أنهت تونس في 31 من ديسمبر/كانون الأول 2021 عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن (2020-2021) وذلك إلى جانب كل من إستونيا والنيجر وسانت فنسنت وجزر غرينادين وفيتنام. وقد تم انتخاب دول الإمارات وألبانيا والبرازيل والغابون وغانا للعضوية غير الدائمة في مجلس الأمن خلال الفترة (2022-2023).
حجزت الدبلوماسية التونسية مقعدًا في مجلس الأمن لمدة سنتين، 2020 و2021، للمرة الرابعة في تاريخها بعد 3 عهدات سابقة (1960/1959 – 1981/1980 – 2001/2000)
يُذكر أنه قد تم انتخاب تونس عضوًا غير قار في مجلس الأمن بأغلبية 191 صوتًا، في الانتخابات الدورية في منظمة الأمم المتحدة خلال شهر جوان/يونيو 2019، على اعتبار دعمها من المجموعة الإفريقية التي تصعد باسمها عدا عن المجموعة العربية. وحجزت حينها الدبلوماسية التونسية مقعدًا في مجلس الأمن لمدة سنتين، 2020 و2021، للمرة الرابعة في تاريخها بعد 3 عهدات سابقة (1960/1959 – 1981/1980 – 2001/2000) في عرف دبلوماسي بدورية كل عقدين.
ويضم المجلس الأممي 15 بلدًا من بينها 5 دول دائمة العضوية. وتعدّ العضوية غير الدائمة لدبلوماسية أي دولة من غير ذات العضوية الدائمة حدثًا دبلوماسيًا استثنائيًا. وتونس هي ثاني أكثر بلد عربي يُمنح العضوية غير الدائمة بعد مصر التي تولتها 5 مرات على مدار تاريخها.
اقرأ/ي أيضًا: للمرة الرابعة في تاريخها: انتخاب تونس عضوًا غير دائم بمجلس الأمن
- مندوب تونس لدى الأمم المتحدة: تونس وضعت القضايا العربية كأولوية قصوى
في هذا السياق، قدم مندوب تونس لدى الأمم المتحدة طارق الأدب كلمة، في فعالية مقتضبة خصصت لإنزال أعلام الدول الخمسة التي انتهت عضويتها غير الدائمة، أكد من خلالها فخره لمساهمة بلاده في عضوية مجلس الأمن التي استمرت لفترة عامين، مشيرًا إلى أن تونس وضعت القضايا العربية كأولوية قصوى خلال تلك الفترة.
وقال الأدب، في كلمته، التي تحصلنا على فيديو مسجل لجزء منها: "تنتهي اليوم العضوية الرابعة لتونس في مجلس الأمن وهي المهمة التي تولتها بلادي بنفس العزم والالتزام الذي طالما ميّز سياستها الخارجية وإسهاماتها في خدمة السلم والأمن الدوليين".
مندوب تونس لدى الأمم المتحدة: "القضية الفلسطينية تظل دائمًا أولوية قصوى بالنسبة لتونس، والوضع في ليبيا وسوريا واليمن، وحل النزاعات في أفريقيا"
وأضاف أن تونس حرصت "خلال هذين العامين اللذين شهد فيهما العالم ولا يزال تحديات غير مسبوقة على جميع المستويات على أن تكون دومًا قوة اقتراح إيجابية وعلى مواصلة العمل، على تعزيز العمل متعدد الأطراف والتعاون الدولي والتضامن الإنساني وتكريس مفهوم جديد للأمن الجماعي والمصير المشترك على أساس القيم الكونية ومبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة".
وشدد على أن تونس عملت طيلة فترة عضويتها على "دفع مسارات التسوية السياسية السلمية للنزاعات وتعزيز الدبلوماسية الوقائية وحقوق الإنسان، وتفعيل دور مجلس الأمن ومسؤوليته في حفظ الأمن والسلم الدوليين"، وفقه.
وأكد أن "القضية الفلسطينية تظل دائمًا أولوية قصوى بالنسبة لتونس، والوضع في ليبيا وسوريا واليمن، وحل النزاعات في أفريقيا، وأجندة المرأة والسلام والأمن وتغير المناخ ومكافحة الإرهاب وعمليات حفظ السلام وتعزيز التعاون بين منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية وتعزيز شفافية المجلس".
- الخارجية التونسية تعدد "الإنجازات"..
أصدرت الخارجية التونسية، إبان انتهاء عضوية تونس غير الدائمة في مجلس الأمن، بيانًا عددت من خلاله ما اعتبرته "إنجازات" مشددة أيضًا على "تزامن العضوية غير الدائمة مع ظرف إقليمي ودولي متقلّب تتالت فيه الأزمات وازدادت خلاله التحديات المستجدّة".
وذكرت وزارة الخارجية التونسية أن "تونس كانت سباقة في عرض مشروع قرار على أنظار مجلس الأمن يؤكد التضامن الدولي ووقف إطلاق النار لمواجهة تهديدات جائحة كوفيد 19 غير المسبوقة". وكانت المبادرة المذكورة، والتي انضمت إليها فرنسا، قد حظيت باعتماد مجلس الأمن في جويلية/يوليو 2020.
من مساهمات تونس خلال فترة العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن: عرض مشروع قرار يؤكد التضامن الدولي لمواجهة تهديدات الجائحة واعتماد المجلس بمبادرة من تونس بيانًا رئاسيًا حول ملف سد النهضة الأثيوبي
وأشارت الخارجية أيضًا إلى "اعتماد مجلس الأمن، بمبادرة من تونس، بيانًا رئاسياً حول ملف سد النهضة الأثيوبي"، كما أكدت "تفاعل تونس بشكل إيجابي ومسؤول مع طلبات الدعم التي تلقّتها من عدة دول شقيقة وصديقة"، في ذات البيان.
من جانب آخر، يُذكر أن تونس تشارك حاليًا في 6 بعثات أممية لحفظ السلام، 5 منها في إفريقيا (مالي، أفريقيا الوسطى، الكونغو الديمقراطية، السودان، وجنوب السودان) والبعثة السياسية الخاصة في هايتي.
- 3 شخصيات في منصب مندوب تونس لدى الأمم المتحدة خلال سنتي العضوية غير الدائمة.. وإقالات مثيرة للجدل
1 ـ المنصف البعتي (سبتمبر/أيلول 2019 ـ فيفري/شباط 2020)
في فيفري/شباط 2020، تم الإعلان عن إنهاء مهام مندوب تونس الدائم لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن المنصف البعتي، الذي كان قد عيّنه رئيس الجمهورية السابق محمد الناصر في 5 سبتمبر/ أيلول 2019 وأصدرت الخارجية التونسية بيانًا في 7 فيفري/شباط 2020، جاء فيه أن "قرار الإعفاء يعود لاعتبارات مهنية بحتة تتعلق بضعف الأداء وغياب التنسيق والتفاعل مع الوزارة في مسائل مهمة مطروحة للبحث في المنتظم الأممي".
بيان الخارجية حول الإقالة ومحتواه وخاصة نشره علنًا مثل صدمة للكثيرين في السلك الدبلوماسي التونسي واعتبره البعض حتى "إساءة تتجاوز السفير المنصف البعتي".
وراج حينها أن قرار الإعفاء مرده في الحقيقة "انحياز السفير المنصف البعتي ودعمه الصريح للفلسطينيين في إطار المناقشات في مجلس الأمن بشأن خطة السلام في الشرق الأوسط المعلنة من جانب واحد في واشنطن" وهو ما أثار استغرابًا وتساؤلات عدة.
تداولت 3 شخصيات على منصب مندوب تونس الدائم لدى الأمم المتحدة خلال فترة عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن وحصلت الإقالات بشكل مفاجئ وأثارت جدلًا واسعًا
وذكرت حينها الجمعية التونسية للأمم المتحدة، في بيان لها، بتاريخ الاثنين 10 فيفري/شباط 2020، أن الوفد الفلسطيني قام بإعداد وثيقة غير رسمية تحتوي على عناصر لمشروع قرار بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط، وعهد بها إلى تونس، بصفتها ممثلًا للمجموعة العربية، وأندونيسيا بصفتها ممثلًا لمجموعة دول منظمة المؤتمر الإسلامي، لمناقشتها، وفي مرحلة متقدمة، يتم تقديمها للحصول على قرار من مجلس الأمن.
في المقابل، قالت المكلفة بالإعلام في الرئاسة التونسية حينها رشيدة النيفر، في تصريح لإذاعة شمس المحلية، إن "المنصف البعتي ارتكب خطأ مهنيًا جسيمًا تمثل في توزيع وثيقة تتعلّق بصفقة القرن دون التنسيق والتشاور مع وزارة الشؤون الخارجية ومع الرئاسة التونسية".
وأضافت أن "مضمون هذه الوثيقة لا يتناقض مع موقف تونس من صفقة القرن لكن يمكن أن تؤثر على تمرير قرار تونس القاضي بإدانة الصفقة المذكورة في مجلس الأمن"، نافية تعرّض الدولة التونسية إلى ضغوطات دفعتها إلى إعفاء البعتي، وفق روايتها.
وتم إثر ذلك تعيين قيس قبطني خلفًا له، لكن قصة تونس مع إقالات مندوبيها في الأمم المتحدة، بشكل مفاجئ ولأسباب تبقى غير واضحة، لم تنته.
اقرأ/ي أيضًا: إنهاء مهام ممثل تونس لدى الأمم المتحدة.. أي أسباب وأي انعكاسات؟
2 ـ قيس قبطني (مارس/آذار 2020 ـ سبتمبر/أيلول 2020)
في 9 سبتمبر/أيلول 2020 انتشر في وسائل إعلام أجنبية خبر أن وزارة الخارجية التونسية قامت باستدعاء سفيرها لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن في نيويورك قيس قبطني، للعودة إلى تونس على وجه السرعة، دون تحديد أي سبب للإقالة من منصبه كسفير لتونس لدى الأمم المتحدة. وتم التأكيد أنه تم استدعاءه عن طريق برقية بعثت بها وزارة الخارجية تطلب فيها منه العودة إلى البلاد، دون تحديد أسباب ذلك.
مندوب تونس السابق لدى الأمم المتحدة قيس قبطني: أتأسف لقرار السلطات التونسية تغيير سفيرين في غضون 7 أشهر والأمر "سيّء جدًا لصورة تونس"
وخلال اليوم الموالي، الخميس 10 سبتمبر/أيلول 2020، فوجئ التونسيون بإعلان قبطني تقديم استقالته من السلك الدبلوماسي بعد إعفائه من منصبه، وذلك في تصريح نقلته وكالة الأنباء الفرنسية: "قرّرت الاستقالة من السلك الدبلوماسي التونسي، إنها مسألة شرف ومبدأ"، مشيراً إلى أنّه لم يعلم بقرار وزارة الخارجية إعفاءه من مهامه واستدعاءه إلى تونس إلا الثلاثاء ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
وأعرب عن أسفه لقرار السلطات التونسية تغيير سفيرين في غضون سبعة أشهر، معتبرًا أنّ هذا الأمر "سيّء جدًا لصورة تونس". وعزا السفير حينها سبب إعفائه من منصبه إلى "المحيطين برئيس الجمهورية" قيس سعيّد، موضحًا أنّه رفض نقله إلى مركز مرموق في أوروبا، قائلاً "لم أعد أثق" بالرئيس قيس سعيّد.
وأضاف "لقد قمت بواجبي، لقد بذلت قصارى جهدي" مع فريق دبلوماسي صغير جدًا في نيويورك، معربًا عن خيبة أمله العميقة لما جرى، وفق ما نقلته الوكالة الفرنسية حينها، وهو التصريح الذي أسال حبرًا كثيرًا.
اقرأ/ي أيضًا: تونس تستدعي سفيرها في الأمم المتحدة للعودة "على وجه السرعة"
3 ـ طارق الأدب (سبتمبر/ أيلول 2020 إلى الآن)
أصدرت وزارة الخارجية التونسية الحركة السنوية لرؤساء البعثات الدبلوماسية والدائمة والقنصلية وورد في الحركة تعيين طارق الأدب مندوباً دائمًا لتونس بالأمم المتحدة انطلاقًا من سبتمبر/ أيلول 2020. وكان الأدب عضوًا بالبعثة التونسية بالأمم المتحدة، وسبق أن كلّف سنة 2011 بمهام سفير فوق العادة ومفوض تونس بسلطنة عمان.
وبشكل عام، مثل تداول 3 شخصيات على منصب مندوب تونس الدائم لدى الأمم المتحدة خلال فترة عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن حدثًا لفت الكثير من الأنظار خاصة أن الإقالات حصلت بشكل مفاجئ وبقيت أسبابها وخلفياتها محل نقاش وجدل للآن. لكن تونس تميزت أيضًا بتقديمها عددًا من مشاريع القرارات ونشاطها فيما يخص الملفات العربية خاصة، مع محاولتها الإبقاء على شيء من الحياد في عدة ملفات من بينها مثلًا موضوع الصحراء الغربية، ملف الخلاف الحاد بين جارتيها الجزائر والمغرب.
اقرأ/ي أيضًا:
سفير تونس في الأمم المتحدة مستقيلًا من السلك الديبلوماسي: لم أعد أثق في سعيّد!
امتنعت عن التصويت بمجلس الأمن.. الرئاسة: تونس محايدة تجاه ملف الصحراء الغربية
انتقدت موقفها بخصوص أزمة سد النهضة.. إثيوبيا: "تونس ارتكبت زلة تاريخية"