منذ بدء تفشي فيروس "كورونا" في تونس، عبّر الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي عن رغبتهم في التطوع للعمل والمساعدة في مقاومة انتشار الفيروس، على غرار العمل في مركز النداء "190" لاستقبال مكالمات التبليغ عن الاشتباه بإصابات بالفيروس، أو التطوع للإيصال جرايات المتقاعدين من البريد إلى منازلهم باعتبارهم أكثر فئة عمرية مهددة بهذا الفيروس. كما برزت عديد المبادرات الشبابية للحد من الاكتظاظ في الأماكن العامة أو المساهمة في الحملات التحسيسية للوقاية من خطر انتشار الفيروس.
محمد أمين الرحالي (متطوع من الرقاب): المبادرات الشبابية تساهم بشكل كبير في التوقي من خطر انتشار فيروس "كورونا"
ولم تكن هذه المبادرات مجرّد تدوينات عبر مواقع التواصل الاجتماعي فقط، إذ انخرطت مجموعات شبابية فعلًا في بعض الأعمال أو الأنشطة اليومية على الميدان لمساعدة الناس على قضاء حوائجهم بعيدًا عن التزاحم والتعرّض لخطر الإصابة بالعدوى. واختار بعض الشباب طواعية تنظيم صفوف المواطنين أمام الفضاءات التجارية الكبرى أو الصيدليات أو المخابز وغيرها من الفضاءات التي تشهد يوميا إقبالًا كبيرًا من قبل المواطنين للتزود بحاجياتهم.
اقرأ/ي أيضًا: فتح بيته للحجر الصحي.. أحمد بن مسعود يتحدث لـ"ألترا تونس" عن هذه المبادرة
محمّد أمين الرحالي، أحد شباب الرقاب في ولاية سيدي بوزيد الذين انخرطوا في الأنشطة التطوعية في المدينة، يحدثنا أن المبادرات الشبابية تساهم بشكل كبير في التوقي من خطر انتشار الفيروس عبر مساعدة كبار السنّ وتنظيم الصفوف وتوعية الناس بضرورة أخذ مسافة وقائية عن غيرهم خلال قضاء حاجياتهم اليومية، إلى جانب توفير بعض المواد المعقمة لتعقيم الأيدي قبل دخول الفضاءات التجارية وتقليب السلع.
وأضاف، في حديثه لـ"ألترا تونس"، أن العديد من الشباب خاصة العاطل عن العمل قادر على المساهمة ببعض الأعمال البسيطة من حملات توعوية أو تقديم مساعدات لتجاوز الأزمة.
من جهتها، اختارت شيماء عمدوني أن تساهم في نشر الوعي بخطورة الفيروس وأساليب التوقي لفائدة فئة معيّنة هي ذوي الاحتياجات الخصوصية وتحديدًا للأشخاص فاقدي السمع والنطق وذلك عبر نشر فديوهات توعوية يومية على صفحتها على فيسبوك بلغة الإشارات لتوعية الصم والبكم بالإجراءات الوقائية وطرق تعقيم اليدين وخطورة انتشار الفيروس.
تؤكد شيماء التي تتقن لغة الإشارات، لـ"ألترا تونس"، على ضرورة التواصل مع الناس لتوعيتهم بسبل الوقاية وخطورة الفيروس، موضحة أن فئة فاقدي السمع والنطق تحديدًا قد لا تتابع التلفزيون باستمرار على خلاف مواقع التواصل الاجتماعي حيث تقدم سلسلة من المقاطع التوعوية بصفة يومية من أجل التوعية حول "كورونا".
فيما شرع ناشطون في المجتمع المدني بنابل، ممن تجندوا خلال فيضانات سبتمبر 2018 في المدينة لمساعدة الناس، في إعادة إحياء مجموعاتهم على فيسبوك لإعادة تنظيم صفوفهم من جديد للمساهمة في الحملات التحسيسية، وتعزيز جهود الفرق الصحية والأمنية ومساعدة المسنين بالخصوص.
يخبرنا عبد الرحمان موسى، أحد الناشطين بنابل، أنّه تمّ تركيز خلية إعلامية لنشر كلّ ما يتعلّق بالمنطقة وتحيين المعطيات فور الإعلان عن عدد الأشخاص الموضوعين في الحجر الصحي بالجهة أو الإعلام عن تسجيل إصابات.
فيما قامت مجموعة من جمعية شباب رأس الجبل بولاية بنزرت بتأمين دخول منظم لمراكز البريد بمساعدة بلدية المدينة عبر توفير عوارض حديدية لتخصيص ممرات عبور وخروج المواطنين من مراكز البريد بطريقة منظمة.
جمعيات ومنظمات على الخط
تساهم بدورها العديد من المنظمات والجمعيات من جهتها، هذه الأيام، في نشر الوعي والقيام بالحملات التوعوية لا سيما عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي وأيضًا عبر الأنشطة الميدانية.
إذ بادر المجتمع المدني في ولاية صفاقس بالتعاون مع قسم الأمراض الصدرية بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر في بعث حملة لدعم مجهودات الدولة والتوعية للحد من مخاطر فيروس كورونا عنوانها "قافلة المحبة" التي تجوب، منذ أسبوع، أغلب مناطق مدينة صفاقس، وهي تضم أنشطة توعوية بالاعتماد على المتطوعين عبر توزيع المطويات وأدوات الوقاية.
تساهم العديد من المنظمات والجمعيات في نشر الوعي والقيام بالحملات التوعوية لا سيما عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي وأيضًا عبر الأنشطة الميدانية
الشباب المنتمي إلى الكشافة التونسية عبر أيضًا عن استعداده للتطوع لدعم مجهود الدولة وتقديم المساعدة وتوزيع حاجيات المواطنين الموضوعين في الحجر الصحي من أكل وشرب وغيره. وقد أشار وحيد العبيدي، أحد المنتمين إلى منظمة الكشافة التونسية، لـ"ألترا تونس"، إلى أنّه مستعد رفقة آلاف المنتمين لفرق الكشافة في مختلف الجهات للتطوع إذا رغبت الدولة في الاستعانة بمكونات المجتمع المدني للمشاركة في حملات التوعية أو جمع تبرعات أو القيام بعمليات التنظيف والتعقيم في عدّة أماكن إضافة لمجهود تنظيم المواطنين خلال التوافد على المحلات التجارية وغيرها.
اقرأ/ي أيضًا: حينما يكشف فيروس "كورونا" هنات المنظومة التربوية في تونس
بعض المنظمات الوطنية الأخرى أصدرت، من جهتها، عدّة بلاغات توعوية لتقديم توصيات للمواطنين على غرار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان التي دعت بضرورة الالتزام بالتوصيات الصحية الصادرة عن وزارة الصحة والإدارات الجهوية والمحلّية واتباع طرق السلامة والوقاية إلى جانب التثبت من المعلومات من مصادرها الرسمية.
وشارك المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، من جهته، بمشاركة نشطاء وجمعيات لمقاومة فيروس "كورونا" في بعض التنسيقيات الجهوية في معاضدة مجهودات الدولة من خلال القيام بتعقيم جميع الإدارات والأماكن التي يرتادها المواطنون بكثافة. ففي الرديّف بولاية قفصة، أفاد المنتدى أنه تمّ اقتراح إحداث صندوق للتبرعات تحت إشراف فرع الهلال الأحمر بالمدينة لمساعدة العائلات المعوزة، مشددًا على جميع العائدين من الخارج للالتزام بالحجر الصحي وحماية عائلاتهم والمحيطين بهم.
كما قامت جمعية البحوث والدراسات والتوثيق حول الطب البديل والعلاج بالنظم الحديثة بحملات تحسيسية في تونس العاصمة بداية بتوعية أصحاب المطاعم الصغيرة والأكلات الخفيفة ومختلف التجار والبائعين في الأسواق والتوعية بضرورة اتباع الإجراءات المعلنة من قبل وزارة الصحة مع توزيع القفازات وجيل التعقيم وشرح مبسط عن كيفية التعامل مع الحرفاء، وأخذ الحيطة اللازمة. وكذلك دعت إلى فصل البلاستيك عن النفايات الأخرى من أجل سلامة الجميع وبالخصوص من يقومون بجمع البلاستيك من النفايات.
بدورها، قامت جمعية التضامن الاجتماعي ببئر مشارقة من ولاية زغوان بتعقيم المؤسسات الرسمية وكامل الأحياء السكنية إلى جانب توفير نقاط لغسل اليدين بمحطات النقل العمومي.
كما بادرت العديد من الجمعيات الأخرى في عدّة جهات وبإمكانياتها البسيطة في المساعدة في عمليات تعقيم بعض محطات النقل العمومي والمؤسسات وحتى بعض الأحياء.
اقرأ/ي أيضًا: