03-ديسمبر-2021

الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتحولات السياسية الأخيرة ضاعفت أزمة البطالة في تونس (صورة توضيحية/Thierry Monasse/Getty)

 

تمسك العجينة بين يديها وتدعكها بخفة فتنساب بين كفيها بسلاسة.. تُقَولبها بلين في شكل كرات متقايسة الحجم، وترصفها إلى جانب بعضها البعض على الطاولة الرخامية وتتركها جانبًا حتى تتخمّر.. تأخذ إحدى كرات العجينة التي سبق أن تخمرت، وتغمس أصابعها في إناء مليء بالزيت لتبلل بها العجينة، التي تذعن لحركات يديها وتتفطر لتصبح في رفع ورقة، فتلفّها على أربع، وتتركها لتتخمر من جديد.. لحظات وتقوم بلمساتها الأخيرة بتفطير العجينة المربعة ثم تضعها على "الطاجين" (إناء لطبخ بعض أنواع الخبز المنزلي) الذي سبق أن تم تسخينه.. تنتظر بعض دقائق حتى تنضج، ثم تمسكها وتقلبها إلى الجهة الأخرى بخفة..

"هكذا أعدّ الملاوي" تقول سماح (34 سنة) لـ"الترا تونس"، مضيفة: "ليست بالمهمة الصعبة إذا ما كان إعدادها لعائلتي الصغيرة المتكونة من 4 أفراد.. لكن عندما يصبح إعدادها مصدر قوت لأسرتي، فهنا تنقلب الموازين".

تمسك العجينة بين يديها وتدعكها فتنساب بين كفيها بسلاسة (سوسن العويني/ الترا تونس)

سماح، صحفية بالأساس، خريجة معهد الصحافة وعلوم الإخبار، اشتغلت لسنوات مع عدد من المؤسسات الإعلامية المحلية في تونس، ثم استقرّ بها الحال منذ حواليْ 5 سنوات في أروقة مجلس نواب الشعب للعمل كمساعدة برلمانية، تُعنى بالأساس بتغطية أنشطة نواب الكتلة النيابية التي تعمل لصالحها ونشرها على منصاتها الرقمية.. ومنذ الـ25 من جويلية/يوليو 2021، تاريخ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد عمّا أسماه بـ"الإجراءات الاستثنائية" بما فيها تعليق أنشطة البرلمان، وجدت نفسها معلّقة بدورها، فاضطرت لفتح محل صغير في الحيّ الذي تقطن فيه لبيع أكلات خفيفة كسندويتشات "الملاوي" و"الشباتي" (أصناف من الخبز المنزلي)...

سماح مساعدة برلمانية وجدت نفسها بلا عمل بعد 25 جويلية التجأت إلى بيع "الملاوي" لإعالة أسرتها تقول لـ"الترا تونس": لم يتم إعلامنا بقرار فسخ عقودنا إلا بعد مضيّ 3 أشهر، وكأنّ لا قيمة ولا اعتبار لنا، ناهيك عن كون ذلك يعدّ طردًا تعسفيًا

"في الوهلة الأولى، لم أستوعب فكرة أنني أضحيت بلا عمل.. كنت أتصور أنها فترة وستمضي.. لكننا (أنا وكل المساعدين البرلمانيين) وجدنا أنفسنا أمام الأمر الواقع، ندفع ثمن معركة لم تكن لنا يد فيها" تقول سماح معقّبة: "لم يبقَ بابٌ لم نطرقه.. تواصلنا مع الكاتب العام للبرلمان الذي كلفه الرئيس طبق الأمر الرئاسي الصادر في 26 جويلية/يوليو 2021 بكل المسائل الإدارية والمالية المتعلقة بالمؤسسة التشريعية، لأكثر من مرة -حتى أضحى في عديد المناسبات يتجاهل مكالماتنا- وفي كل مرة يطمئننا بألّا نقلق وبأنه سيتم إيجاد حلول لنا دون شك.. وجهنا مراسلات لرئاسة الجمهورية طلبًا لتوضيح مآلنا.. توجهنا إلى المنابر الإعلامية.. لكن كل ذلك دون طائل".

تذعن العجينة لحركات يديها وتتفطر لتصبح في رفع ورقة (سوسن العويني/ الترا تونس)

تتنهد وتصمت قليلًا ثم تضيف: "يوم 23 أكتوبر/تشرين الثاني 2021، وصلتنا مراسلات عبر البريد موقعة من الكاتب العام للبرلمان ورد فيها أنه تم فسخ عقودنا مع البرلمان منذ 25 جويلية/يوليو 2021، أيّ أنه لم يتمّ إعلامنا بذلك إلا بعد مضيّ 3 أشهر، وكأنّ لا قيمة ولا اعتبار لنا".. وتستطرد: "ناهيك عن كون ذلك طردًا تعسفيًا، بأيّ حقّ يتم إعلامنا بذلك بعد مرور 90 يومًا.. لدينا مسؤوليات وأبناء ننفق عليهم وفواتير سكن وماء وكهرباء وغاز...".

تقول سماح إنها حاولت البحث عن عمل في مؤسسات إعلامية خاصة، لكن هباءً: "الوضع في تونس ما بعد جائحة كورونا أصبح صعبًا، ولم يعد من السهل إيجاد فرصة عمل.. وحتى إن كانت هناك فرصة هنا أو هناك، من سيرضى تشغيل صحفية قضت أغلب تجربتها المهنية كمساعدة برلمانية لكتلة حزبية ما؟" توضّح محدثة "الترا تونس" خالصة إلى أن "التحولات السياسية الأخيرة زادت من تعميق أزمة البطالة في تونس"، حسب رأيها.

سماح لـ"الترا تونس": الوضع في تونس ما بعد جائحة كورونا أصبح صعبًا، ولم يعد من السهل إيجاد فرصة عمل.. وزادت التحولات السياسية الأخيرة من تعميق أزمة البطالة في تونس

وأثار ملفّ المساعدين البرلمانيين، إضافة إلى موظفي وعَمَلة مجلس نواب الشعب، خلال الأسابيع الأخيرة ضجة واسعة، لاسيّما وقد وجدوا أنفسهم، بين ليلة وضحاها دون مورد رزق بعد سنوات من العمل. وفي تعليله لذلك كان الكاتب العام لمجلس نواب الشعب عادل الحنشي قد قال، في تصريح للإذاعة الوطنية (حكومية) في 27 أكتوبر/تشرين الثاني 2021، إن إدارة المجلس اتخذت هذا القرار بعد القيام بالاستشارات اللازمة مع رئاسة الجمهورية، موضحًا أن "الأمر لا يتعلق بطرد موظفين في الدولة، بل بفسخ عقود إسداء خدمات مبني على قاعدة العمل المنجز وباعتبار تعليق كل اختصاصات مجلس النواب منذ تاريخ 25 جويلية لم يعد لهم نشاط يقومون به"، وفق روايته.

أوضاع البلاد الاقتصادية والاجتماعية، فضلًا عن التحولات السياسية، كان تأثيرها كبيرًا على فئة هامة من الشباب التونسي الذي تعاني نسبة كبيرة منه من البطالة، في ظلّ غلق أبواب الانتداب في الوظيفة العمومية، والاستغلال الذي يسيطر على القطاع الخاص، والصعوبات الجمة التي تعترضهم عند التفكير في بعث مشروع خاص.

محمد (35 سنة)، متخرج منذ حوالي 15 سنة ومتخصص في الرياضيات، يقول إنه من المشمولين بالقانون عدد 38 لسنة 2020 الخاص بانتداب من طالت بطالتهم في الوظيفة العمومية، لكنّ حلمه وارى الثرى يوم أعلن الرئيس أن القانون لن يطبّق على أرض الواقع على اعتبار أنه من قبيل "بيع الأوهام"، وفق تعبيره.

محمد (صاحب شهادة عليا عاطل عن العمل) لـ"الترا تونس: رضيت بالعمل المُذلّ لسنوات، على أمل أن يأتي يوم وينتهي هذا الكابوس وأبدأ عملًا كريمًا يعوّض لي سنوات الحرمان ويضمن لي حياةً موقّرة.. لكن حتى الحلم ضيقوه علينا في تونس

ويتعلق القانون عدد 38 لسنة 2020 المؤرخ في 13 أوت/أغسطس 2020 والصادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ 19 أوت/أغسطس 2020، بالأحكام الاستثنائية للانتداب في القطاع العمومي. وينص على الانتداب المباشر على دفعات سنوية متتالية للعاطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا ممن طالت بطالتهم 10 سنوات أو أكثر والمسجلين بمكاتب التشغيل، ويتم ترتيبهم بطريقة تفاضلية وفق مقياسي سن التخرج وسنة التخرج ويخضعون بعدها إلى فترة تكوين مناسب.

إلا أن الرئيس التونسي قيس كان قد صرّح، في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 في لقاء جمعه بوزير التشغيل والتكوين المهني نصر الدين النصيبي بقصر الرئاسة بقرطاج حول الشباب المعطل عن العمل ومنهم أصحاب الشهائد العليا الذين طالت بطالتهم، بأن القانون عدد 38 "وُضع في تلك الفترة كأداة للحكم ولاحتواء الغضب وبيع الأحلام وليس للتنفيذ"، وهو ما أثار جدلًا واسعًا ودفع عددًا من المشمولين بالقانون إلى الخروج إلى الشارع وتنظيم سلسة من التحركات الاحتجاجية رفضًا للتوجه نحو عدم تفعيله.

وفي الأثناء، كان وزير التشغيل والتكوين المهني نصر الدين النصيبي قد صرح، في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أن "الوظيفة العمومية اليوم لا يمكن أن تستوعب المزيد من الموظفين، نظرًا للضغط الكبير الذي عليها، حسب تصريحه.

واستدرك القول إن "الرئيس تعهد لهم في المقابل بالعمل على إيجاد الحلول الكفيلة بالاستجابة لمطالبهم المشروعة في الحق في العمل والحياة الكريمة، في إطار توجهات ومشاريع جديدة تجعل منهم قوة اقتراح وقوة لخلق الثروة لهم ولجهاتهم"، وفق تعبيره.

يقول محمد لـ"الترا تونس": رضيت بالعمل المُذلّ لسنوات طوال، على أمل أن يأتي يوم وينتهي هذا الكابوس وأبدأ عملًا كريمًا يعوّض لي سنوات الحرمان ويضمن لي حياةً موقّرة.. لكن حتى الحلم بالنسبة لأمثالنا ضيقوه علينا وصار بمثابة الغيمة بعيدة المنال"، يزفر من أعماقه ثم يتابع: "امتهنتُ ما قد لا يخطرُ لكِ على بال.. اشتغلت "صانع مرمّاجي" (مساعد بنّاء)، "هبّاطًا" وحمّالًا لصناديق الخضر والغلال مع فلاحين، "صانع قهواجي" (نادل)، بائعًا متجولًا لمناديل ورقية وسلع مقلّدة (في كرّ وفرّ مع الشرطة)، قدّمت دروس تدارك في الرياضيات (ولوهلة كاد يتم تتبّعي لأنني أدرّس دون ترخيص لولا توسّط بعد معارفي)..".

محمد لـ"الترا تونس": لم يتيحوا لنا فرصة العمل المحترم وفق تخصصنا، ولا يسمحون لنا بالتعويل على أنفسنا.. كلّ ما يمكن أن نشتغله محظور ويدرج في قائمة "العمل الموازي".. ما الذي يريدونه منّا؟ أن نحرق أنفسنا كالبوعزيزي أو أن "نحرق لبلاد العكري"؟

ويضيف: "لم يتيحوا لنا فرصة العمل المحترم الموقّر وفق تخصصنا، ولا يسمحون لنا بـ'تدبير روسنا' (التعويل على أنفسنا).. كلّ ما يمكن أن نشتغله محظور ويدرج في قائمة 'العمل الموازي'.. ما الذي يريدونه منّا؟ أن نحرق أنفسنا كالبوعزيزي؟ أو أن 'نحرق لبلاد العكري' (أي أن نهاجر بشكل غير نظامي إلى أوروبا)؟".

يكشف محمد أنه تقاضى في أغلب المهن التي مارسها أجرًا يوميًا لا يتجاوز الـ30 دينارًا (حوالي 10 دولارات)، بالكاد يكفيه لشراء علبة سجائر وقهوة وسندويتشًا والتنقل، وإن تبقى له منها بعض الدينارات يقتني بها كيس غلال لوالدته. "لا أفكّر في الزواج بالمرّة. من أين لي أن أنفق على أسرة، وأنا بالكاد أتمكن من الإنفاق على نفسي؟.. كنت معلقًا آمالي على قانون انتداب من طالت بطالتهم، على الأقل كنت لأتمكن من تعويض والدتي والعيش ببعض رفاهية، لكنني الآن صرت أفكّر جديًا في فكرة الهجرة غير النظامية.. "احنا هكا وإلا هكا ميتين بالحياة.. فإما عيشة فل وإما موت واحدة والسلام".

مريم (29 سنة)، خريجة تعليم عالي متخصصة في التسويق، وتشتغل في بيع "الفريب" (ملابس مستعملة) عبر تسويقها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

تقول لـ"الترا تونس": الجميع يعتقدون أن عملي سهل للغاية، يقولون لي "صحة ليك!، تَجنين المال وأنت جالسة أمام حاسوبك".. لا يعرفون كم مهمة عليّ إنجازها حتى أتمكن من بيع قطعة واحدة من الألبسة.

مريم (خريجة تسويق وتعمل بائعة "فريب" لـ"الترا تونس": أفضل ما حصل لي في حياتي هو طردي من المؤسسة التي كنت أشتغل فيها، لأن ذلك دفعني إلى مراجعة خياراتي والتفكير في بعث مشروعي الخاص

وتسرد مريم مراحل القيام بعملها بنسق شبه يومي، تقول: أنهض باكرًا، خاصة في الأيام التي أعرف أنه يتم خلالها فتح "بالات" (رزم) جديدة من "الفريب" في أسواق معينة (بالخبرة تعرفين الأيام المناسبة للتوجه لكلّ سوق)، أقضّي ساعات وأنا أفرز الملابس، ما يصلح منها، تحت أشعة الشمس الحارقة أو في صرد البرد، بلا كلل، أصل المنزل أقوم بغسلها وكيّ بعضها، ثم فيما بعد تأتي مرحلة التصوير، أختار الديكور المناسب لعرضها وأعدّ الإضاءة التي تبرز جمالها.. وفيما بعد أقوم بنشر صور الألبسة على مجموعتي الخاصة بموقع التواصل فيسبوك، أنشر صورة كل قطعة على حدة مع إرفاقها بـ"دسكريبشن" لجذب الحريفات، وما إن يتم الاتفاق على بيع كل قطعة، تأتي مرحلة بعث المبيعات إما بالبريد أو بالتنسيق مع شركات التوصيل حسب رغبة الحريفة".

مريم كانت منذ سنتين تشتغل كمسوّقة في شركة خاصة، لا يتجاوز أجرها الشهري 550 دينارًا (حوالي 192 دولارًا)، وتعمل في اليوم الواحد 8 ساعات. تم الاستغناء عنها مع بدء تأثير جائحة فيروس كورونا على الوضع الاقتصادي بالبلاد الذي دفع عديد الشركات إلى الطرد التعسفي لعديد أجرائها.

تضيف: "ربما تستغربين لو قلتُ لكِ إن أفضل ما حصل لي في حياتي هو طردي من المؤسسة التي كنت أشتغل فيها.. ذلك دفعني إلى مراجعة خياراتي والتفكير في بعث مشروعي الخاص"، وتستطرد قائلة: "لا أُنكر أنني وجدت صعوبات جمّة في بداية رحلتي مع مشروعي، لكن كما يقول المثل 'المليح يبطى'.. صرتُ الآن أربح أضعاف المرتب الذي كنت أتقاضاه، وأفكّر في تشغيل شابّة معي في مشروعي لأن المسؤوليات كثُرت ولم يعد بإمكاني لوحدي تلبية حاجيات كل الحريفات".

 ورد في آخر تحيين لبيانات المعهد الوطني للإحصاء أن نسبة البطالة ارتفعت في الثلاثي الثالث من 2021 لتبلغ  18.4%، مقابل 17.9% خلال الثلاثي الثاني من السنة ذاتها

وقد انتشر بيع الملابس المستعملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي خاصة في السنتين الأخيرتين، مع انتشار جائحة كورونا في تونس وإجبارها عددًا هامًا من المحلات التي تتخصص في بيعها إلى غلق أبوابها مع ارتفاع كلفة الكراء مقابل ندرة الإقبال في ظل ما فرضته الجائحة من حجر صحي وحظر تجوال في الأشهر الماضية.. وبات عدد هام من الشباب في تونس يعتمد على شبكات التواصل الاجتماعي من أجل الاسترزاق منها، من خلال التسويق، سواء للملابس، أو المأكولات، وكلّ ما يصلح بيعه..

لكن تبقى أرقام البطالة في تونس في ارتفاع مطّرد، لا سيما مع أفق اقتصادية واجتماعية وسياسية لا تنذر بانفراج قريب. وقد  أكدت معطيات نشرها المعهد الوطني للإحصاء، في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، ارتفاع نسبة البطالة بـ 0.5 نقطة مقارنة بالثلاثي الثاني من سنة 2021 لتبلغ في الثلاثي الثالث من 2021،  18.4%، مقابل 17.9% خلال الثلاثي الثاني من سنة 2021، وفق تقرير للمعهد.

وأفرزت نتائج المسح الوطني حول السكان والتشغيل للثلاثي الثالث من سنة 2021، 762.6 ألف عاطل عن العمل من مجموع السكان النشيطين مقابل 746.4 ألف عاطل عن العمل تم تسجيله خلال الثلاثي الثاني لسنة 2021، أي بزيادة 16 ألف عاطل عن العمل، وبالتالي، شهدت نسبة البطالة ارتفاعًا لتبلغ 4,18% خلال الثلاثي الثالث.

وقد ارتفعت نسبة البطالة حسب الجنس، بـ 0.5 نقطة لكلا الجنسين، لتبلغ 15.9% لدى الذكور و24.1% لدى الإناث خلال الثلاثي الثالث لسنة 2021.

وكالة التصنيف الدولية "ستاندرد أند بورز": مستوى النمو الاقتصادي في تونس لن يكون كافياً لمواجهة معدل البطالة المرتفع وتدهور مستوى المعيشة، ما من شأنه أن يؤجج المزيد من السخط الاجتماعي

وفي تقرير أعدته حول "التحديات التي تواجه الدول والشركات والبنوك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في سياق ما بعد جائحة كورونا" ونشر بتاريخ 9 سبتمبر/أيلول 2021، أفادت وكالة التصنيف الدولية "ستاندرد أند بورز" بأنّ "مستوى النمو الاقتصادي في تونس لن يكون كافياً لمواجهة معدل البطالة المرتفع وتدهور مستوى المعيشة، ما من شأنه أن يؤجج المزيد من السخط الاجتماعي".

وأشار إلى أن "أزمة كورونا أدت إلى انكماش غير مسبوق للناتج المحلي الإجمالي في تونس، ناهز 8.6 % سنة 2020، مما أدى إلى تفاقم الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية بعد عقد من الإصلاح الهش والنمو المنخفض"، مرجحًا أن "يشهد الاقتصاد التونسي عودة بطيئة إلى مستويات ما قبل الجائحة، ب​​نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.4٪ فقط سنويًا على مدى السنوات الخمسة المقبلة، بناءً على توقعات صندوق النقد الدولي". كما اعتبرت وكالة التصنيف الدولية أن "عدم الاستقرار السياسي المستمر من شأنه أن يعرض استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للخطر ويفرض تحديات مالية كبيرة على البلاد"، حسب تقديرها، وهو ما من شأنه أن يلقي بظلاله مجددًا على الواقع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، وما قد يزيد من تعميق هوّة البطالة في تونس.

ورقة عن تونس من تقرير لوكالة التصنيف الدولية "ستاندرد أند بورز" (سبتمبر 2021)