024 بقرار يؤكد التهم الموجهة إلى 40 شخصًا، من بينهم السياسيون الستة الموقوفون منذ أكثر من 14 شهرًا.
منظمات حقوقية دولية: السلطات التونسية "تنتهك" القانون الدولي لحقوق الإنسان من خلال إيقاف المعارضين وإساءة استخدام نظام العدالة الجنائية لخنق حرية التعبير وقمع المعارضة السياسية
وأفادت بأن القائمة تضم نشطاء سياسيين من مختلف جماعات المعارضة مثل نور الدين البحيري، والصحبي عتيق، وسعيد الفرجاني، ورياض الشعيبي من حزب النهضة، ورئيس جبهة الخلاص الوطني المعارض نجيب الشابي، والناشط المستقل في المعارضة محمد الحامدي، وعدد من النشطاء الحقوقيين على غرار كمال الجندوبي وعياشي الهمامي وبشرى بالحاج حميدة، بالإضافة إلى رجال أعمال، منهم مساهمين في وسائل إعلام خاصة.
وأشارت إلى أن إثارة "قضية التآمر" وغيرها من القضايا الجنائية التعسفية ضد صحفيين وإعلاميين ومحامين ومعارضين سياسيين ونشطاء حقوقيين "تم في ظل تراجع استقلال القضاء التونسي، إلى جانب تدخل السلطة التنفيذية في إدارة مرفق العدالة في تونس وهو ما أدى إلى انتهاك الحق في محاكمة عادلة، وتقويض مبدأ قرينة البراءة" حسب نص البيان.
وقالت المنظمات الحقوقية إن الرئيس التونسي وصف مرارًا وتكرارًا السياسيين الموقوفين فيما يعرف بالقضية الأولى في "التآمر على أمن الدولة" بأنهم "إرهابيون"، واتهمهم بالتخطيط لهجمات ضد الدولة وتأجيج التوترات الاجتماعية.
منظمات حقوقية دولية: إثارة "قضية التآمر" تم في ظل تراجع استقلال القضاء إلى جانب تدخل السلطة التنفيذية في إدارة مرفق العدالة في تونس وهو ما أدى إلى انتهاك الحق في محاكمة عادلة، وتقويض مبدأ قرينة البراءة
كما ذكّرت بالدعوة التي أطلقها الرئيس التونسي قيس سعيد بتاريخ 16 أفريل/نيسان 2024، لتسريع البتّ في "قضية التآمر على أمن الدولة"، ووصف المتهمين بـ "المتآمرين"، واتهمهم بجمع أموال من جمعيات أجنبية، ويأتي هذا التدخل في أعقاب بيان سابق للرئيس التونسي، مفاده أن "القضاة الذين يتجرؤون على تبرئة المعارضين السياسيين يعتبرون متواطئين في جرائمهم"، حسب نص البيان.
يشار إلى أن الآجال القانونية للإيقاف التحفظي لجميع السياسيين الموقوفين فيما يعرف بالقضية الأولى المتعلقة بـ "التآمر على أمن الدولة"، والمقدرة بـ14 شهرًا، انتهت مع منتصف الليلة الفاصلة بين الجمعة والسبت 19 و20 أفريل/نيسان 2024، دون الإفراج عنهم، وهو ما اعتبرته هيئة الدفاع عنهم إمعانًا في الخرق الإجرائي في هذا الملف، واحتجازًا قسريًا للسياسيين الموقوفين.