يبدو صوت ناقوسه النحاسي مألوفًا للجميع، فما إن يدقّ عليه ويقول "يحكيو على سلطان في قديم الزمان" إلاّ وتهدأ قاعة الجلوس، وتتحوّل الأبصار إلى الشاشة الصغيرة، وينصت أفراد العائلة التونسية بكبيرها وصغيرها لحكاية عبد العزيز العروي.
تعود شهرة عبد العزيز العروي إلى اعتماد اللهجة الدارجة التونسيّة في رواية القصص الشعبية، ثم صوُرت بعضها تحت عنوان "حكايات عبد العزيز العروي" ومازالت تعرض إلى اليوم على الشاشة التونسيّة
-
قصص عبد العزيز العروي بسيطة وأسلوبها تشويقي
كان عبد العزيز العروي يروي قصصًا بسيطة تُعالج الحياة الاجتماعية، وتتطرق إلى القيم الأخلاقية، إضافةً إلى حكايات عن الحاضرة والسلاطين، بأسلوب تشويقي يجذب كل من يستمع إليه.
وتعود شهرته إلى اعتماد اللهجة الدارجة التونسيّة في رواية القصص الشعبية، ثم صوُرت بعض هذه الحكايات تحت عنوان "حكايات عبد العزيز العروي" ومازالت تعرض إلى اليوم على الشاشة التونسيّة.
شنّف عبد العزيز العروي آذان التونسيين، بحكاياته المتراوحة بين الواقع والخيال، وقدم خدمةً كبيرة للتراث الشعبي، وكرس حياته لجمع وتنقيح ورواية أغلب قصص التراث التي كادت تندثر وتنطمس بفعل الزمن
حيث تولّى المخرج التونسي الحبيب الجمني إخراج حكايات العروي للتلفزة التونسية سنة 2006 في 15 حلقة بعد نسخة أولى بالأبيض والأسود، تقادمت حتى أصبح من الصعب بثها ومتابعتها.
ومع أنه شنّف آذان التونسيين، بحكاياته المتراوحة بين الواقع والخيال، فقد قدم العروي خدمةً كبيرة للتراث الشعبي، وكرس لها حياته حيث جمع ونقح وروى أغلب قصص هذا الموروث الشعبي التي كادت تندثر وتنطمس بفعل الزمن، وحافظ بذلك على تداولها وإحيائها من جيل إلى آخر.
-
قصص عبد العزيز العروي موسوعة للحكم الشعبية
وتعدّ قصص العروي موسوعةً للحكم الشعبية، في تونس، وخزانًا للقيم الاجتماعية، حيث تركّز قصص العروي على انتصار قوى الخير والنوايا الحسنة والطيبة مهما كان الثمن مقابل هزيمة شنيعة لقوى الشر، فتسخر قصصه من مظاهر انهيار الأخلاق والقيم، وتلقّن الشخصيات التي تلعب هذه الأدوار أقسى الدروس.
طرح العروي في حكاياته، مظاهر الجشع والطمع وقابلها بالكرم والجود، كما طرح مظاهر الكذب والسرقة وقابلها بالصدق والأمانة، ولم يغفل عن تقديس قيم العمل والمثابرة
وطرح العروي في حكاياته، مظاهر الجشع والطمع وقابلها بالكرم والجود، كما طرح مظاهر الكذب والسرقة وقابلها بالصدق والأمانة، ولم يغفل عن تصوير مظاهر الثراء من جهة والفقر والبؤس من جهة أخرى، وتقديس قيم العمل والمثابرة.
وحتى في ظل اعتمادها على أحداث خيالية أحيانًا، لم يغب الطابع الاجتماعي والقيمي لقضايا التونسيين عن حكايات العروي، فتطرق لعلاقة الزوج بزوجته والأبناء بوالديهم وعلاقة الجار بجاره، والسلطان برعيته.
-
عبد العزيز العروي ابن المدرسة الصادقية وواحد من جماعة تحت السور
ويعدّ عبد العزيز العروي من مواليد سنة 1898 في ولاية المنستير واحدًا من جماعة تحت السور التي ساهمت في النهوض بالأدب في تونس قبل الحرب العالمية الثانية.
عبد العزيز العروي هو ابن المدرسة الصادقية وواحد من جماعة تحت السور التي ساهمت في النهوض بالأدب في تونس قبل الحرب العالمية الثانية
ويشار إلى أن عبد العزيز العروي ابن المدرسة الصادقية، وعمل إثر تخرجه منها كاتبًا بإدارات الأعمال، ثم أدار مطبعة وجريدة النهضة سنتي 1927 و1928 وأصدر بعدها جريدة الهلال التونسي الناطقة باللغة الفرنسية سنة 1930، وحرّر لسنوات طويلة بجريدة "petit matin".
والتحق عبد العزيز العروي بالإذاعة التونسية، منذ تأسيسها عام 1938 مما جعل صوته مألوفًا للجميع وقتها، ثم سرعان ما أصبح رفيق التونسيين في سهراتهم، بفضل أسماره وحكايته الشيقة، وعمل بها مذيعًا ومحرّرًا ومسؤولاً إداريًا إلى آخر فترة في حياته، لتوافيه المنية سنة 1971.
وبقي عبد العزيز العروي إلى اليوم حيًّا في ذاكرة أجيال من التونسيين، بفضل أسلوبه الفريد وضربة ناقوسه النحاسي التي توحي ببداية المغامرة ومتابعة أحداث متلاحقة وشخصيات متنوعة تذكرنا بالواقع تارةً وتسرح بنا في عالم الخيال تارةً أخرى.
