طرح النائب في البرلمان التونسي، صالح المباركي سؤالًا على وزيرة التجارة خلال جلسة عامة بالبرلمان الاثنين 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 حول تخلي شركة اللحوم عن 1800 عامل ليصبح عدد العاملين في الشركة 40 شخصًا متسائلًا عن الأسباب وعن كيفية تسريحهم، معتبرًا هذا الملف غامضًا. "الترا تونس" يحاول في هذا التقرير البحث عن أسباب التخلي عن هؤلاء العمال بالاتصال بمدير شركة اللحوم والنائب الذي أثار الموضوع.
- شركة اللحوم.. مهامها وسياسة تحرير القطاع
سؤال فتح الباب من أجل البحث في هذه المنشأة العمومية التي تم تأسيسها سنة 1961 (الديوان التونسي للتجارة بنسبة 66.28% وبلدية تونس بنسبة 33.33%).
شركة اللحوم مؤسسة عمومية تتبع وزارة التجارة التونسية، تأسست سنة 1961 ومن بين أهدافها تزويد المناطق الاستهلاكية الكبرى باللحوم
وتتمثل أهدافها المنشورة على الموقع الرسمي لوزارة التجارة وتنمية الصادرات في تزويد المناطق الاستهلاكية الكبرى باللحوم وتسيير سوق الدواب والمسالخ ومخازن التبريد، إلى جانب توفير اللحوم بأسعار مدروسة قصد المحافظة على القدرة الشرائية للمستهلك، فضلًا عن تقديم الخدمات للمتدخلين في قطاع اللحوم عبر وحدات الاستغلال المتواجدة بمركّبها.
على أنّ الشركة دخلت منذ التسعينات في مرحلة جديدة بحسب ما أكده الرئيس المدير العام طارق بن جازية لـ"الترا تونس"، فقد اختار النظام آنذاك تحرير قطاع اللحوم على اعتبار أنه ليس مجالًا استراتيجيًا، وبدأ بالتخلي عن العمال منذ تلك الفترة إلى أن وصل عددهم اليوم 70 عاملًا بقيمة أجور 1.8 مليون دينار.
المدير العام لشركة اللحوم لـ"الترا تونس": الشركة دخلت منذ التسعينات في مرحلة جديدة، إذ اختار النظام آنذاك تحرير قطاع اللحوم على اعتبار أنه ليس مجالًا استراتيجيًا
وأشار بن جازية إلى أن الشركة كانت في السابق تحتكر قطاع اللحوم وهي التي تزوّد المؤسسات العمومية والسوق، لكنها اليوم وبعد تحرير القطاع، أصبحت واحدة من ضمن مجموعة شركات أخرى.
وبيّن الرئيس المدير العام للشركة أنّ المنشأة مازالت تواصل دورها التعديلي في السوق ومازالت الدولة تحافظ عليه، إذ يبلغ سعر كلغ لحم الضأن الذي تبيعه الشركة اليوم 31.500 دينار واللحم البقري 30 دينار للكلغ الواحد، وهي أسعار لا تقارن بما يعرض في الأسواق، وفق قوله.
المدير العام لشركة اللحوم لـ"الترا تونس": تمّ التخلي عن العمال منذ التسعينات إلى أن وصل عددهم اليوم 70 عاملًا بقيمة أجور 1.8 مليون دينار
وسجّل بن جازية أن الشركة تعتزم فتح مناظرة للانتداب خلال السنة المقبلة 2024.
- نائب بالبرلمان: شركة اللحوم يكتنفها الغموض
في المقابل، أكد النائب في مجلس الشعب صالح المباركي لـ"الترا تونس"، أنّ عملية تسريح العمال والتخلي عنهم تمت في كنف الغموض وعلى مراحل، مبيّنًا أنها بدأت بالفعل منذ التسعينات لكنها ما تزال غامضة.
نائب بالبرلمان لـ"الترا تونس": عملية تسريح العمال من شركة اللحوم والتخلي عنهم تمت في كنف الغموض وعلى مراحل
واعتبر النائب أن هذه المنشأة العمومية يشوبها الغموض فكيف لشركة تمسح 15 هكتار ومجهزة بمخازن تبريد ومسالخ لكن "يعيش فيها البوم"، في إشارة لضعف اليد العاملة فيها، متسائلًا: "لماذا لا تستوعب هذه الشركة اليد العاملة في جهة الوردية؟ وأين دورها الذي يجب أن تلعبه في تعديل السوق وفي العمل ضمن استراتيجية الحفاظ على الأمن الغذائي للبلاد؟".
واعتبر النائب صالح المباركي شركة اللحوم "مرفقًا حيويًا خسرناه ولا بدّ من إعادة ضخ الحياة فيه من جديد".
ويذكر أن شركة اللحوم تجاوزت خسائرها المتراكمة (40 مليون دينار) وبالمقابل، اختفت معامل الجلود التي ميّزت جهات "جبل الجلود" والوردية وبقيت البناءات فارغة لا حياة فيها، في وقت يشهد فيه قطاع الماشية في تونس أزمة ومخاوف من انقراض "العلوش" (الخروف) التونسي الأصيل ودخول "العلوش" المهرّب إلى تونس والقادم من دول إفريقية.
نائب بالبرلمان لـ"الترا تونس": أين دور شركة اللحوم الذي يجب أن تلعبه في تعديل السوق وفي العمل ضمن استراتيجية الحفاظ على الأمن الغذائي للبلاد؟
فإلى جانب أزمة الجفاف التي تعيشها البلاد منذ خمس سنوات، فإن الفلاحين يطالبون في أكثر من مناسبة بإيجاد حل جذري لمسألة الأعلاف التي مازالت تحت سيطرة المحتكرين.
ويجد صغار الفلاحين أنفسهم مضطرين للتخلص من قطيعهم ويقول بعضهم إنهم يعانون من أجل لقمة عيش فلذات أكبادهم ولا قدرة لديهم لإطعام دوابهم.
إشكاليات أثرت بشكل مباشر على أسعار اللحوم التي تجاوز سعر الكلغ الواحد منها 40 دينار فأصبح غائبًا عن مائدة التونسي وبات حملًا ثقيلًا على كاهل القصّابين المتذمّرين من ضعف الإقبال على اللحوم والارتفاع الجنوني لأسعارها.