دعا رئيس حزب الائتلاف الوطني التونسي، ناجي جلول، المعارضة التونسية إلى الاعتراف بشرعية الرئيس قيس سعيّد، مطالبًا بضرورة مواجهة التصحر السياسي في البلاد، ومستغربًا غياب المجتمع المدني والجامعة التونسية والنقابات والأحزاب في كل ما يحدث بتونس. كما طالب وزير التربية الأسبق، السلطة بضرورة فتح قنوات الحوار والإفراج عن المساجين السياسيين.
هذه الملفات وغيرها تقرؤونها في الحوار التالي الذي خص به موقع "ألترا تونس":
- هل قام حزب الائتلاف الوطني التونسي بتقييم ما بعد نتائج الانتخابات الرئاسية 2024؟
أولًا، لم نقم بالتقييم لأن كل أدوات التقييم غير موجودة لدينا. خلال فترة جمع التزكيات، عدد من كوادر الحزب خافوا وبعضهم تخلّوا عن واجبهم ودورهم وبقيت نواة صلبة هي التي قامت بجمع التزكيات في ظروف سيئة.
ناجي جلول لـ"الترا تونس": للأسف كل المحسوبين على المعارضة فشلنا.. دون أن ننسى أنّ المناخ الذي سبق الانتخابات تميز بتضييقات ولعب دورًا في النتائج المسجلة
واليوم فعلاً الحزب بحاجة إلى تقييم حقيقي. ما يمكن قوله إننا فشلنا. كل الذين كانوا محسوبين على المعارضة بمن فيهم نحن، فشلنا. وإن كنا لا ننسى أن المناخ الذي سبق الانتخابات كانت فيه تضييقات ولعب دورًا في هذه النتيجة ولكننا كمعارضة نقرّ بفشلنا وانتصار قيس سعيّد.
- كيف تفسر عدد الأصوات الذي تحصل عليها قيس سعيّد في الانتخابات الرئاسية 2024؟
غالبية الشعب قاطعت الانتخابات (72%) وأول سؤال يجب أن تسأله السلطة والمعارضة وعلماء الاجتماع "لماذا لم يذهب الناس إلى التصويت؟" وهذه المقاطعة ليست جديدة فقد عزف الناس عن المشاركة في الانتخابات التشريعية والاستفتاء. وللأسف الشديد نحن لسنا بصدد دراسة أسباب هذه المقاطعة والعزوف عن المشاركة في العملية الانتخابية.
ثانيًا، لا بدّ أن ندرس "من قام بالتصويت لقيس سعيّد؟" فهم أناس تجاوزوا الأربعين سنة أي أرباب العائلات، وهم الذين اكتووا بصفوف الخبز والحليب والسكر واكتووا بغلاء الأسعار لكنهم صوتوا للسلطة القائمة.
ناجي جلول لـ"الترا تونس": أعتقد أن الشعب قام بالتصويت ليثأر رمزيًا لنفسه من الأحزاب السياسية التي أخطأت، وأستغرب الحقد الكبير على حركة النهضة رغم أنها لم تحكم لوحدها
وأنا قمت ببعض الدراسات في هذا الصدد فمثلًا ولاية باجة نسبة الفقر 32% ونسبة التصويت لرئيس الجمهورية 95%. في أريانة المدينة حيث يعتبر مستوى العيش فيها مرتفعًا نسبيًا، رئيس الجمهورية لم يتحصل على نسبة عالية لكنه تحصل على أكثر من 90% من أصوات حي التضامن.
ولا بدّ أن ننتبه أيضًا إلى أنّ الشباب لم يصوّت لرئيس الجمهورية ونسبة المشاركة كانت في صفوفه 6%. وهذه الفئة هي التي تمثل المستقبل وهي التي قامت بالثورة.. والشباب الذي يطمح ويحلم بالأفضل لم يشارك في العملية الانتخابية. وأنا أقولها بصراحة: الشباب التونسي لم يعد يعيش معنا، بل حلمه الوحيد الهجرة.
خلاصة القول لماذا صوتت الفئات الفقيرة والمهمشة للسلطة القائمة التي تعتبر إنجازاتها ضعيفة جدًا وهي مسؤولة عن الغلاء؟ أعتقد أن الشعب قام بالتصويت ليثأر رمزيًا لنفسه من الأحزاب السياسية التي أخطأت وإن كانوا يحمّلون المسؤولية لحركة النهضة لوحدها، لكن كل الأحزاب أخطأت بما فيها نداء تونس والجبهة الشعبية والاتحاد.. لأن هؤلاء الناس الذين أشبعتهم الأحزاب السياسية بالوعود وكانت انتظاراتهم من الثورة كبيرة، رأوا الطبقة السياسية تتجادل في مواضيع لا تخدمهم حول الهوية والانتقال الديمقراطي.. إلخ. إنّني أعتبره ثأرًا رمزيًا لأنفسهم.
ناجي جلول لـ"الترا تونس": نحن اليوم في وضع مأساوي، وفي حالة تصحر سياسي، فلم تعد هناك طبقة سياسية بالمفهوم التقليدي.. هناك الكثير من الإحباط
لكني أستغرب أيضًا هذا الحقد الكبير على حركة النهضة رغم أنها لم تحكم لوحدها والسؤال لماذا حركة النهضة؟
من خلال حديثي مع كوادر في الحركة فأغلبهم قادم من الأوساط الشعبية الفقيرة ويعتبر سكان تلك الأحياء أن أبناء الحركة خانوهم. فقد تواصلتُ مع أبناء حي التضامن الذين قالوا لي "نحن انتخبنا أبناء حيّنا وكنا فخورين بأن يخرج نواب من حيّنا ولأول مرة سنكون في السلطة ولكن نوابنا خرجوا من الحيّ وتنكروا لنا".
إلى جانب الأحزاب التي أخطأت جميعها فإن الاتحاد العام التونسي للشغل يمر بوضعية مأساوية، فآلاف الإضرابات والاحتجاجات، لم ينسها الشعب بل أصبح يصفه بأنه "اتحاد الخراب" وله الحق في ذلك.
اليوم نحن في وضع مأساوي، وفي حالة تصحر سياسي، فلم تعد هناك طبقة سياسية بالمفهوم التقليدي، فرئيس الجمهورية الذي تم انتخابه لا ينتمي إلى أي طبقة سياسية وبالتالي فإنني أعتبر أننا كنا نعيش في وهم.
نحن أيضًا أمام نشطاء سياسيين في السجون، وأنا أعتبرهم سجناء رأي تم التخلي عنهم. فأين الأحزاب؟ أين منظمة الأعراف ورجال الأعمال؟ أين اتحاد الشغل؟ أين المجتمع المدني؟
- هل الخوف هو الذي يفسر غيابهم برأيك؟
الخوف أو التوجس موجود، لكنه لا يفسر كل شيء، فهناك أيضًا الكثير من الإحباط.. هناك أناس نزلوا إلى الشوارع طيلة 10 سنوات وانخرطوا في الأحزاب والحراك المدني وناضلوا وحلموا وفي الأخير كانت النتيجة "لا شيء".
ناجي جلول لـ"الترا تونس": أعتبر أن النشطاء السياسيين في السجون، هم سجناء رأي تم التخلي عنهم. فأين الأحزاب ومنظمة الأعراف واتحاد الشغل وأين المجتمع المدني؟
الشباب المحبط الذي قام بثورة وانخرط في الأحزاب وانحصر دوره في توزيع المنشورات والمعلقات.. يقول لنا اليوم "لقد استعملتنا الأحزاب ولم نجن أي شيء". الشعب ليس غبيًا، لقد لاحظ ثراء كوادر بعض الأحزاب ولاحظو الصراعات داخلها وفيما بينها، ولعب الإعلام دورًا في ترذيل الحياة السياسية.
- أ لم تلعب الطبقة السياسية أيضًا دورًا في ترذيل الساحة السياسية من خلال تقزيم خصومها؟
الإعلام لعب دور مأساويًا لقد كانت هناك عملية ترذيل كبيرة للأحزاب والسياسيين وشيطنتها. هنالك وزير كان وزيرًا في عهد بن علي ووزيرًا بعد الثورة، وترشح للانتخابات الرئاسية ويأتي للبرلمان ليقول "أنا لست فاسدًا لأنني لا أستطيع الكذب" ويتهم السياسيين بالكذب. فماذا ننتظر من المواطن العادي؟ كيف سيفكر؟ ومن أي منظار سيرى السياسي؟
كل هؤلاء الوزراء والنشطاء السياسيين وكل هؤلاء الذين كانوا يتدافعون للقدوم إلى بلاتوهات التلفزة أين هم؟ أين وزراء نداء تونس ونوابها؟ أين وزراء الجبهة؟ لقد كانت طفرة والناس استغلت الديمقراطية والحرية وعوض أن نستغل هذا لبناء نمط سياسي ومجتمعي جديد، فشلنا وغلب علينا تضخم الأنا والأنانية. إننا اليوم كسياسيين وكنخبة، نجني ما فعلناه بالشعب التونسي.
ناجي جلول لـ"الترا تونس": الإعلام لعب دور مأساويًا لقد كانت هناك عملية ترذيل كبيرة للأحزاب والسياسيين وشيطنتها وإننا اليوم كسياسيين وكنخبة، نجني ما فعلناه بالشعب
لكني لا أزال أسال كباحث وناشط سياسي: أين الجامعة التونسية في هذا المخاض؟ أين الدراسات السوسيولوجية عما يحدث في تونس؟ أين الدراسات في نفسانية الشعوب في كل ما يحدث؟ أين 25 ألف أستاذ جامعي؟ أين هم؟ وكم من أستاذ جامعي نراه في المشهد السياسي؟
- ألا ترى أنهم موجودون؟ فالأستاذ الجامعي قيس سعيّد هو رئيس للجمهورية، ألا يكفي هذا؟
رئيس الجمهورية أستاذ جامعي أحترمه، لكنه قال إنه ليس سياسيًا وقال كلمة في اعتصام الرحيل أتذكرها جيدًا "فليرحلوا جميعا" فهو ينتمي إلى المجموعة التي لا تؤمن بالأحزاب والعمل السياسي التقليدي والمؤسسات الديمقراطية التقليدية.
فكيف انتخب الناس رجلًا -أحترمه كرئيس جمهورية- وهو لا ينتمي إلى أي هيكل سياسي؟ كيف للأحزاب أن تتطور والرئيس قادم من خارج الحزب السياسي؟
ناجي جلول لـ"الترا تونس": نحن في حاجة إلى تقييم فعليّ للعشر سنوات التي لم تكن سوداء، فقد كانت دربة ديمقراطية بكل الإخفاقات التي فيها، ونقر أننا فشلنا كلنا ومعنا منظومة 25 جويلية التي فشلت أيضًا
إن أكبر فشل للنخبة السياسية هو انتخاب رئيس الجمهورية قيس سعيّد لعهدتين وهو ما يكشف أننا كنا نعيش في وهم الحداثة، لأن الحداثة تعني الأحزاب والمنظمات والمجتمع المدني وبالتالي نحن عشنا في الوهم.
- ما هو المطلوب منكم ومن الأحزاب والمنظمات والمجتمع المدني اليوم؟
إن أردنا اليوم أن نتقدم، فنحن في حاجة إلى تقييم فعليّ للعشر سنوات التي لم تكن سوداء فقد كانت دربة ديمقراطية بكل الإخفاقات التي فيها. ونقر أننا فشلنا كلنا ومعنا منظومة 25 جويلية/يوليو التي فشلت أيضًا، وأكبر دليل هو العزوف عن الانتخابات الذي أعدّه فشلًا كذلك. وأعتبر أيضًا أن الديمقراطية هي الأحزاب ولا ديمقراطية دون أحزاب.
وأدعو إلى حوار وطني ومصالحة وطنية حقيقتين وأن تكفّ المعارضة عن نعت رئيس الجمهورية بالمنقلب، فلنا رئيس جمهورية شرعي وأدعو إلى ربط قنوات معه لأن القادم خطير جدًا وينذر بالسوء.
- هل ممكن أن توضح ما تقصده بالتحديد؟
المنطق والتاريخ يقولان إن الأجسام الوسيطة من نقابات وأحزاب هي التي تؤطر الحراك الاجتماعي خلال الأزمات الاجتماعية. فنحن في 2011 صارت أزمة سياسية واجتماعية وقامت الأحزاب رغم ضعفها وكذلك النقابات والمجتمع المدني بتأطير هذا الحراك ووصلنا إلى انتخابات ديمقراطية وشفافة.
ناجي جلول لـ"الترا تونس": أدعو إلى حوار وطني ومصالحة وطنية حقيقيتين وأن تكفّ المعارضة عن نعت رئيس الجمهورية بالمنقلب.. كما أدعو إلى ربط قنوات معه لأن القادم خطير جدًا وينذر بالسوء
اليوم، في ضعف النقابات والأحزاب والمجتمع المدني والتصحر السياسي، إذا انفلت الحراك الاجتماعي فهو مدمر للمجتمع والسلطة، وقبل أن نصل إلى ذلك لا بدّ كمعارضة أن نعترف برئيس الجمهورية وبحراك 25 جويلية/يوليو.. أحببنا أم كرهنا فقد صفق له الشارع التونسي. وعلى السلطة أن تمد قنوات الحوار مع ما بقي من معارضة لإيجاد حلول للأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
- هل تعتقدون أن السلطة ستمد قنوات الحوار في المرحلة المقبلة؟
على المعارضة أن تمد يدها للسلطة وأن تلعب دورها، وأدعو للخروج من هذا الوضع الكارثي فالأحزاب اليوم غير قادرة على عقد اجتماع.. هنالك خوف وتصحر وإحباط وانقسام. فالمعارضة تشيطن بعضها وفيها الكثير من الانتهازية وتضخم الأنا، وقد كان لنا مرشح للرئاسة هو العياشي زمال الذي يقبع في السجن ونسيناه ونسينا نشطاء سياسيين محترمين هم اليوم في السجون.
لا بدّ أن تعترف المعارضة بكل أطيافها بشرعية الرئيس قيس سعيّد وكفانا خطابات هامشية وليعتبروها إكراهات السياسة.كما يجب أن تقوم السلطة من جهتها بإطلاق سراح المساجين السياسيين وعلى هذه القاعدة يمكن أن نجد قنوات حوار، فالسلطة مطالبة بأن ترمّم المعارضة.
ناجي جلول لـ"الترا تونس": على السلطة أن تمد قنوات الحوار مع ما بقي من معارضة، وعلى المعارضة أن تمد يدها للسلطة أيضًا، وأدعو للخروج من مناخ الخوف والتصحر والإحباط والانقسام
ففي الدول الديمقراطية كإنجلترا، الحزب الذي يبقى خارج السلطة وبعيدًا أكثر من 20 سنة يجدون حلًا لتشريكه. إنّ مشاركة المعارضة في السلطة ليست شهوة، فالديمقراطية والتوازن الاجتماعي يفرضان ذلك، حتى بن علي كان يُشرك المعارضة الكرتونية وكان واعيًا بهذا.
فهذا البلد أمانة في يد الجميع وكلنا خاسرون سلطة ومعارضة. انظروا فقط إلى قوارب الهجرة والمغادرون هذا البلد الذي لم يعد يطيب فيه العيش.
- صرحتم غداة 25 جويلية/يوليو وقلتم "إننا ارتحنا من حكم ملوك الطوائف واتجهنا إلى حكم الجمهورية" هل ندمت على هذا التصريح؟
لم أندم لأن برلمان قبل 25 جويلية/يوليو كان كارثة وساهم بشكل كبير في عزوف الناس عن الحياة السياسية.. لقد كان مسرحًا للسب والشتم والصراعات.
ناجي جلول لـ"الترا تونس": برلمان ما قبل 25 جويلية كان كارثة، وانتظرتُ أن يجمع سعيّد الناس عبر حوار وطني حقيقي، لكن سقطت السلطة في الحكم الفردي
لكني كنت أنتظر من رئيس الجمهورية قيس سعيّد الذي أعرفه جيدًا وتربطني به علاقة صداقة كبيرة، أن يقوم بإصلاح ما يحدث، وأن يجمع الناس ويقوم بحوار وطني حقيقي، لكنه قام بعكس انتظاراتي. وتواصلت بشكل أو بآخر ممارسات ما قبل 25 جويلية وسقطت السلطة في الأشياء التي كان التونسي يعيبها وأعني أساسًا الحكم الفردي.
وإن كان نجح في الانتخابات الرئاسية فإنه فشل في تحقيق الإقبال اللازم على هذا الموعد الانتخابي. فأنا من جيلٍ سُجن وناضل واضطُهد من أجل الديمقراطية التي كانت حلم جيل الاستقلال وهو جيلي لكننا اليوم نرى أنّ التونسي لم تعد تعنيه، وهذا خطير جدًا ويؤكد فشلنا، فالديمقراطية لم تعد مطلبًا مجتمعيًا.
- "الديمقراطية بالتوافق" يعتبرها البعض سببًا في ما وصلنا إليه، هل التوافق بين النهضة والنداء كان خطأ؟
الألمان بعد الحرب حكموا بالتوافق والفرنسيون حكموا بالتوافق واليابانيون يحكمون اليوم بالتوافق فلماذا يعيبون التوافق؟ إن الذين يقولون هذا الكلام هم أناس يعتبرون أن طرفًا سياسيًا ليس له الحق في الوجود. هؤلاء يعيبون علينا التوافق وأنا كنت فيه، ربما من الأجدى أن نسأل: كيف كان التوافق؟ فقد كان توافقًا بين شيخين دون برنامج اقتصادي واجتماعي واضح المعالم والسيد الحبيب الصيد الذي أحترمه كثيرًا، طلب منا أن يعطي كل وزير 5 مشاريع، وبالتالي لم يكن التوافق على أساس برنامج.
ناجي جلول لـ"الترا تونس": أنا من جيلٍ سُجن وناضل واضطُهد من أجل الديمقراطية التي كانت حلم جيل الاستقلال، لكننا اليوم نرى أنّ التونسي لم تعد تعنيه، وهذا خطير جدًا ويؤكد فشلنا
أما فكرة التوافق فقد مارستها كل الشعوب للخروج من الأزمات، ونحن خرجنا من أزمة كبيرة جدًا وكان علينا التوافق لكن هناك من يعتبرون أن الإسلام السياسي ليس له الحق في الوجود.
وأنا أعتبر أن الإسلام السياسي له الحق في الوجود والممارسة السياسية ولا أحد يحق له إقصاء الآخر من النشاط السياسي.. فالإقصاء يكون بالقانون وبصندوق الاقتراع فقط.
من يعيب علينا الحكم مع النهضة -وأنا ممن حكموا مع النهضة ومن من مارسوا التوافق- أرى أن الفكرة طبيعية، نقول لهم: هل نسيتم أن تلك الفترة كان الإرهاب يسيطر على الجبال والاقتصاد خارج من أزمة عميقة جدًا؟ هل نسيتم بن قردان؟ والشعانبي؟
ناجي جلول لـ"الترا تونس": أعتبر أن للإسلام السياسي الحق في الوجود والممارسة السياسية ولا أحد يحق له إقصاء الآخر من النشاط السياسي إلا بالقانون وبصندوق الاقتراع لا غير
ثم إن حكومة الحبيب الصيد لم تكن فيها النهضة والنداء فقط، بل فيها اليسار والنقابيون وكل من أراد أن يكون في حكومة الوحدة الوطنية.
- لا يمكننا أن ننهي الحوار دون أن نسألك عن المجلس الأعلى للتربية وأنتم كنتم وزيرًا للتربية والتعليم ما هي انتظاراتكم منه؟
هو تقريبًا يشبه مجلسًا كان موجودًا في عهد بن علي، إنه مجلس الموارد البشرية. و"تقليعة" المجالس كانت موجودة في عهد بن علي وهي في الأصل "تقليعة" فرنسية عفا عنها الزمن. إنها تجمع ممثلي الوزارات يلتقون كل مرة في نزل جميل للأكل والشرب ولا شيء آخر.
ناجي جلول لـ"الترا تونس": المجلس الأعلى للتربية ليس مطلبًا لرجال التربية وإنما هو مطلب سياسي، ومشاكل التربية تُعطى لرجال التربية لا للسياسيين
لذلك أقول يجب أن نتخلص من التبعية الفكرية لفرنسا وانظروا إلى ما يحدث في العالم الأنجلوسكسوني.. إن لديهم هيئات رقابية للتربية على شاكلة "الهايكا" ودورها مراقبة الوزارة في المركز والجهات وتقييم عملها وصياغة تقارير. وهذا ما نحن فعلًا في حاجة إليه، لكننا وللأسف ومنذ عهد المرحوم محمد الشرفي عانينا من تسييس وزارة التربية.
وأنا أعرف أن مجلسًا أعلى للتربية ليس مطلبًا لرجال التربية وإنما هو مطلب سياسي ينادي به السياسيون منذ فترة طويلة، فمشاكل التربية تعطى لرجال التربية ونبعد عنها السياسيين. وأنا شخصيًا عندما كنت وزيرًا للتربية كنت أتصرف كرجل تعليم وليس كسياسيّ.